اختتمت أول أمس بباتنة، فعاليات الصالون الوطني الأول للفنون الإسلامية المنظم مؤخرا في الفترة الممتدة من16 إلى 20 مارس الجاري ، بمدرسة الفنون الجميلة التي يديرها موسى كشكاش بمبادرة من جمعية سبع فنون التي يرأسها نحيلي بوزيد ،وهي المناسبة التي التقى فيها عدد معتبر من الفنانين المتخصصين في الفنون الإسلامية من منمنمات وزخرفة والخط العربي قدموا من أكثر من 20 ولاية عرضوا فيها آخر إبداعاتهم كما حضروا واستفادوا من عديد الورشات التطبيقية أطرها أساتذة لهم باع طويل في هذه الفنون وألقيت كذلك محاضرات قدمها أساتذة متخصصون تطرقت لعدة إشكاليات تاريخية ومعرفية ، حيث تناول عيسى بن دودة من الاغواط موضوع " الإشكاليات المعاصرة في الفنون الإسلامية "، أما عبد المالك موساوي فتحدث عن " الزخرفة في الطراز المغاربي الأندلسي "،أما بولعراس يوسف فتطرق إلى " دور الخطاط والناسخ في صناعة المخطوط العربي " كما نظمت بالمناسبة مسابقة وطنية لأحسن الأعمال المشاركة في المعرض والصالون توج خلالها بجوائز وزعت في حفل ختامي نظم بالمناسبة . ففي الخط العربي انتزع الجائزة الأولى الخطاط فنينش جمال من جيجل تبعه زرقين مصطفى من باتنة في المرتبة الثانية ،وسباع خالد من خنشلة في المرتبة الثالثة ، أما جوائز لجنة التحكيم في الزخرفة والخط العربي فنالها كل من بومجان يمينة من بسكرة ،داودي وداد من باتنة ،عبد الغني لدهم من الأغواط ،بن شعبان زوهير من جيجل . أما الجائزة الأولى في المنمنمات فنالها الفنان المخضرم خليلي أحمد من سكيكدة ،ونالت فراح أسماء الجائزة الثانية وحجبت الجائزة الثالثة . أما في فن الزخرفة الإسلامية فكانت الجوائز باتنية بتمامها حيث انتزعت جليد حنان الجائزة الأولى، تتلتها بن حركات فطيمة بالجائزة الثانية وعائشة بن براهيم بالجائزة الثالثة ودوادي غنية بالجائزة الرابعة . يذكر أن ضيوف الصالون قاموا بزيارة إلى مدينة تيمقاد الأثرية أين تلقوا شروحات مستفيضة حول المدينة القديمة . جاء في كلمة رئيس جمعية سبع فنون نحيلي بوزيد إن ما يواجه العالم اليوم هو صراع العولمة حيث إن كل طرف يحاول المحافظة على هويته من خلال الحفاظ على التراث الثقافي لكل شعب و نحن كأمة عربية وإسلامية لنا هويتنا الخاصة و من الواجب علينا الحفاظ عليها من خلال إقامة صالونات و مهرجانات و ملتقيات خاصة بالفنون الإسلامية، و هذا الصالون الأول يحتفي بفن الخط العربي و المنمنمات و الزخرفة الإسلامية لما لها من أهمية بالغة حيث أنها تحوي الكثير من الانعكاسات التراثية المتمازجة عبر العصور. و لا يخفى على احد التطورات الكبيرة التي طرأت على الساحة الفنية العربية و الإسلامية و التي قدمت الكثير من القيم الجمالية الرائعة ،فبرزت في مجال الفنون العربية الإسلامية الأصيلة لا سيما في مجال الخط العربي و المنمنمات و كذا الزخارف التي أدخلت على الفن المعماري الخاص في إنشاء المباني و المساجد و المدارس الدينية و القصور، و استخدمت الكتابات في زخارف الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة و غيرها في الكثير من المجالات. عيسى يحي بودودة " الإشكاليات المعاصرة في الفنون الإسلامية" في المحاضرة التي ألقاها الأستاذ عيسى يحي بودودة تطرق إلى الإشكاليات المعاصرة في الفنون الإسلامية، حيث اعتبر أن عودة اهتمام المسلمين بفنونهم وتطويرها شكلا ومضمونا له دلالة سوسيولوجية هامة وهو مؤشر واضح على عودة العقل المسلم للاهتمام بمسائل الحضارة بعد أن أصابه التبلد والنكوس والاستغراق في قرون من الجهل، ذلك الجهل الذي كانت أسبابه ذاتية أكثر مما هي خارجية. وفي تطرقه لإشكالية