التقارير القطاعية حول مكافحة تبييض الأموال في "غاية الأهمية"    الجزائر تسعى إلى بلوغ نظم غذائية مرنة، شاملة،صحية ومستدامة    التحضير لطبعة " استثنائية" للصالون الدولي للكتاب بالجزائر    وفاة 3 أشخاص وإصابة 222 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    ببشار والبليدة : ضبط أزيد من قنطار من الكيف المعالج    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات    ارتفاع حصيلة وفيات المجاعة إلى 147 فلسطينيا    الروائي بوجدرة: الكتاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    المجلس الشعبي الوطني يشارك بسويسرا في المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات    أوبك+: لجنة المراقبة الوزارية تشيد بالتزام أغلب الدول باتفاق خفض الإنتاج    الهاتف النقال: شركة جازي تسجل ارتفاعا في استثماراتها الى 6 ر10 مليار دج في الثلاثي الثاني /حصيلة    السيدة مولوجي تستقبل مديرة قسم المرأة والجندر والشباب بمفوضية الاتحاد الإفريقي    انطلاق أشغال مؤتمر تسوية قضية فلسطين وحل الدولتين في نيويورك    مطالب في أوروبا بكسر حالة الصمت وفضح جرائم المخزن في الصحراء الغربية    حسان يبدة يرشح حاج موسى للعب في الريال أو برشلونة    قندوسي مهدد بالغياب عن أمم أفريقيا    كاراتي دو/بطولة إفريقيا-2025: الجزائر تنهي المنافسة برصيد 12 ميدالية، منها ذهبيتان    رئيس الجمهورية يشرف على حفل تكريم المتفوقين الأوائل في امتحانات شهادتيالبكالوريا والتعليم المتوسط    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    السيد بلمهدي يستقبل الدفعة الثالثة من الأئمة الموفدين إلى أكاديمية الأزهر بمصر    اقتصاد المعرفة: السيد واضح يبرز بشنغهاي جهود الجزائر في مجال الرقمنة وتطوير الذكاء الاصطناعي    بطولة إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين 2024 /المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بسيدي موسى    اختتام المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية : تكريم الفائزين الثلاث الأوائل    جثمان الفقيد يوارى بمقبرة القطار.. بللو: سيد علي فتار ترك ارثا إبداعيا غنيا في مجال السينما والتلفزيون    تمتد إلى غاية 30 جويلية.. تظاهرة بانوراما مسرح بومرداس .. منصة للموهوبين والمبدعين    يوميات القهر العادي    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    إشادة بالحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    خاصة بالموسم الدراسي المقبل..الشروع في صب المنحة المدرسية    رئيس الجمهورية يعزي نظيره الروسي    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    العملية "تضع أسسا للدفع بالمناولة في مجال إنتاج قطع الغيار    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    نيجيريا : الجيش يصد هجوماً شنته «بوكو حرام» و«داعش»    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    عندما تجتمع السياحة بألوان الطبيعة    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    شركة "CAAR" تحقق صافي أرباح ب 1,03 مليار دج في 2024    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    ورشة الأصالة والنوعية تختتم الفعاليات    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بومدين ..اسم يقف عنده التاريخ
نشر في الاتحاد يوم 19 - 06 - 2013

يعتبر..محطة من محطات التاريخ الخالدة ،التي استوقفت الكثير والتي صنع مجدها الذي سطع في سماء الجزائر والعالم مخلدا أثره . وقفة رجل ليس ككل الرجال، وبطل من الأبطال، في علوّ الهمّة ، ورباطة الجأش، وحسن التدبير، والحنكة السياسة وبعد النظر . وقفات رجل شامخة شموخ الأوراس الأشمّ تحكي للورى حكايات جيل ، اختزنها أرشيف الأيام، وذاكرة الزمان لتكون عبرة وذكرى للأجيال . إنّه الراحل -القلعة الشاهقة..الهواري بومدين الذي قالت عنه امرأة بلجيكية بسيطة ذات يوم: "لو كان للجزائر إلاّ بومدين لكفاها شرفا وفخرا وإنّها شهادة خالدة تعكس بوضوح شخصية "الموسطاش" ابن الجزائر البار الراحل بوخروبة محمد إبراهيم أو بالأحرى المعروف ب " هواري بومدين" .
