الجزائر/جنوب إفريقيا: التوقيع على محضر تفاهم لتعميق الشراكة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي    وهران : الطبعة الثانية لمعرض الحرمين الدولي للحج و العمرة بدء من 22 يوليو    وزير الاتصال يشرف على تنصيب الأمين العام الجديد للوزارة    سوريا: الكيان الصهيوني يسعى لتفكيك البلاد واستهداف وحدة شعبه    اليوم الدولي لنيلسون مانديلا: دعوة الى الاستلهام من رجل "غير مجرى التاريخ"    سباحة : تطبيق برنامج الاتحاد الدولي لدعم المواهب الشابة بداية من الموسم الرياضي 2025-2026    موجة حر مرتقبة بعدد من الولايات الساحلية بوسط و شرق البلاد يومي الجمعة والسبت    السلطات الإسبانية تحجز نحو ثلاثة أطنان من الحشيش القادم من المغرب خلال ال6 أشهر الأخيرة    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الإعلامي والكاتب جمال الدين مرداسي    سوناطراك: إطلاق النسخة الجديدة للموقع الإلكتروني للمجمع    البطولة الوطنية الصيفية للسباحة: شباب بلوزداد ينصب نفسه"بطلا فوق العادة"    مجلس الأمن: أطفال غزة مثلهم مثل الأطفال في كافة أنحاء العالم يستحقون السلام    غزة: سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة تضاعف بين مارس ويونيو الماضيين    تجارة خارجية: السيد رزيق يترأس اجتماعا لمراجعة قائمة المنتجات الفلاحية والغذائية المعنية بتجميد تصديرها    مزيان و زروقي يشرفان على افتتاح ندوة تكوينية حول الجيل الخامس(5G)    لا بديل عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية و إحياء المسار السياسي    محاور اجتماع للحكومة برئاسة الوزير الأول, نذير العرباوي :    إحباط محاولات إدخال أزيد من 3 قناطير من الكيف المعالج    ضمان الجزائر العلاج والخدمات الطبية الأساسية للاجئين    إحصاء 13 ألف مسجل غالبيتهم من الإناث    مرضى السكري أكثر عرضة لانسداد الشرايين    الصيف موسم للعلاج والتجدد    عنابة تحتضن تظاهرة علمية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي    جنوب إفريقيا تشيد بمستوى الجامعات الجزائرية    عروض تكوين تتماشى ومتطلّبات السوق لحاملي البكالوريا الجدد    جمعية "كافل اليتيم" في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    ذروة قياسية جديدة لاستهلاك الكهرباء في الجزائر    المخزن منصّة ثانية للدفاع عن المصالح الصهيونية    مجلس النّواب الإسباني يستقبل مجموعة من الأطفال الصحراويين    الداخلية تدعو المواطنين إلى التبليغ الفوري عن الحرائق    إيتوزا تطلق خطا جديدا بين بواسماعيل وبن عكنون    جثمان الفنان مدني نعمون يوارى الثرى بمقبرة قاريدي بالعاصمة    الجزائر تدين بشدّة العدوان الصهيوني على سوريا    85 % نسبة أشغال التوسعة بمصنع "فيات" بوهران    رقمنة القطاع السياحي رهان استراتيجي    بعنوان "بيوتر تشايكوفسكي موسيقى تتخطى الحدود"..