جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة..استشهاد 144 فلسطينيا وإصابة 560 خلال 24 ساعة    روسيا تحذر من «كارثة نووية وشيكة» في الشرق الأوسط    لتثمين البحث العلمي وحماية ذاكرة المؤسسات والأمة ..تأكيد على أهمية التعاون بين الجامعات والمديرية العامة للأرشيف الوطني    وفاء بعهده وتخليدًا لذكراه.. إطلاق اسم الفقيد عبد الهادي لعقاب على مدرّج" دار القرآن"    فتح باب التسجيلات للمشاركة.. المهرجان الدولي للمنمنمات وفنون الزخرفة من 26 إلى 30 نوفمبر    الجزائر العاصمة.. إطلاق حملة تنظيف سادسة    الجيش الوطني الشعبي: تخرج 10 دفعات بالمدرسة العليا للعتاد بالحراش    بكالوريا 2025 : إدانة عدة أشخاص بالحبس لتورطهم في الغش وتسريب أجوبة الامتحانات    تصنيف " THE IMPACT" : 4 جامعات جزائرية في الصدارة مغاربيا وفي شمال إفريقيا    لجنة صحراوية تناشد المنتظم الدولي الضغط على المغرب لاحترام حقوق الإنسان    قسنطينة: الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للإنشاد من 25 إلى 30 يونيو    إيران: ما يرتكبه الكيان الصهيوني جريمة حرب يجب توثيقها    الجيش الوطني الشعبي: توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    مسراتي تشارك بفيينا في دورتين حول تنفيذ الإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد ومنعه    كأس إفريقيا سيدات 2024: المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته بوهران    الشلف: تسجيل أزيد من 300 مشروع على مستوى الشباك الوحيد اللامركزي للاستثمار    زوالها مسألة وقت... واسألوا نتنياهو    نحو إدراج 40 تخصصا جديدا    الخضر يتوّجون    الرئيس يستقبل سفير بريطانيا    خطّة عمل لتوفير أفضل ظروف الاصطياف    أين حقّ الملايين في الاستجمام؟    المصادقة على حصيلة سوناطراك    عُمان ضيف شرف الطبعة ال56    الأمم المتحدة تحذر من تأثير الذكاء الاصطناعي على تزايد خطاب الكراهية عالميا    رُعب في قلب تل أبيب    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي بالجزائر    مرّاد يستقبل المخرج السعيد عولمي    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن    يرتقي بالقطاع ويؤكد حق المواطن في التمتع المجاني بالشواطئ    بومرداس : توقيف سائق شاحنة قام بمناورات خطيرة    موجة حر وأمطار رعدية    تكذب خبر إجراء رئيس الجمهورية لأي لقاء إعلامي مع صحف أجنبية    تتويجا للإصلاحات الهيكلية العميقة التي بادرت بها الدولة    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    لا حلول لأزمة الشرق الأوسط إلا بالدبلوماسية والتزام حسن الجوار    تسخير البحث العلمي لتحقيق الأمن الغذائي وترشيد النّفقات    خطّة ب3 محاور لتفعيل المجمّعات الصناعية العمومية الكبرى    الرابطة الاولى "موبيليس": شباب بلوزداد يفتك الوصافة من شبيبة القبائل, و الصراع متواصل على البقاء بين ترجي مستغانم و نجم مقرة    الاستفادة من التظاهرة للترويج للمنتج الوطني    حين تتحوّل المنمنمات إلى مرآة للروح القسنطينية    "فترة من الزمن"....عن الصمود والأمل    نادي "سوسطارة" يعود إلى سكة الانتصارات    دعوة لمرافقة الشباب نفسيا في زمن التحولات    التعاون السعودي يسعى إلى التعاقد مع نور الدين زكري    مدرب نادي ليل الفرنسي يصر على بقاء نبيل بن طالب    تجديد وحدة حقن الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا    السيد سايحي يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    مرتبة ثانية لسجاتي    الفاف تحدّد شروط الصعود والنزول    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    "واللَّه يعصمك من الناس"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو تغسل الأمطار القلوبَ والنفوسَ كما تغسل الأرصفة والشوارع!
