مداحي تشرف على افتتاح الطبعة 24 للصالون الدولي للسياحة والأسفار    هيئات حقوقية وسياسية مغربية بأوروبا تدين بشدة زيارة العار ل"أئمة" إلى الكيان الصهيوني    كرة السلة : فوز عريض للجزائر أمام الكويت    بطولة إفريقيا للمحليين 2024: وفد "الكاف" ينهي جولته التفتيشية في البلدان المستضيفة للدورة    موسم الاصطياف: وصول فوج من 51 طفلا من الجالية الوطنية بالخارج إلى وهران    النزاع في السودان : الجزائر تجدّد الدعوة لوقف كل أشكال التدخلات الأجنبية    ابراهيم غالي : على الأمم المتحدة الاسراع في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    لمعالجة المسائل ذات الاهتمام المشترك.. عطاف يدعو إلى تفعيل مجلس الشراكة الجزائرية-الأوروبية    ميناء مستغانم : نمو ب 51 في المائة للنشاط التجاري    بالتنسيق مع سفارة الجزائر بموسكو..لقاء افتراضي لفائدة الجالية الوطنية بالخارج    مبادرة لصون المعالم الدينية ذات البعد التاريخي … والي البويرة يشرف على افتتاح مسجد آث براهم العتيق بعد ترميمه    منجم غار جبيلات : مشروع استراتيجي لتعزيز الاقتصاد الوطني وامتصاص البطالة    الإذاعة الجزائرية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية للشعر الملحون المغنى    فلسطين الحصن المنيع لاستمرار الأمة    محادثات بين سوناطراك وكبرى الشركات العالمية    الجزائر تشارك في تظاهرة الأردن    الخضر في المركز ال36    شايب يوقّع على سجل التعازي    ضبط قنطار من الكيف بسيدي بلعباس    توقيف مسبوق قضائياً بالبليدة    الاستماع إلى خبراء حول مشروع قانون حماية الأشخاص    نعم نحن في القرن الواحد والعشرين!    دعاوى لتصنيف مواقع أثرية ومبان تاريخية    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    "أناب" تكرّم ياسمينة سَلام    كرة القدم/كأس إفريقيا للأمم للسيدات 2024 / المجموعة 2 : وضعية المجموعة قبل الجولة الثالثة    سيدي بلعباس: افتتاح فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بحضور جماهيري كبير    تجارة : حملات ميدانية للوقاية من التسممات الغذائية خلال الصيف    التعرض لأشعة الشمس خلال الصيف: ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للاستفادة من منافعها بعيدا عن أي ضرر    الوزير الأول نذير العرباوي يزور أجنحة دول شقيقة وصديقة بمعرض "إكسبو-أوساكا 2025"    باريس مارست عليّ ضغوطا لتصفية القضية الصحراوية    وفاة المستشارة برئاسة الجمهورية الصحراوية خديجة حمدي    نظام رقمي لتسيير النفايات بسيدي عمار    إنشاء مركز لدعم التكنولوجيا والابتكار بوهران    خطوة جديدة لتنويع الشركاء الدوليين    حماة الوطن قوة وعزيمة    توظيف التكنولوجيا لصون الذّاكرة الوطنية    الاتفاق على استحداث آلية للتنسيق الحدودي    تنصيب اللّجنة العلمية لمتحف الحضارة الإسلامية بجامع الجزائر    "سونلغاز "تفتح آفاق التعاون مع البنين    المغرب يثير الفوضى بسرقة العلم الصحراوي    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    عاصمة شولوس تحتضن أولمبياد التحدي الصيفي    هدم بناءات فوضوية بالبوني    الأمم المتحدة تُحيي اليوم الدولي لنيلسون مانديلا وتؤكد: القدرة على إنهاء الفقر وعدم المساواة بين أيدينا    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    تشيلسي في النهائي    "من النسيان إلى الذاكرة" ثمرة تواصل مع المنفيين    شيتة يغادر وفسخ عقد الكونغولي مونديكو    "المحاربات" في مهمة التأكيد أمام تونس    وهران تناقش "دور المرأة في صناعة التاريخ"    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضربة قاصمة لأصحاب المال الفاسد!
سجن الحراش تحول إلى أغنى تجمع لرجال الأعمال
نشر في الشروق اليومي يوم 11 - 06 - 2019

بات “المال الفاسد” أمام منعرج تاريخي يهدد مستقبله كفاعل في المشهد الوطني، فبعد أن كان يصنع القرار السياسي أو يساهم في صناعته، على مدار العقدين الأخيرين، أصبح اليوم رموزه مطاردين تحت رحمة سلطة القانون، في مشهد سيريح من دون شك من اشتكى من استفحال هذه الظاهرة ولم يجد من يصغي إليه.
فبالأمس فقط أضيفت أسماء من عائلة معروفة بثرائها، إلى قائمة الأسماء الموجودة بسجن الحراش، وهي عائلة طحكوت، التي تنشط في قطاع تركيب السيارات، وخدمات النقل الجامعي، التي توقفت بالأمس بمجرد الإعلان عن سجن مالكيها.
أغنى سجن في العالم
وتحولت المؤسسة العقابية بالحراش، إلى “أغنى” سجن في العالم، على حد ما كتبه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، حيث يقبع مالكو عشرات الآلاف من الملايير خلف القضبان، وعلى رأسهم مالك مجمع “سيفيتال”، يسعد ربرارب، أغنى رجل في الجزائر والمغرب العربي والخامس إفريقيا، والذي تقدر ثروته، حسب آخر عدد لمجلة “فوربس” الأمريكية، المختصة بنحو 3.7 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو 70 ألف مليار سنتيم.
