ينبغي "التحلي باليقظة والجدية والحرص على التواجد الميداني"    إقرار بدورالجزائر المحوري في نصرة القضايا العادلة    إلتزام الجزائر إتجاه اللاجئين الصحراويين "مثالي"    لوكسمبورغ تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    المغير: حجز أكثر من 11 ألف قرص مهلوس    جيجل : اصطدام قطار بسيارة يخلف مصابين اثنين    وفاة 46 شخصا وإصابة 1936 آخرين    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    إعلاء العقيدة الأممية في مجال تصفية الاستعمار    دعم الجزائر سند معنوي كبير للشعب الفلسطيني    تكييف إلزامي للبرامج والتجهيزات مع التطوّرات التكنولوجية    تعميق الممارسة الديمقراطية وتقوية المؤسّسات    جائزة الابتكار المدرسي للاكتشاف المبكر للموهوبين    استحداث قطب تكنولوجي لتجسيد استراتيجية التحوّل الرقمي    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    الجزائر العاصمة: اختتام المخيم التكويني للوسيط الشبابي للوقاية من المخدرات    الرابطة الاولى: فوز ثمين لفريق مولودية الجزائر أمام مولودية وهران 3-2    هزة أرضية بشدة 3 بولاية المدية    برنامج التبادل الثقافي بين ولايات الوطن : سكيكدة تستضيف الوادي    جيش الاحتلال يعلن بدء عمليته الموسّعة.. استشهاد 82 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على غزة    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    وزارة التجارة الخارجية توظّف في عدة رتب    رشيد بلادهان من جنيف.. اعتداء الكيان الصهيوني على الدوحة "جريمة نكراء" يسجلها التاريخ    أشغال عمومية: اجتماع عمل لضبط البرنامج المقترح في مشروع قانون المالية 2026    حضور جزائري في سفينة النيل    سعداوي يجتمع مع إطارات الوزارة ومديري التربية..تعليمات للتواجد الميداني وضمان دخول مدرسي ناجح    المجلس الأعلى للغة العربية: اجتماع لتنصيب لجنة مشروع "الأطلس اللساني الجزائري"    المجلس الشعبي الوطني : الجزائر تشارك في أشغال جمعية برلمانية لرابطة "آسيان" وإجتماعات البرلمان الإفريقي    بوابة رقمية للأفراد المعنيين بمعالجة معطياتهم الشخصية    ضرورة تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    محرز يتألق    ألعاب القوى مونديال- 2025: تأهل الجزائريان جمال سجاتي و سليمان مولى الى نصف نهائي سباق ال800 متر    الجزائر العاصمة : تنظيم معرض جهوي للمستلزمات المدرسية بقصرالمعارض    تجارة: إقبال واسع على جناح الجزائر بالصالون الدولي للصناعات الغذائية والمشروبات بموسكو    منصب جديد لصادي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    وزير الشؤون الدينية يعطي إشارة انطلاق الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم    تنصيب سويسي بولرباح مديرا للمدرسة الوطنية العليا لتكنولوجيات الإعلام والاتصال والبريد    الجزائر تشارك في اجتماعات البرلمان الإفريقي بجنوب إفريقيا    قرابة 29 ألف تدخل خلال السداسي الأول    تقديم كتاب سفينة المالوف    دعوة إلى تكثيف الأبحاث والحفريات بالأوراس    إطلاق الأسماء على الأولاد ذكورا وإناثا ..    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    الجزائر تشارك في اجتماعين وزاريين بأوساكا    شراكات جديدة لشركة الحديد    العُدوان على قطر اعتداء على الأمّة    ناصري وبوغالي يترأسان اجتماعاً    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    تيطراوي يطرق أبواب "الخضر" ويحرج بيتكوفيتش    مشواري لم يكن سهلا ورُفضت بسبب قصر قامتي    بن طالب يتألق مع ليل الفرنسي ويحدد أهدافه    188 عملية تخريب تطول المنشآت الكهربائية    وجه جديد لمداخل عاصمة الأمير عبد القادر    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة : أنغام الطبيعة
نبيه اسكندر الحسن/ سوريا

مشط خضيب الشمس سنابل القمح، وأخذت الجدران ترجع صدى همسات جنية النهر، قبل أن تزين نجمة المساء وشاح الأفق الفيروزي بوميضها، تأمل "سرحان" هذه اللوحة، صمَتَ مليا يفكر إلى أين سيذهب في مثل هذه السويعات الخريفية، أشعل لفافة التبغ بعود من الثقاب اليتيم، قذف العبوة الفارغة من الكوّة المطلة على الشارع، مج الدخان من فيه، شعر بضيق في صدره، سعل بشدة، فأدرك أنه بحاجة للهواء الطلق، دونما تردد دلف إلى الشارع، حث خطاه صوب منعطف يفضي إلى البساتين، يحمل على كتفيه سلة المتاعب، والهموم التي أرهقت كاهله، وطئت قدماه ضفة النهر، جلس تحت شجرة الصفصاف، أرسل بصره جنوبا لعله يحدد منبع هذا الجليل الطائي المنحدر من جبال الهرمل، بدا أمام ناظره كأفعوان يتلوى تحت خضيب الغروب، يحمل ما بداخله إلى مسافات طويلة، لم ينس أن يلقي التحية على أبناء القرى والمدن، فيستقبلونه بالترحاب والمودة، يتعمدون من مائه عرفانا بالجميل لوفائه، وقد حذت العصافير والفراشات حذوهم، وهو يترنم بين السهول والفجاج حتى إذ ما وصل إلى جروف الشاطئ الرملية يلقي برأسه التعب بين زبد البحر ليحتضنه الموج كأمّ حنون تضم طفلها الرضيع لصدرها. قبل أن يخلد الطائي للنوم في الأعماق، يقص على الأمواج حكايات عمّا شاهده من اليابسة، لم ينس أن يقدم عشرات الهدايا للأعماق .
