والي الجزائر يتفقد أشغال الشطر الثاني للطريق السريع الرابط بين مركب محمد بوضياف وخرايسية    الجزائر تحتضن اجتماعًا استشاريًا إفريقيًا لخبراء مكافحة الإرهاب    اتفاقية تعاون بين المحافظة السامية للرقمنة ووزارة الشباب لاستغلال موارد الحوسبة السحابية السيادية    بوغالي يترأس الدورة الأربعين الاستثنائية للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي بالقاهرة    اجتماع اللجنة المشتركة للوقاية من أخطار الكوارث لعرض حصيلة 2024 واستراتيجية 2025-2035    افتتاح الأيام الوطنية للديودراما بالشلف بمشاركة فرق مسرحية من عدة ولايات    إطلاق منصة للتواصل بين المؤسسات    الدولة الجزائرية تعتمد بطاقة "Mastercard" رسميا    التذكير بما قام به الآباء في الذود عن شرف الأمة و تعزيز مناعتها    الجزائر بذلت جهودا جبارة لترقية قيم العيش معا في سلام    هذه المحاولات تمثل اعتداءً على العقد الاجتماعي الوطني    دعوة"الماك"مصيرها الزوال..!؟    جهود لحماية التنوع البيئي بالشريعة    الرئيس ينمنع هدم السكنات غير القانونية في الشتاء    مظاهرات 11 ديسمبر 1960 جسدت وحدة الشعب الجزائري    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    الملتقى الوطني الموسوم بعنوان الكتابة السردية النسائية الجزائرية (الوعي والتحول)    سقوط أوهام المتاجرين بالوحدة الترابية    نساء المغرب في مواجهة آلة القمع وسياسات التفقير    التنسيق لتسليم المشاريع الاستراتيجية الكبرى في الآجال    الرئيس تبون جعل الشباب ركيزة التنمية والاستقرار    زيادات في المنح الاجتماعية لعمال التربية جانفي المقبل    بعثة استعلامية من مجلس الأمة في زيارة لتلمسان    أنشطة التكرير تنتعش وتلبي الحاجيات    الحية يؤكد رفض "حماس" لكل مظاهر الوصاية والانتداب    وفاة الفنان الموسيقار والملحن نوبلي فاضل    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    جدل كبير حول مستقبل رياض محرز مع الأهلي السعودي    حركة تنموية بخطى ثابتة في عاصمة الحمامات المعدنية    ياسين براهيمي يكشف سّر رحيله المبكر عن أوروبا    بلومي يعود من بعيد ويتخلص من شبح الإصابة    إنتاج 482 ألف قنطار من الزيتون بمعسكر    قافلة لاستكشاف السياحة التاريخية    مغامرة انسانية عمادها البساطة والإبداع    هل إقالة المدير هي الحل؟    درك مدريسة يوقف لصوص المواشي    بن قرينة يشرف على لقاء بالعاصمة    فتاوى : سجل في موقع مراهنات وأعطوه هدية    من أسماء الله الحسنى .. الحليم    حين يصبح الخطر داخلياً.. ترامب وتفكيك أميركا    الحدث العلمي يندرج في إطار جهود الدولة لحماية الأسرة    خنشلة : مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تاريخ مشرف    اللعبان بركان وبولبينة ضمن قائمة"الخضر"في ال"كان"    منصب للجزائر في اليونسكو    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    بوقرة مُحبط ويعتذر    الدور ال16 لكأس الجزائر:اتحاد الحراش يطيح بشبيبة القبائل، جمعية الشلف ووفاق سطيف يحسمان تأهلهما    بسبب مشاركة المنتخب الوطني في البطولة الافريقية للأمم-2026..تعليق بطولة القسم الممتاز لكرة إلى اليد    عودة مفاجئة وثنائي جديد..بيتكوفيتش يعلن عن قائمة "الخضر " لكأس أمم أفريقيا 2025    صالون دولي للأشغال العمومية والمنشآت الطاقوية بالجنوب    سيفي غريّب يدعو إلى التوجه نحو فصل جديد    دربال يؤكّد أهمية تعدّد مصادر مياه الشرب    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغائب الأكبر
نشر في صوت الأحرار يوم 06 - 04 - 2012

في أعقاب ندوة شاركتُ فيها وصلني سؤال مكتوب من أحد الحاضرين، وجلّهم من الطلبة، عن تصوّري لعالم بلا تلفاز، وكان السؤال مفاجئا فعلا لأنني لم أدرك مغزاه حقيقة وهل يعيش صاحبه في الطرف المؤيد لهذه الثورة المرئية العارمة فيكون السؤال دعما لإنجازات الإنسان في هذا المضمار، أم أنه ساخط على ما وصلت إليه الإثارة التلفزيونية وما جنته على القيم الأصيلة والعادات والتقاليد الراسخة منذ القدم.
