الخارجية الفلسطينية ترحب باعتماد الجمعية العامة مشروع قرار يؤيد حل الدولتين    قمة عربية إسلامية طارئة بالدوحة الاثنين المقبل لبحث العدوان الصهيوني على قطر    ورشة تفاعلية بالجزائر العاصمة حول التخصصات التكوينية لفائدة الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة    تدابير فورية لمرافقة تصدير الإسمنت والكلنكر    ميلاد الحلم الإفريقي في الجزائر    الاحتلال ينتهج سياسة "الأرض المحروقة" في غزّة    الهجوم الصهيوني يضع النظام الدولي أمام اختبار حقيقي    الهجوم الصهيوني على الدوحة إهانة للدبلوماسية    "اياتياف 2025".. نجاح تاريخي للجزائر وإفريقيا    ورقة عمل مشتركة لترقية علاقات التعاون بين البلدين    البرلمان بغرفتيه يفتتح دورته العادية الإثنين المقبل    حجز 3 أطنان من المواد الاستهلاكية الفاسدة بقسنطينة    مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحجّ المقبل    أمواج البحر تلفظ جثّةً مجهولة الهوية    مخيَّم وطني لحفَظة القرآن وتكريم مرضى السرطان    مناجم : اجتماع عمل لمتابعة مشروع استغلال منجم الزنك و الرصاص تالة حمزة-واد اميزور ببجاية    المجلس الأعلى للشباب : انطلاق فعاليات مخيم الشباب لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالجزائر العاصمة    قسنطينة : المركز الجهوي لقيادة شبكات توزيع الكهرباء, أداة استراتيجية لتحسين الخدمة    الفنان التشكيلي فريد إزمور يعرض بالجزائر العاصمة "آثار وحوار: التسلسل الزمني"    عميد جامع الجزائر يترأس جلسة تقييمية لتعزيز التعليم القرآني بالفضاء المسجدي    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    المنتدى البرلماني العالمي للشباب: السيد بوشويط يستعرض بليما تجربة الجزائر والتزامها بدعم قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص    المارد الصيني يطلّ من الشرق    ميسي ورونالدو.. هل اقتربت النهاية؟    الجزائر تشارك بالمعرض الدولي لتجارة الخدمات بالصين    أجندات مسمومة تستهدف الجزائر    القضاء على إرهابيَيْن وآخر يسلّم نفسه    هذا مُخطّط تجديد حظيرة الحافلات..    إبرام عقود بقيمة 48 مليار دولار في الجزائر    المكمّلات الغذائية خطر يهدّد صحة الأطفال    طبعة الجزائر تجاوزت كل التوقعات    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    الجزائر تدعو إلى عملية تشاور شاملة    فرنسا تشتعل..    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: طبعة حطمت كل الأرقام القياسية    الرابطة الأولى "موبيليس": فريق مستقبل الرويسات يعود بنقطة ثمينة من مستغانم    مسابقة لندن الدولية للعسل 2025: مؤسسة جزائرية تحصد ميداليتين ذهبيتين    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    ملكية فكرية: الويبو تطلق برنامج تدريبي عن بعد مفتوح للجزائريين    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    هالاند يسجّل خماسية    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    "الحلاقة الشعبية".. خبيرة نفسانية بدون شهادة    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    عثمان بن عفان .. ذو النورين    حملة تنظيف واسعة للمؤسسات التربوية بالعاصمة السبت المقبل استعدادا للدخول المدرسي    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإستقلال أمانة باهضة الثمن لا تقبل المساومة تحت أي ظرف كان
المجاهد كشيدة صحراوي يتذكر عيد النصر
نشر في الشعب يوم 17 - 03 - 2010

كان يوم اثنين ذلك ال19 مارس ,1962 حينما أعلن رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة المرحوم »يوسف بن خدة« من تونس التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار بين الجزائر وفرنسا.. يومها كنت مع الرفاق المجاهدين في منطقة »الكاف الأخضر« بالولاية الرابعة التاريخية.. وفي ظل فرحة لا توصف بتحقيق النصر على عدوّ جهنمي، نزلنا في مجموعة إلى مكان يدعى مقام الوالي »سيدي المهدي«، حيث يتجمع السكان من مختلف المداشر والدواوير.
