المدرسة العليا للدرك الوطني الشهيد "مواز أحمد" : العميد بورمانة يشرف على تخرج عدة دفعات    موسم الحصاد والدرس: مهنيون يؤكدون أن محصول 2025 سيكون أوفر من الموسم الماضي    نفت سعيها للحصول على أسلحة نووية… إيران تتوعد برد مدمر وتطلق دفعة جديدة من الصواريخ نحو إسرائيل    الأوضاع الكارثية في غزة تتصدر أشغال الدورة ال59 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان    قافلة الصمود المغاربية قراءة فلسطينية    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة -2025/ رجال:اتحاد الجزائر، حامل الكأس، في مواجهة نادي سطاوالي، بطل الموسم    البطولة الوطنية للجيدو ما بين مصالح الشرطة: انطلاق منافسات الطبعة ال14 بوهران    كأس إفريقيا سيدات : المنتخب الجزائري يشرع في تربص تحضيري بوهران    المسيلة: السيد ربيقة يشرف على إحياء الذكرى ال67 لاستشهاد البطل عبد الرحمان عبداوي    الوادي : انتقاء 15 عرضا للمشاركة في المهرجان الدولي للمونودراما النسائي    الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان: مجموعة جنيف تنظم ندوة حول تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    رئيس وزراء العراق: الكيان الصهيوني يسعى إلى توسيع رقعة الحرب بالمنطقة    المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي : تنافس 7 مسرحيات على "العنقود الذهبي"    اليوم العالمي للطفل الإفريقي: وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    المجلس الأعلى للشباب : قافلة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي تحط رحالها بإيليزي    جلسة عمل جزائرية–أمريكية لاتينية لتعزيز التعاون البرلماني ودعم القضايا العادلة    سونارام وليون الماليزي يعززان تعاونهما في قطاع المناجم والصناعة الفولاذية    إطلاق مشروع تعميم العنونة الجغرافية بورقلة: خطوة استراتيجية نحو تنمية محلية مستدامة    وزارة العدل تشرع في دورات تكوينية    خطط لتطوير وكالة الأنباء    دعم رئاسي لمشاريع الأسر المنتجة    دعوة للاستثمار الفوري    شايب وواضح يشاركان في لقاء حول المقاولاتية    ما تْغامْروش..    شرطة المسيلة توقف 18 شخصا    هل يصل سعر البترول إلى 150 دولاراً؟    هلاك إرهابي صهيوني في غزّة    غريب يدعو إلى رفع نسبة الإدماج    طوابع بريدية جديدة    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    ..استنفار لإنجاح حملة الحصاد 2025    جاهزية تامة لإطلاق شركة النّقل الجوي الداخلي    صواريخ إيران تزرع الرعب.. وتل أبيب تتوجّع    استكمال المشاريع الهيكلية وتحسين القدرة الشرائية    طلبة جزائريون ينجحون في إطلاق صاروخ بأمريكا    دفع التعاون الجزائري - العماني في صناعة الأدوية    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    تعليمات لتسريع تسليم المشاريع السكنية الجديدة    إجراءات تنظيمية وتدابير أمنية محكمة    تعادل مثير بين الأهلي وميامي    مشكلة حراس "الخضر" مستمرة وتضع بيتكوفيتش في ورطة    إسلام منصوري يفتك القميص الأصفر    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية لسنة 2025    ذاكرة تُكرّم وأصوات تُخلد    دورة تكوينية في المقاولاتية للطلبة ذوي الهمم    يوم دراسي حول المسؤولية الطبية    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    صحة: سايحي يتحادث مع نظيره التونسي    الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تحدد شروط الصعود والنزول للموسم 2025-2026    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    بشارات ربانية عظيمة    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مذهب الإمام مالك محاط بسياج عظيم وأدلة قوية"
الشيخ مصطفى بن علال أستاذ الفقه بمكة المكرمة ل "الجمهورية":
نشر في الجمهورية يوم 27 - 12 - 2010

الأستاذ العلامة مصطفى بن علال من بني صاف إلى مكة المكرمة رحلة علم وتأليف وتدريس إمتدت إلى أكثر من عقدين من الزمن، الشيخ الفاضل لا يزال يدرس بثانوية الصّولتية بمكة المكرمة الفقه وأصوله وتاريخ الأدب، إلتقت به الجمهورية وانتهزت فرصة تواجده بالجزائر لزيارة أهله وأصدقائه لتجري معه حوارا حول المذهب المالكي الذي يدعو إلى التمسك به بإعتباره مذهب البدو محاط بسياج علمي عظيم وأدلة قوية وحول تيار السلفية وعن مؤفاته ومشاريعه وأشياء أخرى علما وأن الجريدة كانت قد حاورته في أول لقاء حصل في 2007 حول عديد المسائل.
