وزير الثقافة يعلن انطلاق مشروع "سينيمدينة" من ولاية الجلفة

فيما كانت الزيارة تحمل مفاجآت لم يعلن عنها

على هامش الزيارة التي قادت معالي وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي إلى ولاية الجلفة، وفي حفاوة واستقبال نوعي من طرف السيد عبد القادر جلاوي والي ولاية الجلفة ورئيس المجلس الشعبي الولائي ورئيس المجلس الشعبي البلدي وكذا كوكبة من أعضاء المجلسين، وبحضور مدير الثقافة السيد عبد القادر جعلاب، ومدير دار الثقافة السيد ابراهيم قريم، وفي تشكيلة أمنية مهيبة، قدّم معالي وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي بدار الثقافة "ابن رشد" جملة من المحاور التي تخص القطاع الثقافي في ولاية الجلفة، مجيبا عن العديد من الأسئلة التي طرحت أثناء كلمته، كما حضر معه وفد من الفنانين الجزائريين المتميزين الذين أبهرتهم ولاية الجلفة وما تزخر به من طبيعة تصلح لأعمال فنية سينمائية.
هذا وقد تحدث السيد عبد القادر جلاوي والي ولاية الجلفة في كلمة معتبرة عن القطاع الثقافي في ولاية الجلفة وما تزخر به من هياكل ومؤسسات ونخبة أدبية متميزة شريكة في الفعل الثقافي، مؤكدا أن ولاية الجلفة لها دورها الريادي في مقدمة الولايات التي تهتم بهذا القطاع، كما عرض جملة من النقاط الهامة التي تُفصح عن استغلال الشراكة الثقافية التي تضم المؤسسات التي تحوزها الولاية مع الطاقات البشرية في تنمية الثقافة وتطويرها في ولاية الجلفة.
ولاية الجلفة.. بلد الفرسان بامتياز
تطرق وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي إلى جملة من المحاور، مستهلا بمكانة ولاية الجلفة في تاريخ الجزائر، وأكد على أن مساهمتها في المقاومة الشعبية لها رمزية هامة في تاريخ التصدي للمستعمر، معتبرا أن هذه المنطقة كانت تمد جيش الأمير عبد القادر في مقاومته بكثير من الفرسان، وقال بحرفية واثقة إنها "بلد الفرسان بامتياز"، كما أشار إلى الحضور القوي لهذه المنطقة في الثورة التحريرية بما قدمته من شهداء، ومناضلين أشداء، وارتبط اسم كثير من مناضلي الحركة الوطنية بهذه المنطقة، وكانت خير مأوى لهم، واعتبر زيارته إلى هذه الولاية هي زيارة للتاريخ، وزيارة للعراقة والأصالة والشهامة، وهي زيارة أيضا للتنمية التي تشهدها، وقال إنه كلما أتى إلى هذه المنطقة أو مرّ بها إلا وهناك شيئا يضاف إليها، فهي تعمل في صمت وثبات وإصرار وتحدي وفي كل الأصعدة والمجالات.
النخبة الإبداعية والمؤسسة الثقافية
من جهة أخرى فقد تحدث وزير الثقافة عز الدين ميهوبي إلى الثروة الأدبية التي تزخر بها هذه المنطقة، مشيرا إلى كوكبة نخبوية تساهم في إعلاء راية الجزائر في المحافل الوطنية والعربية والعالمية، هذه النخبة التي يُعتبر الكثير منهم أصدقاء في الكلمة للوزير باعتبار أنه كاتب وشاعر وروائي، مؤكدا على أنه يفهم جيدا انشغالاتهم وتطلعاتهم، كما أشار إلى أنه اطلع على ما جاء في بيان المجلس الاستشاري الثقافي من مطالب وأنه سيعمل على دراستها وتنفيذ ما يمكن تنفيذه هادفا إلى تطبيق كل ما يخدم المثقف والأديب والفنان في هذه الولاية.
