إحباط محاولات إدخال أزيد من 4 قناطير من الكيف المعالج    ضرورة الانخراط في سياسة تطوير المحاصيل الإستراتيجية    ترشيح الكفاءات الجزائرية لإنشاء مجلس للخبرات الوطنية    غزة بحاجة إلى مئات الشاحنات الإنسانية والتجارية يوميا    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    موجة حر مرتقبة اليوم وغدا    قسنطينة : تسديد الفواتير عن طرق بريدي موب    ميلة: حجز 83 جهازا للكشف عن المعادن    استكمال دراسة حول المقروئية باللغة الأمازيغية    وزير الداخلية يترحّم على أرواح شهداء الواجب ويعزّي عائلاتهم    شركات فرنسية أمام محكمة العدل الأوروبية قريبا    فرنسا تنحني فاشلة أمام الجزائر ودبلوماسيتها    تثبيت الأسعار وضمان وفرة دائمة للمواد الأساسية    تدريس "الإنجليزية الطبية" في 8 مواد الدخول الجامعي المقبل    الجزائر تعبّد طريق الطموح الإفريقي    كتيبة علي خوجة قتلت 600 جندي فرنسي في معركة جبل بوزقزة    "الخضر" في مهمة التدارك    مدرب سانت جيلواز يشيد باللاعب زرقان    محصول الحبوب تحت الرقابة بعنابة    قسنطينة : جثمان طوبال رمال يوارى الثرى بمقبرة عين سمارة    القضية الصحراوية حققت عدة مكاسب قضائية وقانونية في موضوع نهب ثرواتها    معرض خاص بطباعة المصحف الشريف في الجزائر    "الخضر" من أجل التأكيد وتأمين الصدارة    رامول يقدّم "المشاريع النهضوية العربية المعاصرة"    نداء ثقافي من عنابة لحماية كنوز الذاكرة    الأفلان يجدد التأكيد على دعم كفاح الشعب الصحراوي    خيار مثير بيد بيتكوفيتش ينهي أزمة حراس المرمى    995 جريمة خلال شهر    رئيس جديد لأمن الولاية    وهران.. استفادة قرابة 2500 عاملة من نفقات التعويض اليومي لعطلة الأمومة    الجولة الثانية من كأس أمم إفريقيا للمحليين 2025 : "الخضر" يرغبون في تجاوز جنوب إفريقيا والبقاء في الريادة    1111 خرجة تحسيسية لمصالح الأمن    صحة غزة: ارتفاع شهداء التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    الطبعة السابعة تحت شعار "القفطان الجزائري، تراث على مقاس الهوية" الاعلان عن مسابقة قفطان التحدي 2025 : بالمهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري    ملتقى الأدب الشعبي في عصر الذكاء الاصطناعي : رؤى جديدة حول كيفية دمج التقنيات الحديثة في صون الذاكرة الثقافية الوطنية    بومرداس : جماليات التراث ووحدة الثقافة    الديوان الوطني للحج والعمرة:مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    جمعية "أكنوا" تكرم رئيس الجمهورية بالميدالية الذهبية تقديراً لنجاح الألعاب الإفريقية المدرسية الأولى    سفيان شايب يبرز من تركمنستان دعم الجزائر للدول الإفريقية غير الساحلية    دعوة للمؤسسات الجزائرية للمشاركة في الدورة ال62 لمعرض دمشق الدولي    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    "أنس بن مالك" .. خادم رسول الله وصاحبه    سباحة/سباق "عبور خليج الجزائر" : 350 مشارك في تظاهرة رياضية وترفيهية ذات طابع سياحي    الديوان الوطني للحج والعمرة : مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    صناعة السيارات: فتح باب الترشح أمام الكفاءات الجزائرية لإنشاء مجلس للخبرات الوطنية    عائلات تُعجّل خرجاتها قبل العودة إلى المدارس    الجزائر تعتز بعلاقاتها العريقة مع قطر    استلام ما تبقّى من المشروع نهاية سنة 2026    اعتراف إفريقي بنجاح دورة الجزائر    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    ارتفاع كبير في أسهم بورصة الجزائر    عقود توظيف تنتظر 40 ألف طالب جديد    "الكتاب رفيقي وصديقي"بالصابلات    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رائحة الحناء ...
مؤلفات:
نشر في صوت الأحرار يوم 17 - 05 - 2016

رائحة الحناء القوية التي تركتها صاحبة الشعر الأسود الطويل في السيارة تجعلني أقوم بإعادة الحكي و قد غطى الثلج المدينة بأكملها، أقود السيارة نحو الأغواط بسرعة السلحفاة، لا أستعمل المكابح في الصقيع، الثلج لا يزال يساقط وأنا أواصل سيري ببطء شديد، عندما وصلت إلى المكان المسمى "ثنية القوافل" أوقفت السيارة قسرا أمام المنحدر الشديد، وجدت صاحب عربة "كواستر" منعني من المغامرة خوفه الشديد، كانت الساعة السادسة صباحا والصقيع يملء الطريق، قال لي صاحب الكواستر وهو يرتعد: لم يغامر أحد بالمرور في المنحدر الشديد.