من "الدوار" إلى العالمية
عربي الأصل ..ابن فلاح من عائلة كبيرة العدد ومتواضعة الحال تنتمي إلى عرش بني فوغال التي نزحت من ولاية جيجل عند بداية الاحتلال الفرنسي ، ولد في –23أوت سنة 1932 في دوّار بني عدي (العرعرة) مقابل جبل هوارة، بلدية مجاز عمار على بعد بضعة كيلومترات غرب مدينة قالمة، من أب عربي يدعى إبراهيم بن عبد الله ،وأم أمازيغية بوحزيلية تونس بنت محمد ،وسجّل بومدين في سجلات الميلاد ببلدية عين أحساينية (كلوزال سابقا). دخل الكتّاب (المدرسة القرآنية) في القرية التي ولد فيها وكان عمره آنذاك 4 سنوات، وعندما بلغ سن السادسة دخل مدرسة ألمابير سنة 1938 في مدينة قالمة (وتحمل المدرسة اليوم اسم مدرسة محمد عبده)، درس في المدرسة الفرنسية وفي نفس الوقت لازم الكتّاب. ختم القرآن الكريم وأصبح يدرّس أبناء قريته القرآن الكريم واللغة العربية. توجه إلى المدرسة الكتانية في مدينة قسنطينة حيث درس على يد الشيخ الطيب بن لحنش.
هكذا تفوق بالأزهر..
التحق الرجل الصنديد بمدينة الجسور المعلقة الساحرة قسنطية مهد العلوم و معقل جمعية علماء المسلمين الجزائريين. حيث كانت السلطات الفرنسية تعتبر الجزائريين فرنسيين وتفرض عليهم الالتحاق بالثكنات الفرنسية عند بلوغهم سن الثامنة عشرة. لكن الموسطاش رفض خدمة العلم الفرنسي وفرّ إلى تونس سنة 1949 والتحق في تلك الحقبة بجامع الزيتونة الذي كان يقصده العديد من الطلبة الجزائريين. وشد الرحال إلى القاهرة راجلا مع ثلة من زملائه منهم السيد شيروف سنة 1950 حيث التحق بجامع الأزهر الشريف أين درس هناك وتفوق في دراسته.
رجل المعارك
ولأنه ابن الجزائر البار الذي لا يقبل الإذلال والهوان ويتنفس الحرية فمنذ اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر 1954، انضم إلى جيش التحرير الوطني في المنطقة الغربية وتطورت حياته العسكرية حيث أشرف في 1956 على تدريب وتشكيل خلايا عسكرية، وقد تلقى في مصر التدريب حيث اختير هو وعدد من رفاقه لمهمة حمل الأسلحة في الباخرة التي حطت رحالها في الغزوات ليصبح في 1957 مشهورا باسمه العسكري "هواري بومدين" والذي اتخذه عند التحاقه بالثورة بالغرب الجزائري فكانت الظروف تستدعي تغيير الاسم لمغالطة العدو فاختار لقب الهواري بومدين فالهواري لقب مشهور في المنطقة أما بومدين فنسبة إلى ضريح ومسجد الولي الصالح سيدي بومدين الموجود بمدينة تلمسان . ولي مسؤولية الولاية الخامسة كمسؤول عسكريّ ونظرا لحنكته في التنظيم والصرامة احتل موقعا متقدما في جيش التحرير الوطني وتدرجّ في رتبه إلى أن أصبح قائدا لمنطقة الغرب الجزائري. فقد تولى قيادة وهران من سنة 1957 إلى سنة 1960 ثمّ رئاسة الأركان من 1960 حتى الاستقلال سنة 1962 . وعيّن بعد ها وزيرا للدفاع ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء سنة 1963 محتفظا بمنصبه كوزير للدفاع. وفي 19جوان 1965 قام مجلس الثورة بقيادة هواري بومدين بالتصحيح الثوري الذي أطاح بالرئيس أحمد بن بلة الذي اعتبره البعض "انقلابا". تولى بومدين الحكم في الجزائر منذ 19 جوان 1965 إلى غاية ديسمبر 1978 وكان في أول الأمر رئيسا لمجلس الثورة ثم تم انتخابه رئيسا للجمهورية الجزائرية عام 1975.
