كاراتي دو/البطولة الوطنية: تتويج نادي مولودية الجزائر باللقب    موسم الاصطياف: وصول 80 طفلا من أبناء الجالية الوطنية بالخارج إلى عين تموشنت    فتح باب التسجيل في السنة الأولى ابتدائي اليوم الأحد    ضرورة إضفاء التوازن على الشراكة الاقتصادية بين الطرفين    الجمارك تمثل خط الدفاع الأول في حماية الاقتصاد الوطني    روسيا : لافروف يجتمع مع زعيم كوريا الشمالية ويشيد بعلاقة "أخوة لا تُقهر"    طُلب مني أن أغيّر موقفي من قضية الصحراء الغربية    ارتقاء 27 فلسطينياً واصابة 180    إصدار مذكرة تضبط إجراءات الدخول التكويني لدورة أكتوبر 2025 ..ياسين وليد: الدخول التكويني المقبل سيكون "بدون ورق"    الجامعة أضحت الفضاء الذي يتم فيه إيجاد حلول لانشغالات المواطن    الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر والتقيد بالتدابير الوقائية    سيدي بلعباس: ضبط أزيد من قنطار من الكيف    كرة السلة : فوز عريض للجزائر أمام الكويت    مداحي تشرف على افتتاح الطبعة 24 للصالون الدولي للسياحة والأسفار    موسم الاصطياف: وصول فوج من 51 طفلا من الجالية الوطنية بالخارج إلى وهران    ابراهيم غالي : على الأمم المتحدة الاسراع في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    مبادرة لصون المعالم الدينية ذات البعد التاريخي … والي البويرة يشرف على افتتاح مسجد آث براهم العتيق بعد ترميمه    غالي يدعو الأمم المتحدة إلى الإسراع في تنفيذ التزامها    التنديد بزيارة العار ل"أئمة" إلى الكيان الصهيوني    السكة الحديدية.. هندسة جديدة للخريطة التنموية    صورة جزائرية ضمن أحسن 10 صور في مسابقة عالمية    حلبة سباق السرعة لكل الفئات العمرية بالبليدة    عمورة يواصل الغياب عن تحضيرات فولفسبورغ    قرار انضمامي إلى فاينورد كان موفقا    انضمام الجزائر إلى "أسيان" ورقة رابحة لترقية الصادرات    بناء علاقة مستدامة للجالية الوطنية تجاه وطنها    توزيع مياه مجهولة المصدر بعنابة    منجم غارا جبيلات مكسب استراتيجي لامتصاص البطالة    تحذير من انتشار أمراض سرطان المعدة والقولون    تحذير من فيروس "أر أس في"    أطفال يبيعون كل شيء.. والأولياء في قفص الاتهام    الموت يتهدّد مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد إغلاق المعابر    غوص في عرش العزلة الإنسانية    "الفالوجة" تبدع لحظات فلسطينية مؤثرة    20 موسيقياً يصدرون ألبوماً مشتركاً    الإذاعة الجزائرية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية للشعر الملحون المغنى    المغرب يثير الفوضى بسرقة العلم الصحراوي    اجتماع اللجنة الأمنية الجزائرية-الموريتانية    الخضر في المركز ال36    الجزائر تمدّ يدّ المساعدة لسوريا    الجيش الوطني يتعزّز..    دعاوى لتصنيف مواقع أثرية ومبان تاريخية    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    "أناب" تكرّم ياسمينة سَلام    سيدي بلعباس: افتتاح فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بحضور جماهيري كبير    تجارة : حملات ميدانية للوقاية من التسممات الغذائية خلال الصيف    كرة القدم/كأس إفريقيا للأمم للسيدات 2024 / المجموعة 2 : وضعية المجموعة قبل الجولة الثالثة    الوزير الأول نذير العرباوي يزور أجنحة دول شقيقة وصديقة بمعرض "إكسبو-أوساكا 2025"    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    الأمم المتحدة تُحيي اليوم الدولي لنيلسون مانديلا وتؤكد: القدرة على إنهاء الفقر وعدم المساواة بين أيدينا    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة المتادور الوهراني الأخير، خوسي أورانو
الغجر يحبون أيضا
نشر في الجمهورية يوم 17 - 06 - 2019

نظر خوسي بعيدا من وراء زجاج سيارة الأجرة، شمّ رائحة البحر التي كانت تأتي من مكان ليس بعيدا. لم يسألها عن أي شيء، ولا حتى أين كانت طوال الخمسة أسابيع القاسية؟. كان يريد أن يوقظها لترى معه المغيب، والأشجار، والنخيل، وتشم معه رائحة البحر، ويسمع فقط همسها، لكنها كانت في سكينة ، مثل طفل يكتشف العالم لأول مرة، ويتشبث به بكل قواه حتى لا يفقده.
