وزارة التربية تعلن عن تغيير مقر إيداع ملفات المصادقة على الوثائق المدرسية    تفكيك شبكة إجرامية وضبط أكثر من 178 ألف كبسولة مهلوسة بالجلفة    13 وفاة و504 إصابة خلال 48 ساعة بسبب حوادث المرور والغرق والتقلبات الجوية    تخفيضات الصيف تنعش الأسواق في سكيكدة وتخفف العبء المالي عن العائلات    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    الفريق أول شنقريحة يثمّن نتائج أشبال الأمة ويؤكد: أنتم إطارات المستقبل    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر2025): ستة اختصاصات رياضية تخوض منافسات اليوم السابع لتحقيق المزيد من الميداليات    منظمة التعاون الإسلامي تثمن عزم كندا ومالطا الاعتراف بدولة فلسطين    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60430 شهيدا و148722 مصابا    البطولة الإفريقية للمحليين-2024: المنتخب الوطني يحل بكمبالا    بوغالي يهنئ الفريق الوطني لكرة السلة بفوزه بلقب البطولة العربية    واضح يُشدّد على التعريف أكثر بمفهوم المقاول الذاتي    هذا جديد جامع الجزائر    ناصري يُطلق نداءً لوقف إبادة الفلسطينيين    بودن يدعو إلى إعادة التوازن لمنظومة العلاقات الدولية    الموت جوعاً يحصد أرواح أطفال غزّة    هذه تفاصيل عطلة الأمومة..    أمطار بعدّة ولايات    منصب أممي لبن جامع    زيارة عون إلى الجزائر كانت ناجحة بكل المعايير    أهمية بالغة لتثمين الكفاءات الجزائرية المقيمة في الخارج    وهران: الطبعة الثانية للصالون الدولي لطب الأسنان "امداكس" من 18 إلى 20 سبتمبر    ثقل دبلوماسي ودور محوري في حل النزاعات    بحث مختلف جوانب الشراكة الاستراتيجية    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    المهاجم بلحوسيني يغادر "السياسي" إلى "بلوزداد"    تحذير من كارثة صحية في مخيمات النّزوح بدارفور    قمع متواصل وتشهير منظّم لتشويه سمعة الإعلاميين في المغرب    مشاريع واعدة في قطاع التربية بتلمسان    الإعلان عن حاملي المشاريع المبتكرة    قطاع غزّة على شفا المجاعة    "فخّ" الجمال يهدد عيون الجزائريات    ارتداء لثام النيلة.. سرّ أهل تندوف    حملة للقضاء على الحظائر العشوائية بالعاصمة    النخبة الوطنية أمام رهان التألق في كل الرياضات    جدارية تذكارية تخلّد "الأحد الأسود"    المكتبة المتنقلة تُنعش الفضاء الثقافي    "الكلمة".. عرضٌ مسرحيّ يُوقظ الوعي في الشارع العنابي    إلياس سليماني رئيسٌ جديدٌ ل"الموك"    البنك الدولي يدرج الجزائر مجددا ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60332 شهيدا و147643 مصابا    جانت : قصر الميزان تيغورفيت أحد المعالم الأثرية والسياحية البارزة في المنطقة    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    وهران:" ليلة المتاحف " تصنع سهرة بنكهة مميزة    مجزرة جديدة في غزة: 86 شهيدًا بينهم 71 من منتظري المساعدات    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    افتتاح صالون دعم الاستثمار    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاهدة سيداتي آسيا.. جلادها الفرنسي تعمد سحلها والأديبة جبّار اتخذت اسمها!
لأنها كانت تدرّس القرآن واللغة العربية
نشر في الشروق اليومي يوم 10 - 05 - 2018

في لقائنا بالمجاهدة آسيا بن مقدم أو كما يحلو لسكان مدينة شرشال في ولاية تيبازة أن ينادونها "سيداتي آسيا" كونها كانت معلمة بالكتاتيب القرآنية التي أسستها جمعية العلماء المسلمين، ربت أجيال كثيرة منذ ولوجها عالم التعليم سنة 1951 إلى أن تقاعدت سنة 1994، شد انتباهنا المزج المقدس بين رسالة التعليم بالواجب الوطني الثوري، إذ تعد أحد العناصر النشيطة في شبكة الشهيدة لالة يمينة، كما تعد من الصديقات الحميمات للأديبة آسيا جبار لدرجة أنها اختارت أسمها لشهرتها الأدبية العالمية.
آسيا بن مقدم مجاهدة من مواليد 17مارس سنة 1935 بمدينة شرشال وهي أم لخمسة أبناء منهم بنتين تقفوا أثار أمهم في التعليم وهما أمال أستاذة في مادة التاريخ والجغرافيا ووفاء أستاذة في اللغة الإنجليزية، كما لم تخفي أنها كانت صديقة حميمة للأديبة العالمية آسيا جبار منذ كن في صفوف الكشافة الإسلامية وكونها كانت جارتها بعين القصيبة لدرجة أنها أتخذت اسمها "آسيا" كاسم لشهرتها الأدبية لأن اسمها الحقيقي هو فاطمة الزهراء إملحاين، وتضيف إلى أن الكاتب والسفير والوزير الأسبق للشباب والرياضة بوشامة كمال درس عندها سنة 1956 وتعلم أولى خطوط الحروف العربية وحفظ الآيات القرآنية، شأنه شأن الروائية والكاتبة الصحفية نورة صاري التي درست عندها هي الأخرى ككل الإطارات التي سكنت بيوت شرشال العتيقة.
