كل من يتابع المحرقة الصهيونية في غزة يعلم يقينا أنه لم يعد مجديا انتظار صحوة الضمير الإنساني، فلو قتل الصهاينة كل سكان غزة، البالغ عددهم مليون ونصف، لن يهتز أحد في الغرب لوقف الجريمة، ولمن أراد أن يتأكد فعليه أن يتابع وسائل الإعلام الغربية. الجزيرة، وتتبعها قنوات قليلة، هي فقط التي تغطي الجريمة، ولن تجد من يتحدث عن قنابل الفسفور الأبيض في القنوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، لا شيء عن إبادة الأطفال وتدمير البيوت والمدارس والمستشفيات والجامعات والمساجد، لا أحد يتحدث عن جرائم الحرب و استهداف المدنيين، ولن تجد صعوبة في معرفة بعض التفاصيل عن حياة مستوطن مصدوم من الصواريخ التي تطلقها المقاومة، بل وصل الأمر بقناة فرنسية إلى حد عرض "محنة" مستوطنة إسرائيلية فقدت ما سمته "قطعة من الجنة" بعد أن أجبرت على الرحيل من غزة عندما اندحرت منه إسرائيل سنة 2005. الآلاف الذي خرجوا إلى الشوارع في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا كانوا في معظمهم من المنحدرين من أصول عربية أو مسلمة، نعم هناك بعض الناشطين من الأوروبيين يناضلون بصدق وإخلاص، ويعرضون حياتهم للخطر من أجل كشف جرائم الصهاينة، لكن أغلبية الذين خرجوا لنصرة غزة هم من العرب والمسلمين، وبإمكانهم فعل أكثر من ذلك. جرائم الصهاينة ليست شيئا جديدا بالنسبة لنا، فهذا الكيان قام على الإرهاب، ولا أحد يعدم الأدلة لإثبات ذلك، والذي يساندون هذا الكيان الإرهابي في أوروبا وأمريكا لهم تاريخ أسود حافل بالجرائم ضد الإنسانية، والأدلة حاضرة لإدانة فرنسا وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وسائر الدول الاستعمارية، ولا فائدة من السعي إلى كسب ود هذه الدول التي تلبس قناع الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، فالمجرمون لا يسلم بعضهم بعضا. إن الملايين من العرب والمسلمين الذي يعيشون في أوروبا وأمريكا بإمكانهم الآن لعب دور القوة الضاغطة على حكومات تلك الدول المتواطئة مع إسرائيل والساكتة عن جرائمها، ولا مجال ليقول أحد إن ستة ملايين مسلم لا يقدرون على شيء في فرنسا مثلا، اللهم إلا إذا كانوا فعلا كما وصفهم حليف إسرائيل ساركوزي بأنهم حثالة.