مهندس التصحيح الثوري
رجل الجزائر و ثاني رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة ،فقد شغل المنصب ابتداء من 19 جوان 1965 إلى 27 ديسمبر 1978 على اثر التصحيح الثوري الشهير،أين وافته المنية ، وهو من أبرز رجالات السياسة في الجزائر والوطن العربي في النصف الثاني من القرن العشرين تأثيرا في الأحداث بمواقفه الصلبة المستمدة من أدبيات الثورة الجزائرية ، و أحد رموز حركة عدم الانحياز والذي لعب دورا هاما على الساحة الإفريقية والعربية. وكان أول رئيس من العالم الثالث تحدث في الأمم المتحدة عن نظام دولي جديد وبلغة الضاد هو الذي عندما اتهمه البعض بأنه "شيوعي"، قال بأعصاب باردة وجامدة: إذا كان من يبني ألف قرية فلاحية، وبكل قرية مسجد، شيوعيا، فأنا شيوعي إذن.." والذي ارتبطت به أوصاف عديدة ومتعددة أهمها: "أبو الفقراء وعرّاب الاشتراكية وصديق "الزوالية". ..""عاش ما كسب، مات ما خلّى"،كما قال ذات يوم "خدام حزام ماعندي لا فوق الأرض ولا تحتها " هي نقطة تحسب عليه والتي لا تزال مرافقة لإنجازات ومكاسب الموسطاش ، الذي فتح ميدان الخرّوبة لقطع خيط الفساد وإعدام المفسدين وتقليم أظافرهم الصفة التي افتقدها الكثير من أبناء جيله والذين رووها لأبنائهم عن عدل وصرامة الرجل الصنديد. والذي توفي و ترك أموالا طائلة في خزينة الدولة ،في حين لم يكن في رصيده الشخصي إلا بعض الدنانير علمها الناس بعد وفاته من صندوق التوفير . قام بومدين بالتصحيح الثوري في التاسع عشر من جوان عام 1965 , الذي قام به مجلس الثورة الذي ترأسه حيث عمل على تعميق الخيار الاشتراكي وجعله منهجا اقتصاديا واجتماعيا فكانت الثورات الثلاث الصناعية والثقافية والزراعية من دون التفريط في خصوصيات الجزائر ،, وقد آلى على نفسه أن يطبق مشروع ألف قرية وقرية زراعية لصغار الفلاحين , وأنشأ أضخم المصانع , واتجه لخطة التعريب من أجل نزع ثقافة المستعمر , فكانت المدرسة العربية التي ساهم الأشقاء العرب من مصر وسوريا وفلسطين والعراق , في تربية وتعليم النشء الجزائري لغته الوطنية , لأن بومدين كان يؤمن بمقولة رئيس جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبد الحميد بن باديس " شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب .
بومدين..صديق الكادحين والبسطاء
صديق الفلاحين والعمال البسطاء،ففي عهده كانت هناك دوريات أمنية تقتحم المقاهي والشوارع، فتلقي القبض على "البطالين"، ليس للزجّ بهم في السجون، وإنّما لتوظيفهم وإجبارهم على العمل وكسب رزقهم بعرق جبينهم. بومدين هو الرئيس العربي الذي وقف له زعماء العالم، في اجتماع تاريخي لهيئة الأمم المتحدة، فألقى أمامهم خطابا مطوّلا باللغة العربية الفصحى، خطابا كان للكرامة والكبرياء والشرف وسيادة الدول المستقلة، وللتوزيع العادل للثروات بين الدول المتقدمة والمتأخرة آنذاك .
