أثار الحلم الذي أشركتكم فيه البارحة حفيظة كثير من القراء ومن بينهم الأخت الفاضلة زليخة التي أرادت أن تطلعني على الحلقة الأولى من الحلم لعل وعسى يكتمل المشهد ونرى جزائر كبيرة حقا بحجم أحلامنا وأحلام من استرخصوا أرواحهم في سبيلها... تقول القارئة الوفية الدائمة للفجر السيدة زليخة الجزائرية: ربّما رأيتم الحلقة الثّانية من الحلم لكنني رأيت الحلقة الأولى في منامي. رأيت في ما يرى النّائم كيف وصلت الجزائر إلى تلك المرتبة التي تكلّمتم عنها: رأيتها بعيدة كلّ البعد عن ما يضعف الدول من بيروقراطية وإدارة فاسدة وديكتاتورية ونهب للمال العام، رأيتها بمؤسسات ذات مستوى رفيع: مستشفيات ذات خبرة وإنسانية وتقنية عالية يأتيها المرضى من أوروبا وأمريكا، رأيت مدارس وجامعات بها منظومات تعليمية فائقة الجودة أشرف على أدائها خبراء عالميون جلبتهم التقنية العالية والأجور المرتفعة، رأيت جيشا احترافيا عظيما تدعّمه مصانع عسكرية ومدنية بأسلحة متطوّرة جدّا بعيدا عن السياسة وأمن مستتب بأفراد ملأتهم الإنسانية وارتاحوا فلا مشاكل تذكر... كلّ الشعب كالنّحل غدوّا ورواحا في عمله لا بطالة، حتّى المتقاعدون جعلت لهم الدولة مراكز للاستفادة من خبراتهم، رأيت مدنا نظيفة منظمة بشوارعها وأسواقها ذات السّلع الوطنية عالية الجودة. رأيت مسؤولينا أضحوا كالملائكة اختارهم الشّعب بكلّ حرية وديمقراطية من أحزاب ذات برامج قيّمة، أرغمهم الشّعب على التّرشح لخدمت بلدهم ويا ما امتنعوا خوفا من المسؤولية، رأيتهم في خدمة شعبهم حتّى في ظلام الليل رئيس البلدية لا ينام حتّى يطمئن على بلديته والوالي والوزير والرئيس وعضو البرلمان كلّ يسهر على راحة الشّعب وقد وضع كلّ منهم خطّا هاتفيّا أخضر بجانب سريره مستقبلا مكالمات المواطنين لعل هناك أسرة لسعها القرّ وقد ينقطع عنها الغاز أو حيوان مرمى في أحد الشوارع دون أكل، سبحان الله تذكّرت مقولة عمر بن عبد العزيز: (انشروا على رؤوس الجبال القمح حتى لا يجوع الطير المهاجر فيقال جاع في بلد المسلمين). في الواقع كانت غفوة نعاس فقط وأنا أمام التلفزة وما كان في الواقع إلا تفرّجي على الواقع المزري في الانتخابات المحلية: أحزاب تزور على المباشر وسباب وشتائم ومسؤولون متطاحنون على ريع الحرام ولا مبالاة ولا عدالة وهرج ومرج ومؤسسات خاوية على عروشها وأسر في الشوارع تحت الريح والثلج ومال سائب وشعب مقاطع هائم و(طاق على من طاق). حينما استيقظت ووضعت رجلي على الأرض وقد سمعت محلّلا في التّلفزة يقول: "الفائزون بنسبة عالية لا يشوبها تزوير هم حزب المقاطعين والورقة البيضاء. المقاطعون هم أشدّ حبّا للجزائر وأشدّ وطنية من غيرهم، هم الذين يرفضون أن تُؤكل الشخشوخة على رؤوسهم و يُستحمرون، وهم يشعرون أنّ لأصواتهم قيمة فلا يرمونها هكذا. وهم لا يريدون أن يكونوا كومبارس في فيلم مهزلة. خلاف من يرى الجزائر مغنما ويتهافت على المقعد وهو يعلم أنْ لا صلاحيات لهذا المقعد". فقلت في نفسي هيّا يا زليخة إلى سريرك لعلّك ترين الجمهورية الفاضلة مرّة أخرى.