كما أضاف السيد عز الدين ميهوبي وزير الثقافة أن له اطلاعا واسعا على الكثير من الأعمال المتميزة لهذه النخبة وما تنجزه في صمت، وأنه سيساهم في تسويق هذه الأصوات والأصوات الواعدة بما يتناسب وقدراتهم الإبداعية. لأن المؤسسة الثقافية تعتبر داعمة للمنجز الإبداعي في كل مجالاته الأدبية المسرحية والسينمائية والفنية وغير ذلك، وستحاول جاهدة في الاشراف الهام على تسيير هذا المنجز، من خلال ملتقيات ومهرجانات مدروسة الأهداف والإجراءات، وستخضع كل النشاطات الكبيرة والهامة إلى دراسة دقيقة وواعية بأهدافها.
كما تحدث وزير الثقافة عن أدوار النخبة المثقفة في ولاية الجلفة ومساهمتها في إثراء المشهد الثقافي الجزائري، مستنبطا أمثلة عديدة، ومنوها لجدارتها وثباتها على مواقفها، ومؤكدا في الوقت نفسه أنه سيحد من تبذير المال العام، وأن هذا المال سيوجه إلى النشاطات والأعمال الحقيقية التي تقف على أرضية صلبة وأهداف دقيقة ومحددة وواضحة، كما وعد بأن هناك مفاجأة أدبية سيعلن عنها عن قريب لولاية الجلفة، جعلت المثقفين يتطلعون في شغف لمعرفة حيثياتها، إلا أن وزير الثقافة أكد على أنه سيعلن عنها في القريب العاجل.
من جهة أخرى تطلع بعض المثقفين من النخبة إلى الحديث مع وزير الثقافة عن نقاط هامة لكن سرعة مغادرته منعتهم من ذلك، لكنهم اعتبروا أن النقاط التي عالجها بيان المجلس الثقافي الاستشاري وصلت للسيد الوزير وفيها من اهتماماتهم الكثير، كما ركز البعض على ما جاء في البيان من خلال فتح مناصب مالية بالمؤسسات الثقافية التي تعرف نقصا وعجزا في العنصر البشري وتوظيف المتعاملين ممن لهم علاقة بالقطاع وإعطاء الأولوية في التوظيف للمبدعين والفنانين والكتاب، وتسجيل مشروع "مركز الترجمة" بالتقنيات السمعية مثلما استفادت منه بعض الولايات كتلمسان وبجاية والعاصمة، يضاف إلى ملحقات القطب الثقافي المتوفرة والذي بدوره سيقدم خدمات ومنفعة كبيرة للمشهد الثقافي، هذا باعتبار أن السياسة الثقافية للوزارة أعلنت اهتمامها بمشروع الترجمة والعمل على زرع مؤسسات متخصصة له، وتعتبر ولاية الجلفة حاضنة هامة في الجزائر لمثل هذا المشروع لما تتوفر عليه من إمكانات تاريخية وثقافية متنوعة.
مشروع "سينيمدينة" ينطلق من ولاية الجلفة
وفي سياق آخر أعلن وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي عن انطلاق مشروع "سينيمدينة" من ولاية الجلفة، هذا المشروع الذي يحتفي بالسينما المتنقلة التي تقدم عروضا سينمائية متنوعة وأفلام لها وقعها الفني في الشارع، هذا الاهتمام الذي رأى أنه يخلق الشعور الحقيقي بضرورة السينما في الولايات الكبيرة التي غاب عن بعضها الفن السينمائي كمظهر اجتماعي حضاري، ولأن هذا المشروع يعيد سلوكا شهدته الجزائر ذات زمن، فإن وزير الثقافة أكد على أنه سيعمل على تطبيقه في كل الولايات، وتكون إشارة الانطلاق من ولاية الجلفة، وبدل أن تقبع السينما في قاعات ومركبات خاصة تتحول إلى فضاء واسع في الشارع يحلق بالمجتمع إلى مصاف الدول المتطورة، دون إهمال مشروع القاعات الخاصة والمحترفة للسينما والتي تعمل على إعادة الاهتمام الحقيقي والفاعل بهذا الفن، وكذا دراسة وفتح القاعات المغلقة وتهيئتها لهذا المنجز الهام، كما سيتم تقديم مجموعة هامة من الأفلام التاريخية والعالمية خلال بتطبيق هذا البرنامج
كما أسهب وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في حديثه عن المسرح وما يتعلق به، وأكد على أن المسرح في الولاية سيهتم بالنصوص المحلية التي تقدم التراث الحقيقي للمنطقة، كما أنه يجب تفعيل الشراكة الحقيقية بين المبدع والكاتب والفنان والمؤسسة الثقافية لأنها هي الحاضنة لكل منجز هام، وأشار السيد وزير الثقافة إلى الاهتمام بالجمعيات الثقافية النشطة التي تعمل بشكل مدروس وممنهج وواعي بالدور الثقافي وأنه سيدعمها بما لا يمكن أن تتصوره، وحتى الجمعيات التي ليس لها طابع احترافي سيتم دعمها حتى تعي جيدا الدور الثقافي الذي يتطلبه المشهد الإبداعي في الجلفة وبذلك ترتقي إلى ذروة الجمعيات المحترفة.