على متن الخيل نزلت مجموعة من المجاهدين رفقة المحافظ السياسي رمال قدور (توفي قبل أسابيع فقط رحمه اللّه بسطاوالي). وجرى اللقاء مع السكان الذين تعرّفوا على المجاهدين وكانوا قبلها يعتقدون أنهم ليسوا من البشر ونسجت حولهم أساطير أكدتها شجاعة وبسالة أبناء »ثورة نوفمبر« وتحديهم لأحد أقوى وأرهب الجيوش، آنذاك.
ويضيف محدثنا.. »لما وصلنا رفعنا العلم الوطني فوق شجرة وإلتفّ حوله الناس تاركين الكولونيل، شريف بن سعيدي مسؤول منظمة الحركى والعملاء في المنطقة الذي وصل على متن سيارة جيب تحمل رشاشا ثقيلا.. لم نتحدث إليه فالقوانين واضحة رغم محاولاته، ليرحل غاضبا وهو يتأكد من إنتصار جيش وجبهة التحرير في كسر جبروت فرنسا الإستعمارية وإلتفاف الشعب الجزائري حول قيادة الثورة. المواطنون يومها أقاموا الحفلات وبينهم المجاهدون محلّ تقدير لا يوصف.
وحول تسيير تلك المرحلة إلى يوم الإستفتاء، أجاب المجاهد كشيدة صحراوي: »أعطتنا القيادة تعليمات وأوامر بالحفاظ على نفس الوتيرة من الجاهزية إلى أن حلّ يوم الأحد أول جويلية ,1962 موعد الإستفتاء وشرعنا فورا في التدريب ليوم الإستقلال، وفتح الباب لانخراط الشباب. وبالنسبة للحركى الذي استسلموا وسلّموا أسلحتهم، فقد أطلق سبيلهم في لحظة لعفو الكبار، عملا بالرحمة ومبادئ التسامح للدين الإسلامي. إنه مبدأ العفو عند المقدرة، ومن الحركى من يعيش اليوم باستفادات وربما أفضل من بعض المجاهدين (وهذا حديث آخر).
التدريبات في صفوف المجاهدين كانت يوميا مع ترديد الأناشيد الثورية الوطنية مع متابعة مستمرة للأخبار بواسطة جهاز راديو يبث صوت الراحل »عيسى مسعودي« (صوت العرب) المدوّي والباعث للعزيمة في النفوس لمواجهة العدوّ بدون خوف وبإقدام لا يوصف.
»صوت العرب« كان يردد في نهاية كل نشرة »أيها المجاهدون، إن اللّه معنا، إن النّصر معنا، وإن الهزيمة لأعدائنا.. اللّه أكبر«.. كانت هذه العبارة التي تحفظ عن ظهر قلب شحنة تلهب الإرادة«.
ويواصل قائلا: »بقينا في مواقعنا إلى أن تم تثبيت الإستقلال، الذي ألقى بنوره على ربوع الوطن محررا الإنسان والأرض من قبضة عدوّ عنصري غاشم مارس سياسة الأرض المحروقة، وهو مالا يمكن للأجيال المتعاقبة أن تنساه ليس للإنتقام، وإنما للعبرة والحيطة والإمساك بمكسب الحرية أمانة باهضة الثمن، لا تقبل المساومة تحت أي ظرف كان اليوم وغدا«
محدثنا المجاهد صحراوي كشيدة، وهو عصامي لا يتأخر عن جمع كل ما له صلة بالثورة على بساطته يستطرد تقديم قراءته لمفاوضات »إيفيان« بعيدا عن الجدل، وإنما نقلا لمعطيات ووقائع.. فقبل المفاوضات النهائية جرت إتصالات سرية
في 12 أفريل و15 سبتمبر سنة ,.1956 وفي سنة 1961 تم الكشف للعلن عن المفاوضات بتاريخ 31 مارس .1961 وهددت عناصر المنظمة المسلحة السرية (أو آ آس) رئيس بلدية »إيفيان« بفرنسا لمنعه من إحتضان المفاوضات وأمام رفضه تعرّض »كاميل بلان« لاغتيال في 31 مارس 1962 بتفجير شحنة أمام منزله مخلفا طفلة وطفلا وزوجة توفيت قبل حوالي 8 سنوات.
