بين رغبة التحرر وغيض المجتمع الذكوري استرجال الفتيات... آفة تهدم الأخلاق ظاهرة الاسترجال باتت تغزو المجتمعات العربية على غرار الجزائر بحيث بتنا نقرأ ونسمع ونشاهد مظاهرها في الحياة اليومية فبعد أن اختار بعض الذكور التشبه بالفتيات اختارت بعض الفتيات أن يحلن محلهم باكتساب عادات ذكورية محضة والتشبه بهم في كل شيء في المظهر والشكل والحركات. خ.نسيمة/ ق.م لعن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال كما في الحديث الذي رواه البخاري. قال الذهبي رحمه الله: (تشبه المرأة بالرجل في الزي والمشي ونحو ذلك من الكبائر). وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: (لا يحل للمرأة أن تمارس من اللباس وغيره ما يختص بالرجال لأن ذلك موجب للعنة الله واللعنة هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله فتشبه المرأة بالرجل كبيرة من كبائر الذنوب). الاسترجال آفة تخرّب القيّم من مظاهر الاسترجال التشبه بالرجال في لبس الملابس الخاصة بهم أو تفصيل ملابسها كملابس الرجال وكثرة الخروج من المنزل بغير حاجة ومزاحمة الرجال في الأسواق والأماكن العامة ورفع الأصوات معهم أو عليهم ومجادلتهم وقص الشعر أو حلقه كقص الرجال وحلقهن لشعورهن وتقليد الرجال في المشي والحركة والخشونة في التعامل والأخلاق. وهي ظاهرة تسفر عن أوضاع لا تحمد عقباها وتجلب شروراً تدفع بالمجتمع العربي نحو الهاوية وخراب القيم والأخلاق لأن الاسترجال خلاف الفطرة التي فطر الله المرأة عليها. فالمرأة مفطورة على رقة المشاعر ورهافة الأحاسيس وضعف البنية الجسمية وحب النعومة والدلال وخلافه مخالفة لكافة الأديان السماوية والأعراف والتقاليد الاجتماعية وانتكاس في الفطرة السليمة. أثر التنشئة الأسرية في استرجال الفتيات ظهرت إشارات تأثير التنشئة الأسرية في استرجال الفتيات من خلال الاطلاع على بعض خصائص الحالات حيث أن جميعهن عزباوات وكثير منهن ترتيبهن متأخر وهذا يشير على ضعف أسلوب الرقابة عليهن وبعض من كان ترتيبهن متقدم -كالثانية مثلًا- كان قبلها أنثى وقد بدت ملامح الاسترجال عليها منذ مرحلة الطفولة وهو ما يشير إلى الرغبة التي قد تكون عند الوالدين أو أحدهما تجاه المولود الثاني الذي يأتي بعد أنثى والذي قد ينمط بنمط الذكور تنفيسًا عن رغبتهما بالمولود الذكر. بل إن كثير من الحالات -بغض النظر عن ترتيبها- بدأت عندها خروج بذرة الاسترجال منذ الطفولة ولا شك بتأثر تلك المرحلة بأسلوب التربية عند الوالدين لاسيما وأن كثيرًا من الحالات نشأت بين والديها وبعضهن عشن مع والدتهما بعد انفصال والديها أو وفاة والدها. كما يظهر ضعف أسلوب التنشئة من خلال إهمال الوالدين وعدم التفاتهما لاحتكاك ابنتهما بإخوتها الذكور وتقمصها لسلوكياتهم خاصة أن كثيرًا من الحالات يسبقها ذكر وقد يأتي بعض صور هذا التقمص نتيجة لما أشارت إليه بعض الحالات من تفرقة والديهما في التعامل بينها وبين إخوتها الذكور. ومما يؤيد كذلك أثر التنشئة الأسرية في استرجال الفتيات تأكيد أكثرهن على أهمية إعطاء الفتاة مكانتها في الأسرة وتأثيره على استرجال الفتاة واعتزازها بأنوثتها وإلحاق بعضهن المسؤولية الأولى في استرجال الفتاة إلى الأسرة ولعل للترف الذي تعيشه كثير من أسر الحالات تأثيرًا في اضطراب أسلوب تنشئتها لأبنائها. النظرة الدونية للمرأة سببٌ أظهرت الدراسة أثر العادات والتقاليد في استرجال الفتيات وقد لمحت الحالات إلى أن العادات المقصودة بهذا التأثير هي التي تخالف الشريعة الإسلامية إذ أشرن إلى ذلك من خلال حديثهن عن موقف الإسلام الوسطي من المرأة وعدم تطبيق المجتمع لتعاليمه. وقد أكدت غالبية الحالات على جدوى تغيير العادات التي تعامل المرأة بدونية في ترك الفتاة للاسترجال إذ إن غالبيتهن يؤكد على وجود النظرة الدونية في المجتمع للمرأة سواء كانت من المجتمع ككل كما أشارت إليه بعض الحالات أو من بعضه كم ذكر ذلك بعضهن الآخر. أثر الإعلام في استرجال الفتيات يحمل الإعلام دورًا كبيرًا في التأثير على الفتيات حيث ذكرت كثير من الحالات أثر المشاهير في استرجال الفتيات سواء كان تأثيرًا عامًا كما قالته بعض الحالات أو مقتصرًا على فئة معينة كما قالت به الأخريات. وقد كشفت بعض البرامج التي تفضل متابعتها الحالات عن أثره في صياغة أفكارهن إذ كان النصيب الأكبر للبرامج والأفلام ذات الطابع الإجرامي والمخيف والتي لا شك في أنها تخالف طبيعتهن الأنثوية وتغرس لديهن مفاهيم مغلوطة حول جنسهنّ لتدفعهن من بعد ذلك لتقليد أبطال تلك الأفلام الذي هم في الأغلب من جنس الذكور بل وتمهد الطريق لهن في تجاوز حدود الشرع والعرف لتنفيذ ما تهواه دون خوف. ويأتي في المرتبة التي تلي هذا النوع من البرامج الأفلام الأجنبية والمسلسلات العاطفية ولا يخفى أثر الأفلام الأجنبية في التأثير على المسترجلات لاسيما أنها تعمل على نقل ثقافة الغرب بجميع عناصرها في صورة حسنة بوجه عام مما يستثير الفتيات لتقمص مظاهر تلك الثقافة أما بالنسبة للمسلسلات العاطفية فإن الفتاة لا تستطيع ممارسة ما تراه فيها من علاقات عاطفية في مجتمعها إلا من خلال صورة تتماشى في ظاهرها مع قيّمه فتنزلها في صورة صداقة مألوفة مع فتاة أخرى متخذة من السلوك الاسترجالي رمزًا يحل محل الرجل.