رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    كمال الأجسام واللياقة البدنية والحمل بالقوة (البطولة الوطنية): مدينة قسنطينة تحتضن المنافسة    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    كأولى ثمار قمة القادة قبل يومين : إنشاء آلية تشاور بين الجزائرو تونس وليبيا لإدارة المياه الجوفية    بعد إصدار 172 قرارا بإلغاء الاستفادة: استرجاع 81 هكتارا من العقارات الصناعية غير المستغلة بقسنطينة    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    وسط اهتمام جماهيري بالتظاهرة: افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    عرقاب: نسعى إلى استغلال الأملاح..    رخروخ يعطي إشارة انطلاق أشغال توسعة ميناء عنابة    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    اجتماع الحكومة تبحث إصلاح قطاع التأمينات    معالجة 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    بطولة وطنية لنصف الماراطون    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    تفعيل التعاون الجزائري الموريتاني في مجال العمل والعلاقات المهنية    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    التراث الفلسطيني والجزائري في مواجهة التزييف    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العياشي دعدوعة: التغيير مطلوب إذا تجاوب مع الطموحات الشرعية للشعب
نشر في صوت الأحرار يوم 13 - 03 - 2011

أمام الزخم الذي يشهده المشهد السياسي بالجزائر، وفي ظل فكرة التغيير التي أخذت تتبلور لدى الطبقة السياسية وحتى الرأي العام، وبعيدا عن الصخب والضجيج الذي يقود إلى تمييع الطموحات المشروعة للشعب، ومحاولة بعض الأطراف ركوب موجة التغيير السلمي والديمقراطي المدروس المبني على أسس متينة تراعي مصلحة الوطن وتجعلها عالية فوق كل اعتبار، يتحدث العياشي دعدوعة رئيس كتلة الأفلان في البرلمان في هذا الحوار، عن مجمل القضايا الوطنية التي أصبحت تشكل الشغل الشاغل للسياسيين والرأي العام، وعلى ضوئها يتضح الطموح للتغيير دون التأثر بما جيري في الدول الشقيقة، فالجزائر أكبر من أن ينال منها المتربصون بها.
** منذ مطلع السنة الجارية، تصاعدت لهجة العديد من الأطراف السياسية والشخصيات الوطنية، المطالبة بالتغيير وإجراء إصلاحات سياسية عميقة، كيف تقرأون هذه الدعوات، وما موقفكم منها؟
*في البداية إني أجيب وأنا في راحة من أمري دون عقدة، ودون تخوف، ومن مصدر القوة التي لها القدرة الكافية لمجابهة أي مستجد، كون حزب جبهة التحرير الوطني وأبناءه قد تعودوا على الخوض في التغيير ويتكيفون مع أي تحول بنّاء يتبناه الشعب، احتراما منا لإرادة الشعب واعترافا لا يضارعنا فيه مضارع بأنه وحده مصدر السيادة التي يمنحها لمن يشاء في الزمن الذي يشاء، وتجربة الحزب مع الشعب أصيلة متجذرة لا يقارعه فيها مقارع، ولا ينافسه فيها منافس مع تعدد المراحل واختلاف المحطات، وما ينجر عنها من مواقف كان معها، كلما انحازت إلى الشعب وأتت بما يخدمه، والرجل في الركاب.
التغيير ليس مستحيلا، بل هو محبذ ومطلوب، إن كان صادقا ونافعا ينبع من خصوصيات الأمة ويتجاوب مع الطموحات الشرعية للشعب ويستجيب لتطلعاته وانشغالاته المشروعة.
إنّ الشعب الجزائري قد خول لرئيس الجمهورية صلاحيات عديدة وأساسية ينوبه فيها، ويتكفل بإنجازها نيابة عنه ضمنها في جملة من الأحكام الدستورية، فرئيس الجمهورية متاح له دستوريا أن يخاطب الشعب مباشرة سواء تعلق الأمر بالتغيير أو بإجراء إصلاحات سياسية في أي مستوى وبأي مستوى، وقد سبق أن فعل ذلك عبر استشارة شعبية مباشرة.
