إستشهاد أربعة فلسطينيين جراء قصف صهيوني على غرب مدينة غزة    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية: إحتراف نادي الأبيار التحدي الجديد للإدارة    كرة اليد/بطولة إفريقيا للأندية: حفل إفتتاح بهيج، بألوان سطع بريقها بوهران    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    باتنة: إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    سنعود أقوى وبدعم من الجمعية العامة من أجل العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    بلمهدي يبرز أهمية التوجه نحو البعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية    عطاف يجري لقاءين ثنائيين مع نظيريه البرازيلي و الاردني بنيويورك    الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    فلاحة: القطاع على أهبة الاستعداد لإطلاق عملية الإحصاء العام    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    زيتوني يشدد على ضرورة إستكمال التحول الرقمي للقطاع في الآجال المحددة    وزارة الدفاع: إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار و توقيف 10 عناصر دعم خلال أسبوع    تابع تدريبات السنافر وتفقّد المنشآت الرياضية: بيتكوفيتش يزور قسنطينة    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    الجزائر ترافع لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة    أطفال ونساء في مواجهة الجلاّدين الصهاينة    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    هذا موعد عيد الأضحى    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015.. تظاهرة وُلدت ميتة
مسؤولون كرسوا سياسة الفشل
نشر في الفجر يوم 23 - 12 - 2015

لم يبق سوى أربعة أشهر فقط عن نهاية تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، والتي كانت قد انطلقت شهر أفريل الماضي تحت إشراف الوزيرة السابقة نادية لعبيدي. والشيء المميز في هذه التظاهرة أن ثلاثة وزراء تداولوا عليها، حيث كانت الوزيرة السابقة خليدة تومي قد تسلمت ملف التظاهرة وأعطت موافقتها على بداية المشاريع تحضيرا لهذا الحدث، ولكنها لم تشهد انطلاقتها بعد تنحيتها من الوزارة والمجيء بنادية لعبيدي، التي لم تعمر طويلا هي الأخرى على رأس الوزارة.
فيصل شيباني
يمكن اعتبار تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 بالحدث الذي وُلد ميتا نظرا لغياب المشاريع الجادة بهذه التظاهرة، وعزف الجمهور القسنطيني عن مواكبة أحداثها، ناهيك عن غياب الإعلام خاصة المحلي، وهو الأمر الذي أكده وزير الثقافة عزالدين ميهوبي الذي كشف في العديد من المرات أن تظاهرة قسنطينة غاب عنها الترويج الإعلامي، ولكنه لم يفصح عن سبب هذا الغياب.
طفت إلى السطح مع انطلاقة التظاهرة العديد من الصراعات بين القائمين على هذا الحدث، خاصة ما حصل وأسال الكثير من الحبر بين محافظ التظاهرة سامي بن شيخ ومسؤولة الاتصال، من خلال إطلاق اتهامات خطيرة على صفحات الجرائد من طرف هذه الأخيرة واتهاماتها لسامي بن شيخ. ولكن هذه لم تكن المشكلة الوحيدة، حيث كان رئيس جمعية الجاحظية محمد التين قد قدم تصريحا ل”الفجر” تحدث فيه عن وجود بعض العراقيل من طرف محافظة التظاهرة بشأن تنظيم ملتقى الطاهر وطار، الذي مر على الهامش، وهو ما لا يليق بحجم قامة أدبية جزائرية كبيرة.
الكتاب.. علامة استفهام؟
هل يُعقل تنظيم تظاهرة تدعى بالكبيرة وتدعم طبع مئات الكتب أين اصبح كل من هب ودب يصدر كتابا، دون النظر إلى محتوى واهمية الكتاب، ولكن في الوقت نفسه لا يلتفت القائمون على هذه التظاهرة إلى تنظيم ملتقى يعنى بالرواية والشعر أو الكتابة عموما، فالتظاهرة لم تنظم أي ملتقى يعنى بالكتاب ولا حتى معرض وطني للكتاب، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول تفكير المسؤولين عن هذا الحدث، في انتظار تجسيد كلام وزير الثقافة عزالدين ميهوبي ومحافظ الصالون الدولي للكتاب اللذين وعدا بإقامة صالون عربي للكتاب مع نهاية تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، ما يمكنه أن يحفظ ماء وجه التظاهرة إن تمت إقامته فعلا.