نشاطات ثقافية متنوعة خلال زيارة وزير الثقافة
قدمت الأوركيسترا السيمفونية لدار الثقافة "ابن رشد" عملا من أعمالها الفنية، وهو عمل تم الاشتغال عليه بجهد كبير من طرف تلاميذ أكدوا حضورهم في محافل دولية ووطنية، وحضروا هذا النشاط الذي أشرف عليه الفنان والموسيقار عمر فيرح، مع نخبة ممن ساهموا في كتابته وإخراجه وتسجيله وإعداده كي يكون في المستوى المطلوب، فضلا عن الاستعانة بفنان جاء من الأغواط خصيصا لهذا الغرض، و قد اعتز الكثير من الحضور بهذه النشاطات الهادفة التي تعمل عليها الطاقات الثقافية والفنية في الولاية والتي يتم ترشيدها من خلال إشراف مديرية الثقافة وكذا عدد من المؤسسات الثقافية في القطاع، إلا أن وزير الثقافة لم يستطع إنهاء كل العروض المقدمة نظرا لمشاغله المتنوعة والكثيرة، حيث تعتبر هذه الزيارة هي الأولى من نوعها لولاية الجلفة، وبالرغم من ذلك فقد ساهمت هذه العروض سواء أبيريت الأوركسترا السيمفونية أو ما قدمه الفنان سعد الدين لزهاري من خلال لوحاته الرملية في زرع البهجة والسرور لدى الكثير من الذين تابعوها باهتمام.
هذا ويعتبر الفنان سعد الدين لزهاري من فناني ولاية الجلفة الذين يشتغلون في هذا الفن النوعي من خلال ما يقدمه من فن الرسم على الرمال الطبيعية، هذا الفن الذي أتاح له الحضور في عدة مناسبات وطنية ودولية، وحقق من خلاله حضورا متميزا لولاية الجلفة وللجزائر في العديد من المشاركات التي ضمها مشواره الفني.
انطباعات بعض المثقفين حول هذه الزيارة
اعتز كثير من المثقفين في ولاية الجلفة بقدوم السيد عز الدين ميهوبي وزير الثقافة إلى ولاية الجلفة، وإطلاق مشروع "سينيمدينة" من هذه الولاية، حيث اعتبروه تشريفا كبيرا لها، فقد أتى الكثير منهم من بلديات ودوائر مختلفة متحملين حرارة الجو من أجل الوصول إلى صديق ووزير سيهتم فعلا بانشغالاتهم وسيبتهج لقدومهم، كما شكر البعض هذه المبادرة التي حققت لديهم منجزا هاما، أعلاه تولي شاعر وأديب لحقيبة وزارة الثقافة مما سيتيح للعمل الثقافي النضوج أكثر من خلال مجموعة من الأفكار التي ستسهم في تطويره، لكن البعض لديه رأي آخر، حيث اعتبر أن كل ما تحدث عنه وزير الثقافة هو من باب النقاط العامة وظن أنه يحمل لهم مشاريع تمكنهم فعلا من دخول النشاط الثقافي بقوة، ورغم ذلك مازالوا يأملون في الوزير الشاعر والأديب لأنه يعي جيدا الأبعاد الثقافية النخبوية الواعية بأدوارها، بالإضافة إلى فهمهم لضرورة ترشيد المال العام وإعادة صياغة المشهد الثقافي بما يتناسب والوضع الراهن، وبما يخدم الرؤية التي ستعيد للمشهد الثقافي الجلفاوي أصالته وألقه، وحقيقته الإبداعية.