لم يتورّع مناضلو جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عن المشاركة في المظاهرة التي نظمتها الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل في تيزي وزو أمس بمناسبة ذكرى "الربيع الأمازيغي". حزبان معارضان ممثلان على الساحة السياسية وفي المجالس المنتخبة يشاركان في مظاهرة نظمتها حركة منحرفة تستهدف الوحدة الوطنية، هذه هي النهاية التي آلت إليها المعارضة التي فشلت في إقناع المواطنين بخياراتها السياسية، فقد كان امتحان الانتخابات قاسيا على هذه المعارضة التي لم تستطع استيعاب النتائج التي خلُص إليها هذا الامتحان فإذا بها ترتمي في أحضان التطرّف من أجل العودة إلى الشارع وإعادة استقطاب بعض الأنصار. حركة «فرحات مهني» تدعو صراحة إلى انفصال منطقة القبائل عن الجزائر، ومشروع الاستقلال الذاتي الذي يروّج له «مهني»، المقيم بفرنسا، يضرب الوحدة الوطنية في الصميم، غير أن هذا لم يمنع «الأرسيدي» و«الأفافاس» من ركوب موجة الانفصال من أجل رفع الشعارات السياسية التي تتحدث عن الانتخابات الرئاسية ونتائجها، وهذا يعتبر في حد ذاته تحوّلا خطيرا في سلوك المعارضة. الأصل هو أن تعارض الأحزاب والحركات السياسية الحكومة وسياساتها، ولم نسمع في تاريخ الأمم عن أحزاب تعارض الدولة وتريد أن تفككها، وفي الحالة الجزائرية يمثّل اقتراب أحزاب معتمدة رسميا طبقا للدستور من حركة متطرّفة تدعو إلى الانفصال مؤشرا خطيرا على انزلاق هذه المعارضة نحو وجهة مجهولة. لقد خسر المقاطعون معركة الانتخابات، وهذه النكسة تدفعهم اليوم نحو ارتكاب خطايا سياسية ستزيد من عزلتهم داخل المجتمع وستجعلهم مجرّد هياكل فارغة بلا أنصار أو قواعد، وسيكون الانحدار نحو الأطروحات المتطرفة دليلا قويا على الخواء الفكري الذي تعاني منه هذه الأحزاب، ودليلا على افتقادها لمشروع وطني واضح المعالم يهدف إلى تحقيق النهضة وليس إلى ضرب الوحدة الوطنية.