المسرح يصنع الاستثناء
شهد المسرح الجهوي بقسنطينة طيلة الأشهر الماضية، العديد من العروض المسرحية التي تدخل في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، وهو الأمر الإيجابي في التظاهرة مقارنة بباقي الدوائر التي تشهد ركودا كبيرا. فبرنامج المسرح تم احترامه وقدمت العديد من المسارح الجهوية أعمالها على ركح المسرح الجهوي بقسنطينة، وقامت كذلك بجولات عبر المسارح الوطنية. ومن بين الأعمال المقدمة ”الحب المفقود” للمخرج أحمد بن عيسى من إنتاج المسرح الوطني الجزائر، ”صوفينينسبا” من إنتاج نفس المسرح كذلك، ”عودة الولي” للمخرج عمر فطموش وإنتاج المسرح الجهوي لباتنة، مسرحية ”الخليفة” للمخرجة إلزا حمنان وإنتاج مسرح بجاية الجهوي، ناهيك عن أعمال أخرى كثيرة، على اختلاف مستوياتها.
ملتقيات التهمت الملايير..
احتضنت تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، ملتقيات فاق عددها العشرة ولكنها مرت للأسف دون صدى رغم أنها التهمت ملايين الدينارات بحكم تنظيمها في فندق ”ماريوت”. وهنا يطرح السؤال حول الجدوى من هذه الملتقيات إن كان الإقبال عليها منعدما سواء من طرف الباحثين والطلبة أو على مستوى الإعلام الذي لم يغط هذه الفعاليات التي يشرف عليها سليمان حاشي، ووسط كل هذا لا وجود للمراقبة من طرف الوزارة الوصية.
مجلة ثقافية تتحدث عن الطبخ!
استغرب المتابعون للحقل الثقافي في الجزائر صدور مجلة ”مقام” التابعة لتظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، والتي جاءت سطحية لا تواكب نشاطات هذه التظاهرة. لتلجأ محافظة المهرجان الى خيار توقيفها نهائيا عن الصدور، لكونها ابتعدت عن الهدف من التظاهرة، وهو خلق منبر إعلامي يمثل التظاهرة لأنها ببساطة تحولت في شهر رمضان للحديث عن الأكلات الشعبية وهو ما لا علاقة له بالإعلام الثقافي.
موقع التظاهرة.. لا حدث
غياب التواصل شكل سمة بارزة في تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، فرجال الإعلام ليسوا على علم ببرنامج التظاهرة في ظل عدم تأدية خلية الاتصال لعملها في إيصال المعلومة والمساهمة في جعل المنابر الإعلامية واجهة لهذه التظاهرة، فموقع التظاهرة لا تحيّن فيه الأخبار ويتسم بالفراغ لعدم وجود معلومات، وهو ما يؤكد عمق الشرخ الموجود في الاتصال الذي يعتبر النواة الاساسية لإنجاح فعالية ما لكونه الواجهة.
ليالي الشعر.. أزمة دبلوماسية
كادت ليالي الشعر التي أقيمت على هامش تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 تسبب أزمة دبلوماسية بين الجزائر والمغرب، بحكم البيان الذي وقعته مجموعة من الشعراء الجزائريين والمغاربة، وهو ما اعتبرته بعض الأوساط يدخل في إطار سياسية المخزن لتشويه موقف الجزائر الرسمي من القضية الصحراوية.
وشكل هذا البيان الحدث في الأوساط الثقافية، وانتهى بتنحية المشرف عليها بوزيد حرز الله وتعويضه بعبد السلام بن يخلف.
الإنتاج السينمائي.. الغائب الأكبر
يمكن اعتبار السينما الغائب الكبير عن تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، حيث لغاية كتابة هذه الأسطر لم يشاهد الجمهور أي فيلم سينمائي يدخل في إطار التظاهرة، وهو ما يفتح السؤال على مصراعيه حول السياسة التي تنتهجها دائرة السينما.
تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 لم تعرف النجاح بشهادة كل المتتبعين، نظرا لغياب النشاطات الكبيرة، خاصة الإنتاجات السينمائية، ما جعل القائمين على التظاهرة، خصوصا رئيس دائرة السينما مراد شويحي، الذي يشرف حاليا كذلك على المركز الوطني للسينما والسمعي البصري بعد تنحية سابقه عبد الكريم آيت أومزيان، في ورطة، لأنه لحد كتابة هذه الأسطر لم تر كل الأعمال السينمائية التي تفوق العشرة النور، واقتصر الأمر على انطلاق عملية تصوير ثلاثة أفلام، أولها فيلم طويل بعنوان ”أسوار القلعة السبعة” للمخرج أحمد راشدي، وفيلم ”البوغي”، ناهيك عن فيلم وثائقي آخر بعنوان ”طريق إلى قسنطينة” للمخرج نبيل حاجي، وكل هذه الأعمال انطلقت مؤخرا، ما يجعل احتمال عرضها قبل نهاية التظاهرة ضئيلا جدا بحكم ضيق الوقت، حيث لم يبق سوى 4 أشهر فقط عن نهاية التظاهرة.
وبالعودة إلى التظاهرات السابقة التي شهدتها الجزائر وقت إشراف الوزيرة السابقة خليدة تومي، ندرك الفرق الشاسع بين تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 والتي شهدت إنتاج 84 فيلما والنصف الأكبر منها تم عرضه قبل انقضاء فترة التظاهرة، فيما عرضت باقي الأفلام لاحقا. أما إذا تحدثنا عن تلمسان عاصمة للثقافة الاسلامية 2011، فقد أُنتج حوالي 34 فيلما بين طويل ووثائقي، وعرضت تقريبا طيلة التظاهرة. كما أن احتفالية خمسينية الاستقلال شهدت هي الأخرى العديد من الإنتاجات السينمائية التاريخية التي أثرت المشهد الثقافي والسينمائي على وجه الخصوص. لتبقى تظاهرة قسنطينة الاستثناء السلبي الوحيد في كل التظاهرات الكبرى التي احتضنتها الجزائر مؤخرا بحكم غياب الإنتاج السينمائي.
السؤال الجوهري الذي يطرح في الوقت الحالي.. هو لماذا هذا التأخر في تقديم الأعمال السينمائية التي تدخل في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، ومن هو المسؤول عن منح المشاريع ومتابعتها، وهل هناك متابعة من طرف وزارة الثقافة لهذه المشاريع، وهل هناك محاسبة للمسؤولين عن دائرة السينما التي يرأسها مراد شويحي؟؟.
وسط كل هذا تبقى السينما الغائب الأكبر عن التظاهرة التي ولدت تقريبا ميتة، خصوصا مع غياب الجمهور القسنطيني عن هذه الاحتفالية، في انتظار أن تحقق ”أيام الفيلم العربي المتوج” صداها سينمائيا بحكم البرنامج الكبير الذي سطرته محافظة المهرجان لحفظ ماء وجه السينما في هذه التظاهرة.

2015-----.. سنة بداية تحرر الثقافة

صرحت في حوار أجريته مع يومية ”الوطن” نشر نهاية سنة 2011 ”إن استراتيجية الهيمنة التي تعتمدها وزارة الثقافة ستزول بمجرد انخفاض ميزانيتها التي تعتمد عليها لكبح حرية الإبداع الفني و العمل الثقافي المستقل. وسينهار كقصر الرمل على وقع أول موجة انخفاض أسعار النفط كل ما شُيد في ظرف العشر سنوات الماضية”. شهدت سنة 2015 بداية تحقق هذا التشخيص، بعد انهيار أسعار النفط الذي أنبأ بانهيار ميزانية وزارة الثقافة لسنة 2016 بحوالي 63% بالنسبة لسنة 2015. وبدأ الحديث عن ما يسمع ب”ترشيد النفقات” من خلال تقليص عدد المهرجانات من 300 إلى 70 مهرجانا، وتوقيف عدة مشاريع بناء هياكل ثقافية كقاعة العروض الكبرى لاولاد فايت والمعهد العالي للتكوين في السمعي البصري فنون العرض والمعهد الجهوي الخاص بالتكوين الموسيقي بتيبازة، الخ. وتحدث وزير الثقافة الحالي عدة مرات على قنوات الراديو وفي الصحف ليشرح الاستراتيجية الجديدة لوزارة الثقافة. وفي سابقة فريدة من نوعها، راح الوزير، في منظر مثير للشفقة، يستنجد بالقطاع الخاص لملء الثغرة المالية لمواصلة هدر الأموال في قطاع ثقافي لا يسمع عنه المواطن الجزائري العادي إلا القليل. وطبعا لم ولن يضع الخواص أموالهم في قطاع نخره الفساد. إذًا سنة 2015 كانت سنة بداية التغيير في القطاع الثقافي. فببداية سقوط وزارة الثقافة والثقافة الرسمية معها، بدأت بعض المبادرات المستقلة ترى النور هنا وهناك، كانت آخرها مبادرة الناشطة الثقافية وسيلة تمزالي التي جمعت مجموعة من الفنانين التشكيليين في شقة بالعاصمة لعرض أعمالهم للجمهور بعيدا عن شعار ”تحت الرعاية السامية”.
