رئيس الجمهورية يشرف على مراسم الاحتفال باليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي    السيد ناصري: الجزائر الجديدة تولي مكانة استراتيجية لملف الذاكرة الوطنية    البرلمان العربي: اقتحام مسؤولين صهاينة للأقصى المبارك انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس    استفتاء تقرير المصير هو الحل الوحيد لقضية الصحراء الغربية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60933 شهيدا و150027 مصابا    الجزائر تقرّر زيادة في إنتاج النفط    جزائريون يتألقون في مسابقة عالمية    الجزائر تعتزّ بعمقها الإفريقي    هذا موعد بدء الدراسة بالجامعات    السلطة الوطنية تعلم الفاعلين بالتعديلات القانونية    انطلاق أشغال الطبعة ال13 للجامعة الصيفية    بنو صهيون ينتحرون    الموت اليومي يحاصر غزّة    الجزائر في النهائي    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر-2025/: الجزائر تعزز صدارتها لجدول الميداليات بعد منافسات اليوم الثامن    منتخب كرة السلّة يعود إلى الجزائر    الخضر بالعلامة الكاملة    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر 2025) / تايكواندو: الجزائر تحصد 13 ميدالية منها 7 ذهبية    دوريات مراقبة جويّة لأول مرة    والي تيزي وزو يتفقد أشغال إنجاز مشاريع ويسدي تعليمات صارمة    المسيلة: وضع المحطة المتنقلة للكهرباء 60/30 كيلو فولط بمسيف حيز الخدمة    أيام للمالوف بقالمة    وزارة الثقافة تنظم ورشة تكوينية دولية    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    أمواج عالية على عدة سواحل    التزام ثابت بتقوية قدراته المالية من أجل خدمة الاقتصاد الوطني    معرض للصور يوثق نضال النساء الصحراويات بألمانيا    وفاة 9 أشخاص وإصابة 283 آخرين    ذهبية لمنصوري سليمان    حذف المنصّة الإلكترونية "الإشارة للمغرب"انتصار للشرعية الدولية    25 مجمعا مدرسيا و14 مطعما جديدا    "سوناطراك" تتمدّد بالخارج عبر استثمارات جديدة    السوق الموازية في مرمى نيران الحكومة    الدخول المدرسي يوم 10 سبتمبر المقبل    تسليم مشاريع التربية في الآجال المحددة    جهود لمحاصرة عدوى التهاب الجلد العقدي    مساع لحلحلة مشاكل المستثمرين بقسنطينة    الانضمام إلى نظام "بابس" خطوة هامة للسيادة التكنولوجية    "الفيلة" يسحقون "صقور الجديان" ويواجهون "الخضر" في النهائي    محليو "الخضر" بنية التتويج القاري    آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    وزير النقل يكشف عن قرب تدعيم الرحلات الجوية الداخلية وإنشاء شركة وطنية جديدة    ورشة إفريقية عبر التحاضر المرئي لتعزيز ملفات ترشيح التراث العالمي    اليوم الوطني للجيش : رابطة مقدسة مع الشعب وعقيدة دفاعية راسخة    الجزائر تنضم إلى شبكة نظام الدفع والتسوية الإفريقي الموحد    اختتام التظاهرة الثقافية بانوراما مسرح بومرداس..تقديم 55 عرضًا مسرحيًا على مدار أسبوع كامل    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    الجلفة تنزل بزخمها ضيفة على عروس الشرق عنابة    أمواج دوّاس تعرض "الفتنة القرمزية"    سؤال واحد أعادني إلى رسم تراث منطقة القبائل    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل يفتح قلبه ل السياسي ويروي قصة حياته في إنجلترا
مشاكلي الاجتماعية أجبرتني على تحمّل هم الضياع في الغربة
نشر في المشوار السياسي يوم 11 - 08 - 2014

ينظر بعض الشباب للغربة على أنها جنة الله في الأرض، وذلك نظرا لبعض المشاكل والأوضاع التي يواجهونها في حياتهم اليومية، خاصة في ظل نقص فرص العمل ما دفع بالكثير منهم للتفكير في مغادرة الوطن وتحمّل الآلام وقسوة الغربة التي تزداد يوما بعد يوم بسبب فراق الأهل والأحبة، وهو ما عاشه الشاب نبيل المنحدر من بلدية القبة والذي قرر الهروب من مشاكله الاجتماعية بأي ثمن الى إنجلترا وعمره لا يتجاوز ال20 عاما، وعن الأوضاع التي عاشها نبيل في المهجر، تقربت السياسي منه، ليروي قصة حياته به، بعد أن أجبرته ظروفه الاجتماعية القاسية على مغادرة الوطن والعيش بين أحضان الغربة.
