توقيف بث قناة الشروق نيوز TV لمدة 10 أيام على خلفية استخدام مصطلح عنصري على الفايسبوك    سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم صهيوني في المياه الدولية قرب مالطا    "الأونروا": الحصار الصهيوني على غزة "سيقتل بصمت" مزيدا من الأطفال والنساء    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    الجزائر وغانا تؤكدان التزامهما بالحلول الإفريقية وتعززان شراكتهما الاستراتيجية    الرابطة الثانية للهواة - الجولة ال 21: حوار واعد بين مستقبل الرويسات و اتحاد الحراش حول تأشيرة الصعود    اليوم العالمي لحرية الصحافة : أدوار جديدة للإعلام الوطني تمليها التحديات الراهنة والمستقبلية    كرة القدم بطولة افريقيا للمحليين 2025 /غامبيا- الجزائر: الخضر يحطون الرحال ببانغول    البطولة العربية لألعاب القوى (اليوم ال2): 17 ميداليات جديدة للجزائر    شركة بريطانية تتهم المغرب بالاستيلاء على مشروع قيمته 2.2 مليار دولار وتجره للعدالة    ربيقة يلتقي بمدينة "هوشي منه" بنجل الزعيم الفيتنامي فو نجوين جياب    جيش التحرير الصحراوي يستهدف مواقع جنود الاحتلال المغربي بقطاع البكاري    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    المعرض العالمي بأوساكا باليابان: الرقص الفلكلوري الجزائري يستقطب اهتمام الزوار    البهجة تجمعنا: افتتاح الطبعة الثانية لمهرجان الجزائر العاصمة للرياضات    غلق طريقين بالعاصمة لمدة ليلتين    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    أزيد من 30 ألف طفل من الجنوب والهضاب العليا والجالية الوطنية بالخارج سيستفيدون من المخيمات الصيفية    افتتاح الطبعة الرابعة لصالون البصريات و النظارات للغرب بمشاركة 50 عارضا    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    خمس سنوات تمر على رحيل الفنان إيدير بعد مسيرة حافلة دامت قرابة النصف قرن    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    الكشافة الإسلامية الجزائرية : انطلاق الطبعة الثانية لدورة تدريب القادة الشباب    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    رئيس الجمهورية يوجه رسالة للعمال بمناسبة اليوم العالمي للشغل    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    وزير المجاهدين يمثل الجزائر في فيتنام ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    وصول باخرة محملة ب31 ألف رأس غنم    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    رئيس الجمهورية يتلقى دعوة لحضور القمّة العربية ببغداد    الحصار على غزة سلاح حرب للكيان الصهيوني    المتطرّف روتايو يغذي الإسلاموفوبيا    250 رياضي من 12 بلدا على خط الانطلاق    قافلة للوقاية من حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المترجم خائن
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 10 - 2015


بقلم: محمد جميح*
يقول الإيطاليون: (إن تكون مترجما فأنت خائن) ويقصدون هنا (الخيانة الجمالية) للنص الأصلي عندما ينقل إلى لغة أخرى تتطلب تدخل المترجم لإضفاء صفات جمالية ودلالية على النص الجديد حتى لو أدى ذلك إلى بعض التنازلات المقبولة عن خصاص النص الأصلي وبما لا يخل بجوهر المحتوى الدلالي للنص في لغته الأصلية.
لكن (خيانة المترجم) فيما يخص ترجمة النصوص الأدبية لا تكون مقبولة إطلاقاً حال ترجمة (النصوص السياسية والقانونية) نظراً لأن تلك النصوص ليست مجالاً للتذوق الجمالي ولكنها نصوص تعتمد على وضوح المحتوى وبروز الدلالات بغض النظر عن الصياغات الجمالية للغة. وعلى العموم يرى بعض علماء اللغة أن اللغة خؤون في أصل وضعها فهي لا تنقل المعاني بأمانة وتحصل داخلها عمليات معقدة وملتبسة لإيصال المعاني إلى المتلقين. وفي الكلام العادي يفهم المتلقي أحياناً خلاف ما أراد المرسل من دلالات ومحتوى. نتحدث هنا عن إشكالية إيصال المعنى ضمن اللغة الواحدة فكيف إذا حاولنا نقل المعنى من نص في لغة إلى قارئ في لغة أخرى. لا شك أن المهمة أعظم والمعاني المتسربة ستكون أكثر. وإذا كانت (الترجمة الحرفية) غير مقبولة في ترجمة (النصوص المكثفة) وهي النصوص ذات الأبعاد الأدبية والدينية فإن هذا النوع من الترجمة يكاد يكون مناسباً في ترجمة (النصوص السياسية) نظراً للحاجة إلى دقة الترجمة لحساسية هذا الحقل. وعلى الرغم من ضرورة (أمانة المترجم) في ترجمة النصوص السياسية إلا أنه في السياسة يجوز كل شيء بما في ذلك الخيانة غير الجمالية للترجمة.