تعريف الفن الإسلامي، اعتبر الأستاذ عيسى يحي بودودة، أن الابستيمولوجيين يرون أن أي تعريف يجب أن يكون جامعا مانعا، بمعنى أن يكون محيطا بكل العناصر والأجزاء والتفاصيل الدقيقة اللازمة لتحديد أبعاد المفهوم، وأن يكون حائلا دون تدخل عناصر أو أجزاء أو تفاصيل دقيقة غريبة عن البنية المعرفية للمفهوم محل التعريف. وحاول الأستاذ بودودة إسقاط ذلك على مفهوم الفن الإسلامي. أما عن إشكالية علاقة الفن الإسلامي بالرموز، فأكد الأستاذ المحاضر، أن الرموز الثقافية والدينية تحتل مكانة هامة في الفنون المعاصرة بل إن بعض الفنون تقوم أساسا على استعمال الرموز مثل فن الإشهار وتصميم الشعارات، والفنان المسلم باعتباره مبدعا ضمن حدود تعاليم دينه، فإنه يتوجب عليه دراسة علاقة فنه بالرموز التي تظهر على أنها منافية لتعاليم ومبادئ شريعته، وقدم المحاضر بعض الأمثلة الدالة على ذلك. وعن إشكالية ضبط المجال الإبداعي والمعرفي للفنون الإسلامية فأكد المحاضر على أن الناقد الفني يجد صعوبة في تصنيف المنتجات الإبداعية بين تلك التي تدخل في ضمن المجال الإبداعي للفنون الإسلامية والأخرى التي لا يمكن إدراجها ضمن نفس المجال، وهذا الإشكال يتكون أساسا من صعوبة تحديد المجال المعرفي للفنون الإسلامية ابتداء، أي عدم القدرة الواضحة على الإجابة عن تساؤل ماهية الفن الإسلامي والفن غير الإسلامي، وقدم لتوضيح ذلك بعض الأمثلة. في تطرقه لإشكالية تحديد خصائص الفن الإسلامي، أشار الأستاذ عيسى يحي بودودة إلى بعض الآراء التي تحاول الاقتراب من هذه الإشكالية مثل الرأي الذي قدمه عفيف بهنسي وجاء فيه أن الفن الإسلامي أكثر وحدة من وحدة اللغة في شرقي أرض الإسلام، فعلى الرغم من بقاء لغات أخرى كالفارسية والتركية والهندية إلى جانب اللغة العربية فإن الفن الإسلامي لارتباطه بإيديولوجية واحدة حمل شخصية واحدة رغم اختلاف المذاهب والسلطات. وفي الخلاصة أشار المحاضر إلى أن الفن الإسلامي تواجهه عدة إشكاليات معرفية وعلى مستويات مختلفة والسبب يعود إلى التفاوت الغريب بين إنتاج الفن وإنتاج النقد الموازي له أي أنه يمكننا الحديث عن نجاح المسلمين الكبير في الفنون وفشلهم الذريع في النقد الفني والوصول إلى مادة فنية حضارية صالحة للتسويق العالمي. بولعراس يوسف "الخطاط والناسخ ودورهما في صناعة المخطوط العربي" قدم الأستاذ بولعراس يوسف محاضرة تناول فيها دور الخطاط والناسخ في صناعة المخطوط العربي مع تقديم مخطوطات الزيبان ببسكرة باعتبارها نموذجا، حيث أكد أن الحديث كثر في الآونة الأخيرة عن المخطوط العربي باعتباره عنصرا من عناصر هويتنا الثقافية والحضارية كونه تراثا لا ماديا وجب الحفاظ عليه من الضياع والاندثار، وذلك من خلال جمعه وتصنيفه ومعالجته وترميمه وفهرسته، ومن ثم تحقيقه وطبعه، ليعم نفعه وفائدته، ولكن قلما نجد بحسب المحاضر، من يتحدث عن المخطوط العربي في مراحل صناعته المختلفة ومن يقوم بهذه الصنعة الفنية المتميزة، فصناعة المخطوط العربي هي فن إسلامي بامتياز حيث يمر بمراحل مختلفة ومتتالية بدءا من التأليف إلى غاية مرحلة التغليف حيث يشترك في ذلك المؤلف، الناسخ الخطاط، المزخرف المذهب، المجلد، والكتبي الوراق...إلخ. وتطرق المحاضر إلى أهم مرحلة وهي دور الناسخ والخطاط في صناعة المخطوط وعلاقة الخط بالمخطوط باعتباره وعاء علميا معرفيا من جهة وباعتباره تحفة فنية تراثية من جهة ثانية، وقدم إجابة عن جملة من التساؤلات والإشكاليات أهمها تعريف المخطوط العربي، مراحل نسخه وكتابته وأدوات نسخه وخطه مع تقديم المسطرة نموذجا وكذا أهمية الخط في المحافظة على المخطوط العربي.