شيخنا وهو يتحدث إليك يشدد إليه بطلاقة لسانه وغزارة علمه النّافع.
الجمهورية: نستهل الحوار بما إنتهينا إليه في أول جلسة معكم في صائفة 2007 بالإستفسار عن الجديد بخصوص مؤلفاتكم؟
- م. بن علال : سبق أن ألّفت كتابا يتضمن المصادر ال 17 للإمام مالك وهو الأصل في الفصل أتبعته بكتاب ثان أطلقت عليه »إنارة السّدد في بيان سورة الغرف«
الكتاب الأول هو جار على كتاب الجواهر الثمينة في مذهب أهل المدينة للشيخ حسن نشاط رحمه الله خاتم المحقين المفتين في المذهب المالكي في الحجار، جار على نظمه وعلى ترتيبه ولكن بإختصار مع تبسيط في العبارات وقد تناولت فيه الأصول والمصادر التي بنى عليها الإمام مالك مذهبه إذ يؤكد من خلالها على أن الأدلة العلمية ثلاثة: أصل ومعقول أصل واستصحاب حال، فالأصل هو الكتاب والسّنة والإجماع ومعقول الأصل يدخل فيه معنى الخطاب الذي هو القياس ولحن الخطاب وفحوى الخطاب، واستصحاب الحال يدرج فيه براءة الذّمة والإنتقال عنها إلى وارد شرعي والمقارنة بين ذلك، بين الدليل العقلي والنقل الشرعي أي الدليل الشرعي الذي تدخل تحت خضمّه فروع كثيرة منها الاستحسان والاستصلاح ومراعاة المصالح والأعراف.
هذه كلها تناولتها شرحا وتقريرا في كتابي هذا ثم ألحقت به ما يعوز فيه الناس الذين عدموا هذه المادة من الفوضى والحيرة لفقهيه فيخبطون يمنة ويسرة ثم ذكرت أدواءهم ومايقابلها من دواء
أما الكتاب الثاني :»إنارة السّدد في بيان سورة الغرف« وسورة الزمر هي سورة الغرف تناولتها آية أية وذكرت خصائص التركيب فيها من علم البيان وعلم المعاني وحتى علم البديع وفي ألقاب البلاغة الثلاثة أشرت إلى ما يتعلق بهذه السّور من فروع هذا العلم كالتشبيه وكتابة السورة واستعارتها والمحسّنات اللفظية ذكرتها كلها، هذا الكتاب يربوعن 250 صفحة ثم هناك كتاب آخر أطلقت عليه »أصول ملحق« ، يقع في 25 صفحة، تطرقت فيه إلى ذكر ذوي تيار »السّلفية« المصابين بالطّفح النفسي كما يقول الأدباء حيث لا يرون إلا أنفسهم في المرآة وهي آفة نفسية وقد تؤول إلى آفة اجتماعية والسبب في ذلك أن عنصر التربية والتقويم لم يسعفهم ولم يواكبهم في مراحل أعمارهم المختلفة، زد على ذلك أنهم وهم صغار لم يتلقّوا التربية المستفيضة على مشايخ العلم والتربية.
الجمهورية : وهل ننتظر منكم إصدار كتاب جديد في المستقبل القريب؟
- م. بن علال :أجل، سأذكر خواطري خاصة في باب السلوك والتصوف ضمن كتاب سأسميه على نهج القدماء إنها خواطر رحمانية.