ظروفي الاجتماعية دفعتني للهروب والعيش في الغربة
بدأت أفكار الغربة تراود نبيل عندما اصطدم ببعض العراقيل والمشاكل الاجتماعية، إجتمعت في مخيلته العديد من الأفكار التي دفعته للتفكير في الهجرة من الوطن نحو المهجر، دون أن تكون هناك أهداف محدّدة ومعرفة ما ينتظره في واقع سمع عنه من نماذج عايشت التجربة بنجاح، لتبقى أفكار نبيل بين الحقيقة والخيال في الهجرة ممزوجة بالأوهام أن المهجر جنة الله في الأرض التي ستحميه وتنسيه الحياة التي كان يعيشها في البيت العائلي، فشاء الله ان تبدأ حياة نبيل في ديار الغربة وعمره لا يتجاوز ال20 سنة، فكانت أواخر شهر أكتوبر من سنة 1995 أول أيامه في إنجلترا بعد معاناة طويلة في بيت أهله بسبب المشاكل الأسرية التي كان يعانيها. فبعد رحلته المقررة ان تدوم 6 اشهر فقط، قرر نبيل البقاء في إنجلترا والعيش فيها لتحسين أوضاعه وحل مشاكله، إلا ان الواقع الذي كان غير ذلك وهذا لاصطدام نبيل بجملة من المشاكل، لتزيد بذلك معاناته وهو بعيد عن الأهل و الأحبة في أرض الغربة.
إنقطاع أخباري عن أهلي.. زاد من معاناتي
لم تكن حياة نبيل مثل ما كان يحلم بها وهذا لتواجده بأرض الغربة وحيدا وهو ما أعرب عنه نبيل قائلا: زادت معاناتي بانقطاع أخباري عن أهلي خاصة وأنني كنت أعيش وحيدا في إنجلترا حتى أنني حرمت من رؤية وجه خالي للمرة الاخيرة بعد وفاته سنة 1996، فبعد ان سافرت الى إنجلترا، لم يكن لي هناك أقارب او أصدقاء، فوجدت نفسي وحيدا بلا مكان للعيش، فانقطعت اتصالاتي عن عائلتي حتى ظن أهلي أنني فارقت الحياة ، ويضيف نبيل: مرت سنة كاملة وانا أعيش حياة التشرد بين شوارع وأزقة مدن إنجلترا وصورة والدتي لا تفارق عيني، خاصة عندما أتذكر انه مر عام كامل ولم تسمع عني أي خبر، خاصة بعد المصيبة التي حلت بعائلتي، حيث لم أستطع حتى مواساة اهلي في هذه المحنة ورؤية خالي الذي لم أره منذ 5 سنوات بحكم عيشه في فرنسا آنذاك، شعرت بالوحدة وآلام الغربة خاصة أنني لم أملك وثائق تثبت إقامتي في هذا البلد، فعشت مهموما أفتقد للنوم من شدة الخوف والتفكير، فكان التمرميد والنوم في الكارطون مصيري المجهول، فكانت أيامي تحت قر الشتاء وحر الصيف مفترشا الكارطون والتجول من محطة نقل لأخرى لإيجاد مكان للنوم فيه بعيدا عن الشرطة خوفا من إحالتي الى السجون، فتعرفت على عائلة صديقي بالجزائر الذين يرجع لهم الفضل في مساعدتي، حيث تمكّنت حينها من استخراج وثائق بأسماء أجنبية مكّنتني من التجول والعيش بأمان في إنجلترا، وعليه وفي سنة 1998، تمكّنت من الاتصال بعائلتي وإخبارهم بأنني بخير وبقيت بعدها في رحلة للبحث عن لقمة العيش، فبدأت مسيرتي العملية بغسل الأواني في مطاعم الأكل السريع في الليل، أما في الصباح، فأقوم بتنظيف الأسواق عند إفراغها من البائعين لكي يجدوها نظيفة في اليوم الموالي وايضا أعمال غير شرعية كبيع الدخان والملابس، فسنة بعد سنة، جمعت المال وتعلمت اللغة الإنجليزية ولم أعد أخشى من أمري .