حفل سيمفوني استثنائي بأوبرا الجزائر الخميس القادم    أفشوا السلام بينكم    فتاوى : اشتراط الشريك على شريكه أن يقرضه مالا    كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024:سيدات "الخضر" يستعدن لمواجهة غانا في ربع النهائي    ألعاب القوى/جائزة بريشيا الكبرى (800 م):الجزائري محمد علي غواند يحقق رقم قياسيا شخصيا جديدا    الطبعة السادسة لمعرض الكتاب بوهران تختتم مساء اليوم    بحلول عام 2030..أهمية الوقاية وتعزيز التكفل الطبي للقضاء على التهاب الكبد الفيروسي    30 عائلة بالسويدانية تلتحق بشققها    الجمعية العامة لبنك "شيلتر إفريقيا" بالجزائر : دعوات لبعث صناعة إفريقية حقيقية لمواد البناء وتعزيز التصدير البيني    جثمان الفنان مدني نعمون يوارى الثرى بمقبرة قاريدي بالعاصمة    مزيان وزروفي يشرفان على افتتاح ندوة تكوينية حول الجيل الخامس(5G)    معسكر: المجاهد سعيد اسطمبولي في ذمة الله    ممثلة المنظمة الدولية للهجرة تشيد بجهود الجزائر للتكفل باللاجئين    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    5شهداء وعدد من المفقودين تحت الأنقاض    معرض لأعمال ديني    مطار الجزائر يوظف مضيفات استعلام    عنابة تسحر البولونيين    غياب بلايلي عن الترجي يثير الاستفهام    أيمن بوقرة أول المستقدمين    حديث عن مغادرة عمراني للعارضة الفنية    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    فضائل ذهبية للحياء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساهمات
عبد القادر جغلول ...من أسماء وهران ..
نشر في الجمهورية يوم 06 - 06 - 2016

وأنا أتأمل رفوف مكتبتي لأختار- كعادتي كلما اقترب رمضان - كتبا خاصة أقرأها خلال الشهر الكريم، وقع بصري على آنية خزفية مزركشة، صغيرة، لا تسع أكثر من قطعة حلوى واحدة، تجثو مثل قط صغير إلى جانب كتاب(ثلاث دراسات عن ابن خلدون ) للمفكر والمثقف وعالم الاجتماع البروفيسور عبد القادر جغلول. كأن قطعة الخزف تلك متناهية الصغر، التي أبى المفكر الكبيرالمرحوم عبد القادر جغلول إلا أن يهديها لي أثناء ملتقى دولي عقد في الجزائر العاصمة. ولأن له تواضع العلماء فقد طلب رأيي ضمن بعض من كان يثق فيهم من الأدباء والمثقفين لأقترح عليه عناوين تثري سلسلة الكتب الفكرية والثقافية والتاريخية التي أسسها وأشرف عليها بعد أن نُصِّب مستشارا لدى رئاسة الجمهورية وسماها "أصوات مناهضة للكولونيالية" "voix de l'anticolonialisme". كأن تلك الآنية الخزفية الصغيرة تروم أن تقف بكل قوة ضد نسيان هذا الرجل العظيم على الرغم من هشاشة الخزف . حين تسلمتُ الآنية الخزفية الصغيرة من يده المرتعشة لم أخبر البروفيسور عبد القادر عن ذاك اليوم من أواسط التسعينات. سنوات الخوف والقسوة والجنون والضياع والتشتت .