عمار كساب


حوصلة للأحداث والقرارات الثقافية الأبرز خلال سنة 2015
رحيل شخصيات ثقافية ووجوه فنية صنعت تاريخ الجزائر

* ”الوهراني” و”مادام كوراج” يخلقان الحدث وميهوبي يؤكد نجاح السينما الجزائرية
* إلحاد بوجدرة وإباحة دم كمال داوود.. يلهي الجزائريين عن الثقافة الحقيقية * 2015 سنة التأسيس لرؤية جديدة

عاشت بداية سنة 2015، على وقع تبادل اتهامات بين وزيرة الثقافة السابقة، نادية لعبيدي ورئيسة حزب العمال ونوابها بالبرلمان، أين اتهمت لويزة حنون نظيرتها بالفساد وسوء التسيير لقطاع الثقافة وبكونها أيضا في ”قلب صراع المصالح”، وعاش المشهد الثقافي لأيام على وقع تضاربات وتصريحات بين الطرفين، خاصة أن نواب حزب العمال كشفوا عن حيازتهم وثائق تثبت تورط نادية لعبيدي وزيرة الثقافة آنذاك في قضايا فساد، وبدورها لعبيدي قررت إيداع شكوى ضد لويزة حنون سببها ”القذف” في 7 ماي 2015 أمام محكمة سيدي امحمد.

وشكلت القضية صداعا حقيقيا في رأس الحكومة، وكان ربما لهذه القضية جزءا هاما في إزاحة نادية لعبيدي من منصبها، وتقديم الحقيبة الوزارية للوزير الحالي عزالدين ميهوبي، الذي تسلم مهامه كوزير جديد لقطاع الثقافة خلفا للعبيدي، عقب تعديل وزاري أجراه رئيس الجمهورية، منعها من المضي في ما أقرته لدى تنصبيها على رأس الوزارة.. ”إشراك أكثر فأكثر الفاعلين الاجتماعيين في التظاهرات الثقافية في 2015”.
وأكد ميهوبي التزامه بتحسين وتطوير قطاع الثقافة واستكمال العمل وإعطاء الثقافة الجزائرية المكانة التي تستحقها، وأيضا التزامه بتحقيق هذا الهدف بتجنيد كل الكفاءات والطاقات الجزائرية العاملة في كل المجالات، سواء داخل الوطن أو خارجه.
ولكن الوزير عزالدين ميهوبي أتى في فترة تعرف بالتقشف، سببها انخفاض إيرادات البترول التي تعد المدخول الوحيد للجزائر. فهل سينجح الوزير في التحدي الجديد للوزارة؟ في وقت يتم في كل خرجة إعلامية التشديد على أهمية ترشيد النفقات والعقلانية في ما يخص تنفيذ المشاريع في القطاع الثقافي.
تحدي الوزارة..”قسنطينة عاصمة للثقافة العربية”
تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، شكلت التحدي الكبير بالنسبة للوزارة، حيث رغم الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر كان من الضروري مواصلة التظاهرة الكبرى لعاصمة الشرق الجزائري، فكان لقسنطينة حدثها الهام الذي يعد ”ناجحا” بالعودة إلى تصريحات المسؤولين عن قطاع الثقافة، فتسلمت قسنطينة عدة مرافق ومنشآت ثقافية أعادت الروح للمشهد الثقافي القسنطيني.