زواجي بأجنبية أنقذني من الضياع ولكن...
بعد 9 سنوات من الغربة، عملت بكل إصرار لإيجاد عمل يضمن لي العيش دون مشاكل، فشاء الله ان ألتقي بفتاة انجليزية كانت هي كل أحلامي، سردت لها قصتي بأكملها، فوفرت لي عملا ضمنت به حياتي في المهجر وبعد مدة من العمل معها عرضت عليها الزواج فقبلت فكان ذلك اليوم منعرجا هاما في حياتي، لأنها غيرت حياتي وأكملت نصف ديني الذي طالما كنت أحلم بتحقيقه في وطني، فبالرغم من كل ذلك، بقيت غريبا في هذا البلد وهو الامر الذي زاد من عذابي فعزمت على ان أكون مخلصا لزوجتي ولا أفكر في شيء آخر إلا ان معارضة أهلي لزواجي بسبب اختلاف الديانات مما أوقعني في مشاكل مع زوجتي ودفعني للطلاق وهو ما زاد من تأزم وضعيتي، لكنني لا أنكر انه كان لزوجتي الإنجليزية الفضل في تسوية وضعيتي حيث أصبح لديّ منزلا وأوراقا تثبت هويتي ثم تحصلت على عمل ساهمت من خلاله بمساعدة عائلتي وإخراجها من المشاكل التي كنت أعيشها ، ليقول نبيل بعبارات تدمع القلوب: لقد حقّقت حلمي بعدما كنت أتخبط وعائلتي لسنين طويلة في مشاكل جمّة عكرت صفو حياتنا، فشراء بيت يحتمي فيه أمي وأبي هو ما كنت أتوق إليه وبالرغم من التسهيلات والمساعدات التي تلقيتها بعد زواجي، إلا أنني لم أتمكّن من العودة الى وطني، بالرغم من رغبتي الملحة في العودة .
تغيّبت عن جنازة جدي وجدتي.. بسبب عدم تسوية وضعيتي قانونيا
بعد 10سنوات من فراق الأهل والأحبة، إصطدمت بفراق أغلى الأحباب حيث صدمت يوم 30 أوت من سنة 2005 بوفاة جدي الذي لم أره لأكثر من 10 سنوات والاسوأ من ذلك انني لم اتمكّن من حضور جنازته بسبب عدم تسوية وضعيتي ، ويضيف نبيل قائلا إكتفيت بالبكاء عبر الهاتف بعد أن اتّصل الوالد وأخبرني عن موته، صدمني هذا الخبر وسبّب لي الكثير من الألم خصوصا وأنني كنت بعيدا ولم ألمح وجهه لسنوات عديدة، فبقيت صورته فقط في مخيلتي أحاول ان أتذكرها كلما زاد إشتياقي له، لقد كان موت جدي محزنا ففراقه لم يكن هيّنا عليّ، فجلست بالبيت تحت صدمة نفسية لمدة شهر بعد معالجة من مختصين نفسانيين وهو ما جعلني أتيقن ان الغربة تفقدك، لكن هذا قدر الله، تعالى، وكل نفس دائقة الموت ففي ذلك اليوم، شعرت بمرارة طعم الغربة فقررت تسوية وضعيتي والعودة الى ارض الوطن قبل ان افقد شخص آخر من عائلتي يعود عليّ بالندم فقضيت يوما بعد يوم وانا أتخبط في جملة من مشاكل الحياة اليومية انستني الم موت جدي وبقيت أركض وراء تسوية وضعيتي اوراقي التي من شأنها ان تنقذني من هم الضياع الذي أعيشه في ديار الغربة بعيدا عن الاهل والاحبة. وبعد 3 سنوات من المعاناة، قررت القيام بتكوين لعل وعسى ان أحسّن وضعيتي وأعيش بأحسن حال لكن صادف دخولي الى التكوين وفاة جدتي التي فارقت الحياة بعد معاناتها من المرض خاصة وأن معاناتها زادت بعد موت جدي ، ليقول في هذا الصدد نبيل لقد تركها جدي، كما يقال، قفة بلا يدين، فكانت تعاني من تكتل دموي بالمخ مما أدى الى شللها وعدم قدرتها على الحركة، فخبر موتها وانا في رحلة عمل إلى فلوريدا صعقني وسبّب لي الكثير من الألم خصوصا وأنني كنت بعيدا ولم ألمح وجهها ل13 سنة كاملة وكلامها بقي راسخا في عقلي وقلبي، فأدركت ان الغربة مرض يميت القلب على مر الزمن، لم أكن قادرا على التحمل وفكرت في الإنتحار عدة مرات لصعوبة ومرارة الوحدة في الغربة .
