برنامج "عدل 3": أزيد من 1ر1 مليون مسجل اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    كرة القدم/شان-2024: المنتخب الجزائري يتعادل وديا أمام موريتانيا (2-2)    معرض تشكيلي بالجزائر العاصمة يستذكر المسار الإبداعي للفنان مصطفى عدان    الجزائر- لبنان: وزير الاتصال يجري محادثات مع نظيره اللبناني    الصحراء الغربية: الاحتلال المغربي لم ينجح في إسكات المرأة الصحراوية    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير المجر لدى الجزائر    العدوان الصهيوني على غزة: وكالات أممية تحذر من نقص الغذاء والمجاعة في القطاع    افتتاح صالون "تمويل 2025" لدعم الاستثمار بمشاركة أزيد من 40 عارضا    السيدة مولوجي تبرزأهمية الاتفاقية بين قطاعي التضامن الوطني والصناعة في دعم إنتاجية المؤسسات الصناعية    رقمنة : قافلة متنقلة لتكوين الشباب في القطاع عبر أربع ولايات في سبتمبر المقبل    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    لماذا تعجز إسرائيل عن الانتصار حتى الآن؟    هندسة التجويع كمنهج إبادة    المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي:بداري يزور مركز بيانات متخصص في تطبيقات الذكاء الاصطناعي    المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي : زيارتي للجزائر بداية للعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر ازدهارا    تحت شعار "صيفنا لمة وأمان" : حملات نظافة واسعة النطاق عبر ولايات الوطن    توقرت.. دورة تكوينية حول كيفية استعمال مطفأة الحرائق    المجلس الأعلى للشباب : تعزيز آفاق التعاون في مجال الشباب بين الجزائر والصين    المجاهد والكاتب والروائي الكبير، رشيد بوجدرة:الكتّاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    الجزائر العاصمة : ندوة علمية حول ديناميكية الساحل الجزائري وعلاقته بالمواقع الأثرية    بإشراف من العميد محمّد المأمون القاسمي الحسنيّ..صدور العدد الأوّل من دوريّة "الجامع"    بينهم 15 سيدة و12 طفلا..استشهاد 62 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على غزة    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    هذه إستراتيجيات الجزائر لتحقيق الأمن الغذائي    الرئيس يُكرّم المتفوّقين    هذه توجيهات وزير الثقافة والفنون    وزير العدل يبرز جهود الدولة    قانون التعبئة العامّة يصدر بالجريدة الرسمية    الوزير الأول يستقبل سفير باكستان بالجزائر    الألعاب الإفريقية المدرسية/الجزائر2025: ثلاثة اختصاصات في أدوار متقدمة من أجل احراز ميداليات في اليوم الثالث من المنافسات    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60034 شهيدا و145870 مصابا    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: السباحة الجزائرية تحرز على خمس ميداليات منها ثلاث فضيات في نهائيات اليوم الاول    حريق بمستشفى تمنراست: 3 وفيات و4 جرحى    "سونلغاز" تضبط برنامجا خاصا    تكثيف الجهود من أجل ضمان تعافي سوريا    ارتفاع حصيلة وفيات المجاعة إلى 147 فلسطينيا    500 مليون دولار في المرحلة الأولى لانجاز مشروع "بلدنا"    معرض التجارة البينية دعم للسيادة الاقتصادية للجزائر    خدمة "استبدال البطاقة" متاحة عبر تطبيق بريدي موب    استراتيجية شاملة لمكافحة جرائم التقليد والقرصنة    تجربة سياحية متوازنة ب"لؤلؤة الزيبان"    المخالفات التجارية تتواصل وأعوان قمع الغش بالمرصاد    شان-2024 (المؤجلة إلى 2025) – تحضيرات : المنتخب المحلي يواجه موريتانيا وديا    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    مهرجان الأغنية الوهرانية يسدل ستاره    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار مبدأ قرآني يستند إلى الحكمة والموضوعية
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 12 - 2012

الحوار لغة قرآنية تستحق التأمل والتدبر، وقد وضع القرآن فقها في الحوار مع الآخر بما يحمله من أفكار ويرشحه من قواعد، فسجل لنا نماذج حوارية للأنبياء مع أقوامهم وللعباد فيما بينهم، بل إن القرآن ذكر لنا جانباً من محاورة رب العزة لإبليس فيما فعل وأقدم عليه، ونكاد نجزم بأن الأزمة التي تعاني منها البشرية في أغلب أحوالها هي أزمة حوارية تفتقر إلى معرفة الآلية الصحيحة للتحاور مع الآخر بما يخدم البشرية ويحقق مصالح الناس.
ومن شروط الحوار النزاهة في نقل حجج الآخر. التحاور مع الآخر يقتضي التفاعل مع ما يطرحه من أدلة وأفكار وحجج، وكثيراً ما نسمع أو نرى سجالات فكرية في حوار بين أكثر من شخص يحاول كل من المحاورين أن يطمس من حجج الآخر ما يشق عليه دفعه. والتتبع القرآني يبين لك أنه لا يسعى لذلك، بل إنه يسمع للآخر ما يقوله بل إنه ينقل حجة الطرف الآخر كاملة مع بطلانها حال غيبته إذا أراد الرد عليها، وقد نقل القرآن كلام الملحدين الذين ينكرون وجود الله أصلاً (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)، وغير ذلك من حجج الخصوم من غير نقص ولا زيادة.