الجمهورية: إلى أين وصلت فكرة إنشاء مشروع ديني بالجزائر كنتم قد حدثتمونا بشأنه في أول لقاء معكم؟
- م. بن علال : ما عندي مشروع في الجزائر إلا تأليف الكتب وتحقيق التراث لمالكي خاصة والعمل على بعث ما أصاب الكتب من موات في احداثها وفي رفوف المكتبات واحياؤها من جديد الأمر الذي يسهم في بعث المذهب المالكي وإحيائه وبالتالي إبعاد الآراء الهدامة على البلد وجعل الناس يستقرون فكريا وثقافيا وكذا أمنيا هذا هو الشقّ الأول من المشروع.
أما الشّق الثاني فلا بد من إنشاء مدرسة دينية قائمة بذاتها لكون أن مفعول المحاضرات في المساجد وهنا وهناك ضئيل ولا يحقق الغاية المرجوة ذلك أن المدرسة المنضوية تحت هيئة شرعية والمرخص بها من قبل السلطات يكون دورها أبعد نظرا وأثرا وأعمّ نفعا وأكثر إشعاعا.
ولو حباني الله بالإشراف عليها أنتقي لها أساتذة أكفاء إن شاء الله وأختار منهجا يواكب طبيعة البلد.
الجمهورية: وهل ثمة مساعي لتجسيد هذا المشروع الهام على أرض الواقع؟
- م. بن علال: إ قترحت الفكرة على أحد الأناس الميسورين المخلصين لدينهم ووطنهم والمتحمسين لمثل هذا العمل ووعدني بأن يتكفل هو شخصيا بإنجاز مدرسة من هذا النوع بكل مرافقها علاوة على تسديد مرتبات الأساتذة وأمنيتي أن يعينني الله عز وجل في انشاء هذه المؤسسة لتكون مرجعية دينية تساهم في بعث المذهب المالكي واحيائه ببلدي الجزائر.
الجمهورية: نود منكم أن تحدثونا عن تيار » السّلفية« وعن سلوكات المتشبثين به، وما الفرق بينه وبين المذهب المالكي مذهب البلد؟
- م. بن علال : هذا تيار للأسف شاع وذاع وملأ البقاع وخطره في المكان الأعلى وأنا من زمان مجند لهذا وفطرتي هي التي تحملني على مضادة أهواء هؤلاء وكذلك الرد عليهم وكنت قد رددت عليهم في كثير من المناسبات هناك في الحجاز والردود عندي موقعة توقيعا.
وقد سبق الذكر في لقاء 2007 وقلنا أن كل العلماء الذين نفروا لأجل تحصيل العلم هنا وهناك لا بد من أن يلتزموا بالأدب.
أدب الموافقة وأدب المساعفة ويتعين على العالم الداعية أن يتضلع في مذهبه الذي هو سائد في بلده وفي أرضه التي مسّت جلده حتى يجانس المتلقي (المدعو) فلا يحصل تنافر وتباعد بينهما وهذا أساس اتجاه الدعوة، أما أن يذهب إلى هنا وهناك ويأتي بمذاهب غريبة دخيلة على البلد وعلى الوسط الذي يعيش فيه فالحكم على فشل مشروعه الدعوي لعدم الموافقة أمر أكيد وجليّ والواجب يقتضي منا أن نكرس الفكرة ونعمق حيّزها في قلوب الناشئة وفي نفوسهم حتى يتضلّعوا بهذا المذهب العظيم ألا وهو المذهب المالكي وهو الصرّف الجسيم تماشيا ونزولا عند قول بن حزم » كان مذهب مالك مذهب السلف بالحجاز«
تريدون أن تكونوا مذهبيين؟ كانوا على مذهب مالك لما ذكرناه من المصالح الشرعية.
تريديون أن تكونوا سلفيين؟ فقد قلنا بأن بن حزم وهو العالم المجدّد النّظار أكد في أقواله وكتابته بأن مذهب مالك كان مذهب السّلف في الحجاز.
تريدون هذا أم ذاك؟ فأختاروا ولما لكم جلّ.