سخر خمنيث منه قائلا:
-كان يجب ألا أتركك تغادر لاكاليرا، بيتك، ومسقط رأس أجدادك، وتستقر في الكميل الذي لا شيء فيه إلا الكوريدا، وتدريب الأطفال. وهكذا نضعك تحت الرقابة الكلية و الجبرية .
- ما نبغيش عليه. طبعا، كان يجب ألاّ يتركني بعيدة عنه. لكن يا عمو خمنيث، الغباء لا دواء له. لحظتها لم يفكر إلا في ثيرانه ههههه. خسرت زباطا، لا أريد أن أخسر خوسي.
– كيف والدك، واصل خمينيث، بينما صمت خوسي كليا. كما تعرف متهم تهمة خطيرة. المسّ بأمن البلاد، والشروع في القتل، وتهريب الأسلحة. نزعنا تهمة الشروع في القتل، لأنه لا يوجد سند قانوني أو دليل يبررها. تهمة التهريب ليست مشكلة. وما ضبط معه ليس أكثر من بندقية صيد قديمة، أكد أنها للدفاع عن النفس وصيد « الحلوف» ، لا أكثر.
التفت الشاب السائق صوبهم نصف التفاتة، فهم خمنيث :
- أعرف، من وضع القنابل الموقوتة في قلوب النساء الجميلات، له الحق، فهو رجل مشهور وجميل. ضحك خوسي. قهقهت أنجلينا بصوت عال:
-خلص.. راحت على بقية الوهرانيات. لقد سرقته منهم أنجلينا. غجرية ومهبولة، عرفت كيف تسحره.
- معك حق. ضحك السائق الذي شاركهم بأغنية غجرية جميلة: « أنا عاشقة. أنا امرأة كلية غير قابلة للقسمة.
- صدفة جميلة ، قال السائق الشاب. أعرفه. عمو إمليانو زباطا محضر الثيران للمعارك. رجل كبير ويستحق الاحترام. وسعدت أن تركب معي ابنته ومتادور وهران العظيم.
- العالم أضيق من فتحة عين؟.
- أجمل شيء في وهران أن الكل، يلتقي بالكل. قال السائق الذي كان يناقش براحة، كأنه واحدة من المجموعة. يريدون تضيقيها، وهي خلقت للجميع. بل كنا فيها قبلهم. العرب كانوا هنا قبل القرن التاسع عشر. وكنتم هنا مع الهجرات الموريسكية الأولى، تعرفون أن جدي من مهجري محاكم التفتيش المقدس منذ القرن الثالث عشر، عندما سقطت طليطلة. حتى اسمي العائلي تتلي. وهي تحريف صغير للطليطلي.
. -. واوووو. برافو صاحت أنجلينا. في وهران تقاطعات غريبة. جدي من أمي قريب وضعه منكم. جاء إلى هذه الأرض في القرن السابع عشر، بينما من والدي جاء مجهرا من إسبانيا في عز الحرب ضد فرانكو. عندما ضاقت به الدنيا. كان بين أن يرحل من الجنوب إلى تلمسان، أو وهران. رأى أصدقاؤه أن طريق وهران كان أنسب وأكثر أمنا. فسلكوها..
- .تعرفين العربية سيدة أنجلينا؟.
سألها السائق. ضحكت :
-واش يا خويا حسبتني طاليانية ؟ ، وهرانية تاع الصح، لا أعرف غير هذا. واش تحبني نقولك. اندهش السائق من لغتها الوهرانية الحادة..
-خلعتني يا أختي .
- ههههه ، هذا باش نبين لك بلّي راني بنت الكميل، قبل ما يشتري بابا مزرعة صغيرة لتربية الدواجن. بطّل من الثيران.
- طيب. ولمَا اضطر عمو» زباطا «، إلى تهريب الأسلحة للانفصاليين كما يُسمّونهم، والثوار كما نسميهم، عندما يظلم شعب لا تلمّه، عما يمكن أن يفعله للحفاظ على وجوده. اندهش الجميع من حريته في الكلام. لدرجة أن « خوسي» انتابته بعض الشكوك. وبدأ يتفرّسه في المرآة العاكسة.
- لا تخف سيد خوسي، أنا وأخواتي، وأختي الكبيرة الفنانة، وصديقتها الفنانة الكبيرة نور، التي رسمتك كثيرا، لم نضيع ولا مقابلة من مقابلاتك، نحبك جدا، أختي كانت حاضرة يوم واجهت رجال الدين والمُضادين لرياضة الطوريرو، قالت لي بحماس، مسخهم واحدا واحدا، وبين نفاقهم، هي الشابة الحنطية التي طلبت منك قبعتك عند المخرج. لأنها في النهاية رحت لتشكرها. ثم طلبت منك القبعة للتصور بها فوضعتها أنت على رأسها. .