كذلك من شروط الحوار طلب الحق وانتفاء النفعية فيه. ربما يكون مسعى البعض من الحوار أن يتقرب أو يتزلف أو يحقق له مكسباً مادياً من وراء حواره وهو مطمع طالما سعى له الناس في منازلاتهم الفكرية وغيرها (وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ)، (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)، إلا أن القرآن قد أصّل مسألة البحث عن الحق وبيانه لذاته لا لشيء سوى بيان الحقيقة، كما في قوله تعالى على لسان أنبيائه (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ)، فيحصل من كل ما تقدم من انتفاء النفعية المادية حقيقة التجرد لله تعالى في طلب الحق وبيانه للآخر من أجل فائدته لا غير.
مسلَّمات
هُناك مسلَّمات في الحوار يُتَفَقُ عليها من الممكن الولوج من خلالها للتحاور مع الآخر، وهو مبدأ قرآني بيَّنته الآيات الكثيرة الدالة على ذلك منها قوله تعالى: (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ومثل ذلك كثير. والاتفاق على هذه الثوابت من شأنه أن يحقق فرصاً للتفاهم والتفاوض مع الآخر، ولكي يدرك العقلاء منهم بأن الفكرة امتدادٌ لما عندهم من اعتقاد وتجديد لما طرأ عليها من ركام، ولأهمية هذا الأسلوب فقد كانت هذه الآية من أول أبجديات الدعوة في محاورة الدول الأخرى، وقد أرسل بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وقيصر وكسرى، فكان لها أثرُها في نفس قيصر حتى ذُكر عنه قوله (إن هذا الكتاب لم أره بعد سليمان بن داود).
والإسلام في حواره مع الآخر يحاور الفكرة من غير مساس بصاحبها ممن يعتنقها أو يدين بها، وفي كثير من الحوارات التي نشاهدها أو نسمعها نجد أن الحوار ينساق لتنحصر القضية التي يجري التحاور فيها بالشخص المحاور وينال المتحاورون من بعضهم لضغائن شخصية قد لا يكون للفكرة صلة بها.
والقرآن يبتعد عن هذا السلوك فلا يكاد يحصر الحوار في شخص محاوره وإنما ينسبه إلى ملته أو مذهبه وعقيدته، بل إن القرآن الكريم لا يكاد يربط بين الحدث بذكر الزمان والمكان وذلك تجنباً لشخصنة القضية وأسرها بزمن أو مكان أو ربطها بشخص معين، ليبقى الأمر فكرا بلا قيدٍ شخصي، ولذلك فإن الصراع مع قريش أخذ أمداً بعيداً من الزمن تجاوز العقد، ولولا قراءة أسباب النزول لما عرفنا للصراع مع قريش وغيرها أي شي، وكذا الأمر مع أهل الكتاب ونفس الشيء في أغلب السجالات الفكرية في التحاور مع الآخر
آداب الحوار
- يجب استخدام اللطافة في القول لدى التحاور مع الآخرين، وهذا اللطف في القول وصية قرآنية عامة قال تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (الكلمة الطيبة صدقة). يقول الرازي (من المعلوم بالضرورة أنه في الأمور الدنيوية إذا أمكن التوصل إلى الغرض بالتلطف من القول لم يحسن سواه فثبت أن جميع آداب الدين والدنيا داخلة في هذه الآية)، وإذا كان المقابل سمجاً غليظاً لا يعفينا القرآن من استخدام جمل القول ولينه في التحاور فقد أمر الله كليمه موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون المتألّه وأوصاه بلين القول، فقال تعالى له ولأخيه (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، قال بعض أهل العلم (وهذا يدل على أن الذين يخاشنون الناس ويبالغون في التعصب كأنهم على ضد ما أمر الله به أنبياءه ورسله).
- احترام فكر الآخر، وقد أصّل لذلك فقال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ)، فانظر كيف حاورهم بمقتضى وصفهم وهو الجريمة مخبراً إياهم بأنه يتحمل آثار جرمه وهم لا يتحملون، إن القرآن وهو يؤصل لتلك القاعدة المهمة لا يسعى لإلغاء الآخر وتصوراته فيما يفكر أو يقول، بل يهبه حق الاستماع والتساوي معه فيما يعرضه من أفكار وهو جلي فيما يعرضه القرآن من حوارات أنبيائه مع الآخرين ومن ذلك قوله تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ، قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)، فانظر رعاك الله كيف جمع نفسه معهم في نتيجة الحوار فما أعطى كفة الرجحان لفكره بالرغم من أن الحق معه.
- الصبر على المحاور، فالقرآن لم يأمر محاوريه بالعنف في الحوار أو استخدام أي آلية من شأنها أن تثير الآخر في الحوار، فقال على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ)، فأعطى لكل من الفريقين المسؤولية الكاملة لتحمل نتائج أفكاره وحواره وهي قمة في رقي الحوار. يقول البيضاوي (هذا أدخل في الإنصاف وأبلغ في الإخبات، حيث أسند الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين).
- الابتعاد عن الجدل. والجدل منه ما هو حسن ومنه ما هو مذموم إذا كان في الباطل. والجدال بالباطل هو الذي يستخدم لقلب الحقيقة من غير هدى من دليل أو حجة من عقل، وقد أوصى القرآن الكريم بطريقة الجدال الحسن فقال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وذم ما كان باطلاً قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ)، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم).
* يجب استخدام اللطافة في القول لدى التحاور مع الآخرين، وهذا اللطف في القول وصية قرآنية عامة قال تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (الكلمة الطيبة صدقة). يقول الرازي (من المعلوم بالضرورة أنه في الأمور الدنيوية إذا أمكن التوصل إلى الغرض بالتلطف من القول لم يحسن سواه فثبت أن جميع آداب الدين والدنيا داخلة في هذه الآية).
* أوصى القرآن الكريم بطريقة الجدال الحسن فقال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وذم ما كان باطلاً قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ)، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.