أثناء جواب أحد زملاء الندوة عن الأسئلة الموجّة إليه اهتديت إلى فكرة ربما تكون الجواب الأصوب لمثل هذه الأسئلة.. كانت ورقتي في الندوة حول الوسائل المعاصرة ودورها في الإصلاح الاجتماعي، وقد توسّعتُ في الحديث عن دور التلفزيون والإعلام (القديم)، وأخطر منه دور ما صار يعرف بالإعلام الجديد، الذي ولد من رحم عالم الأنترنت، كالفيس بوك، وتويتر، ويوتيوب...
قلت في جوابي: إن الأقدر على تصوّر عالم بلا تلفاز هو روائي متمكّن يستطيع الغوص في عوالم الناس المختلفة وزوايا حياتهم المتعددة والتالي يرسم لنا صورة أقرب إلى الحقيقة عن ذلك العالم الذي يفتقد التلفاز والصورة فجأة، بعد أن ألِفها سنوات طويلة وصارت أشبه بالعمود الفقري في ثقافته وأخباره واقتصاده وسياسته وسلمه وحربه.. وقلت بعد ذلك إن الإجابة عن هذا السؤال يمكن أن تكمن في أحشاء أسئلة أخرى من قبيل: هل يمكن تصوّر عالم معاصر بلا عجلة بعد اكتشاف الإنسان لهذه الوسيلة ومساهمتها في تقدّم البشرية؟ وهل يمكن تصوّر عالم بلا ورق وطباعة؟ وهل يمكن تصوّر عالم بلا آلات بخارية؟!!..
وعلى هذا المنوال، وانطلاقا من التلفزيون الأرضي إلى ما بعده وهو الفضاء المليء بالأقمار الاصطناعية الزاخرة بكل ألوان الطيف؛ ندرك حجم الهوّة التي نعيش فيها عندما تظل قضية السمعي البصري في الجزائر تراوح مكانها لأسباب ما زالت عصيّة على أفهام المتخصّصين والمراقبين فضلا عن المواطنين العاديين.
إنّنا على أعتاب انتخابات مفصلية بكل معنى الكلمة، وقد حضرت فيها السياسة والسياسيون، وحتى أشباههم، وبرزت القوائم والبرامج، وظهرت إلى السطح موائد طويلة عامرة سواء بمعناها الحقيقي أو المجازي.. لكن الغائب الأكبر هو الإعلام (الثقيل) كما شاع هذا المصطلح في الجزائر، وما هو بثقيل في الحقيقة لأن دولا أقل منّا ثقلا في جميع الجوانب (استخفّت) هذا (الثقيل) وصار حمله وإشاعته متاح لكل من أراد، وحتى من هبّ ودبّ في بعض الدول العربية.
تجمّع في الآونة الأخيرة جمع من الصحفيين في إحدى ولايات الجنوب الجزائري، وحضر معهم ضيوف من دول عربية ومغاربية، ودار الحديث طويلا حول موضوع السمعي البصري في الجزائر..