لذلك تأتي قراءتي لهذه الدعوات المطالبة بالتغيير أو بالإصلاحات قراءة احترام لها إن كانت تنبع من احترام الإرادة الشعبية المجسدة في الدستور باعتباره المعبر الوحيد على هذه الإرادة ولكونه القاسم المشترك بين كل الجزائريين.
واحترام هذه الإرادة الشعبية المضمنة في الدستور تكمن في الاعتراف بأن الجزائر مرت بمراحل تغيير جذرية، كما أنها عرفت إصلاحات سياسية عميقة، ولا أدل على ذلك من الانتقال من النظام الشمولي إلى النظام التعددي عبر دستور سنة 1989 فالتعديل الدستوري سنة 1996 وتعديل سنة 2008، وإن كان جزئيا.
إن السلطة في الجزائر أثناء هذه المرحلة الوجيزة في عمر الشعوب والأمم قد مر عليها خمسة رؤساء دولة، وفسيفساء من الحكومات المتعاقبة، بغض النظر عن من هم عناصرها ومدى قدرتهم على أداء مهامهم، وإلى أي طيف سياسي ينتمون.
فالموقف بالنسبة لهذه الأطروحات يكون وفق نوايا طارحيها، ومدى تفهمهم لما عرفت البلاد من انتقال نوعي مسبق، يتحسس في كل مرة الظروف الداخلية للبلاد وتلك المحيطة بها فيتأقلم معها في الوقت المناسب بتدابير استباقية تنجيها من الوقوع في مطبات غير محمودة العواقب، وخير شاهد على ذلك التفاعل السريع مع المطالب الشعبية في بداية العام التي عبرت عن إفرازات ورواسب وتراكمات خلفتها مرحلة عدم الاستقرار، أقصد ما أتت به الثلاثة أوامر الصادرة عن اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 22 فبراير المنصرم، واليد على الزناد في هذا المجال ليأتي الجديد حسب كل مستجد. وفي هذا الإطار ما أكون إلاّ مع مواكبة الركب، وليس اللحاق به، كلما كانت أهدافه نبيلة ومساعيه حميدة تعود على المجتمع باليمن والخير والبركة، بالأمن والاستقرار والطمأنينة.
** مؤخرا، خرج الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بلخادم، بتصريح سياسي يدعو فيه إلى ضرورة مراجعة شاملة وعميقة للدستور الحالي، ما هي أهم المحاور التي يعتقد حزب جبهة التحرير أنها كفيلة بوضع أسس الإصلاح السياسي في الدستور المرتقب؟
* دعوة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، المتعلقة بالذهاب إلى تعديل جذري وعميق في الدستور لم تكن بنت اليوم، ولا هي خاضعة لاملاءات محيط آني ودعوات مستحدثة.
فمنذ أن استقر الوضع في البلاد أمنيا واقتصاديا، واستعادت الدولة الجزائرية مكانتها في المحافل الدولية المختلفة والمتنوعة، وصارت تحتل الصدارة في بعضها، وصاحبة الرأي السديد في بعضها، ومحل الاستشارة في بعضها، وتخلصت نهائيا من ديونها الخارجية وهي في اللمسات الأخيرة للانتهاء من الديون الداخلية، واستتب أمر الحزب ووضع على سكته الطبيعية بعد المؤتمر الثامن الجامع، وتأكد ذلك أيضا مع نتائج المؤتمر التاسع الأخير.
وكون الأمين العام للحزب من بين العارفين الأوائل أن دستور 1989 سن على صفيح ساخن، وعلى عجالة ودون تجربة سابقة، ممّا جعلنا أمام عدد من الأحزاب وليس أمام تعددية حزبية، المناخ الذي كاد يذهب بريح البلاد.
وكونه من المطلعين وعن جدارة أن تعديل الدستور سنة 1996 جرى في جو مشحون بالتعصب وبالعصبية وفي عهد كثرة العصب، وانتشار التحالفات غير المرتكزة على أسس صحيحة ودقيقة.
كان قد نادى وبقوة ومنذ خمس سنوات خلت بضرورة الذهاب إلى تعديل دستوري عميق، وقد تلقى البعض من السياسيين إذاك هذه المبادرة بالسخرية والاستهزاء، وتلقاها البعض الآخر باللامبالاة، فاعتبرها الصنف الأول على أساس أنها مجرد استهلاك سياسوي شعبوي وتجاهلها الصنف الثاني بالسكوت عنها وعدم إدراجها في أجندة نشاطه السياسي.