هذا الذي نودّ أن نشيعه وننشره في الأوساط إذ ليس هناك حل ومخرج من هذه الزعزعزة والزّوبعة الفكرية والتناطح الثقافي الذي كان أحد الأسباب الرئيسية في حصول العشرية السوداء إلا إلتزام بمذهب الإمام مالك فقط دون غيره، ومع ذلك نحن نحترم آراء المذاهب الأخرى وننظر إليها بمنظار أعلى لأنها آراء عملية لكن نبني أدلتنا على ترجيح مذهب الإمام مالك الذي نظل متمسكين به فهو محاط بسياج علمي عظيم وأدلة قوية ونحاج الآخرين حتى نوحّد الفكرة ونحول دون الشتات الفكري والتبعثر الثقافي الذي أدى إلى ما أدى إليه.
الجمهورية : سيدي الفاضل نلتمس منكم أن توضحوا للقارئ الكريم مدلول »المذهب السلفي« حتى يستوعب الفرق بينه وبين تنار » السلفية« الدخيل والغريب على مجتمعنا؟
- م. بن علال: يقول أبو حسن الزّيات إنما أوتي على الناس من باب الأسماء والمسميات حيث هناك كثير من الناس من يدّعى أنه سلفي وهوليس بسلفي والحقيقة أن السّلفي اسم للمنهج لا لقب للناس، فالسيد الشعراني في كتابه تنبيه المغترين، ذكر وقال :» كيف يجرؤا الناس على أن ينضووا تحت راية السّلف أو يسموّوا بأسمائهم ونحن لو نظرنا في أحوالنا وأحوالهم لرأينا يوما شاسعا؟ فهو في الثريا ونحن دون ذلك. وكيف نصل إليهم ونحن في هذه الورطة الفكرية والثقافية وإن شئت قلت دينية ؟ ولا ينجع فينا إلا الإ نتماء إلى الجنس البعيد ألا وهو الإسلام.
والرسول (صلى الله عليه وسلم) لمّا لقي الناس وهو على بعير قال اسلاميون وتسمية الخليل لنا كماوردت في القرآن الكريم» هو سمّاكم من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا..«
نحن نتمسك بهذا الإسم وكفى به فخرا وشرفا ومجدا »إسلاميون ومسلمون« لفظ فيه المسالمة والموادعة ومحبة الآخر.
أما » السلفية« فأول ما فيها تزكية النفس أنا أعلى من الآخرين وأنا كذا وأنا كذا... والسّلف كانوا على خلاف هذا وهنا تجدر بي الإشارة إلى قصة الإمام سفيان الثوري أبو سعيد رحمه الله حيث يذكر فيها أن الله بعثه من مضجعه ليقيم الليل فمرّ على قوم يشخرون فتساءل في نفسه كم ينام هؤلاء؟ فحرم القيام 4 شهور لأنه أذّل بنفسه عليهم، وأخواننا المنتمون لتيار » السّلفية« الدخيل علينا فيهم كثير من هذا الوصف وكما أسلفت توصلت إلى تأليف كتاب أسميته »أصول ملحق« ذكرت فيه آفاتهم وكيفية علاجها.
الجمهورية: أنتم تدرسون بثانوية الصوتية وأيضا في التعليم العالي بمكة المكرمة نريد وجهة نظرك بخصوص منهاج التعليم هناك بالمقارنة مع الجزائر؟
م. بن علال: بخصوص التعليم الأكاديمي أرى بصراحة أن المنهاج في الجزائر أقوى بكثير مما هو متبع في السعودية خاصة في المواد العلمية بل وحتى في المواد اللغوية.
الكتاب المدرسي في بلدنا غني بالأمثلة والتطبيق الذي يقرب المعنى البعيد للأذهان بينما هناك في السعودية يحاكون الكتب القديمة ويأخذون بالقاعدة التي يميزها حشو كبير وهذا ما يؤدي بالطالب إلى مواجهة صعوبة في الفهم والإستيعاب على خلاف ما هو موجود عندنا حيث القاعدة مبسطة ميسّرة.