تلاعب علني
وتمثل قضية ترجمة نص القرار الدولي 242 الخاص بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة مثالاً بارزاً على التلاعب بمعاني النصوص في الحقول السياسية حيث نص القرار على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلت في حرب 1967 وجاءت كلمة (أراض) مقترنة ب(ال) التعريفية في نسخ القرار باللغات الفرنسية والإسبانية والروسية والصينية: بصيغة (الأراضي) بينما تحدث النص باللغة الإنكليزية: عن (أراض ) من دون (ال) التعريف والنسختان الإنكليزية والفرنسية هما النسختان المعتمدتان في مجلس الأمن آنذاك. ولذا تترجم إسرائيل القرار بدون (ال) التعريفية في كلمة (أراض) لأن ذلك يمكنها من الانسحاب من جزء من الأراضي المحتلة وليس منها كلها.
ومعروف أن المترجمين الإسرائيليين قاموا بعمليات تحريف كبيرة لعدد من الأعمال الأدبية والتاريخية أثناء ترجمتها للغة العبرية والمثال الأبرز في هذا الخصوص يتجسد في ترجمة مسرحية (تاجر البندقية) لوليام شكسبير إلى العبرية التي تتحدث عن جشع التاجر يهودي مقابل طيبة المسيحي حيث عمد المترجمون الإسرائيليون إلى تصوير الشخصية اليهودية بصفات الطيبة والنبل والكرم والعطف وعكسوا صورة المسيحي الذي ألقوا عليه صفات تاجر البندقية في النص الأصلي لشكسبير بما يتواءم مع (الآيديولوجيا الصهيونية) القائمة على أساس نقاء العرق اليهودي وأفضليته.
ومثال آخر على خيانة المترجم في الحقل السياسي ولكن بشكل غير جمالي عندما ذهب الرئيس المصري السابق محمد مرسي إلى طهران لحضور قمة عدم الانحياز هناك بدأ كلمته بالصلاة والسلام على النبي وترضى على الصحابة من على منبر إيراني الأمر الذي حدا بالمترجم الذي كان يترجم فوريا من العربية إلى الفارسية إلى التغاضي عن عبارات الترضي عن الصحابة تجاوباً مع الموقف الديني والسياسي في إيران وتماشياً مع التفسير الإيراني للتاريخ الإسلامي والأكثر من ذلك أن مرسي عندما أشاد بثورة الشعب في سوريا بدل المترجم اسم سوريا ووضع مكانه اسم البحرين في (خيانة غير جمالية) لنص سياسي حمل رسائل سياسية لا تتناسب مع الجو العام للسياسة الإيرانية حيث بدا مرسي بعد ترجمة خطابه على وسائل الإعلام الإيرانية وكأنه يكيل المديح للمعارضة البحرينية والنظام السوري وذلك بقصد واضح للإيقاع بين مصر ودول الخليج العربي بالإضافة إلى أن المترجم عمد إلى محاولة (تكييف) خطاب مرسي ليتلاءم مع البروباغندا الإيرانية داخل إيران وفي المنطقة العربية.
الخيانة إذن جميلة في ترجمة النصوص الإبداعية لأنها تعني محاولة المترجم التحرر من القيود التي يمكن أن تجعل نصه في اللغة الثانية يبدو أقل جمالاً من النص في اللغة الأولى ولكن الخيانة (قبيحة) في ترجمة النصوص السياسية والقانونية لأنها تؤشر إلى محاولات المترجم تحريف المعاني والدلالات في النص الأصلي بما يتلاءم مع التوجهات السياسية للمترجم أو للناطقين باللغة المترجم إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.