وقف سرحان يتأمل الطائي، ويصغي إلى سمفونية الطبيعة الصامتة حتى شعر أن كل من حوله له دورا على خشبة مسرح الحياة، فحدث نفسه: "كل ذلك من إخراج محرك الكون".
لم يدر كيف انبثقت الحورية من اللجة، لتؤدي دورها، أُخذ برشاقتها وهي تتهادى كملاك، وطرف ثوبها الفيروزي يلامس سطح الماء، اندهش حينما وضعته في حقيقة أن البحر الذي أعان "زيوس" على اختطاف "أوربا" تشكل من الأنهر والينابيع الصغيرة .
أحس أنه صغير أمامها، لكنه تصنع معرفة الكثير عن مثل هذه الأمور. قال :
- لم تأتي بجديد.. أعرف ذلك .
- يا صاح.. الذي لا تعرفه أن "أدونيس" جاب البحار بحثا عن شقيقته آلهة الجمال .
- أعرف ذلك أيضا .
هزّت رأسها حزنا على وضعه، لقد أدركت مدى جهله بخفايا الأمور، تركته يغوص في لجج التساؤلات لعله يتعلم كيف يكون مهذبا مع أبنت الأعماق التي جادت بكرمها الطائي على أبناء اليابسة، لوحت بيدها :
- إذن وداعا يا مدعي المعرفة .
شقت ماء اللجة واتجهت إلى مخدعها. في أثناء ذلك ولجت الشمس إلى عالمها. وأخذت نجمة المساء ترسل ضوءا كابيا. لفت الحيرة صديقي، لم يكن يتوقع ما حصل، صمت مليا، أحس أن شيئا في رأسه يحثه على أن يحيك مخططا لاكتشاف ماهية حورية النهر ومكنون عالم الأعماق، فأخذ يؤنب ذاته كيف ضيع على نفسه الفرصة الثمينة ربما لن تتكرر. فجأة أنبأته الحواس بأنه متعب على غير العادة، لا يجد النوم إلى عينيه سبيلا، أدمن صداقة هذا الطائي المنحدر من رؤوس الجبال، يذرع ضفته ذهابا وإيابا كسمكة تجوب عباب الماء بحثا عن ضالتها. قفل أدراجه، تعج في تجاعيد دماغه عشرات الأسئلة ومقاييس جديدة، ربما خسر معرفتها بسبب ادعائه المعرفة، لم يشعر بمسافة الطريق، ولج الغرفة التي ترك بابها مفتوحا على مصراعيه، اندس تحت الشرشف، دون أن ينزع ثيابه المشبعة برطوبة الملح، حدق في سقف الغرفة، بدت الأعواد كالأنهر على الضفاف، وراح يتخيل الآلهة تتهادى فوق الأمواج، استرجع الآلهة السورية، والفرعونية والإغريقية والرومانية فقال لذاته: "صور الآلة متشابهة.. لكن الأسماء مختلفة والأزمنة.. فهي تندمج في إله واحد.. وإلا ماذا؟".
فقال لذاته: "هاهي الأرض بساطا أخضرا موشا بأزهار تتمايل أمام أفرديت". عيناها كوّتان في معبد عشتار فيهما يمامتان تهدلان في الهجير. رحل بأفكاره بعيدا، تبادر لذهنه "بجمالون"، لكن ما الفائدة لقد تجاهلته ورحلت دونما كلمة وداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.