عدت بالسيارة إلى مقهى صديقي الأمازيغي في محطة البنزين، ورحت أشرب القهوة وأنا أتأمل أصحاب الكروش المنتفخة من سائقي الشاحنات فلقد منعهم رجال الدرك من مواصلة السير خوف التسبب في حوادث المرور، كان منظرهم مقرفا وهم يقهقهون ويملؤون المقهى بالضجيج، حاولت أن أغلق أذني أمام نكتهم السخيفة والمليئة بكلام العيب لكنني لم أقدر فشربت قهوتي بسرعة الضوء، أعدت ملء خزان سيارة البيجو 206 بالوقود وانطلقت بها مرة أخرى، هذه المرة لن يوقفني سائق الكواستر، عندما وصلت منحدر ثنية القوافل وجدت طابورا للسيارات وقد اصطف الجميع دون أن يأخذ أحد شرف المغامرة، حاولت الخروج من الصف ولكن السيارة لم تتقدم فلقد منعتها كتل الثلج المتجمعة بين العجلات والهيكل، خرجت وأزلتها ثم انطلقت بالرجوع قليلا إلى الخلف ثم التقدم نحو الأمام انطلقت مغامرا بنفسي في المنحدر الشديد وزادي هذا الصباح رائحة الحناء القوية التي تركتها صاحبة الشعر الأسود الطويل أمس، ولم تذهب بقيت في السيارة، لأنني لم أفتح النوافذ، هي اليوم تزيدني عزيمة وإصرارا على الذهاب نحن الأغواط وقضاء حاجتها الإدارية التي كلفتني بها، إنني مثل دون كيخوت أقود حربا بسيارة مهترئة، لم يتوقف الثلج عن التساقط لهذا واصلت تدويري للمقود يمينا وشمالا متناسيا وجود المكابح في السيارة، رغم أنني دخلت في عمق الثلج إلا أن لا قوة تمنعني عن مواصلة رحلتي، صاحبة الشعر الأسود الطويل حاضرة معي برائحة الحناء وبكلماتها و نحن نعبر أمس الطريق بين بوتريفيس وجلفا الجديدة عبر طيبة هذا الشارع المسمى مؤخرا على العقيد شعباني، ربما انصافا له، قلت لصاحبة الشعر الأسود الطويل: هذا الطريق مختصر جدا نعبر من خلاله على طرف الوادي و نجد أنفسنا في جلفا الجديدة.
قالت لي: ولكنني أحب جلفا القديمة، المدينة الجديدة مجرد هياكل إسمنتية.
قلت لها: سوف آخذك إلى مكان تطلين منه على جلفا القديمة.
وقبل أن أصل إلى المسجد في حي العقيد شعباني، انحرفت بالسيارة يسارا وارتفعنا قليلا فوق هضبة توجد فيها غابة من بقايا السد الأخضر عبر الطريق المؤدي إلى حي الوئام المدني، ثم توقفت بها.
قلت لها: من هذا المكان تطلين على جلفا القديمة.
قالت: رائع، إنه منظر مدهش، هل يمكنني أن آخذ له صورا؟
قلت: أجل ...أجل ... وما الذي يمنعك؟
راحت تلتقط الصور وهي تكاد تطير من سعادتها، ثم قالت لي: تلك مئذنة مسجد أحمد بن شريف.
قلت: نعم ، إنه مسجد العقيد.
قالت: واو ...عرفتها من المصابيح الملونة، أحمر، أزرق، أخضر،أصفر، أبيض.
ثم قالت لي: الناس هنا منغلقون على أنفسهم، لا يتحدثون، لا يعبرون عن فرحتهم، لا توجد مسارح ودور سينما ومقاهي تدخلها النساء.
قلت لها: أنت في ذهنك مدن أخرى، تضعين في مخيلتك المدن التي عشت فيها، دمشق، حلب، الجزائر، قسنطينة، تلمسان، وهران بينما جلفا هكذا جميلة بناسها الطيبيين وبمقاهيها الشعبية، وبالحديقة النباتية في جلفا الجديدة وببردها الشديد.
قالت: فعلا البرد شديد.
طلبت منها مغادرة المكان بعد أن التف حولنا الأطفال، فقالت لي: انتظر، انتظر سوف ألتقط معهم صورة.
تعجبت صاحبة الشعر الطويل من مشيهم حفاة في هذا البرد القارس، فقلت لها: في قلوب الأطفال دفء شديد
في الليل وقبل أن أنام دخلت صفحتها في شبكة التواصل الاجتماعي فوجدتها قد اكتست حلة جلفا القديمة بمآذنها الملونة، لا يوجد حي في المدينة دون مسجد.
مررت بمنحدر ثنية القوافل وفزت بالرهان استطعت تجاوزه برائحة الحناء التي لا تزال تعطر السيارة، وانطلقت مسرعا نحو الأغواط لقد أطلت الشمس رغم خجلها لتذيب كتل الثلج التي اختفت نهائيا عند مفترق الطرق المؤدي إلى مدينة مسعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.