الانشغال بالتظاهرات الكبرى والتغييرات الوزارية يعطل المشاريع
القطاع الثقافي الجزائري مختلف ومتنوع، فسنة 2015 عاشت تذبذبات في التسيير، وكذا تنظيم عديد من التظاهرات والأحداث الكبرى، على غرار قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، ما أثر سلبا على السيرورة الحسنة للمشاريع، وعطل تسليم العديد منها والانتهاء من المنشآت الثقافية الجديدة بكل أنحاء البلاد، والتي كان من المقرر تسليمها سنة 2015، من بينها تسليم ”أوبرا الجزائر” الذي سيكون له شأن كبير في المشهد الثقافي الجزائري، والمسرح الجهوي لمستغانم الذي سيعيد روح المسرح إلى مدينته مستغانم، وقاعتي سينماتك قسنطينة وعنابة.
التأكيد على التعاون والشراكة الأجنبية والمحلية في ميدان الثقافة
وقعت وزارة الثقافة، هذه السنة، على عقود شراكة مع عديد من الدول، منها شراكة تدخل في إطار الإثراء الثقافي بين الجزائر وفرنسا، وأيضا بين عديد من المؤسسات والمعاهد الثقافية الأجنبية، والتي لها نسبة كبيرة في التأثير على المشهد الثقافي الجزائري، حيث تقوم هذه الأخيرة بالترويج لثقافة بلدانها على حساب الثقافة الجزائرية، خاصة أنه في العديد من أشهر السنة تهيمن نشاطات المعاهد الأجنبية على النشاطات المنظمة بالجزائر، بينما تفتقر الساحة لمنتوجات ثقافية محلية قيمة تجذب الجمهور وتؤثر على المجتمع.
كما وقعت وزارة الثقافة سنة 2015 على عديد من الاتفاقيات مع وزارات أخرى، كوزارة الصناعة ووزارة السياحة ووزارة الاقتصاد، والتي ترمي إلى التعاون والتنسيق الذي من شانه أن يبعث الثقافة الجزائرية نحو مستقبل مشرق.
رحيل شخصيات ثقافية ووجوه فنية صنعت تاريخ الجزائر الثقافي
عرف العام الحالي رحيل عديد من الوجوه الفنية التي خدمت قطاع الثقافة لعقود وقدمت له دون أن تأخذ منه، وهُمشت هذه الأسماء إلى غاية رحيلها، مؤكدة على مقولة ”كي كان حي اشتاق التمرة وكي مات علقولوا عرجون”، وهم المخرج السينمائي الكبير عمار العسكري، والمخرج بن عمر بختي عن عمر ناهز 70 سنة، ووفاة الأديبة والاكاديمية الجزائرية آسيا جبار، والممثلة القديرة فتيحة بربار. كما عرفت الجزائر تشييعا رسميا لجنازة الممثل الفرنسي روجي حنين المولود بالجزائر، وسط حضور لافت لعائلة الممثل اليهودية الديانة، والتي خلقت إثارة كبيرة في الوسط الإعلامي الجزائري بسبب الحضور والاستقبال الرسمي لليهود بالجزائر.
عزالدين ميهوبي يدعو الخواص للاستثمار في القطاع الثقافي
يبدو أن الاستثمار في الثقافة أصبح ”حتميا” للتنمية الاقتصادية مستقبلا ولتنويع مداخيل الاقتصاد، خاصة وسط السياسة التقشفية للجزائر. واعتبر ميهوبي طوال سنة 2015، الاستثمار في المجال الثقافي ”رهانا حتميا”، حيث شكلت سنة 2015 سنة التأسيس لرؤية جديدة رامية الى مستقبل مستثمر في الشباب الجزائري ومشاريعه الطموحة، ومنه بناء مشروع ثقافي وطني واضح يهدف الى تفعيل حراك ثقافي يشجع الأعمال الإبداعية الممتازة.
رمضان.. يمكنه أن يصبح التظاهرة الثقافية الكبرى بالجزائر
بحكمه أحد أشهر السنة الأكثر استقطابا للجمهور المتابع للشأن الفني والثقافي الجزائري، ولما أصبح يمثله في ارتفاع نسبة المشاهدة التلفزيونية، يجب استغلاله كمناسبة إيجابية تزخر وتتوفر على موارد ومصادر تموين كبيرة يمكن ضخها في مجالات فنية أخرى.