- واوووو.. ما هذا الحظ. طبعا أتذكرها.
- أما أختي الكبرى، كانت مع صديقتها الفنانة نور، سلمتك لوحة يوم انتصارك. تقليد دقيق عن رسم ل « فانسون فان غوخ «، سلمتها لك بعد نهاية مقابلتك مع افتتاح حلبات وهران بعد غياب طويل، قالت له جملة واحدة قبل انسحابها، كنت وراءها:
-أنت لا تعرفني، غامرت وجئت من أجلك، فقط لأراك، وأقول لك كنتَ مدهشا، هذه اللوحة أنا من أنجزتها لك، وسأرسم ثانية من وحي « الإستوكادا « التي أنجزتها اليوم ببهاء وسمو وقوة « الإستوكادا «، لكنها سرقت، يوم قتلها يهودي متطرف، في شارع جوفري، ليس بعيدا عن الكنيس اليهودي.
وضع خوسي أورانو يده على فمه، صمت لكيلا يصرخ مثل الذئب، نظرت إليه أنجلينا :
- ما بك ؟ ، أليست هي اللوحة التي في بيتك في الكمين؟.
- بالضبط. لكني أتساءل من أي سماء نزل هذا الشاب؟، هل قصدية إلهية، أم هو عناد الصدفة؟، لاحظ خمينيث حيرته:
- ألم أقل يا خوسي، أنه يجب أن نثق في الحياة أولا. لا الأفكار المسبقة ولا الإيديولوجيات الجاهزة تنفع.
معك حق عزيزي. يكفيني الآن أن أنجي حبيبتي، رجعت بعد كل هذه الغيبة ،. ليأخذوا ما يريدون، لم أعد معنيا بهم. تدخل السائق مرة أخرى..
- أعتذر، تمنيت لو طالت الرحلة أكثر، اقتربنا، سأحكي مع أختي عن لوحة الإستوكادا، كانت حقيقة تريد تسليمها لك يوم لقاء الكاتدرائية، لولا ذلك المجنون الذي سرق منها حياتها، كانت نور امرأة شديدة الطيبة، لم تزدها الحياة إلا حبا للناس.
- نتبادل العناوين والتليفونات ونتواصل، أتذكرها كما الآن، وأتذكر خجلها وبساطتها وعفويتها وفنيتها.
- قرأت بعض تصريحاتك عن القنابل التي وضعوها في بعض الأماكن العامة، طبعا نختلف، لكن حماقاتهم هي التي أحدثت شرخا في المجتمع الوهراني، طبيعي أن إميليانو، الذي يحبه الجميع، اختار مسلكا سبقه إليه الكثيرون، فرناندو باستيا مثلا ، الذي أخذ من محله في لاباستي وساقوه وفق الكثير من الشهادات، لشاطونوف في وهران، من يومها لم يظهر له أي أثر، حتى زبانا لم ينج منهم ، لقد رسموا الإعدام بالمقصلة.
شعر أورانو كأن قلبه سيسقط في صدره ، تذكر محاكمته وكيف وقف باستقامة، ولم تظهر عليه علامات الخوف حتى والقاضي العسكري ينطق حكمه بالإعدام.
-تعرفت عليه، كان صديقي، وفرقتنا الدنيا.
- زبانا كان يحب كرة القدم ومولع بها، يحب الكوريدا ولا يضيع مقابلة واحدة، كان يحب الفن الوهراني، لكنه عاش الظلم في سان لوسيان، وكان يكره الاعتداءات.
- قصته طويلة، حميدا كان لطيفا ومسالما، ولو أنه اختار طريقا صعبا، وقاسيا.
- وهل تظن يا سيد خوسي أن العاقل يحمل سلاحا للمتعة؟.
- لا طبعا.
-تابعت حركته ، بل أصبح نموذجا للكثير من الشباب، وأنا واحد منهم. قاد عملية لاماردو في 4 نوفمبر 1954 ومعركة غار بوجليدة في 8 نوفمبر 1954 التي وقع فيها أسيرا بعد أن أصيب برصاصتين أقعدتاه، نظر خوسي نحو خمنيث، لكنه لم يقل شيئا، فقد فهمه. واصل الشاب استعراض ما يعرفه. توقف في الضوء الأحمر عند مدخل لاكاليرا.
التفت نحو خوسي أورانو وسلمه بطاقته..
- هذه بطاقتي ، نتواصل قريبا، متى سمح وقتك طبعا.
..يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.