الجمهورية: بلغنا أنكم كنتم تشرفون على حلقة بالحرم الملكي، فهلا حدثتنا عن هذه الحلقة؟
- م. بن علال: كان ذلك في التسيعنيات حيث كنت أتولى هذه الحلقة الرسمية كل صباح عدا الخميس والجمعة أ درس الحضور منظومة القرطبي رحمه الله لعبد الرحمان الرّافعي الأندلسي في الفقه المالكي وتسمى » القرطبية« كما كنت أدرس المتممة على الإجرامية في النحو إلى أن صدرت اجراءات » السّعوَدة« ما يقابل عندنا ب» الجزأرة« فتوقفت عن ممارسة هذا العمل، وأذكر أن الشيخ صالح بن حميد رئيس آية الحرمين آنذاكوهو صديقي الذي سهّل لي مأمورية القيام بهذه الحلقة أبلغني وقتئذ عن صدور هذا النظام الجديد الذي لا يجيز لغير السعودي الإشراف على أي حلقة.
الجمهورية: على ذكر الشيخ صالح بن حميد علمنا عن طريق بعض الجزائريين المقيمين في مكة المكرمة حدوث جدال فقهي بينك وبينه، هلا حدثتنا عن فحوى ذلك؟
- م. بن علال: الشيخ صالح بن حميد إمام خطيب المسجد الحرام وعضو في مجلس الشورى تجمعني وإياه صداقة حميمية وبالفعل كان بيني وبينه جدال فقهي مرة ذكر على فضلة النبي (صلى الله عليه وسلم) شيئا ما رضيت عنه فأجبته بالقول: يا شيخ الفقهاء يقولون كل ما يخرج منّا نجسا فهو منه طاهر، ومرة كنت أساوقه وتحدث في الإستبراء بأمر لم أطقه، فإنفلت وقلت له: لدينا في المذهب المالكي قاعدة في الإستبراء تقول :أن يمرّ الرجل بأصبع يسراه من الصّرم إلى رأس الذكر فإنه يدفع الحاصل ويمنع الواصل فقال :أعد عليّ وكتب العبارة كاملة، ومرّة أخرى نسب للمالكية أنهم يقولون:أن مالكا يعزى إليه جواز مسّ المصحف المحدث وأنا في الحلقة عنده ، فرددت عليه أمام الملأ: يا شيخ هذا مذهب ضعيف والمذهب الصحيح عندنا ما يقوله خليل بن اسحاق: ومنع حدثا صلاة وطوافا ومسّ المصحف ولو بعلاّقة ولو بقضيب أما ما ذكرته فهو مذهب اللّخمي الرفعي رحمه الله وقد قال فيه الشاعر: لقد مزّق قلبي سهام جفوننا كما مزّق اللّخمي مذهب مالك، فأخذ هذا عنيّ أيضا ودوّنه والحقيقة أن الشيخ صالح بن حميد كان يحبني وأبوه الشيخ عبد الله كان عالما جليلا.
الجمهورية: هناك حملة شرسة ضد الإسلام والمسلمين في بلدان الغرب خاصة في أوروبا تتجلى في حرق المصاحف والرسومات المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) وفي منع النقاب وغيرها، كيف التصدي لهؤلاء الحاقدين على ديننا الحنيف؟
- م. بن علال : هذه الأمور تعود كما يقولون إلى عقل الزمان وعقل الزمان في علم الإجتماع هو تكرّر أحداث عبر عصور والباعث عليها سبب متّحد وتكرر الحملة الصليبية نموذج لذلك وعددها (ثمان) 8 حملات شنّها الصليبيون ضد المسلمين بحقد دفين ظلما وعدوانا وحادثة السّرداب التي حصلت في الأندلس ليست ببعيدة.
كانوا يجمعون المسلمين ويدفنونهم أحياء أو يحرقونهم في دهاليز سرية، هذا سبب واحد.
والسبب الثاني ضعف الأمة الإسلامية وما تعيشه من سبات عميق وعدم احتراق الأمة لهذا الإسلام وعدم فرض ولاء الطاعة لهذا الدين الحنيف، نحن في حالة يرثى لها.