نشر في الجزائر نيوز يوم 23 - 07 - 2010

فيلم ''سائق الطاكسي'' في مطلع السبعينيات من القرن الذي أضحى ماضيا·· كان روبرت دي نيرو في بدايات أدواره وشهرته·· في هذا الفيلم الذي أخرجه صديقه، على ما أظن مارتن سكورسيزي، وكانت جودي فوستر أقرب إلى الطفولة، وهي تقوم بدور عاهرة ليليّة صغيرة··
كان دي نيرو يلعب دور البطولة كسائق تاكسي، دوامه دائما في الليل·· الليل النيويوركي المحتدم بالرغبات والمفاجآت والشاسع بالجرائم وأصناف البشر والجنسيات والأهواء المختلفة كما يليق بواحدة من أكبر مدن العالم· إن لم تكن أكبرها على الإطلاق في تجسيد المدينة الحديثة وما بعد الحديثة وأنماط سلوكها وحريتها ورعبها··
كان السائق الليلي في رحلته اليوميّة التي هي رحلة الاكتشاف المستمر لأنماط البشر وتناقضاتهم وأمزجتهم التي تصل حدَّ الشطط والجنون، الذي سينعكس بدوره على السائق كجزء من هذا التكوين الفسيفسائي المتعدد، ويطوّح به إلى الانفصام والقتل والجنون·
كان السائق الليلي في غضون الرحلة الليليّة نفسها يتأمل المدينة بجمالها وبشرها، ويدخل في منولوجاته الهذيانيّة كأحد الشهود على ليل المدينة، مستبطناً على طريقته، دواخلها وخوافيها الناضحة بالغموض والانهيار الذي يلْبد وراء مظاهرها ولافتاتها البراقة والساحرة··
لا يستطيع السائق الليلي أن يتماسك وهو يتأمل ويعيش هذا الفضاء المتلاطم لوضع بشري جارف·· كيف له أن يستطيع، وهو الرجل البسيط الذي يحاول كسب عيشه من هذه المهنة التي قذفه الحظ، أن تكون في الليل، في لجّة الهواجس وغموض الرغبات·· كيف للرجل البسيط، لقد داخ أهل الثقافة والفن أمام دُوار المدينة ومتاهاتها؟··
لكن لو كانت نوبة عمله في النهار، في ضوء النهار الساطع للمدينة الكبيرة، هل سيكون تعرضه للصدمة والإنهيار أقل، وتكون فرصة توازنه مع المحيط وتناقضاته احتمال أكبر وأكثر وروداً وأملاً؟!
لكن المخرج الأمريكي أراد أن يقذف بطله الرجل البسيط هذا، في خضمّ الليل واحتمالاته الأكثر إثارة وخطراً، ليل المدن، خاصة وأنه يعيش المغامرة بأبعادها وظلالها ووحلها كما لا يُتاح في النهار الذي يسهل رصده والسيطرة عليه أكثر، بالإضافة إلى أنه مقام السعي والمعيش والوضوح النسبي أمام ليل الكارثة الذي يلفّع المدن والأرياف المتقدمة والمتخلفة بنسب مختلفة··
لاستقصاء جانب من خوافي السلوك البشري، ليس هناك أكثر غنى من مدينة مثل نيويورك وليلها، خاصة إذا تم إنجاز العمل بمخيلة فنان بارع··
من المشاهد المدهشة على ما أذكر، - فلم أر الفيلم منذ تلك الفترة، وهي فترة تكون الذاكرة فيها متألقة ويسري تألقها عبر السنين المتراكمة - مشهد المدينة وهي تستطع بليلها العالمي، تحت عواصف الأمطار الغزيرة والبروق، نرى السائق الليلي يوغل في هذيانه ويردد عبارة: ''لو كان هذا المطر يغسل القلوب والنفوس كما يغسل الشوارع والأرصفة والأشجار لتغيّر أمر العالم''··
هذه العبارة ما زلتُ أتذكرها عبر هذه السنين ورعبها الذي لا يقلّ عن تراكم الرعب الليلي في المدينة العظمى، أتذكرها مع هطول الأمطار في أكثر من مدينة ومكان (آخرها الأمطار في عُمان)·· أتذكرها بحميميّة وحنان أقرب إلى السذاجة والبساطة، التي تشبه ملامح تلك الفترة التي شاهدت فيها فيلم ''سائق التاكسي''·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.