المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: خطوة نحو تعزيز السيادة الرقمية تحقيقا للاستقلال التكنولوجي    حوادث المرور: وفاة 44 شخصا وإصابة 197 آخرين خلال الأسبوع الأخير    بحث فرص التعاون بين سونلغاز والوكالة الفرنسية للتنمية    ملابس جاهزة: اجتماع لتقييم السنة الأولى من الاستثمار المحلي في إنتاج العلامات العالمية    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    جامعة بجاية، نموذج للنجاح    السيد مراد يشرف على افتتاح فعاليات مهرجان الجزائر للرياضات    قسنطينة: افتتاح الطبعة الخامسة للمهرجان الوطني "سيرتا شو"    الطبعة الرابعة لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي : انطلاق منافسة الفيلم القصير    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: حضور لافت في العرض الشرفي الأول للجمهور لفيلم "بن مهيدي"    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    كأولى ثمار قمة القادة قبل يومين : إنشاء آلية تشاور بين الجزائرو تونس وليبيا لإدارة المياه الجوفية    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    وسط اهتمام جماهيري بالتظاهرة: افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    بطولة وطنية لنصف الماراطون    سوناطراك توقع بروتوكول تفاهم مع أبراج    الجزائر تحيي اليوم العربي للشمول المالي    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصابون بفيروس ''السيدا'' ضحايا المرض والمجتمع
نشر في الجزائر نيوز يوم 25 - 10 - 2010

شددت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، في تعليمة أصدرتها الشهر الجاري إلى مدراء المؤسسات الإستشفائية والمراكز الصحية، على ضرورة التكفل الجيد والخاص بالأشخاص المصابين بفيروس فقدان المناعة المكتسبة ''السيدا''· وجاءت هذه التعليمة التي تحمل رقم 3 والصادرة في 6 أكتوبر2010، بعد تلقي الوزارة عدة شكاوى ضد التمييز الذي يعاني منه مرضى فقدان المناعة المكتسبة، وقد نصت على إجبارية ضمان أحسن رعاية طبية لجميع الأشخاص المصابين بالسيدا، إضافة لتحويلهم إلى مستشفيات أخرى، حسب الحالة الصحية لكل مريض، متوعدة باتخاذ إجراءات صارمة في حال عدم الإلتزام بهذه التعليمة·
التعليمة جاءت استجابة للشكاوى العديدة التي رفعتها هذه الشريحة بسبب المعاملة السيئة التي يتلقونها من طرف القائمين على المستشفيات العمومية، ولعل أكثر الحوادث المأساوية سجلت في الفترة الماضية، عندما رفض مستشفى توليد إمرأة في حالة مخاض بمجرد معرفة إصابتها بمرض فقدان المناعة المكتسبة، وقد برر الطاقم الطبي موقفه هذا بعدم توفر المعدات والخبرة اللازمة لمثل هذه الحالات·
وفي سياق متصل، يعاني أكثر من 5209 مصابين بالسيدا، منهم 4181 حاملا لفيروس فقدان المناعة المكتسبة من عدة مشاكل يوميا بسبب الإقصاء والتهميش· ففي ذات السياق، توضح السيدة حياة رئيسة جمعية ''الحياة'' أن المصاب بالأيدز يعاني الأمرين، ففضلا عن معاناته من المرض وآلامه الجسدية والنفسية، يعاني أيضا من نظرة المجتمع له، نظرة تحمل في الكثير من الإحتقار والإقصاء، وهي تصدر في الغالب من المقربين بمن فيهم العائلة والأصدقاء والجيران·· فهؤلاء يعتبرون المصاب بالأيدز وصمة عار وعليهم تجنبه، لذلك غالبا ما