فرمضان 2015 جاء بالجديد في مجال الإنتاج السمعي البصري، بفضل فتح هذا المجال للخواص. ولكن لاتزال التجربة الجزائرية فتية، خاصة بالعودة إلى جودة ونوعية المنتوج، حيث تقوم هذه الأخيرة بشراء منتوجات تتحكم فيها وتنجزها وكالات الإنتاج الخاصة، التي لا تهتم معظمها بالثقافة الأصيلة والفن الراقي أكثر ما يهمها جني المال والربح السريع.
”الوهراني” و”مادام كوراج” يخلقان الحدث وميهوبي يؤكد نجاح السينما الجزائرية
خلقت مشاركة فيلمي ”الوهراني” للمخرج إلياس سالم و”مادام كوراج” للمخرج مرزاق علواش بمهرجانات مدن اسدود وحيفا الإسرائيلية، جدلا واسعا في الجزائر وأثارت مشاركة الفيلمين ضجة كبيرة.
في سياق آخر اعتبر مؤخرا، وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، تتويج أربعة أفلام جزائرية في الدورة 26 لمهرجان قرطاج الدولي ”نجاح للسينما الجزائرية، حيث يعكس تألق القدرات الشابة القادرة على بعث من جديد السينما الجزائرية” ونشير أن قطاع السينما بالجزائر لايزال بعيدا على ما هو عليه الحال ببلدان الجوار، والتي أنشئت مدن كاملة مخصصة للإخراج السينمائي تحوز مرافق بها آليات بمعايير عالمية، ما سمح لها باستضافة تصوير أفلام عالمية، ومكنها من الاحتكاك بالاحترافية العالمية، ففي بلادنا يذهب مخرجون إلى الأستوديوهات التونسية لتحميض أكبر الافلام الجزائرية، وهذا مؤشر عن تأخر السينما الجزائرية.
إلحاد بوجدرة وإباحة دم كمال داوود.. يلهي الجزائريين عن الثقافة الحقيقية
عاش المشهد الجزائري لمدة شهور طويلة على وقع الحوار الذي جمع الكاتب الجزائري رشيد بوجدرة بقناة ”الشروق”، والتي أعلن من خلال حصة استضافته عن بعض الأمور الشخصية، ومنها إلحاده الذي يعد قضية شخصية بعيدة عن إصدارات بوجدرة الأدبية، كما عاش المشهد على وقع التصريحات بهدر دم الصحفي والروائي كمال داوود، على خلفية اتهامه بالتطاول على الذات الإلهية في كتابه ”ميرصو تحقيق مضاد”، وأدخلت القضيتين في نقاش عقيم ودوامة فارغة خالية من القيم الثقافية.
مواصلة دعم الدولة للشبان المبدعين في مختلف المجالات الثقافية
يعد قرار مواصلة دعم الراغبين في إنشاء مؤسسات مصغرة من طرف الدولة سنة 2015، رهانا حقيقيا وشيئا إيجابيا يبعث روح الاستقرار ويقدم مساعدة وتوضيحات لن تدفع الشباب نحو انطلاقة ”مغامرة” مجهولة المصير وإنما نحو مستقبل واعد لتحقيق حلمهم.
وتقدم الدولة العديد من الحوافز والتسهيلات اللازمة للراغبين في الاستثمار في المجال الثقافي، فيمكن للشباب الطموح الذي له دراسة واضحة وجادة لمشروع استثماري في القطاع أن ”يستفيد من عدة مزايا ضريبية وجمركية تسهم في نجاح فكرته وتحقيقها في الواقع”.
قانون الكتاب وجائزة آسيا جبار يعيدان الروح للأدب الجزائري
شهد المجال الأدبي بالجزائر سنة 2015، استحداث عدة أمور جديدة من ضمنها أن الرقي بالكتاب الجزائري والكلام عن صناعة حقيقية للكتاب وتسويقه في الداخل وفي الخارج، فقرار تعديل قانون الكتاب أواخر سنة 2014 وتطبيقه سنة 2015أتى بأولى الثمار، وتأسيس الجائزة الأدبية ”آسيا جبار” ذات قيمة معنوية ومادية كبيرة أعاد للمشهد الأدبي الجزائري روحه وقيمته، ومواصلة تنظيم صالون الجزائر الدولي للكتاب من ضمنه أن يوفر الثراء والتنوع الأدبي، وغرس ثقافة القراءة..
