الاحتلال الصهيوني يحتجز 3 آلاف فلسطيني من غزة منذ بدء العدوان    غزة: وزارة الصحة تحذر من كارثة في القطاع حال توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات    سيدي محمد عمار يجري مباحثات مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية    كأس الجزائر: عملية القرعة تقام يوم غد الاربعاء بمقر التلفزيون العمومي    الكرة الطائرة/البطولة الإفريقية للأندية: فوز جمعية البليدة على نادي الأمل الكونغولي (3-0)    حوادث المرور: وفاة 47 شخصا وإصابة 2017 آخرين بجروح خلال أسبوع    رفع سرعة تدفق الأنترنت لمدة شهر    أي دور للجامعة في الفضاء الاجتماعي؟    شنقريحة يستقبل نائب وزير الخارجية الروسي    روسيا حريصة على تطوير شراكتها بالجزائر    دعت إلى وضع حد لآلة القتل الهمجي للشعب الفلسطيني: الجزائر تحذر من اتخاذ الرد الإيراني ذريعة لاجتياح رفح    تنويه بدور الجزائر المحوري داخل مجلس الأمن    يخص المترشحين الأحرار في شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط: انطلاق الامتحان في مادة التربية البدنية والرياضية يوم 8 ماي    الجزائر تحتضن المعرض الإفريقي للتجارة البينية    كعباش يفوز بكأس تركيا لكرة اليد    رفضت تأهيل ملعب بكامبالا واللقاء في بلد محايد: الكاف تمنح الخضر امتيازا قبل مواجهة أوغندا    في وقت تضاربت الأسباب ما بين "إعفاء" وعقوبة: استبعاد دحان بيدة من إدارة لقاء سوسطارة ونهضة بركان    وليد يعرض بسويسرا جهود الجزائر    مكتبة ابن باديس تُثري جامع الجزائر    تنافس 70 فيلما على "الغزالة الذهبية" وفلسطين في قلب الحدث: أسماء بارزة بمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    في ذكرى يوم العلم..    "نوافذ على الآخر" كتابٌ جديد للدكتور أزراج عمر    قراءة في رواية « باب القنطرة» للكاتبة نجية عبير: «السّيّدات» .. انظر ما يوافق تربة قلبك وانثره فيها    وفق تقرير لجامعة هارفرد: الجزائري سليم بوقرموح ضمن أهم العلماء المساهمين في الطب    يُعتبر الأكبر وطنيا وتعليمات بالإسراع في الإنجاز: مصنع كربونات الكالسيوم بقسنطينة يبدأ الإنتاج بعد أسابيع    إنعقاد الدورة الأولى للمجلس الإستشاري لمعرض التجارة بين البلدان الإفريقية بالجزائر    عملية الجني انطلقت جنوب ميلة: توقع مردود يفوق مليون و 630 ألف قنطار من الثوم    توقيف لص والقبض على عصابة اعتداء: وضع حد لعصابة سرقة المواشي بباتنة    عين عبيد: مطالب بالتهيئة والربط بالشبكات بقرية زهانة    انطلاق فعاليات أسبوع الوقاية: جمع 3790 كيس دم خلال شهر رمضان    وهران.. أكثر من 200 عارض منتظرون في الطبعة 26 للصالون الدولي للصحة    بعثة الجزائر لدى الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد    اتفاقية تعاون بين جامعة البليدة وأكاديمية اسطنبول    حجز 29 طنا من الكيف و10 ملايين قرص مهلوس    محافظ بنك الجزائر يشارك في اجتماعات واشنطن    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    انطلاق عملية حجز التّذاكر للحجّاج المسافرين    عصرنة خدمات "بريد الجزائر" لرفع مستوى الخدمة العمومية    لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطين المستقلة    رفع الحصانة عن 7 نواب بالبرلمان    20 مليون يورو لمن يريد عمورة    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    تراجع مقلق في مستوى بكرار في الدوري الأمريكي    جهود لإبراز المقومات السياحية لعاصمة الصخرة السوداء    وفاة قرابة 3 آلاف جزائري في سنة واحدة    جوان حجام يتحدث عن علاقته مع بيتكوفيتش    المعتصم بالله واثق ميدني.. الطفل الذي أزهر عالم الأدب    ضبط 17كيسا من الفحم المهرب    استحضار الذكرى 26 لرحيل العقيد علي منجلي    إطلاق مسابقة حول التكنولوجيا الخضراء بجامعة قسنطينة(3)    إبراز المصطلح بين جهود القدماء والمحدثين    فرصة للاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية الجزائرية الأندلسية    رشيد علوش:نيل فلسطين لعضوية كاملة في الأمم المتحدة سيمكنها من الدفاع عن أراضيها المحتلة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    تمكين الحجاج من السفر مع بعض في نفس الرحلة    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    قوجيل يهنئ الشعب الجزائري بمناسبة عيد الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الانتخابية الأمريكية التي لم تضع أوزارها بعد!