إلاّ أنه وما إن تبلورت الفكرة ونضجت تحت إلحاح الأمين العام في كل المناسبات، وبخاصة تلك التي جمعته بالمناضلين في الجامعات الصيفية للحزب، وفي شتى فعاليات أنشطته، وبدأ التلويح بجديتها، وأثمرت بالإعلان عن التعديل الدستوري الأخير، حتى هرع الجميع لتبنيها والمناداة بها. لكن الأمين العام للحزب وبالعودة إلى مختلف تصريحاته ومداخلاته وأحاديثه، اعتبر التعديل الدستوري عام 2008 مجرّد تحسين فيه لم يتجاوز مفهوم الجزئية، بالنسبة لمطالب الحزب التي كانت تؤكد على إلزامية التعميق في التعديل بما يتماشى وراهن البلاد وحال المحيط الدولي العام.
واليوم ونحن نسمع ونرى من يدعي أخذ المبادرة بفتوى التعديل أو التغيير أو الإصلاح دون أن يتوقف عند رأي معين، فإنه من جهتنا وكوننا أصحاب المبدأ وأصحاب المبادرة في الموضوع، فإننا نحترم إرادة الشعب الجزائري صاحب العقد والحل في أي تعديل دستوري مرتقب، بمعنى أننا نعيد ذلك ونرجعه إلى رئيس الجمهورية المخول للأخذ والبت في مثل هذه الصلاحيات شعبيا، ولا أحد في رأينا له القدرة أن يقف أمام إرادة الشعب الكاسحة لكل الإرادات، والتي من جانبنا نحترمها ونستجيب لها، ولا يخيفنا أي شكل من التعديلات تأتي به ما دام مبتغانا الوحيد هو خدمة الشعب ومسعانا الوحيد هو ازدهاره وتطوره ورقيه وسعادته، فكل ما يخدمه نحن معه وله ولا نحيد عنه قيد أنملة.
** لاحظنا ظهور خطاب سياسي، لعدة تشكيلات سياسية، بما فيها أحد أطراف (التحالف، تدعو إلى اعتماد النظام البرلماني كبديل للنظام الرئاسي، أو شبه الرئاسي المعتمد حاليا، ما موقف جبهة التحرير من هذا الطرح، وماذا تقترح الجبهة كخيار »نموذج « سياسي لحل أزمة الحكم في الجزائر؟
* أبدأ من حيث انتهيت في سؤالك لأقول: إني لا أرى على الإطلاق أزمة حكم في الجزائر، وبخاصة بعد التعديل الدستوري الأخير الذي أبعد التسيير برأسين في قمة هرم السلطة التنفيذية الأمر الذي أزال دور الوساطة بين الشعب وبين رئيس الجمهورية، إذ صار التصنت مباشرا والإصغاء مباشرا ورد الفعل مباشرا وأكثر برهانا في مسألة الإجراءات الاستعجالية المستحدثة الشهر الفائت .
وإذا كنت أستبعد بصفة مطلقة وجود أزمة حكم في الجزائر، والنظام السياسي فيها قائم على الفصل بين السلطات وهو الأنموذج المفضل في كل الأنظمة العالمية، فإني أرفض التحجر والوقوف فقط عند تجربتنا الحالية، إنما من الأحسن أن نذهب إلى الأحسن الذي يبقى ضالتنا التي يبقى بحثنا عليها دائم ومستمر، ومتى وجدناها أخذنا بها .
أما فيما يتعلق بالشطر الأول من سؤالكم والخاص برأي أحد أطراف التحالف الرئاسي في الذهاب إلى النظام البرلماني بدل النظام الجزائري الحالي، أجيبك على النحو التالي: في صيف سنة 2006 نظم الحزب جامعته الصيفية المعتادة في مدينة بجاية، وكان من بين المحاور المعروضة على المشاركة لمدارستها وإبداء الرأي بشأنها، الدستور الجزائري والأنظمة السياسية في العالم وقد كان تعديله مطروحا بإلحاح.
فجاء على لسان أحد المتدخلين ما يلي :
1- النظام الأمريكي نظام رئاسي وأنا مُعجب به وبإنجازاته.
