كلّما حدّثتَ أحدَهم عن حاله يصول و يجول بك عبر متاهة و ينتهي به القول أنّ الصحة رأس المال ، في حين يثبت السلوكُ اليومي أنّ المال هو رأس المال ، فترى النّاس َ صواعد نوازل يبتغون الغَرف ما شاء لهم أن يغرفوا ، منهم بالحلال الطيّب و منهم بالحرام الخبيث.. و إن كان السواد الأعظم من النّاس قد أضناهم السعي ، و منهم من يكون سعيه طول اليوم صفرا مصفرّا فثمّة سواعد لا يرهقها التفتيش في جيوب غيرها و لو تطلّب الأمر اختراقها بالأشعّة السينية ، ابتغاء إدهاق أكياسهم ، و التجّار العنوان البارز ، فأحالوا حياة المغبونين سعيرا و لهيبا و ظلّوا هم للدرهم تُبّعا ، يجابهون منتقديهم بحجج واهية ، غالبا ما يجتمعون و غيرُهم من السماسرة على إيجادها و الترويج لها للتحجّج بها ، رغم أنّ عبء الفارق في السعر حين الاستيراد تتحمّل تبعاته خزينة الدولة . لا تفكّروا في ضعيفي الدخل و متوسطيه ، انزلوا قليلا و تأمّلوا عديمي الدخل ، كم هي مصفرّة وجوههم و صفير بطونهم يكادون يخفونه حشمةً. لماذا تجتصّون على الزبون فَتُقيّدوه في سلاسل الغلاء يخترق نظرُه السلعة و لا يشتري ، يشتهي و لا تدغدغ اللقمة كرشه، و يقولون غدا لناظره قريب فبأيّ أنواع الطحين سيُعجن هذا الغد ؟