وفي حوار مع "الشروق" حطتنا المجاهدة والمعلمة وسط أجواء وظروف تاريخية من خلال سيناريو شهاداتها عن نضالها الممزوج بالتعليم والواجب الثوري منوهة بجيلها الذي أدى الرسالة التعليمية بالمخاطرة وتقديم النفس والنفيس لإنجاح الثورة الجزائرية من أجل مستقبل أفضل وكيف كان التعليم القلعة الأولى لضمان استمرار المقاومة من أجل كسر قيود الاستعمار، مشيرة إلى أنه كان صراعا بين المدارس القرآنية الباديسية والمدارس الرسمية الفرنسية التي كانت تحارب وتعارض تواجدها، فيما كانت المدارس القرآنية من جهتها تحافظ على الهوية الوطنية الإسلامية بكل مقوماتها.
وتبين الكنية التي أكتسبتها المجاهدة آسيا بن مقدم والمتمثلة في "سيداتي آسيا" الأثر والبصمات الإيجابية التي تركتها في الوسط الشرشالي، هذه المربية التي كانت معلمة بالمدرسة القرآنية "الراشدية" المتواجدة بالحي الشعبي عين القصيبة وسط المدينة منذ سنة 1951 والتي أسستها جمعية العلماء المسلمين وكان المسئول عن المدرسة بالمدينة أنذاك "علي شنتير"، كما أشارت في حوارها معنا أنها تأثرت منذ صغرها بالنضال من اجل الوطن وأرجعت ذلك إلى بداية إدراكها للوضع العام قبل الثورة وكيف بدأت تتشبع بالروح النضالية الوطنية وقالت أن من حسن حظها أنها ابنة عم الشهيد "محمد دزيري" المعروف بجنونه على الوطن إلى أن كني "بالدزيري" في شرشال وخالها عبد الله حمداني اللذان يعتبران من الشهداء المباشرين لنضالهم منذ أحداث أول ماي سنة 1945 التي جرت بشرشال من أجل المطالبة بالإستقلال، وخلال الثورة النوفمبرية ناضلت المعلمة كامرأة في العمل الثوري رفقة أبنتي عمها زهية وزبيدة بن مقدم وتعاهدوا على الجهاد حتى النصر أو الاستشهاد، خضن عملهن بلباس "الحايك بالتنقيبة" كما يعرف محليا وكان هذا اللباس التقليدي يساعدهن على إخفاء الهوية الحقيقية الخاصة بهن ما سهل عليهن التنقل بسهولة.
وفي ذات اليساق تقول المجاهدة المعلمة أنها اتخذت المدرسة مكان لتبادل البرقيات والرسائل الخاصة بالثورة فيما بعد من خلال تلقي سيداتي أسيا لتلك الوثائق من أصوار بيوت العائلات الثورية أمثال لالة يمينة عوداي التي كان يفصل بين منزلها والمدرسة حائط فقط، بينما أكدت "سيداتي" أنها من بين اللائي فكرن بمبادرة تخصيص صندوق التضامن أثناء الثورة بمدينة شرشال لجمع الأموال وكل ما يلزم للمجاهدين المرابطين بالجبال، وفي سنة 1957 تم القبض عليها من طرف السلطات العسكرية الفرنسية وقامت بتعذيبها على مستوى سجن بوزريعة بالعاصمة 15يوما بنهارها ولياليها، تقول "أنا وأختي فتيحة عذبنا ورأينا أبشع الإهانات وأنا لم أتجاوز 22سنة من عمري سيما وأن السلطات العسكرية الفرنسية التي اعتقلتنا تدرك أنني معلمة للغة العربية والقرآن الكريم وحتى يتمكنون من أن يسقطوا احترامي ويحبطون من عزمي ويدمرون معنوياتي قاموا في البداية بتجريدي من ملابسي وسحلي"، وأردفت تسرد بأنها لن تنسى جلادها الذي يكنى "باراسكنديلو" وهو أخطر وأعنف عنصر من وحدات القوات الخاصة للعسكر الفرنسي والذي عذبها من دون رحمة، وعقبت بالدارجة "حلفت كلمة ما تسمعها فرنسا" والحمد لله ربي وفقني لمقاومة التعذيب.
وفي اليوم 15 من يوم الاعتقال تؤكد البطلة أنها لن تنسى اليوم الأخير في غرفة التعذيب عندما أتى عندها الجلاد وقال لها "استعدي لحفر قبرك بيديك"، حينها تعرضت لاضطراب نفسي وشرعت في الصراخ حتى سمعها كل السجناء وبدؤوا بالنشيد أنشودة "من جبالنا"، حتى جاء عندها أحد حراس السجن وهو يهودي الديانة وقال لها "أسكتي يا ابنتي غدا سيتم إطلاق سراحك" وهذا لتهدئة الأوضاع بالسجن الذي زلزل بالأناشيد تضامنا معها سيما وأن السجناء سمعوا صراخ وأنات من صوت امرأة تخضع للتعذيب.
وبعد إفتكاك الإستقلال وطرد المستدمر الفرنسي واصلت سيداتي آسيا رسالتها في جهادها الأكبر إلى غاية سنة 1994 أين تقاعدت عن العمل كأستاذة بمتوسطة المسماة على مسئولتها في العمل الثوري الشهيدة يمينة عوداي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.