أكد الخبير الاستراتيجي الموريتاني, عبد الله ولد بونا, أن مشروع الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية, القائم على التزييف والترهيب والمراوغة, لم ينجح في كسر الإرادة التحررية للشعب الصحراوي وفي إسكات صوته الحر. وفي مقال له تحت عنوان : "صراع الإرادة والهوية في وجه الحروب الهجينة", قال عبد الله ولد بونا أنه في واحدة من أطول النزاعات الإفريقية المعاصرة, "الصراع يستمر من أجل تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية التي يتكثف فيها الاشتباكبين المشروع المغربي القائم على الضم والطمس والتوسع, والإرادة الصحراوية الصلبة في التحرر وتقرير المصير". وأضاف أن المغرب لا يشن حربا تقليدية فحسب على الشعب الصحراوي, بل يجمع بين القمع الأمني والإغراء الاقتصادي, بين الاختراق الدعائي والتشويه الإعلامي, وبين التذويب الثقافي والهندسة الديموغرافية, في محاولة "ممنهجة" لتفكيك الهوية الوطنية وكسر الإرادة التحررية. وأوضح المتحدث أن الاحتلال المغربي يعمل على مختلف الجبهات من أجل "شرعنة احتلاله للصحراء الغربية", حيث "يحاول فرض الأمر الواقع بقوة القبضة الأمنية والعسكرة الممنهجة للمدن المحتلة و من خلال محاولات التذويب الثقافي وتغيير البنية الديموغرافية, و مصادرة الأراضي والتنكيل بالسجناء الصحراويين". وكما يتجسد ذلك - كما أضاف - من خلال "تشديد الرقابة على الإقليم و حجب الصورة عن العالم, النهب الممنهج للثروات الصحراوية, توظيف الإعلام والتعليم لفرض الرواية الرسمية, و تصعيد أدوات الحرب النفسية عبر التهويل باستخدام الطائرات المسيرة و إنكار وجود حرب منذ 2020". وأبرز الخبير الاستراتيجي ذاته, أنه بعد أن راهن المغرب طويلا على إخراج الجمهورية العربية الصحراوية من الاتحاد الإفريقي بأساليب تتراوح بين شراء الولاءات الدبلوماسية عبر مشاريع اقتصادية وهمية أو وعود استثمارية, وبين محاولات "العزل القانوني" لجبهة "البوليساريو", فإنه قد فشل في ذلك, خاصة مع بروز جيل إفريقي جديد يرى في القضية الصحراوية امتدادا لتاريخه التحرري. كما فشل المغرب - يضيف - في حسم القضية الصحراوية على مستوى الأممالمتحدة, رغم المراوغة الزمنية من جهة, والضغط عبر الحلفاء الغربيين من جهة أخرى وثقافة المقايضة عبر صفقات قذرة و تفريغ قرارات مجلس الأمن من مضمونها, وعرقلة تعيين مبعوثين ذوي كفاءة أو صلاحيات فعلية (..). و شدد في السياق على أن "هذا النهج بدأ يفقد فاعليته, في ظل عودة الحرب الميدانية, وتصاعد القلق الدولي من انفجار جديد في منطقة الساحل والمغرب العربي, ما جعل بعض الدوائر الأممية تراجع موقفها, وتعيد طرح الأسئلة الجوهرية: إلى متى يستمر الاحتلال؟ وما قيمة الشرعية الدولية إن ظلت حبرا على ورق؟" كما أبرز عبد الله ولد بونا أن المغرب, رغم استناده إلى موارد مالية ضخمة ودعم علني وسري قد فشل في فرض "نهاية ملف" على القضية الصحراوية, لأنه "يتعامل بعقلية استعمارية لا تختلف في جوهرها عن النموذج الصهيوني في فلسطين, من حيث محاولات محو الهوية, فرض الأمر الواقع, وتزييف التاريخ. غير أن مشروعه, كما المشروع الصهيوني, اصطدم بجدار الإرادة الشعبية والوعي المتراكم".