اعتادت العائلات الجزائرية قضاء عيد الفطر المبارك في البيت الكبير، أو ما يعرف ببيت العائلة، أين تجتمع كل فروع العائلة ليتقاسم كبارها وصغارها بهجة العيد، ولكن في الآونة الاخيرة وتحت تأثير العديد من العوامل تحاول الكثير من النساء تغيير هذه العادة بقضاء العيد في بيوتهن بعيدا عن العائلة أو عند أهلهن قد تتحول مسألة وجهة العائلة يوم العيد إلى معركة حادة بين الزوج والزوجة، ففي الكثير من الاحيان تفضل السيدات الاستقرار في بيتها الخاص، في حين أنه الموعد السنوي لالتقاء كل أفراد العائلة وتبادل المعايدات والتهاني بعيد الفطر، حتى تتعزز الروابط الأسرية، كما تسعى لجعله موعدا مقدسا حتى لا تفترق العائلة وتبقى ملتحمة عبر الأجيال والسنين. التقاليد تقضي بالاجتماع في بيت العائلة تسير الكثير من الجزائريات وفق التقاليد القديمة التي تقضي بأن يجتمع كل الأفراد في بيت العائلة الكبيرة، من أجل معايشة أجواء الفرحة والاحتفال بهذا اليوم الفضيل، حيث تحرص العائلات على لم شملها في هذه المناسبة، ما يجعل العروس مجبرة على التنقل إلى بيت حماها وحماتها من أجل قضاء العيد.. هذا ما ذهبت إليه جميلة التي قالت إنها متزوجة منذ أربعة أشهر وتعتزم تمضية العيد في بيت حماتها لأن العائلة كلها ستجتمع هناك، وفي اليوم الموالي ستقوم بزيارة بيت والديها، فحسب رأيها هذه الأمور تدخل ضمن العادات والتقاليد الجزائرية، حتى أنه في عائلة أهلها يحدث نفس الشيء.. أين تلتقي الكنات في اليوم الأول. من جهتها، الحاجة صفية أضافت أنه في ليلة العيد تستقبل كل كناتها ليسهرن معا، بوضع الحناء والتسامر في الليل، ويقضين يوم العيد مجتمعات رفقة كل أفراد العائلة، كما تقول إن هذه العادة هي آخر فرصة من أجل ترسيخ قيم التماسك الاسري وتقوية رابطة القرابة بين العائلة من أكبر فرد إلى أصغرهم، مضيفة أن هذا الأمر جد مقدس في عائلتها ولا تسمح بأي خرق من طرف أي فرد من العائلة. نساء يخرجن عن العرف ويفضلن بيت الأهل تحاول الكثير من النساء الخروج عن هذه العادة وتفضلن فكرة قضاء العيد في بيت أهلهن، هذا ما لمسناه من خلال حديثنا إلى بعض النساء، على غرار حنان التي تطمح لقضاء العيد في بيت والدها بحجة أن والديها وحيدين وليس لديهما غيرها، لذلك فهي تتمنى أن تشاركهما فرحة هذا اليوم المبارك، في حين تتردد في طلب ذلك من زوجها لأن عائلته تعتبر لمّة العيد من الأعراف والعادات القارة في عائلتها، وتتوقع أنه سيحدث صدام كبير بينهما أثناء مناقشة الموضوع. نفس الشيء بالنسبة لرتيبة، المتزوجة منذ شهرين، والتي لا ترى بديلا من تمضية العيد رفقة والديها، كما تفكر أن تضع زوجها أمام الأمر الواقع وتفاجئه بالذهاب إلى أهلها ليلة العيد، غير مبالية بموقفه أو رأيه في الموضوع..! من جهته، السيد حميد لا يرى ضررا في أن يقضي العيد في بيت أصهاره فهو يعتبرهم بمثابة أهله، وإن خص اليوم الأول لأهل زوجته فالثاني لأهله والعكس، ويعتبر الوقوف عند مثل هذه التفاصيل مضيعة للوقت ولنكهة الإحتفال بعيد الفطر. .. وأخريات يطمحن إلى الإحساس بالاستقلالية من جهة أخرى، تحلم الكثير من السيدات بتحقيق الاستقلالية والإحساس بالتحرر من قيد العائلة، بقضاء العيد في بيتها الخاص.. هو ما اجتمعت عليه الكثيرات ممن حدثناهن، لاسيما اللاتي لهن أبناء. فالسيدة نجاة، على سبيل المثال، قررت أن تقضي عيدها الأول في بيتها الخاص حتى تحس بالاستقرار وتتخلص من تبعيتها للعائلة في مختلف الأعياد والمناسبات، وعلى الرغم من معارضة زوجها للفكرة في البداية إلا أنها تمكنت من إقناعه أن يقوموا بزيارات خاصة لكل العائلة. وعن أسباب ذلك تقول المتحدثة إنها بحاجة إلى الحرية في منزلها حتى تتمكن من استقبال كل صديقاتها وجيرانها، خاصة أن أولادها كبروا ويحبون الخروح إلى الحي رفقة أصدقائهم وجيرانهم، كما ترغب في تحسيسهم بانتمائهم لعائلتهم الصغيرة. وتختلف الأسباب عند وسيلة، فهي فقط تريد أن تتجنب الصخب والاكتظاظ في بيت حماها الذي يعج بالناس في يوم العيد، ما يحسسها أنها في السوق ويبعدها عن أجواء العيد التي اعتادت عليها في بيت أهلها. في نفس السياق، قد تنشب الكثير من النزاعات والشجارات العائلية بهذا الشأن.. بعد أن أصبحت الكثير من العرائس ترفض قضاء العيد عند حماتها.. لنرى عادة من العادات الراسخة في تراثنا تصارع الزوال بعد التغيرات التي أثرت على طريقة تفكير الكثيرين والكثيرات.