ناصري وبوغالي يترحّمان    مرحلة جديدة للقضاء في الجزائر    الرئيس تبّون يستقبل عدّة سفراء    زروقي: إعلان الجزائر يستجيب لحاجة القارّة    بلمهدي يُعوّل على الرقمنة    منحة السفر تُصرف مرّة سنوياً    رئيس الجمهورية يعزّي..    الفرقاني.. 9 سنوات من الغياب    المفتاح تمثّل الجزائر    "حماس" تحذر من التفاف الاحتلال الصهيوني على بنود الاتفاق    الرئيس الصحراوي يؤكد مواصلة النضال دون هوادة    التباحث حول إقامة مصنع ل"صيدال" بعمان    وزارة العدل تنظم دورات تكوينية للإطارات والقضاة    بومرداس تحتضن الندوة الوطنية الأولى للهندسة المدنية    وزير المجاهدين يكرّم المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد    مواجهة العراق نهائي قبل الأوان    جائزة جديدة لمازة في ألمانيا    فتح باب تصدير البطاطا نحو تونس    مخطط استعجالي لإصلاح قطاع النقل والخدمات بعلي منجلي    تخصيص 10 هكتارات لتوسيع مقبرة الزفزاف    محطة متنقلة لمعالجة المياه الملوّثة بسكيكدة    منتخب مصر يعلن التحدي    تسخير قوة الشباب لإحداث الفرق داخل المجتمعات    مبادرات تضامنية لحماية الأشخاص دون مأوى    الكتابة مرآة المجتمع وسؤال المرحلة    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    اليوم الثاني للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة يشهد جلسات نقاشية وورش تطبيقية متخصصة    خبير سياسي: الجزائر قبلة الأحرار وداعمة قوية لحركات التحرر في العالم    مراجعة القانون الأساسي للقضاء... خطوة لتعزيز استقلالية السلطة القضائية في الجزائر    أقرها رئيس الجمهورية.. إجراء عملية القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حج إضافية    أزمة ماء"الشرب" تشتد في باتنة ولا حلول في الأفق    سوق شعبي مقصد كل الناس لكن ينقصه التنظيم والرقابة    مشروع القطب المالي ببلدية سيدي موسى في العاصمة    بوقرة يحقق من الهداف ما لم يكن منتظرا (5-1)    الشرطة تحيي يوم ذوي الاحتياجات    ماراثون إيكولوجي للشباب    المعروض على العرب: انتحروا... أو نقتلكم    مرحلة الانتظار الثقيل    جوع قاتل في السودان    بيتكوفيتش: بإمكاننا بلوغ الدور الثاني    حضور جزائري في مهرجان القاهرة    صور من الحب والإيثار بين المهاجرين والأنصار    أفضل ما تدعو به لإزالة الألم والوجع وطلب الشفاء    صحافة الأرجنتين تُحذّر من الجزائر    الجزائر تصطدم ببطل العالم    رغم التعادل السلبي مع الفريق السوداني حصدنا نقطة ثمينة    حساني شريف : الوحدة الوطنية صمام أمان لصون الجزائر من جميع المناورات    مقديشو تجدّد دعمها الكامل لجهود الأمم المتحدة    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    "في ملاقاة أناييس".. رحلة البحث عن الأصول    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    معسكر تحتضن الطبعة الأولى من ملتقى "الأمير عبد القادر" لعمداء ورواد الكشافة الإسلامية الجزائرية    وزارة الشؤون الدينية تشدّد الرقابة على الفتوى وتحمي المرجعية الدينية الوطنية    أقلام واعدة : تظاهرة ثقافية أدبية موجهة للأطفال والشباب    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الحميد بن باديس: هل كان علمانيا ؟
نشر في الحوار يوم 21 - 11 - 2016


بقلم الدكتور: محمد نور الدين جباب
ظاهرة جزائرية خطيرة تستدعي التوقف عندها وتأملها وبحثها بعمق وهي تنكر الجزائري لما قبله، على المستوى الشخصي الخاص وعلى المستوى التاريخي العام، وطمس مآثره وعدم الاعتراف به وتقزيمه وتجاهله، ويشمل ذلك جميع الأصعدة، في السياسة، في الثقافة، في الدين وفي الدنيا، علما أنه من بديهيات الحضارة والتقدم هو "التراكم " فلا تقدم ولا حضارة ولا رقي في سلم الحضارة دون "تراكم حضاري" لكن الجزائري دائما يهدم ثم يبدأ من الصفر، ما يعني أننا سوف نظل ندور في حلقة مغلقة ومفرغة ومفزعة.

