تعزيز اللحمة الوطنية بمختلف المواقع لمواجهة هذه التحديات عبّر ابراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الوطني، أمس، عن ارتياحه لما وصلت إليه الجزائر الآمنة اليوم، مشيرا إلى أن الفضل في ذلك يعود لمؤسساتها الساهرة على أمنها واستقرارها، وكذا بفضل الإرادة السياسية التي ظهرت معالمها واضحة في الحياة المجتمعية، ما عزّز أمنها من كل الجوانب. أوضح بوغالي لدى افتتاحه اليوم البرلماني المنظم من طرف لجنة الدفاع الوطني تحت عنوان «الأمن المجتمعي واقع التهديد واستراتيجيات المواجهة»، أن الجزائر أدركت قيمة الأمن ودوره في الحفاظ على تماسك المجتمع في إطار الوحدة الوطنية بتنوع مكوناتها وتكامل عناصرها وتحصين أركانها في مواجهة كل الاختراقات التي تمارسها بعض القوى من أجل تفكيك المجتمعات وضرب استقرارها وتقويض أمنها. وأشار رئيس المجلس الشعبي الوطني. أن الأمن المجتمعي مطلب إنساني حيوي شامل لكل مناحي الحياة وجوانبها. لكونه يرتبط ارتباطا وثيقا بما يحتاج المجتمع لتحقيقه من أمن غذائي، فكري وأمن على الهوية، وعلى كل ما له صلة بالطمأنينة المجتمعية من بيئة آمنة ومستقرة كالإنتاج، التعلم والابداع والتطور والتقدم. وأشار بوغالي إلى أن الأمن المجتمعي يعنى بالتنمية الشاملة المتكاملة من خلال الخطط والبرامج التي تضمن توفير الأمن بكل إبعاده، ما يجعل منه أحد عوامل تقوية اللحمة الوطنية في مواجهة التهديدات التي من شأنها زعزعة المجتمعات وبالتالي تقهقر الؤنسان، وخير مثال عن ذلك الأمن الصحي الذي تزعزع بسبب وباء كورونا، وآثاره النفسية على العمل، الإنتاج، التربية والتعليم. وأبرز رئيس المجلس الشعبي الوطني قائلا: «ؤن الأمن المجتمعي أصبح أهم مرتكزات الأمن القومي، كونه يهدف إلى تحقيق المناعة وتحرير الإنسان من كل خوف وحتى من الثالوث الفتاك المتمثل في الفقر والجهل والمرض، وإن كان أمرا كانت تتولاه الدولة من خلال ؤعداد البرامج وإنجاز المشاريع، إلا أنه عمل مجتمعي يشارك فيه الجميع مؤسسات، تنظيمات، نخب وأفراد. بدوره أكد رئيس لجنة الدفاع الوطني أحمد بلعالم، أهمية تحقيق كل أركان الأمن المجتمعي، باعتبار أن الجزائر مستهدفة من طرف الأعداء، بداية بضرب المجتمع من خلال استهداف أطفالها وشبابها، وإضعاف المؤسسات وتشويه عناصر الهوية، من خلال تنفيذ أجندة خبيثة تستهدف تدمير الجزائر، في الوقت الذي تسعى فيه لاستعادة وبناء نفسها، خاصة وأنها تسير بخطى ثابتة في جميع القطاعات، ما يستدعي تعزيز اللحمة الوطنية بمختلف المواقع لمواجهة هذه التحديات. مراقبة التهديدات الناشئة والاستجابة لها من جهته، استعرض د.محمد خوجة، من كلية العلوم السياسية والعلاقات، في مداخلته حول مفهوم الأمن المجتمعي، المفاهيم المختلفة للمصطلح والتي تؤكد – بحسبه- أنه مفهوم مركب ومعقد وغير معروف لسرعة تقلباته، ولما له من دور محوري وتعدد أبعاده، فهو يشير إلى حماية القيم والمؤسسات والعادات الأساسية للمجتمع والحفاظ عليها، لهذا فالأمن المجتمعي يتضمن أيضا التنمية التي تطال اللغة، الدين، الثقافة، الهويات القومية، وعادات الدول، وكل قيم التماسك والترابط بين الأفراد داخل المجتمع. وتطرق المتحدّث إلى مكونات أمن الدولة، والتي تتعلق بالأمن الفكري، الدولة، القومية، بالإضافة إلى الأمن المادي المتكون من الشعب، الموارد، والتكنولوجيا، ناهيك عن الأمن المؤسساتي المرتبط بالنظام السياسي والإداري. لهذا فمقياس الدولة هو الاستقرار المؤسساتي للدولة ومدى انسجامها الاجتماعي الثقافي، الاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى أن أهمية الأمن المجتمعي تكمن في ضمان بيئة للعيش دون خوف أو عنف أو تمييز، ما يفرض ضرورة مراقبة التهديدات الناشئة والاستجابة لها، خاصة في مواجهة أشكال العنف والتمييز. تهديدات تماثلية في المقابل أثار النائب السابق أحمد الدان، في مداخلة له حول «ارتباط الأمن المجتمعي لمحاربة الصراع الحضاري وجواهر العنف الداخلي»، الجزء الرئيس فيه هو البعد الايديولوجي الديني، الفكري، الثقافي والحضاري، ليتطور فيما بعد ليتشكل في بعد عسكري. وشدّد الدان على ضرورة عدم التقليل من التصادم الحضاري، لهذا فتدمير الأمن المجتمعي جزء من التصادم الحضاري، والذي يتم من خلال العمل على عزل القوى الأمنية عن هذا النوع من الأمن، ما يهدف للتعامل حول مسؤولية من الدفاع عن حمايته، ولعل الكثير من الظواهر تتطلب تنسيق الجهود كالمخدرات، الغش في الجامعة وبروز نخب هشة، وغيرها من التهديدات اللاّتماثلية. وبحسب المتدخل، فإن التهديدات التماثلية تجعل الدولة لا تعرف من يهددها، فاللاتماثل يفرض تطور المقاومة اللاّتماثلية، للمجتمع، في ظل ضعف وهشاشة مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمدارس، الجمعيات.. فالغرب اليوم يضرب مكونات الوحدة، خاصة في ظل الاستلاب الفكري. مواقع التواصل الاجتماعي من جهتها د. نجوى عابر، تطرقت إلى «المقاربات التنظيرية المؤسسة لفكرة الهدم الذاتي وتطبيقات الاستراتيجية»، مشيرة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أسقطت العديد من الأنظمة العربية تحت مسمّى «الربيع العربي»، بفضل إطلاق هاشتاجات، ما يطرح التساؤلات حول تصنيف هذه الحركات الاحتجاجية، وكيف ساهمت التكنولوجيات في الخسائر المادية والبشرية في هكذا مواجهات. وبحسب عابر، فإن فكرة استغلال مواقع التواصل الاجتماعي ركزّت على دفع الدول للهدم الذاتي وتقليل التصادم المباشر مع الخصم الأساسي، وهو ما حدث في دول شرق أوروبا في إطار ما يعرف بالحروب الملونة أو حروب اللاعنف. ونفس هذا النوع من الحروب تم توظيفها في كل من إيران ووصل أحمدي نجاة الى السلطة، ونفس الأمر أيضا بأمريكا اللاتينية وتحديدا في بوليفيا وغيرها.