وسوف أنقل بعض ما دار من انطباعات وأسئلة وصرخات المشاركين، على اختلاف زوايا النظر والخلفيات والتجارب: (إذا لم تفتحوا هذا المجال فيجد طريقه إلى الفضاء من الخارج وقد يكون أشدّ قسوة على الخائفين، وأكثر تحريضا عليهم. أن تتحول بعض الصحف إلى الفضاء، فهذا جميل وعادي لكن المشكلة أن تتحول بالعقلية نفسها والضبابية وغياب الرسالة الوطنية الواضحة والسامية التي تعصم المسيرة من الوقوع في فخّ الإثارة شبه المطلقة.
المؤسسات الإعلامية والمسؤولية ومفهوم المواطنة. تجربة ثمانين صحيفة يومية في الجزائر هل هي قيمة مضافة أم عكس ذلك، وهل سينعكس الأداء السلبي في الصحافة المكتوبة على عالم الفضائيات الجزائري المرتقب. هل الجهات الوصيّة جادة في فتح مجال السمعي البصري، تساؤل طرح أكثر من مرة، وكان الردّ والتعليق دائما أن هذا السؤال لم يعد مستساغا على الإطلاق)..
كلام كثير تداوله الصحفيون وكان الأمل في فضاء مفتوح هو القاسم المشترك، وجاءت التوصيات لتلخّص جميع الحكايات: (التعجيل في تحرير الفضاء السمعي البصري في الجزائر ودخوله حيّز التنفيذ. إنشاء مدينة إعلامية مغاربية. تطوير التبادل والتعاون في مجال التكوين والخبرات بين الإذاعات والفضائيات المغاربية.
التواصل مع الخبرات المهنية المغاربية المهاجرة...) علينا أن ندرك حجم المشكلة، وأن نشعر بالحزن والأسى لأننا على أبواب حملة انتخابية تغيب عنها الفضائيات الجزائرية المرتقبة، ومع ذلك نتمنى أن تكون هذه الفضائيات حاضرة بقوة عبر حديث الأحزاب والقوائم حولها وإطلاق وعود صادقة بالعمل على تحريرها لتضيء سماء الجزائر، وتكون علامة فارقة من علامات المرور إلى التغيير السلمي الشامل الذي نتوق إليه بعد انتخابات العاشر من ماي.
من مأثورات المهاتما غاندي قوله: "إنني لا أريد أن ترتفع الجدران من كل جانب حول بيتي، ولا أن يُحكم إغلاق نوافذي، إنني أريد أن تهبّ ثقافة كل أرض حول بيتي بأقصى قدر من الحرية، لكنني أرفض أن تقتلعني ريح أي منها من جذوري".
وعلى منوال غاندي لا بدّ من التأكيد على أن السماء المفتوحة فُرضت على الجزائريين وانتهى الأمر وشايع وبايع قسم من المواطنين هذه القناة العربية وشايع وبايع قسم آخر منافسة لها، وفي أيدي أطفالنا جهاز تحكّم يتنقّلون به بين القنوات الخاصة بهم، وما أكثرها، ويهيم قسم من الشباب على وجوههم بين قنوات رياضية وغنائية متعددة.. فأين نحن في جميع تفاصيل هذا العرس الإعلامي المتنامي؟ يصعب أن يظلّ بيننا من يدعو إلى الانغلاق التام والانكفاء على الذات ورفع الجدران على حدّ تعبير غاندي، لكننا نريد جدرانا متوسطة الحجم تتيح لنا مرور نسمات الهواء وتحمينا في الوقت ذاته.. نريد إعلاما يعكس شخصيتنا ويُعلي من شأن تراثنا ويقدّم ما لدينا إلى الآخرين، ويشخّص مشاكلنا بموضوعية وشفافية ومهنيّة.. ولا بأس أن نتابع معه، وقبله وبعده، قنوات عربية وأجنبية أخرى، فنحن جزء من هذا العالم القريب والبعيد شئنا أم أبينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.