2- النظام البريطاني، نظام برلماني وأنا معجب به وبإنجازاته.
3- النظام الفرنسي نظام شبه رئاسي وأنا معجب به وبإنجازاته.
وأردف قائلا آتوا بأي نظام سياسي فهو ناجح إذا ما وفرتم له الثقافة التي تطبقه بنجاح والذهنية التي ترعى شؤون الأمة بإخلاص. أعتقد أن المسألة لا تتعلق بالتقليد والاستيراد وجلب الجاهز بقدر ما تتعلق باحترام خصوصيات المجتمع، والنزول بوفاء عند مميزاته بالاحترام والتقدير والتقديس.
إن نجحت مجتمعات بالأنماط الثلاثة المذكورة أعلاه، فإن مجتمعات أخرى قد أغرقتها الترسانة القانونية التي أسستها دون هدى ورشد، وكانت السبب في انفلات حبات العقد، بينما أخرى تعيش مستقرة سعيدة بنماذج عرفية موروثة ضمنت لها الرخاء وآمنتها من خوف وأطعمتها من جوع..كل ما في الأمر أنه معلق على معدن البشر، وكيفية التعامل مع استعداد وتطويع أي نوع من البشر.
** تعتقد بعض الأوساط، أن الأرضية المثلى لإصلاح سياسي عميق، يجب أن تنطلق من وضع مجلس تأسيسي توكل له مهمة إعداد دستور جديد، في حين أعرب عبد العزيز بلخادم عن رفضه لهذا الطرح، ما هي مبررات الرفض؟
* دون أن أعود إلى السيد عبد العزيز بلخادم أو أرجع إليه في الموضوع، أعتقد أني أتفق معه أن مبررات رفضه للطرح القديم الجديد المتمثل في إيجاد مجلس تأسيسي توكل إليه مهمة إعداد دستور جديد للبلاد مبررات بديهية ومعروفة لدى العام والخاص، لاقتراح يرتبط بأفكار لم يتسنى لها حضور التأسيس للدولة الجزائرية المركزية أو لم يشاركوا في هذا التأسيس أو يساهموا فيه أو يحضّروا له.
إنهم ينفون على الدولة الجزائرية بمؤسساتها وجودها في شكلها الذي أعقب استعادة الاستقلال وافتكاك السيادة، والذي توجد عليه، وربطوا ذلك بوضعهم الخاص وحالتهم الشخصية.
إن أشواطا معتبرة قطعتها الجزائر في ظل نظام الدولة وأجهزتها وفي ظل نظام الدولة ومؤسساتها، من غير المعقول إن نتجاهلها أو نحفر لها قبرا ويتم وأدها على أيدينا.
أحترم أساتذة إجلاء لهم فكر مدني نبيل جدير بالاحترام والتقدير ناضلوا من أجله مدة خمسين عاما.
لكن أن يبقى القول من أجل التمكين لهذا الطرح يجب أن نلغي مسار دولة بأكمله حلوه ومره، ونبدأ من الصفر وكأنه لم يكن لنا وجود في هذا الوجود.
من المعروف واللافت للنظر والذي يجب التذكير به ، ولا يمكن القفز عليه، هو أن التجربة الجزائرية بنظاميها السابق والحالي تجربة دستورية أضفى عليها الشعب الطابع الرسمي عبر استشارته واستفتائه استفتاء مباشراً على كل دساتير البلاد الأحادية منها والانفتاحية بإرادته الحرة التي تسمو على كل الإرادات.
لذلك ففكرة إلغاء مسار البلاد لخمسة عقود خلت، وإلغاء معه الكيان المؤسساتي الدستوري معناه إلغاء الإرادة الشعبية التي بنيت عليها البلاد بشكل أو بآخر.
إنه من الأفيد الكلام عن مزيد من تعميق قواعد الديمقراطية وأسسها انطلاقا من التجربة المعيشة، وتعميق التجربة الدستورية، بما يوصلنا إلى تحقيق هدفنا المتمثل في استكمال بناء صرح دولة الحق والقانون والحكم الراشد التي لا يطمع في النيل من عدلها قوي ولا يخاف من توقع حيفها ضعيف، ومن الاستحالة بمكان أن نطلب من البنت أن تلد الأم، وهذا ما يجيب على شقين من سؤاليك الأول والثاني.
