يندرج مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء في إطار السياسة المتبعة من طرف الدول الإفريقية لوضع رؤية موحدة تهدف إلى تحقيق الأمن الطاقوي، خاصة وانه يأتي في سياق عالمي تميز بوضع اقتصادي غير مستقر وتزايد غير مسبوق في الطلب على المواد الطاقوية، التي أصبحت رقما مهما في معادلة الاقتصاد العالمي بعد الأزمة الروسية الأوكرانية. ما سيمكن إفريقيا من حمل لقب المورد المهم والآمن إلى دول أوربا. أسباب قوية جعلت من المشروع أمنية افريقية، يتمسك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ، بتجسيدها، متعهدا بتوفير كل الإمكانيات المالية والتقنية من اجل تحقيقه. يرى الخبير الاقتصادي، محفوظ كاوبي، أن تصدير الطاقة إلى أوربا الذي بدا جليا من خلال تبادل الزيارات والحديث بين الجزائر وشركائها الأوربيين، عن سبل التعاون في مجال الطاقة، الذي تجسده محاولة الجزائر الزيادة من قدراتها على تصدير الطاقة إلى أوربا، خاصة في المرحلة الحالية وما سيليها من مراحل قادمة، ستتميز بشح في المواد الطاقوية، وزيادات كبيرة في أسعارها حيث رصدت إمكانيات كبيرة في مجال تصدير الطاقة، التي لا تتم فقط عن طريق تصدير الغاز كمادة خام، بل بمحاولة توسيعها إلى منتج على شكل كهرباء أو طاقات متجددة، مما يؤسس لمشروع مستقبلي عن طريق انجاز خط لتصدير الغاز الذي سجلت الجزائر فائضا في إنتاجه، يمكن توجيهه إلى بلدان الجوار من الضفة الشمالية لحوض البحر المتوسط، خاصة وأن المسافة بين الجزائر وايطاليا لا تتجاوز 250 كلم. كما سيمكن المشروع للجزائر من تفعيل إمكانياتها في هذا المجال والرفع من مردودية سلاسلها الإنتاجية. وأضاف كاوبي أن أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي يصل الجزائر بإفريقيا، مشروع أعيد بعثه بقوة بعد الإمضاء على مدونة اتفاق بين الجزائر ونيجيريا ومختلف الدول التي سيعبرها الأنبوب الضخم حيث تصل مساحته إلى 4.000 كلم وسعة إمداده إلى 30 مليار متر مكعب سنويا وتكلفة انجازه تصل إلى 13 مليار دولار ويعتبر مشروعا واعدا من حيث المردودية والجدوى الاقتصادية المطمئنة، التي من شأنها إعطاء ضمانات حقيقية لمختلف المؤسسات المالية والهيئات الدولية، على غرار البنك الدولي، بنك الاتحاد الإفريقي، البنك الإسلامي والاتحاد الأوروبي كمساهم مهم في المشروع، باعتبار الدول الأوروبية المستهلك رقم واحد للمواد الطاقوية الإفريقية. وقد بلغت المشاورات، يتابع كاوبي، مرحلة متطورة منذ سنة 2020 و2021، حيث تم مؤخرا الإمضاء على برتوكول الاتفاق المتضمن انجاز البطاقة التقنية والدراسة المفصلة من الناحية التقنية والتركيب المالي للمشروع، الذي مرت وتيرة دراسته إلى السرعة القصوى، بعد ركود دام سنوات طويلة، ليعود إلى طاولة الدراسة بكفاءات افريقية قادرة على التفاوض واختيار الأفضل لإفريقيا. وما الاجتماع الأخير الذي عقد بالمركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر، إلا تتويج لسلسلة اجتماعات، كان أولها في نيامي بالنيجر، شهر فيفري من السنة الجارية، بعدها اجتماع أبوجا بنيجيريا، حيث تمت دراسة مدى تقدم أشغال فريق العمل التقني المكلف بدراسة ووضع ورقة الطريق لانجاز المشروع وإمضاء مذكرة تفاهم بين الوزراء المكلفين بالطاقة للدول الثلاث، كرسالة واضحة بأن المشروع تجاوز مرحلة الحلم ليدخل مرحلة التنفيذ الحقيقي ويأخذ منحنى جديا وهو منحنى التجسيد وتكذيب المشككين في إمكانية تحقيقه. ويرتقب الخبير، الانتقال إلى المرحلة المرتبطة بالقيام التركيب المالي بصفة نهائية والشروع في الانجاز في الثلاثي الثاني من سنة 2023، لتدخل الجزائر مرحلة التصدير الفعلي، للغاز عبر هذا الأنبوب، بداية 2026. وستعتمد الجزائر في ذلك على رصيدها المالي والتقني وكفاءة شركاتها الرائدة، على غرار شركة سونلغاز، في انجاز المشروع الذي سيجعل الجزائر التي تتوسط موقعا جغرافيا مهما من اجل توريد الطاقة إلى أوربا بضفتيها، الغربية والشرقية. وفي هذا الصدد يعتبر كاوبي أوربا شريكا استراتيجيا، تجمعنا به تقاليد شراكة متوارثة عبر مختلف المراحل الاقتصادية للمنطقتين.