وإلى جانب ربراب، يقبع بسجن الحراش أيضا، ثاني أغنى رجل في الجزائر، علي حداد، مالك مجمع “أو تي آر آش بي” للأشغال العمومية، والذي تقدر ثروته بنحو 1.5 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو ثلاثين ألف مليار سنتيم، فضلا عن الأخوة كونيناف (خنينف)، مالكو مجمع “كوجيسي”، وقد التحق بهم في السجن بالأمس فقط، محيي الدين طحكوت وأفراد من عائلته، والتي تعد من أغنى العائلات في الجزائر أيضا.
وكان نفوذ “الشكارة”، كما يشار به إلى المال الفاسد، قد بلغ أقصى درجات عنفوانه في 30 جويلية 2017، عندما تحالف مع السياسة، وأسقط الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبّون، في واحدة من أبشع الفظائع السياسية، التي سُجّلت على المباشر من مقبرة العالية في جنازة رئيس الحكومة الأسبق، رضا مالك، حيث لوحظ السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ومستشاره الخاص، وعلي حداد، والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، وهم يقهقهون في المقبرة على مقربة من تبون، الذي فهم حينها أن مهمته كوزير أول انتهت.
ليالي القبض على المال الفاسد
ما قام به أصحاب “المال الفاسد” يومها ضد تبون، كان بمثابة رسالة قوية لكل من تمتد يده إلى القوة الصاعدة للمال السياسي، لأن تبون أخذ على عاتقه منذ تسلمه قيادة الوزارة الأولى، العمل من أجل فصل المال الفاسد عن السياسة، غير أن الإثنين تحالفا ضده و”تغداو بيه قبل ما يتعشى بيهم”، على حد قول المثل الجزائري السائد.
ومنذ العهدة الثانية للرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، تحول المال الفاسد إلى أداة حادة وظفت في العملية السياسية، فكل عهدة من العهد الأربع المنقضية لبوتفليقة، شهدت الجزائر اصطفافا ماليا فاضحا مع هذا المرشح أو ذاك، وقد وقف الجزائريون في عام 2004 على تحطيم مجموع “بلانكي” الصاعد وسجن مالكه، لأنه لم يساهم في تمويل الحملة الانتخابية للعهدة الثانية لبوتفليقة، بل اختار الاصطفاف إلى جانب المرشح للرئاسيات حينها، علي بن فليس.
وقد تحولت حادثة تحطيم مجمع “بلانكي”، إلى درس لأصحاب المال، وبات جميعهم رهن إشارة من شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة الموجود حاليا بالسجن العسكري بالبليدة، وأغدق الجميع الأموال ومن دون حساب على الحملة الانتخابية للعهدة الثالثة كل حسب طموحه في التموقع، وكان علي حداد الأكثر سخاء، ولم يتخلف يسعد ربراب ومحيي الدين طحكوت وغيرهما، عن الركب، وتحول منتدى رؤساء المؤسسات، وكان يرأسه يومها، رضا حمياني، إلى الذراع المالية للعصابة، كما أسماها الحراك الشعبي..
غير أن الخلاف دب بين رجال الأعمال المنضوين تحت لواء منتدى رؤساء المؤسسات، بسبب خلاف حول الموقف من العهدة الرابعة للرئيس المستقيل، واستقال حمياني ليخلفه حداد، كما استقال يسعد ربراب من المنتدى، رافضا تمويل العهدة الرابعة، بعد أن تلقى الإيعاز من مدير دائرة الاستعلامات والأمن الموجود بالسجن العسكري بالبليدة، الفريق محمد مدين المدعو توفيق، الذي دخل في خلاف مع بوتفليقة، انتهت بتقليم أظافر توفيق وإعادة هيكلة جهاز المخابرات، وتواصل العقاب بتأديب ربراب على “تمرده”، وبدأ يعاني من الضغوط وهو الذي بنى إمبراطوريته في مخمل الجنرال توفيق ومحيطه، وفي ظل حظوة فوق العادة على مستوى البنوك العمومية ومصالح كل من الضرائب والجمارك..
درس تمويل العهدة الرابعة كان قاسيا على كل من تمرد على شقيق الرئيس السابق، فقد دخل الجميع بيت الطاعة إلا من بقي خارج الدائرة الضيقة، وتوسعت قائمة أصحاب المال السياسي، وكبرت ثروات كل من ساهم في دعم العهدة الرابعة، بشكل فاحش بفعل تواطئهم مع السلطة السابقة، وتحول المال الفاسد إلى سيد القرار في الانتخابات المحلية والتشريعية الأخيرتين، حتى أن نجل الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس (المتابع في قضايا فساد عندما كان وزيرا للتضامن)، ضبط متلبسا ببيع المراتب الأولى في قوائم الحزب العتيد في تشريعيات، لأصحاب الشكارة، وفر إلى الخارج ولم يعد إلى البلاد، إلا بعد أن تلقى ضمانات بعدم تعرضه للمتابعة القضائية.
ما يتعرض له اليوم رجال المال السياسي من عقاب على جرائمهم الاقتصادية، وفق التسريبات، فاق كل التوقعات من أكثر المراقبين تفاؤلا بمحاربة الفساد، وهو ما يشكل ضربة قاصمة للمال الفساد، ولكل من تسول له نفسه التورط مستقبلا في مستنقع السياسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.