توالت الانتقادات الموجهة لمنظمة "المجتمع المفتوح" في أوروبا، على خلفية تحقيقات كشفت عن تدخل مالكها رجل الأعمال جورج سوروس، في شؤون هيئات الاتحاد الأوروبي وتأثيره على قراراتها، عبر تمويل منظمات غير حكومية. وقد استنكر مدير "المركز الأوروبي للقانون والعدالة، الدكتور في القانون، غريغور بوبينك، صاحب تقرير "المنظمات غير الحكومية وقضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان"، خلال مقابلة أجراها مؤخرا مع موقع "القيم الحالية" الفرنسي، "التمويل الخاص للمجلس الأوروبي من قبل رجل الأعمال جورج سوروس"، الذي يقدم نفسه ك"رجل خير"، كرس ثروته لتمويل المنظمات غير الحكومية من أجل التأسيس لما يطلق عليه "المجتمع المفتوح". وكان للتقرير الذي أنجزه بوبينك في هذا الخصوص، تأثيرا كبيرا في أوروبا وحول العالم، حيث أثار النقاش على مستوى العديد من الحكومات، وولد نوعا من الوعي لدى الرأي العام بالموضوع. إقرأ أيضا: لائحة البرلمان الأوروبي: الشعبة الجزائرية للجنة المشتركة للبرلمانين الجزائري و الأوروبي... وكشف هذا التقرير أنه على مدى السنوات العشر الماضية، ومن أصل 100 قاض دائم في المحكمة، ينحدر 22 من سبع منظمات غير حكومية ناشطة في نفس المحكمة، وأن 18 منهم قد شاركوا في قضايا تتعلق بمنظماتهم غير الحكومية، في انتهاك لقواعد أخلاقيات القضاء. ومن بين هذه المنظمات غير الحكومية السبع، يرتبط 12 قاضيا بمنظمة "المجتمع المفتوح" التي تمول أيضا المنظمات الست الأخرى، يوضح ذات التقرير. وبعد أشهر من الكشف عن فضيحة تدخل سوروس في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كشفت تحقيقات جديدة تمويل مجلس أوروبا، الذي تتبع له ذات المحكمة، من قبل "المجتمع المفتوح". فعند قراءة التقارير المالية السنوية لمجلس أوروبا، يقول بوبينك، يظهر جليا أن مجتمع المفتوح لجورج سوروس المفتوح يعد أحد أكبر المانحين من القطاع الخاص للمجلس، كما يدعم "المجتمع المفتوح" مبادرات مجلس أوروبا. ويوضح رجل القانون الفرنسي، أن ما يحدث لا يعد دخولا لبعض المنظمات غير الحكومية الكبيرة في المنظمات الدولية فقط، وإنما يشكل تواطآ من بعض الأطراف، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره - على حد تعبيره - بالقوة المالية لهذه المنظمات غير الحكومية، حيث أن منظمة "المجتمع المفتوح" لوحدها منحت 32 مليار دولار من التبرعات، واستثمرت في حقوق الإنسان والإعلام والسياسة منذ عام 1984. 200 نائب في البرلمان الاوروبي تحت تأثير سوروس وكشف الكاتب والسياسي الفرنسي فيليب دوفيلييه أن 200 نائب في البرلمان الأوروبي هم تحت تأثير المليادير جورج سوروس قائلا أن نفوذه يتجاوز نفوذ الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون. ووصف دوفيلييه في تصريحات في فبراير الماضي " لموقع القيم الحالية"، تحقيق غريغور بوبينك " بالشجاع" لأنه "تصدى لقلعة لم يكن لأحد من قبل سواء في العالم أو في أوروبا أن يقترب منها" مذكرا أن سوروس عادة ما يصف نفسه "برئيس دولة بدون دولة". وتنتشر منظمة "المجتمع المفتوح" في 37 دولة في العالم، وتمول مشاريع في أكثر من 120 دولة، وتأتي كثاني أكبر منظمة غير ربحية في الولاياتالمتحدة، بميزانية بلغت قرابة 873 مليون دولار. وتلعب هذه المنظمة أدوارا "مثيرة للجدل" في العديد من المناطق حول العالم، ففي حين تعلن عن دعمها لمساعي تعزيز الديمقراطية والشفافية والحقوق والحريات في العالم، يجزم البعض بأنها تسعى لتطبيق أجندات "تخريبية". إقرأ أيضا: مجلس الشورى للإتحاد المغاربي يدين بشدة التدخل السافر للبرلمان الأوروبي ضد الجزائر وكانت صحيفة "تليغراف" البريطانية، قد اتهمت جوروج سوروس، بأنه يقود "مؤامرة خفية" للتأثير على الرأي العام البريطاني خلال أزمة البريكست، سعيا منه لدعم بقاء بريطانيا في الاتحاد ودعم برامج استقبال اللاجئين. وعلى خلفية دعمه لسياسات "الباب المفتوح أمام اللاجئين"، شنت الحكومة المجرية بقيادة فيكتور أوربان، حملات ضد سوروس - الذي ينحدر من أصول مجرية - وصلت لحد وصفه ب"عدو البلاد"، وقامت باقتراح قانون تحت اسم "أوقفوا سورس"، مما اضطر منظمته لمغادرة المجر. وقد اتهمت بودابست رجل الأعمال بتمويل الهجرة إلى أوروبا والضغط على السياسيين في بروكسل خلال خلاف التمويل. وفي هذا السياق، استخدمت بولندا والمجر حق النقض "الفيتو" ضد ميزانية الاتحاد الأوروبي البالغة 1.8 تريليون يورو وحزمة الإنقاذ من فيروس كورونا، بسبب ربط الأموال بمعايير سيادة القانون. ويرى المحللون، أن لدى سوروس فلسفة خاصة به، تتمثل في صنع حكومات موازية في الدول، خاصة بأفكاره التي يسعى لتنفيذها وإثارة النزاعات والفتن، من خلال الشباب ومنظمات المجتمع المدني والتحالفات المدنية. ووفقا لذات المحللين، فإن التاريخ أثبت أنه ساهم بشكل كبير في إثارة الفتن والصراعات وتزكية النزاعات في دول كثيرة من العالم، ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في آسيا وبريطانيا، والاتحاد السوفييتي - مما ساعد في انقسامه أيضا-. ويتخذ سوروس، الذي يتهم بالوقوف وراء "الثورات الملونة" و"ثورات الربيع العربي" من الغطاء الإنساني والعمل الخيري "مظلة لتنفيذ أهدافه الخبيثة"، من أجل "تدمير الدول" وفقا لما يؤكده المختصون.