تتم مقاطعتهم وحتى إبعادهم، مثل هذه المعاناة باتت تدفع المصابين إلى إخفاء حالاتهم على المجتمع تجنبا لتلك النظرة الإقصائية· وتضيف المتحدثة أن معاناة المصابين بالأيدز تتجاوز الجانب الاقتصادي المرتبط بتكلفة العلاج لتضاف إليها نظرة المجتمع والخوف من أن يتم انتشار خبر إصابتهم· في ذات السياق، تضيف مديرة جمعية ''الحياة'' أن حاملي فيروس فقدان المناعة المكتسبة لم يعد ذلك المرض القاتل الذي يشكل في أذهان الكثيرين ''بعبعا مخيفا''، باعتبار أن العلاج بات يضمن استمرار الحياة بشكل عادي لكل حاملي الفيروس، بعبارة أخرى تؤكد المتحدثة أن هذا العلاج جعل المرض ينتقل من خانة الأمراض القاتلة إلى الأمراض المزمنة التي يمكن للمريض أن يتعايش معها ويواصل حياته بشكل طبيعي شرط أن يلتزم بالعلاج الثلاثي· كما تؤكد رئيسة الجمعية على أن نظرتنا السلبية لحاملي الفيروس لم تعد مقتصرة على أفراد المجتمع محدودي التعليم حيث امتدت إلى الطبقة المثقفة التي تدرك جيدا أن انتقال المرض يتم عن طريق الإتصال الجنسي أو الدم، على غرار الأطباء الذين أصبحوا، حسب المتحدثة، يرفضون معاينة مرضى السيدا عند العلم بإصابهم به·
6000 دينار لقلع ضرس مصاب بفيروس فقدان المناعة المكتسبة
لعل أكثر الحالات المتكررة تلك المتعلقة بجراحي وأطباء الأسنان الذين يشترطون على المريض دفع 6000 دينار جزائري من أجل قلع ضرس بحجة أن علاج هذه الشريحة من المرضى يتطلب تعقيم كل الأدوات بشكل خاص، وهو ما لا يتجنبه الأطباء الخواص و العموميون، مثل هذه المعاملة التي يتلقاها مرضى فقدان المناعة المكتسبة بات يتطلب حسب رئيسة الجمعية إتخاذ إجراءات ردعية ضد مثل هؤلاء الأطباء الذين أصبحوا يتسببون في حدوث انهيارات عصبية نفسية للمرضى الذين يقصدون الجمعية في وحالات جد صعبة·
من جهة أخرى، وبالرغم من هذه المعاملة الإقصائية، ترى المتحدثة أن المصاب بالأيدز أصبح يتكيف مع مرضه بمجرد مرور السنة الأولى حيث أن المرض تحول في السنوات الأخيرة إلى مرض مزمن، مشيرة في هذا السياق إلى أنها راسلت كل من وزارتي الصحة والتضامن الوطني قصد التنسيق معهما لتصنيف مرض فقدان المناعة المكتسبة ضمن الأمراض المزمنة حتى يتمكن المصابون من الإستفادة من منحة شهرية مع إمكانية استفادتهم من الخدمات المجانية التي يقدمها الضمان الاجتماعي نظرا لمحدودية إمكانيات المصابين بهذا المرض مقابل ارتفاع تكاليف مختلف الأدوية·
الجميع ينظر إلى المصابات على أنهن بائعات هوى
لم يكن البحث عن شخص مصاب بفقدان المناعة المكتسبة مسألة هينة، فقد تطلب الأمر طرق عدة أبواب، وأولها كان الجمعيات الناشطة في مجال مكافحة مرض السيدا، والتي رفضت حتى فكرة التحدث مع المصابين بهذا الداء عبر الهاتف، مما دفعنا للتنقل إلى المركز المخصص لتوزيع الأدوية الخاصة بالأيدز الكائن بمستشفى القطار، وادعينا الرغبة في إجراء كشف تطوعي، وهناك إلتقينا ببعض المصابين الذين استرسلوا في الحديث عن معاناتهم الطويلة من نظرات التهميش والإحتقار والإقصاء التي يلاقونها من المجتمع·