وأنا أهم بالخروج من مكتب إدارة جامعة وهران، وقعت عيني على سيدة تجلس في قاعة الانتظار يلف الحزن وجهها الغريب الأليف، علمتُ أنها والدة المفكر عبد القادر جغلول، وعلمت أنها تجيء باستمرار دون كلل ولا ملل لتسأل إدارة الجامعة عن أخبار فلذة كبدها المفكر الكبيرالذي هاجر ولا خبر. نعم ومن غير الجامعة أقرب إلى عبد القادر جغلول، هو الذي بصحبة امحمد جليد، وطالب بن ذياب، وسامي ناير، والجيلالي صاري، ونذير معروف، وعلي الكنز، وجمال قريد، وعماربلحسن وآخرين عديدين من أسماء وهران الحسنى، قدموا الكثير للدرس الجامعي وجعلوا من علم الاجتماع الخيار الأمثل لكل بحث في التنمية، وعملوا على ربط نتاجهم المعرفي بمشروع الدولة الوطنية الجديدة.ثم لا غرابة حين ندرك أن عقل المفكر عبد القادر جغلول وريث جينات فكرية لمفكر جزائري آخر هو مصطفى الأشرف ! نعم..لا غرابة! بعد لقاء مبتسر مع مسؤولة الإدارة، خرجتْ والدة البروفيسور جغلول أكثر حزنا وضياعا. رافقتُها بسيارتي إلى وسط وهران، كانت سخية الدمع موجوعة القلب، تريد فقط أن تعرف إن كان ابنها على قيد الحياة، لم تصلها أخباره منذ زمن بعيد.بعيد بمقياس قلوب الأمهات. بعد عودتي من سفر الغربة والاغتراب من جديد، التقيتُ بالسيدة الأم الطيبة مرة ثانية قرب بيتنا عند الحديقة العامة بشارع خمسيتي، أخبرتها أن ابنها العزيز على قيد الحياة، دون ذكرالتفاصيل الأخرى القاسية، كنت أريد أن أترك الفرحة تنزل عليها مثل شلال غزير .. يا إلهي ما أهول قلب الأم !! مشينا قليلا ومررنا بباب ال"كريديش"المغلق الواقع بقلب وهران، ينام تحت يافطته: "المركز الجامعي للبحوث الاجتماعية والإنسانية التابع لجامعة وهران". كبرتُ على مقربة منه، ومررتُ بأبوابه الزجاجية المضيئة قبل أن تُطفأ وتُسيّج بالحديد، عدة مرات في اليوم ولسنوات طويلة، في طريقي إلى مدرسة ومتوسطة حمو بوتليليس وإليها و إلى ثانوية لطفي ومنها أو إلى المتاجر القريبة وخاصة المجمع التجاري (پرانتانيا Printania ( للتسوق. يحفظ تاريخ وهران الثقافي والفكري أن هذا المركز تحول على يد المفكر عبد القادر جغلول حين صار مديرا له إلى منارة حقيقية للثقافة والفكر عربيا وعالميا، جعل " الوهارنة " يلتقون بمحمد أركون، وسمير أمين، وحسن حنفي، ومحمد عابد الجابري، وعبد الوهاب مؤدب، وفتحي بن سلامة، ومحمود درويش، ورشيد ميموني، والطاهر جاووت، والأخضر فلوس، ويوسف سبتي، ومحمد زتيلي، وعمر أزراج، وآخرين . لم يكن المثقف عبد القادر جغلول من فصيلة المتبجحين الذين يظنون أن لولا أكتافهم لما رُفِعَتْ أعمدة الأرض، بل كان العالم جغلول يقدم ما يستطيعه وأكثر بصمت وكرم، يُؤْثر الآخرين على نفسه. وبرؤيته الاستشرافية راهن على أسماء أدبية شابة آنذاك، فأسس سلسلة(كُتّاب الحاضر) وترك الحرية لمبدع ومفكر آخر يشرف عليها وهو القصاص الأديب عمار بلحسن ، وبوسائل بسيطة جدا متمثّلة في آلة الرونيو المكانيكية، نشر المفكر جغلول لشباب أصبحوا في ما بعد أسماء لامعة منهم الطاهر جاووت، وعدي الهواري، و هواري تواتي، وبن خيرة، ومحمد سحابة، وأمين الزاوي ونذير معروف، وغيرهم. مازلت كلما مررت على باب المركز المغلق بحديد علاه الصدأ،أذكر عطلة ذلك الصيف وأنا عائدة من دمشق حيث كنت طالبة في الدراسات العليا، وإذا بي أستلم من مركز عبد القادر جغلول مجموعتي الشعرية (التهمة ). على رف مكتبتي، أضع الآنية الصغيرة الخزفية الأنيقة جانبا، ثم أجذب كتاب المفكر عبد القادر جغلول (ثلاث دراسات عن ابن خلدون)، سأعيد قراءته في رمضان.. ورمضانكم كريم !! .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.