الانتخابات الأمريكية جرت هذا العام تحت وطأة جائحة كورونا في موجتها الثانية الأكثر انتشارا من سابقتها، وإصاباتها أكثر عددا، وأعادت العالم إلى الإغلاق من جديد، وترامب في هذه الانتخابات يتعامل مع منافسه كعدو؛ وجب التخلص منه بأي وسيلة متاحة أو ممكنة، وهذا منطق شخص يعادي البشر والعالم، ويعاقب القريب والبعيد على حد سواء، ومعاركه لا تتوقف، وهو لا يعرف شيئا عن دوره أو وظيفته، ولا يقر باحتمالات الخسارة، ويرفض الاحتكام لصناديق الاقتراع، ولأول مرة نجد خصما رافضا لمنافسه، ويتشبث بمواجهته والصدام معه، وبدا وكأنه لو تمكن من ممارسة الاغتيال لفعل.
ووجدنا في استطلاع رأي من ولاية فرجينيا الأمريكية أن 31٪ من مؤيدي بايدن لن يعترفوا بفوز ترامب، ولا يعدونه فوزا شرعيا؛ إذا ما فاز، وبالمقابل كان 26٪ من مؤيدي ترامب غير مستعدين لقبول فوز بايدن، وجاء ذلك في استطلاع أجرته صحيفة «واشنطن بوست»؛ بمشاركة مدرسة «شار» للسياسة؛ التابعة لكلية جورج ماسون للأعمال، وترامب يقاتل المرشح المنافس بضراوة لأدنى خلاف، وذلك يجري في ظروف بالغة التعقيد، ووفق نظام انتخابي ملغم وغير مفهوم، والنتيجة المحتملة مختلف عليها وغير محسومة مسبقا وقبل إعلانها رسميا؛ حتى لو نزلت من السماء، فقد يستمر هذا الحال لشهور، وقد يتصاعد التوتر، ليصل حد الصدام واستخدام العنف.
وهذه «حرب انتخابية» عبرت تماما عن أمراض أمريكية متفشية، وعن عوار في نظام انتخابات؛ غريب وعجيب! تمثل في ضرب التصويت العام للملايين ممن لهم حق التصويت؛ ضربه بتصويت خاص ومحدود من «مجمع انتخابي»؛ يمكن أن يؤدي لفوز مرشح خاسر في التصويت العام إذا ما حصل على 270 صوتا من أصوات هذا «المجمع» وعدده 538، وهو مكون من الكونغرس؛ الذي يجمع بين أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، على مستوى الخمسين ولاية.
ويتولى «المجمع الانتخابي» اختيار الرئيس ونائب الرئيس رسميا، ومن المعروف أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم، التي تأخذ بهذا الاقتراع غير المباشر، الذي يلغي عمليا أصوات ملايين الناخبين، والمجمع الانتخابي لا يعدو «زائدة انتخابية» نص عليها الدستور منذ الاستقلال في 1776؛ فأضاعت جهد الناخبين، إذا لم يتوافق مع حصول المرشح الفائز شعبيا على نصف أصواته+1؛ أي 270 صوتا، وهذه «حرب انتخابية» ضروس أشعلها ترامب؛ لم تضع أوزارها، ولم تحسم نتيجتها؛ أثناء كتابة هذه السطور، وكان ذلك متوقعا.
وسجلت هذه «الحرب الانتخابية» الرئاسية الأمريكية لعام 2020 سابقة في التاريخ السياسي والانتخابي الأمريكي المتواضع!؛ الذي بدأ بالاستقلال عن بريطانيا عام 1776م، وأفرزت مرشحا جمهوريا هو دونالد ترامب؛ غريب الأطوار، ومتقلب المزاج، وساعد على ذلك أن الأحزاب الأمريكية ذات طبيعة خاصة؛ أدرجها عالم السياسة الفرنسي «موريس ديفرجيه» ضمن «الأحزاب البدائية»؛ في كتابه «الأحزاب السياسية».
ونموذج الحزب الأمريكي أشبه بالقبيلة السياسية لها شيخ يتحكم فيها، وغير متطابق مع حقيقته، فمن جهة يعتمد تداول الحكم بين حزبين رئيسيين كبيرين؛ الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، ولا تمثل بقية الأحزاب العديدة تهديدا يذكر لأي منهما، ولا يؤثر على فعالياتهما ووضعهما.
وثمة لا مركزية في عمل أحزاب الولايات، فليس لها قواعد أو نظام يسمح لأي قيادة حزبية طرح وجهة نظرها على أعضاء الحزب الذي تنتمي إليه، ولا تملك إمكانية تقنين وضبط آراء الأعضاء في الكونغرس، وأحزاب الولايات تمارس التعددية على مستوى كل فرع على حده، وتتعدد الأحزاب بتعدد الولايات، وُتساويها!!.
