شهدت العديد من المدن الفرنسية، بينها العاصمة باريس، نهاية الاسبوع الماضي، مظاهرات شارك فيها الآلاف في احتجاجات تقودها اتحادات عمالية ضد سياسة التخفيضات في الإنفاق العام. وتأتي هذه الاحتجاجات بعد يوم من إعلان الحكومة الاشتراكية التي يقودها مانويل فالس أنها لا تزال تتوقع نموا اقتصاديا بمعدل 1٪ فقط هذا العام، مما يؤكد هشاشة الانتعاش. لبى الآلاف من الفرنسيين دعوة اتحادات عمالية للتظاهر في شتى أنحاء فرنسا يوم الخميس الماضي، احتجاجا على تخفيضات في الإنفاق العام تزامنت مع إضرابات نفذها المراقبون الجويون والعاملون في الإذاعة، شبكة الإذاعة العامة في فرنسا. وتمثل المسيرات على مستوى البلاد، وبينها تجمع حاشد رئيسي في باريس، اختبارا لقدرة النقابات على حشد التأييد فيما يتعلق بقيود الإنفاق التي تقول، إنها تضعف الخدمة العامة والقدرة الشرائية عموما في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو. ومع ذلك، رفض أحد أكبر الاتحادات في فرنسا، وهو الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل، المؤيد للإصلاح، المشاركة في الحركة بحجة أن تخفيضات الإنفاق التي تتم في فرنسا ليست على نفس نطاق إجراءات التقشف التي تخضع لها بلدان أخرى في منطقة اليورو مثل إسبانيا وإيرلندا واليونان. وتأتي هذه الاحتجاجات بعد يوم من إعلان حكومة الرئيس فرانسوا هولاند أنها لا تزال تتوقع نموا اقتصاديا بمعدل 1٪ فقط هذا العام مما يؤكد هشاشة الانتعاش. وقلصت أيضا الحكومة من توقعاتها للنمو لعامي 2016 و2017 إلى نسبة 1.5 في المئة سنويا نزولا من 1.7 في المئة في 2016 و1.9 في المئة في عام 2017، رغم أنها تأمل أن يساعد ضعف اليورو وهبوط أسعار النفط وانخفاض أسعار الفائدة في تحسّن الأداء. وفي علامة مشجعة، رفع بنك فرنسا تقديراته للنمو في الربع الأول إلى 0.4 في المئة ارتفاعا من 0.3 في المئة في وقت سابق مستندا إلى زيادة قوة الطلب الخارجي. وكان الإقبال على المشاركة متباينا في مختلف أنحاء البلاد. ففي مدينة ستراسبورغ، في الشرق، خرج حوالي 1000 شخص فقط إلى الشوارع، بينما قال المتظاهرون في مدينة تولوز، في الجنوب الغربي، إن عدد المشاركين في مسيرتهم بلغ 8000. وقال بيير توماسي، المسؤول في الاتحاد العام للعمل، متحدثا عن مسيرة شارك فيها موظفو المستشفيات والبحوث وقطاع النقل جئنا إلى هنا من أجل تغيير الاتجاه لهذه الحكومة، التي تدّعي أنها يسارية . وذكرت وسائل إعلام محلية، أن موظفي برج إيفل واصلوا إغلاقه حتى الساعة السادسة مساء، في إطار الإضراب. وتزامنت الدعوة إلى الإضرابات في القطاع العام بما في ذلك إضراب المعلمين العاملين في الدولة مع اليوم الثاني من إضراب مراقبي الحركة الجوية، وحلول يوم جديد في أطول احتجاج بسبب تغييرات في شبكة الإذاعة العامة في فرنسا. وقالت شركات الخطوط الجوية مثل الخطوط الجوية الفرنسية آير فرانس و إيزي جيت و ريان آير ، إنها اضطرت إلى إلغاء مئات الرحلات الجوية داخل فرنسا ومن فرنسا إلى الخارج وإلى بعض الوجهات في أماكن أخرى في أوروبا، بسبب إضراب المراقبين الجويين ضد خطط لتغيير ظروف العمل ورفع سن التقاعد إلى 59 عاما بدلا من 57. وتعهدت حكومة هولاند بخفض العجز في ميزانيتها إلى المستويات المتفق عليها في الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية فترة ولايته في عام 2017، لكنها تؤكد أنها تجنّب الشعب الفرنسي إجراءات التقشف الحاد في اليونان وإسبانيا أو إيرلندا. وقالت الحكومة، إنها سوف توفر ما مجموعه 50 مليار يورو من تقديراتها الأولية للإنفاق بحلول عام 2017، لكن الإنفاق الحكومي الإجمالي مع ذلك سوف يرتفع قليل.