جمعية العلماء المسلمين التي نشأت في إطار جدل الوطنية والاستعمار، هذا الجدل المرير ضد الاحتلال الاستيطاني، جعل جمعية العلماء المسلمين تقدم نواة إسلام نابع من طبيعة المرحلة والمسار التاريخي الجزائري. لو تراكمت تلك الجهود وتظافرت كان سينشأ عنها لامحالة مدرسة فقهية جزائرية خالصة، كنا لا نتحدث اليوم لا عن الوهابية ولا الأحمدية ولا السفلية ولا غيرها من المذاهب المستوردة التي لا صلة لها بتاريخنا وخصوصيتنا، لكنها ترعرعت وأينعت نتيجة الفراغ الرهيب والطبيعة كما يقال تكره الفراغ فحولتنا إلى مزبلة تاريخية الكل يفرغ فيها نفاياته الدينية.

لقد وضع الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس نواة إسلام جزائري خالص ليجعل منه الرأسمال الثقافي والتعبير الثقافي المكمل للكفاح المسلح الذي قاده الأمير عبد القادر من أجل الاستقلال والسيادة والدولة الوطنية.

لقد ارتكزت تلك النواة على ركيزتين اثنتين كان يجب أن تكون مدخلا لفهم الإصلاح عند الشيخ المؤسس والتأسيس عليه، الأولى تصدي الشيخ الجليل بحزم وقوة للطرقية التي أراد أن يجعل منها الاستعمار مطية أيديولوجية لتكريس وتأبيد الاحتلال وهو ما جعل الشيخ الجليل يطالب إدارة الاحتلال بتطبيق العلمانية في الجزائر التي لم يفهم معناها الكثير من" مثقفي آخر الزمن" الذين راحوا يستشهدون ويشيدون بعلمانية الشيخ بينما كان الشيخ يهدف من خلال دعوته تلك إلى انتزاع الإسلام من يد الاحتلال لكي لا يجعل منه أداة أيديولوجية تخدم مصالحه الاستعمارية ويصبح الإسلام على يد الاستعمار "أفيون الشعوب ".

لقد تفطن الشيخ لذلك وطالب بتطبيق قانون 1905 على الجزائريين لكي يصبح الإسلام جزءا من المجتمع المدني وليس السياسي، وذلك لكي يتمكن الشيخ وتتمكن جمعيه العلماء المسلمين بوصفها جمعية أهلية من تحرير الإسلام من قبضة الاحتلال وجعله أداة تحرير وقوة مادية كفاحية بيد الشعب الجزائري وهو ما تحقق في ثورة التحرير عندما أصبحت صرخة "الله أكبر" ليس تعبيرا دينيا إنما قوة مادية كفاحية تشحذ الهمم وتدفع إلى التضحية.

هذا هو الإسلام الجزائري الذي نشأ في ظل جدلية الوطنية والاستعمار، إسلام مكافح ثوري وهو ما أفصح عنه الشيخ المؤسس بجلاء ووضوح في موقفه المؤيد لكمال أتاتورك وهذه مسألة على غاية من الأهمية وركيزة أساسية آخرى في فهم التوجه الفكري والسياسي للشيخ، حيث كان الشيخ المؤسس الوحيد في العالم الإسلامي الذي أعلن صراحة تأييده لكمال أتاتورك ليس لكونه علمانيا إنما لكونه مؤسس الدولة القومية العصرية التركية وباني تركيا الحديثة العصرية، وهو حلم الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس أن يرى جزائر مستقلة حرة ودولة وطنية عصرية.

ذلك ما جعله يشيد بكمال اتاتورك وينوه بخصاله في كلمة التأبين عندما قال في كلمة معبرة وقوية ولها معاني ودلالات واسعة وكأن الشيخ يستنطق كمال أتاتورك بكلام يريده هو ويطمح إليه ويريد تحقيقه في بلده الجزائر" في السابع من رمضان المعظم ختمت أنفاس أعظم رجل عرفته البشرية في تاريخها، وعبقري من أعظم عباقرة الشرق الذين يطلعون على العالم في مختلف الأحقاب فيحولون مجرى التاريخ ويخلقونه خلقا جديدا، ذلك هو مصطفى كمال باعث تركيا من شبه الموت إلى حيث هي اليوم من الغنى والعز والسمو… لقد ثار مصطفى كمال حقيقة ثورة جامحة لكنه لم يثر على الإسلام وإنما على هؤلاء الذين يسمون بالمسلمين، فألغى الخلافة الزائفة واقتلع شجرة الزقوم الطرقية من جذورها… نعم إن مصطفى أتاتورك نزع عن الأتراك الأحكام الشرعية وفي إمكانهم أن يسترجعوها متى شاؤوا وكيفما شاؤوا ولكنه رجع لهم حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وعظمتهم بين أمم الأرض وذلك ما لا يسهل استرجاعه لو ضاع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.