أصبح أمر ما يسمّى بالثوّار في سوريا واليمن محيّرا حقّا، فالنّاس هناك وهنالك باتوا أكثر إصرار على مواصلة التظاهر وعلى العصيان المدني ومقارعة الأجهزة المنية ومواجهتها بشتى الطرق متحدّين في ذلك كلّ المخاطر وكأنهم في معركة فاصلة مع العدو الصهيوني دفاعا على القدس الشريف. معروف أن الوصول إلى الحكم لا يكون إلاّ عن طريق واحد هي الديمقراطية الشعبية ووسيلته هي الأقرب هي الانتخابات المباشرة، حيث يكون الصندوق هو الفيصل بين كلّ المتنازعين حول الحكم، أمّا غير ذلك فهو الانقلاب والانفلات والاستيلاء على الحكم بالقوّة كما فعلوا بليبيا بمساعدة حلف (النّاتو) الذي دخل بهدف مقدّر ولن يخرج منها إلاّ بثمن معلوم، وهو الفخّ الذي نصب لأولئك المغفّلين من أبناء بنغازي وغيرهم ممّن يعيشون خارج ليبيا، والنتيجة سوف تعرف قريبا عند ما لا تقسّم الكعكة كما يشتهي كلّ فريق، خاصّة الإسلاميين الذين صرّحوا أكثر من مرّة بأنهم لن يقبلوا التهميش ولن يكون في مقدور أحد أن يهمّشهم. وإن كانت المصيبة قد حصلت في ليبيا وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من فوضى عارمة وخراب للبلاد وتهجير للعباد فإن ما ينتظر الشام واليمن من فتن هي مخطّط لها من قبل الغرب والعدو الصهيوني ما سينسينا في كارثة ليبيا، ذلك أن العناد الذي يجابه به الكثير من النّاس الجيش السوري الذي وقف بصرامة كبيرة ضد كلّ المحاولات الهدامة التي تريد زعزعة البلد ووضعه لقمة صائغة في أيدي أعداء الأمّة دون قتال أو مجابهة عسكرية، وهو ما يعد نجاحا كبيرا للإدارة الأمريكية وأجهزتها المخابراتية التي كانت تعمل ليل نهار وخاصّة منذ وصول (أوباما) إلى الحكم حيث غيّر خطط أمريكا في إثارة الفتن وتغيير أنظمة الحكم التي لم تكن راضية عليها أو التي ترى أنه حان الوقت لتغييرها واستبدالها بما هو مناسب لها أو للعدو الصهيوني. كلّ شيء مخطّط له ومعدّ له ولم يأت هباء هكذا دون عمل أو علم بما سيحصل مسبقا، فما هؤلاء الثوّار الذين ملأوا الأرض عويلا وصخبا منادين برحيل النّظام ومردّدين شعار (ثورة·· ثورة حتى النّصر) إلاّ رنين جرس أوقظ بفعل فاعل من وراء الحجب وسوف تكشف لنا الأيّام من كان يدور اللّعبة ومن كان وراء كلّ ذلك؟