المنظمة المسلحة السرية العنصرية تشكلت في 19 أفريل 1961 بمدريد خلال حكم فرانكو بزعامة الجنرالات صالان، شال، ماسي، جوو، زيللر، لاغايارد وبيجار الذين حاولوا الإطاحة برئيسهم ديغول دون جدوى.
خلال المفاوضات النهائية، أظهرت تشكيلة الوفد الجزائري برئاسة »كريم بلقاسم« وعمره آنذاك 40 سنة، قدرات نادرة أمام وفد فرنسي من عتاه الديبلوماسية والخداع والمكر. كان الوفد الجزائري يضع إلى جانب كريم بلقاسم، كل من: محمد الصديق بن يحي، (أصغرهم سنا 29 سنة)، أحمد بومنجل، سعد دحلب، رضا مالك، محمد يزيد، عمار مصطفى بن عودة، علي منجلي، مصطفاي صغير، قايد أحمد (الرائد سي سليمان)، أحمد فرنسيس.
هؤلاء واجهوا على الطاولة، وفد فرنسا من المحنكين بين جنرالات وخبراء بقيادة لوي جوكس وزير الداخلية والجنرال دوكاماس وكانوا أعضاء.
وبعد صبر وإصرار تفاوضي، لم يترك فجوة تم يوم 18 مارس الساعة الخامسة والنصف مساء، التوقيع على إتفاقية »إيفيان« من 83 صفحة من كريم بلقاسم عن الجزائر، وجوكس وروبير بيرون وجان دوبرونلي عن فرنسا.
كانت الوثيقة ثمرة عمل تفاوضي من 7 إلى 18 مارس ,1962 لإعلان وقف إطلاق النار، فكان ال19 مارس 1962 عيدا حقيقيا للنصر دون أن تنال منه عصابات المنظمة السرية المسلحة للعنصريين الفرنسيين. وأصبح منذ سنة 1962 تاريخ المؤتمر الثامن للمنظمة الوطنية للمجاهدين يوما وطنيا رسميا.
وبالمناسبة يدعو المجاهد صحراوي كشيدة إلى إقامة نصب تذكاري في شكل متحف بسيدي فرج الذي رفعت فيه كتيبة الزوبيرية من الولاية الرابعة بقيادة الرائد بوسماحة وكتيبة من الولاية الثالثة بقيادة محند ولحاج علم الجزائر المستقلة يوم 5 جويلية 1962 والمكان يرمز لأكثر من دلالة ويستحق كل ما يتطلبه الأمر من إهتمام ويحتفظ الرجل بذكرى تحسب للمجاهدين المخلصين بشأن ما يعرف بحرب الولايات فجر الإستقلال، حيث اختلط الحابل بالنابل وسقط ضحايا في ذلك الظرف الذي كان يخدم خطط العدوّ لولا أن المسؤولين آنذاك على مستوى الولاية الرابعة التاريخية، فضلوا مصلحة الوطن ومستقبل الشعب على السلطة ليتنازلوا تحت نداءات المواطنين سبع »سبع سنين بركات« لتحفظ اللحمة الوطنية وتجاوز الخلافات أمام إنطلاقة شعب عانى طويلا من ليل إستعماري بغيض. تمّ التخلص منه بفضل الإيمان والإخلاص والشبجاعة، وهي عناصر وقود كل مجهود تنموي في كل مراحل الحياة البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.