بقاعة الانتظار وجدنا مرضى من مختلف الأعمار ينتظرون دورهم للحصول على الأدوية التي توزع عليهم كل ثلاث أشهر أو بما يعرف ب ''العلاج الثلاثي''·· تقربنا من إحدى السيدات، في الأربعينيات من العمر، كانت جالسة على مقعد بأحد أركان القاعة، جلست قربها، محاولة استفسار سبب تواجدها بالمركز، حيث قالت ''لا يصيبنا إلا ما كتبه الله لن، لا نملك أن نعترض على إرادة وحكم الله لأنه هو القادر على شفائنا من هذا المرض الخبيث''، ثم سكتت·· فسألتها عن مدة وكيفية إصابتها بهذا المرض وطريقة التعايش معه·
قبل إجابتها على تساؤلاتنا، طلبت من أن أناديها باسم ''خديجة''، ثم شرعت في سرد قصتها بعبارات كلها حرقة وحسرة وألم، قائلة '' المرض إمتحان كبير من عند الله، فهو وسيلة يختبر من خلالها قوة إيماننا ومدى صبرنا على ما ابتلانا به، لكن ما يحز في نفسي هو نظرة الناس التي تطاردني وتقتلني في كل ثانية دون مراعاة الظروف النفسية والإجتماعية التي أمر بها''، ثم سكتت برهة قبل أن تتابع حديثها عن معاناتها مم المرض التي فاقت 10 سنوات: ''إكتشفت إصابتي بهذا المرض عندما أصبت بإسهال حاد، حيث تم نقلي إلى مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى مصطفى باشا، وعقب إجراء عدة تحاليل أعلمني الطبيب بأنني مصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة ''الأيدز''، حينها أصبت بصدمة كبيرة، حيث لم أقدر على استيعاب أنني مريضة بالسيدا، فرفضي الإعتراف بالمرض شكل صدمة بالنسبة لي ما فاقم من حالتي الصحية، خاصة خلال السنة الأولى''· وبخصوص إصابتها بالمرض قالت أن التحاليل أكدت أنها تلقت العدوى من زوجها الحامل للفيروس: ''بصراحة أنا أمقت وأكره اليوم الذي تعرفت فيه على زوجي، فحتى اهتمامه بي لم يشفع له عندي لأنني متأكدة من أن تصرفاته نابعة من إحساسه بالذنب''·
وأوضحت أن خصوصية المرض جعلتها تخفي إصابتها عن عائلتها وأطفالها الخمسة، حيث أخبرتهم بأنها أصيبت بتسمم في الدم، وأنهم لم يتقبلوا ذلك نظرا لكثرة ترددها على المستشفى، وأكدت أن المجتمع ينظر إلى كل حاملات الفيروس على أنهن بائعات هوى حتى ولو أصبن بسبب استهتار أو نزوة··
رغم مجانية الكشف التطوعي :جمعيات تؤكد فشل المخطط الوطني لمكافحة السيدا
تنشط عدة جمعيات في مجال مكافحة السيدا حيث يقتصر عملها على توفير الدعم النفسي من خلال إشراك العديد من المرضى في برنامج جماعي، تستعرض خلاله كل حالة تجربتها مع المرض وكيفية التغلب عليه، وتشكل هذا المجموعات، في الغالب، قصد توجيه المصابين الجدد وتلقينهم كيفية التأقلم مع المرض مثل ما هو الحال بالنسبة لجمعية ''الحياة'' عكس الجمعية الجزائرية للسيدا التي يقتصر عملها على توعية المواطنين بهذا الداء وبكيفية انتقال العدوى· في هذا السياق، يؤكد السيد بوروية عثمان، أن الجمعية قامت بعدة نشاطات بهدف تنمية وعي المواطنين وإقناعهم بضرورة القيام بالكشف الطوعي المجاني، كل سنة على الأقل، للتأكد من عدم إصابتهم بالداء، خاصة الأشخاص الذين لديهم علاقات جنسية متعددة، وكذا التحسيس بضرورة محاربة إقصاء وتهمي المصابين بهذا الداء·
في ذات السياق، أشار رئيس الجمعية إلى أن غياب الدعم المالي الضروري حال دون تحقيق كل الأهداف، مضيفا أن قلة الإمكانيات يرهن نجاح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السيدا بسبب تراجع مستوى النشاطات التوعوية، وأن هذه الوضعية دفعت بالعديد من الجمعيات للبحث عن صيغ تمويل من الهيئات والمنظمات الأممية على غرار الإتحاد الأوروبي وكذا هيئة الأمم المتحدة التي تعتبر الممول الأول لجميع النشاطات الخاصة بمكافحة السيدا من طباعة الملصقات التحسيسية إلى تكوين مختصين وتوزيع الأدوات التثقيفية لمحاربة الإقصاء والتهميش الذي يطال مرضى الأيدز· وقد وجه رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة السيدا إنتقادات لاذعة إلى وزارة الصحة بسبب عدم إشراكها لهم في البرامج والإستراتيجيات التي تسطرها سنويا في سبيل المساهمة في رفع الغبن عن هذه الشريحة من المرضى·