** يدعو البعض إلى إحالة حزب جبهة التحرير الوطني على المتحف، بدعوى أنه إرث مشترك لكل الجزائريين، هل تعتقدون أن الأفلان ما يزال قادرا على المبادرة، والقيام بخطوات سياسية كبيرة مبنية على مشروع مجتمع محدد المعالم ؟
* إن المتتبع للأحداث، القارئ لصفحات التاريخ المستنير بهدي التجربة والمرافق المتمعن لعلاقة حزب جبهة التحرير الوطني بالإدارة إذا ما أراد أن يتناول مثل هذا الموضوع من الأفيد أن يتناوله بالحياد النزيه حتى يستمع الناس إلى رأيه ويجد صدى واتباعا لما يقول .
إما أن يكون عالم إذن ويرشح نفسه بوقا للآخرين يوظفوه حسب منهجهم ووفق أهدافهم لا قناعاتهم، إنما تبعا لشهواتهم التي اعتادت الصيد في الماء العكر.
إن الإدارة حلت قيادة حزب جبهة التحرير الوطني بعد أحداث 5 أكتوبر 1988 وقد كان أحد أجهزتها لتمسح فيه الموس، وتقدمه كبش فداء، تفدي به أخطاءها وتتستر على عيوبها، إن الإدارة وبعد سن دستور 1989 جرّدت الحزب نهائيا من مقراته كل مقراته بل حتى من الأوراق وأقلام الرصاص وأتلفت دفاتره وشردت مناضليه وسحبت كل موظفيه دون استثناء، ولاحقت أعضائه فمنهم من زج به في السجن، ومنهم من طرد من عمله، وقطع عليه رزق عائلته ومنهم من هدد في حياته وخضع للتعذيب والتخويف والأمثلة موجودة وما تزال قائمة تشهد على ذلك حتى أن أحد رؤساء الحكومات وجه نداء إلى المناضلين يأمرهم بمقاطعة الحزب وقطع الانتماء إليه لما استعصى عليه حله وقد يكون ذلك تابعا لرسالة النية الموجهة لصندوق النقد الدولي التي رهنت البلاد ردحا من الزمن.
إن الإدارة قد سطت على الحزب واغتصبت منه أصواته في انتخابات 1997 وسلبته حقه الذي مكنته إياه الإرادة الشعبية.
فمن أين تأتي هذه التهمة الباطلة يا ترى لولا دس ينم عن خبث، وهو الحزب الذي عاش هذه المدة كلها في المعارضة لكن الايجابية التي لم تتسبب في تعفين الجو العام للبلاد أو تقلل من شأنها أو تزيد في طين المأساة الوطنية بلة.
أما إذا كان الحديث عن مرحلة العشرية الأخيرة ، فإن حزب جبهة التحرير الوطني لا ينفي وجوده في طليعة الأحداث مدعما للخيار وعاملا على إنجاح المخططات وساهرا على إنجاز المشاريع، وهي المسؤولية التي يتحملها دون خجل ولا وجل، وهو الشريك الأوفر فكرة والأكثر فاعلية والأجدر بالفخر والاعتزاز والبلاد تخرج بفضل هذه محطات هذه المرحلة من ويلات الدس والغدر والقتل والدمار وجلد الذات دون شفقة ولا رحمة.
ومن له البديل عن هذا الكلام ويتمسك بخيط دخان فإن حزب جبهة التحرير الوطني قد غير أمناءه العامين أربع مرات في مدة 20 سنة وغيره لم يغير مرة واحدة، من له كلام غير هذا فليقدم الدليل بأنه اكتوى بنار الإدارة أكثر من حزب جبهة التحرير الوطني، ومن له رأي غير هذا فليستفتي الشارع، ويحكم التاريخ، وإن التاريخ لا يرحم، وإن الحزب حزب الشعب وليس حزب أصوات نشاز، لذلك فهو في منأى عن كل تخمين غير ملتزم يأتي من خارج صفوفه، وقد بدا واضحا أنه يبادر وأنه يصاحب كل مبادرة حسنة بالتأييد والمساندة كلما تبين له أنها تهدف إلى تطوير المجتمع ورقية وتؤمن استقرار البلد وأمنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.