وفرع الحزب في أي ولاية بمثابة حزب مستقل في ذاته، ويختلف عن فرع نفس الحزب في ولاية أخرى، وليس للأحزاب الأمريكية قيادة أو سلطة مركزية تجمع هذه الفروع الحزبية المبعثرة «المستقلة»!! في بوتقة واحدة واللجنة القومية (العليا) للحزب لا سلطان لها ولا ولاية على فروع الأحزاب في الولايات.وعضو الحزب الأمريكي لا يثق في الأحزاب السياسية، وهذه ثقافة غريبة لكنها سائدة في الحياة الأمريكية، وعضو الحزب لا يرتاح لممارسات قادة الأحزاب مع الحكومات، هذا فضلا عن غياب الالتزام الحزبي، ولا تنشأ الولاءات على أساس علاقة العضو بالحزب أو العكس، وتقوم على العلاقات الشخصية البحت، ويوجد مستقلون، وتُركز الانتخابات الأمريكية على شخص المرشح، وليس على الحزب أو مبادئه وأهدافه وبرامجه!!.
وتكتمل بدائية الأحزاب الأمريكية مع عشوائية الاقتصاد والمال والتجارة، وتغلب عليها الطبيعة الفردية والشخصية، ولا تنطبق عليها أصول وقواعد «الاقتصاد السياسي» ولا وظيفته، وهذا مكمن عجز النظام الأمريكي عن الوفاء بمقتضيات وشروط الحياة الإنسانية السليمة؛ نفسيا وعقليا وسياسيا واجتماعيا.. وتحولت لمعاول هدم قواعد «الليبرالية الغربية»، ولم تستطع الأمركة على مدى عمرها غير المديد استيعاب التطور مع أغلب الأحزاب الغربية الأوروبية، وعجزت عن تطعيم الاقتصاد الشخصي والفردي المتوحش بجرعات من أمصال «العدالة الاجتماعية» والمساواة القانونية والإنسانية، فتخفف من توحشه، واكتفت بالتخديم على أباطرة المال والمُلاك، والقادرين على استغلال الطبقات الوسطى وما دونها.
ولعب ترامب على الطبيعة البدائية للنظام الحزبي الأمريكي، وعلى عشوائية الاقتصاد والمال، فأسقط من طريقه كل القيم الوضعية والأخلاقية والإنسانية والدينية، وأوصل «الليبرالية الأمريكية» لنقطة حرجة أدت بها لاستخدام الأساليب والوسائل الدموية، والطرق غير المشروعة، والحفاظ على الامتيازات التي يستأثر بها ترامب وأمثاله.
وانتقلت عدوى «الليبرالية الأمريكية» إلى أوروبا وكانت قد قطعت شوطا طويلا على طريق دولة القانون والحريات والمساواة القانونية والعدالة الاجتماعية، وذهب ذلك سدى وأدى لتصدع البنيان «الليبرالي» ذاته؛ بدعوى حماية التقدم، وصيانة الحضارة الغربية وضمان استمرارها، ومحاربة الإرهاب، والقوى التي أقامت «الليبرالية» هي ذاتها التي تتولى هدمها، وهذه آفة اليمين الغربي؛ لا يقرأ التاريخ ولا يفهمه ولا يتعظ من دروسه. وجنت «الليبرالية الأمريكية» على نفسها وعلى من يسير في ركبها من أوروبيين وعجم وعرب؛ وأضحت أخطر من النازية والفاشية، ويكفي تبنيها للصهيونية دليلا على ما نقول.
ومنذ سقوط حائط برلين تولت الترسانة العسكرية الأمريكية والغربية تصفية حساباتها، بالتدخل العسكري المباشر، واشعال الحروب؛ حطمت الاتحاد اليوغوسلافي، وامتدت إلى أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن، والحبل على الجرار، واشعلت الفتن وشقت الصفوف، وسارت في طريق الدمار والإبادة والتطهير العرقي. والديمقراطية مهددة ممن ابتدعوها، وتمثل «الصهيونية الأمريكية» أكبر تهديد لها، وأبشع صورها.
ولو استمر ترامب أربع سنوات أخري، لكان العالم قد شهد حمم النار في كل مكان، ولأغرق البشر في بحور دم لا تتوقف، ونموذج ترامب تجسيد حقيقي للوحشية الصهيونية وللسعار العنصري، وبرع في تسليم الأراضي العربية في فلسطين وسوريا (الجولان) ولبنان للمستوطنين الصهاينة ونقل سفارته إلى القدس المحتلة، وفرض التطبيع على الإمارات والبحرين والسودان والسعودية، وصادر الحقوق، وفرض العقوبات، وتصرف مع حكام «القارة العربية» بأحقر طرق الاستعلاء والغطرسة والابتزاز والبلطجة، التي قل نظيرها.
وقد وصف «مايلز تايلور» كبير موظفي وزارة الأمن الداخلي السابق في البيت الأبيض؛ وصف ترامب بأنه «رجل بلا شخصية» في مقال نشره في صحيفة «نيويورك تايمز» وقعه باسم «مجهول»؛ وجه فيه انتقادات حادة لترامب، وكشف عن نفسه يوم الأربعاء قبل الماضي (28/ 10/ 2020) وواصل بنشر كتاب بعنوان: «وورنينغ» أو تحذير بالعربية. وترامب بغوغائيته مَعْلم بارز من معالم سقوط الامبراطورية الأمريكية؛ الآيلة للسقوط من عقود، وللأسف فأثرياء النفط العرب هم من أمدوها بطاقة الحياة، التي استمرت بها حتى الآن، وسوف يدفعون ثمنا باهظا.
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.