الجزائر صرفت أكثر من 19 مليار دينار للتكفل بمرضى السيدا خلال سنة 2009
بالرغم من مرور خمسة وعشرين سنة عن اكتشاف أول حالة إصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) في الجزائر لا تزال الإحصائيات غير دقيقة بسبب الصمت الذي يظل يكتنف هذا الوباء ويجعله من التابوهات، وبهذا الخصوص تشير الإحصائيات إلى أن عدد المصابين بلغ منذ سنة 1985 إلى غاية ديسمبر 2009 حوالي 5209 مصابين، منهم 4181 حاملا للفيروس، أعمار أغلبهم تتراوح بين 25 و49 سنة، حسب تقرير حديث أعدته وزارة الصحة·
وقد استعرضت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، ضمن تقرير مفصل وشامل ''أونقاس ''2010 الذي سيتم عرضه خلال الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للسيدا في الفاتح ديسمبر من كل سنة، وضعية المصابين بفيروس فقدان المناعة المكتسبة، وكيفية التكفل بهم، وقد جاء في التقرير أن الجزائر صرفت خلال السنة الماضية غلافا ماليا ضخما فاقت قيمته 19 مليار سنتيم، خصص 7,66 بالمائة منه لتغطية تكاليف علاج المصابين بهذا الداء الخبيث أي ما يفوق 5,5 مليار سنتيم، فيما تم توزيع باقي المبلغ على تمويل النشاطات التي تدخل في إطار البرامج الهادفة إلى محاربة هذا المرض على غرار البرنامج الوقائي، وتكوين عدد من الإطارات والأطباء في مجال تسيير تلك البرامج·· وبالرغم من ضخامة هذا المبلغ إلا أنه يبقى منخفض مقارنة بذلك الذي صرفه خلال سنة 2008 والذي فاق 27 مليار دينار، خصص القسط الأكبر منه للعلاج·
أما بخصوص استفحال المرض، أوضح التقرير أن نسبة الإنتشار لا تتعدى ال 01,0 بالمائة سنويا أي ما يعادل إصابة واحدة لكل 1000 مواطن، وفي ذات السياق، بلغ عدد الحالات المسجلة خلال سنة 2009 حوالي 684 حالة جديدة ليرتفع عدد المصابين إلى ,5209 منهم 8,53 بالمائة ذكور·
كما طرح التقرير مشكل عدم انتظام المصابين في أخذ العلاج، خاصة في ولايات الجنوب كونها تحتل المراتب الأولى من حيث عدد الإصابات بالفيروس إذ أشار إلى عدد المصابين الذين يخضعون للعلاج الثلاثي لا يتجاوزون 2343 مريضا، أي نصف المصابين تقريبا، مما يعرض حياتهم للخطر، الأمر الذي عقد الحالة الصحية للعديد من المرضى بسبب غياب التكفل النفسي بالمرضى حيث يدفعهم اليأس وضغوط المجتمع إلى التخلي عن تناول الدواء في محاولة منهم للإنتحار، ويشير التقرير إلى ارتفاع عدد الحالات المتقدمة من الاصابة إلى 1526 مريضا في سنة ,2009 بينما لم تتعد 1111 في سنة ,2008 وبرر التقرير هذا الإرتفاع بكونأكبر عدد من المرضى هم من المهاجرين الأفارقة الذين يتخلون عن تناول العلاج بسبب تنقلاتهم الدائمة·
وفي المقابل، أكد التقرير الذي تحصلت ''الجزائر نيوز'' على نسخة منه على انتظام النساء الحوامل المصابات بفيروس فقدان المناعة المكتسبة والبالغ عددهم 65 إمرأة على العلاج، مما حال دون انتقال العدوى إلى 21 جنينا ولدوا سالمين السنة الماضية، بينما ولد 40 آخرون فاقدين للبصر دون إصابتهم بالفيروس·