حمزة بلحي


في ظل غياب مشروع ثقافي وطني واضح
هل يمكن تأسيس بيئة ثقافية راقية ومتطورة؟

تُعدّ الثقافة واجهة الجزائر الحضارية التي تدعّمت أكثر في السنوات الماضية، عبر إبراز تنوّع وثراء التراث الثقافي المادي وغير المادي، فعرف المشهد الثقافي الجزائري سنة 2015 موجة من التغييرات في الموارد البشرية وفي السياسة المنتهجة من طرف وزارة الثقافة. وعاش الحقل الثقافي على وقع العديد من الضجات الاعلامية، وكذا اتهام مسؤولين كبار بالقطاع باختلاس الأموال وممارسة تعسف استعمال السلطة لمصالح شخصية على حساب الثقافة، وهذا لم يسمح للقطاع من السير نحو الأمام ومواصلة المجهودات المبذولة وتسجيل نوع من الاستقرار.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، عرف قطاع الثقافة ببلادنا بعض التقدم الطفيف من حيث عدد التظاهرات والنشاطات الثقافية المنظمة سنويا بكل ولايات الوطن، ومن جانب تشييد وإعادة تهيئة المنشآت التحتية الثقافية.. ولكن هذا لم يسمح للقطاع بتسجيل تحول إيجابي ملموس يفضي إلى خلق بيئة ثقافية راقية ومتطورة في مجتمعنا يمكن أن تلعب دورا فاعلا مستقبلا.
ويرجع المتابعون للشأن الثقافي ببلادنا أسباب هذا الانسداد، ليس لكون الجزائر تنعدم فيها الكفاءات والمواهب الواعدة في ميدان الفنون بكل أنواعها، ولا في كفاءة الموارد البشرية المديرة للشأن الثقافي، بل إلى غياب مشروع ثقافي وطني واضح يتميز بآليات تنفيذ جادة ترتكز على الكفاءات الموجودة، والتي هي مُبعدة ولا يُبحث عنها، وإسناد المسؤولية إلى غير أهلها، وإلى استغلال المهرجانات الثقافية من طرف بعض الدخلاء للاستيلاء على الأموال ووضعها في غير محلها.
ودون أدنى شك فلوزارة الثقافة جزء من المسؤولية، كون هذه الأخيرة هي المسؤولة عن توجيه وتأطير الحقل الثقافي، فأنفقت الوزارة ملايير الدولارات على مهرجانات وصالونات لم تستطع على مدى سنوات طويلة الاستقلالية في التمويل، بهدف المضي في استثمار ثقافي ينمي الاقتصاد الوطني، مثل ما تصرح به الوزارة اليوم، وفي فترة تقول الحكومة إنها ستكون جد صعبة على الجزائر.
واتجهت وزارة الثقافة نحو سياسة استمرارية تقوم بالتسويق الثقافي فقط، تخلو عن تشجيع الإبداع ولا تخلق جوا متفتحا متشبعا بالتقاليد والعادات المستمدة من الهوية الثقافية الجزائرية المتنوعة والثرية، ما يسمح للمجتمع الجزائري بالمضي في تطور الذهنيات والعقليات نحو الأفضل.
ومن هنا نطرح بعض التساؤلات.. هل يمكن الحديث عن نجاح الاستثمار الثقافي في ظل عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في قطاعات واعدة أكثر للربح، كالقطاع السياحي والقطاع الفلاحي.. وهل يمكن نجاح سياسية استثمارية في ظل العراقيل الإدارية للشباب الجزائري الراغب في إنشاء مؤسسات صغيرة ”إرهاب إداري حقيقي”.. وهل يمكن الكلام عن استثمار ثقافي ذي نوعية وقيمة فنية في ظل تهميش مشاريع الشبان الطموحة على حساب مشاريع ”المعريفة” والرشوة.
وللإشارة اتجهت دول مجاورة لبلادنا منذ مدة في الاستثمار الثقافي، وقامت هذه الأخيرة بانتهاج سياسة لا تقيس الاستثمار الثقافي بالمادة والربح، بل تقيسه بما تغرسه هذه الأخيرة في مناحي الحياة، خاصة بدخول الثقافة بيوت المجتمع ومدارسه وجامعاته، بهدف ارتقاء ورفع مستوى المجتمع.. مادام هذا الاستثمار الحقيقي للبناء الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.