التواصل مع عائلتي عبر السكايب فكّ عزلتي
منذ ذلك الحين، كانت اتصالاتي متواصلة مع اهلي وطمأنتهم عن أحوالي واستقرار حياتي الاجتماعية بعد ان أصبحت أعمل في ناد كروي كبير بإنجلترا آرسنال شاف الطبخ ومهندس ديكور المطعم، فمع تطور التكنولوجيات الحديثة تمكّنت من التواصل عبر السكايب مع عائلتي مما أنساني همومي الا أنه لا يمكنني ان أنكر صعوبة العيش في الغربة بالخصوص في المناسبات كشهر رمضان والاعياد حيث أتذكر طعام وقهوة امي ولكن هذا زاد من إصراري للعودة الى الوطن .
..وبعد 19 سنة من الغربة.. عدت إلى وطني
بعد إصرار وتحدٍّ، عزمت على عمل المستحيل للعودة إلى أرض وطني لاستنشاق هواء بلدي، فكانت سنة 2013 اول مرة بعد 19 سنة أضع قدمي فوق أرض وطني الحبيب لأشم راحة ترابه وأعانق أما تحمّلت فراقي بقلب صامد ودمعة لم تنشف حتى رأت وجهي، رجعت الى ارض الوطن وكان هذا اليوم ميلادا جديدا لي خاصة وأنني حرمت من رؤية جدي الذي كان بمثابة اب لي، فحرمت من ذلك الوجه والصدر الحنون الذي رعاني ولم يشعرني بأنني عبئ عليه طيلة سنوات إقامتي معه ، وأمام هذه العبارات القاسية والمؤلمة التي تلفظ بها نبيل، ذرفت عيناه باكية متذكرة أجمل لحظات الطفولة، داعيا الله، عزّوجل، ان يسكن جده جنانه ويتغمد روحه برحمته الواسعة. ويواصل كلامه قائلا: ترك في حياتي فراغا كبيرا ما كنت أظن انه سيفارق الحياة ويتركني هكذا وحيدا فهو لم يكن يريد هجرتي، أطلب منه مسامحتي فمشاكلي هي التي دفعتني للبعد عنه طيلة سنوات خلت .
..لكن البطالة أجبرتني على تحمّل الغربة ثانية
بعد غياب طويل، عدت الى وطني الحبيب وبقيت لاكثر من 6 اشهر أبحث عن عمل يحسن وضعيتي خاصة وان مشاكل عائلتي لم تنته، هذا المنعطف الذي غيّر مجرى حياتي حتى اغتربت مشاعري وأحاسيسي حتى طباعي صارت غريبة وهو شعور لا يحسه الا المغترب، فرغم كل المشاكل، الا أنني عزمت على البقاء في أرض الغربة ، ويضيف نبيل في الأخير قائلا: إن سيطرة مشاكلي على نفسيتي أبعدتني عن أهلي وخلاني بالرغم من حياة المرارة التي كنت أكابدها وحيدا في إنجلترا، الا أنني قررت الهجرة الأبدية وتحمّل هم الضياع في الغربة حتى لا تتكرر الحياة المأساوية التي عشتها مع والدي وهو الامر الذي دفعني لدرء الماضي والمضي قدما من أجل ضمان مستقبل أفضل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.