الدكتور كمال آيت أوبلي (رئيس البرنامج الوطني لمكافحة الأمراض المتنقلة جنسيا بوزارة الصحة)
ما هو واقع انتشار مرض فقدان المناعة المكتسبة في الجزائر؟
سجلنا في السنوات الأخيرة استفحال هذا المرض بين المواطنين بنسبة أقل من 01,0 بالمائة، لذلك نرى، نحن كجهات مختصة، أن الأيدز هو وباء قليل النشاط أو ما يعرف بالوباء المركز الذي يخص فئات معينة من المجتمع حيث يمس بكثرة كل من له نشاط جنسي مع أكثر من شريك دون رقابة أو ضوابط، لذا فالإصابة تكثر لدى الشباب الذين تنحصر أعمارهم بين 25 و49 سنة·
رغم ذلك هناك عدة مخططات لمكافحة الأيدز، فكيف تتم هذه العملية؟
إعتمدت وزارة الصحة منذ ظهور أول إحصائية حول السيدا في سنة 1985 عدة برامج واستراتيجيات من أجل السيطرة على استفحال هذا المرض الخطير، آخرها المخطط الوطني الإستراتيجي لمكافحة السيدا 2008 / ,2012 الذي يرتكز على أربعة محاور كبرى، أولا التنسيق بين القطاعات لتحسين وضعية المرضى، المحور الثاني يخصص أهمية للوقاية نظرا لأهميتها، ففي هذا السياق أنشأنا نحو 50 مركزا بمعدل مركز واحد لكل ولاية، جميعها يوفر الكشف المجاني للمواطنين، ثم المحور الثالث الذي يخص التكفل الشامل بالمصاب، وأخيرا محور الترصد الوبائي الذي يخص متابعة المرض ومناطق انتشاره من أجل السيطرة على انتشاره·
لكن لماذا يقتصر دعم وزارتكم على التكفل الصحي بدل احتضان المصابين إقتصاديا واجتماعيا أيضا؟
حقيقة، وضعية المصاب بالسيدا تتطلب تكفلا على كافة المستويات إلا أن محدودية إمكانيات الوزارة لا تسمح بذلك، زيادة على أن التكفل بالأدوية جد مكلف· علما أن تكلفة المريض الواحد تقدر بنحو 50 مليون سنتيم، وبرغم ذلك فإننا نسعى لإعطاء اللجنة الوطنية لمكافحة مرض السيدا صلاحيات أكثر حيث أعددنا نصا قانونيا رفعناه إلى الجهات المختصة من أجل تفعيل عملها الميداني الذي كان مقتصرا على الإستشارات الطبية، ومن المفترض أن يتم اعتماد ذلك النص في الأيام القليلة القادمة على أن يتم تطبيقه بمناسبة اليوم العالمي للسيدا الذي يصادف الفاتح ديسمبر· ونلح في العديد من المناسبات على ضرورة التنسيق بين والوزارات قصد ضمان أكبر وأشمل تكفل بالمريض في كافة المجالات·
يشتكي العديد من المصابين من نقص الأدوية على مستوى المراكز المخصصة، إلى ماذا يرجع هذا النقص؟
سوق الأدوية ليس سهلا، وبما أن الجزائر ليست سوقا كبرى لمختلف الأدوية نظرا للعدد القليل نسبيا للمصابين بالأيدز مما يدفع الشركات المنتجة لتلك الأدوية إلى تفضيل تسويق منتوجاتها في دول أخرى لتحقيق أرباح أكبر، ورغم هذه الوضعية إلا أن الجزائر تعمل على توفير الدواء الذي يتم توزيعه على المراكز المتخصصة وفق احتياجاتها· وهناك تذبذب في توزيع عض الأدوية، لحسن الحظ هناك العديد من أنواع الأدوية، فإذا قل نوع نستبدله بآخر· والجدير بالذكر أن هناك 34 نوعا من الدواء إتفق عليه بالإجماع في سنة 2006 وستتم مراجعته وتحديثه منتصف شهر نوفمبر القادم حيث سندرس احتمال إدراج أدوية جد حديثة تستعمل في الدول المتقدمة· وطرق انتقاله، إضافة إلى تكوين مئات الأطباء سنويا لإعلامهم بمختلف التطورات لعلاج هذا المرض·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.