فحسن البصري يقول :» إني لا أستغرب وقوع البدعة ولكن أحنق لإستئناس القلوب بها«، والحقيقة أن الناس إستأنسوا بوقوع المخالفات ورضوا بها.
الجمهورية: لكن فيهم من ينادي بحوار الأديان والحضارات مارأيكم في هذا الطّرح؟
- م. بن علال : الحوار لا ننكره ولكن ليس في المسلمات والثوابت والأصول الإسلامية ونقرّ به في الجوامع البشرية الإنسانية أو ما يسمى بالتعايش ندعوهم ويدعوننا ونجالسهم ويجالسوننا وهو ما يسمى بالجدال الحسن.
الجمهورية: هناك ظاهرة تبعث على التفاؤل تتجلى في اقبال أهالي الغرب في أوروبا وأمريكا خاصة منهم فئة الشباب على اعتناق الإسلام بشكل لافت للإنتباه لم تعهده من قبل، ما هي العلّة وما هو السبب في ذلك؟
- م. بن علال : يقول الفلاسفة في عملية الإيجاب والتوليد ويشرحها قول الشاعر:
والناس أكياس من أن يمدحوا رجلا
لم يروا به آثار إحسان
أي أن الهبّة الإسلامية في الغرب نجمت عن مجهود حسين قامت به بعض الهيئات والجمعيات الخيرية وكذا بعض العلماء الدعاة الذين وفقهم الله تعالى إلى دغدغة الحسّ الديني في نفوس الناس.
إذن هناك مجهودات فردية وجماعية تحت غطاء هيئات خيرية انتشرت هنا وهناك وساهمت في هذا البعث الديني الموجود في أوروبا وأمريكا هذا البعث الذي سيستمر بل ويشتري ويستطير هذه قناعتي بخصوص هذه المسألة.
الجمهورية : ما تودّون إضافته؟
- م. بن علال : ما أود أن أضيفه يتعلق بوطننا الجزائر فكثير من الناس يباينون بين حقيقتين هما توأم أو فردقان لا ينفك أحدهما عن الاخر وكثير من الشباب ممن تدين أو طلب العلم تخفى عنه حقيقة ملزمة لا تحتاج إلى دليل، ألا وهي أن الإنتماء إلى الوطن وحبّه من أصل الدين، وهناك من يقول أن الإسلام ما جاء لتمجيد الأوطان وهو دين أممي. وأقول أن هذا يخالف شطره بل بالدليل وسنّة المصطفى الكريم ولا أقول ذلك اعتباطا بل بالدليل الواضح.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) لما جاءه جبريل عليه السلام في بداية نزول الوحي أتى خديجة يرجف ثم رافقته بعد ذلك إلى إبن عمّها ورقة بن نوفل هذا الأخير ردّد: والله لإنه الناموس الذي أنزل الله على موسى (ع) ولئن أدركت لأنصرنّك نصرا مظفرا، ثم قال: وسيكذّبك قومك وسيؤدونك، ولم يكن للرسول (صلى الله عليه وسلم) هنا ردّة فعل لكن لما قال له سيخرجك قومك ارتعدت فرائسه لمسألة تتعلق بالوطن» بمكة« وقال:أو مخرجي هم؟ قال : ما جاء أخذ قطّ بالذي جئت به إلا عوّدي.
وسيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه)لمّا هاجر من مكّة إلى المدينة أصابته الحمّى شوقا إلى مكة وكان يرفع عقيرته ببيت من الشعر ويقول : كل امرئ مصبّح في أهله والموت أدنى من شراف عليه.
وهذا بلال هاجر إلى المدينة المنورة وهو يردد في بيتين حنينه الشديد إلى مكة:
»ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة بواد وحولي إدخرٌ وجليل« (جبلان بمكة) و»هل أردَ اليوم المياه مجنّة وهل يبدو لي شامة وطفيا« ثم تتابع بعد ذلك العلماء يتمجّدون بأوطانهم.
الجمهورية: وما هي نصيحتك للشباب الجزائري؟
-م. بن علال :أن يرجعوا إلى مذهبهم المالكي فالتّمسك به فيه نجاة من هذه الفتنة وضمان للأمن والإستقرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.