الأرض لمن يخدمها
من بين الأمور التي ركز عليها الرجل الصنديد الزارعة فقد ازدهر القطاع الزراعي في عهد هواري بومدين واسترجع حيويته التي كانت عليها أيام الاستعمار الفرنسي عندما كانت الجزائر المحتلة تصدّر ثمانين بالمائة من الحبوب إلى كل أوروبا. وكانت ثورة بومدين الزراعية خاضعة لإستراتيجية دقيقة بدأت بالحفاظ على الأراضي الزراعية المتوفرة وذلك بوقف التصحر وإقامة حواجز كثيفة من الأشجار أهمها السد الأخضر للفصل بين المناطق الصحراوية والمناطق الصالحة للزراعة وقد أوكلت هذه المهمة إلى شباب الخدمة الوطنية الذين يفدون من مختلف أنحاء الوطن وعلى اختلاف طبقاتهم لينصهروا في بوتقة الوحدة الوطنية .
الثورة الصناعية
وعلى صعيد الصناعات الثقيلة قام هواري بومدين بإنشاء مئات المصانع الثقيلة والتي كان خبراء من دول الكتلة الاشتراكية ومن الغرب يساهمون في بنائها رغم أن الكثير من الدول الغربية كانوا يشككون في مسعاه ويدعون بفشل العملية لكنه كان مصرا على إنشائها وإنجاحها بفضل الإطارات والعمال .
معركة تأميم المحروقات
ومن القطاعات التي حظيت باهتمامه قطاع الطاقة، ومعروف أن فرنسا كانت تحتكر إنتاج النفط وتسويقه، إلى أن قام هواري بومدين بتأميمه الأمر الذي انتهى بتوتر العلاقات الفرنسية –الجزائرية، وقد أدى تأميم المحروقات في 24 فيفري 1971 والتي وفرت سيولة للجزائر ساهمت في دعم بقية القطاعات الصناعية والزراعية. وفي سنة 1972 كان هواري بومدين يقول إن الجزائر ستخرج بشكل كامل من دائرة التخلف وستصبح يابان الوطن العربي نهاية الثمانينات . وبذلك تم استرجاع السيادة الوطنية كاملة ليجعل من الجزائر رمزا للصمود والمواجهة في العالم الثالث بحيث كان يعتبرها المظدهدون في العالم "مكة الثوار " فكما كانت الثورة الجزائرية درسا للشعوب المستضعفة كانت الجزائر المستقلة سندا وعونا للحركات التحررية في العالم.
مواقف صارمة وقرارات صلبة
هو الذي قال فيه رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق " بلعيد عبد السلام"- - ا لذي كان وقتها وزيرا للطاقة في عهده. "في إحدى زيارات بومدين إلى يوغسلافيا وأثناء حكم الماريشال "تيتو" ناوله رئيس البلدية السّجل الذهبي ليوقّع عليه. ليْكتب بومدين :"بسم الله الرحمن الرحيم ولاتموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون". وفي زيارة أخرى للاتحاد السوفييتي وأثناء مقابلة بينه وبين "بريجنيف "حدث وأنْ وجّه هذا الأخير لبومدين اتهاما باضطهاد الشيوعيين الجزائريين وتضييق الخناق عليهم. فسأله بومدين :"هل هؤلاء الذين تتحدث عنهم جزائريون أم سوفيات؟ فردّ بريجنيف:"إنّهم جزائريون بالطبع" وهنا وقف بومدين كالصقر الشامخ وردّ عليه بكل حِدّة، وعيناه تلمعان بحب الجزائر :"إذن لا يحقّ لك ولا لغيرك أن يتدخل في شؤون الجزائر الداخلية". بهذه العبارات النارية التي أطلقها بومدين تفيض عزّة وأنَفة وشهامة خاطب بومدين رئيس أقوى دولة بل إمبراطورية في ذلك الوقت.
لا يوجد في الجزائر سيد فكلنا أسياد
الراحل هواري بومدين الرجل الذي ضل وفيا لمبادئه و أبان أن طينته من طينة العظماء ، الذي قال "لا يوجد في الجزائر سيد فكلنا أسياد "هذه المقولة التي عرف بها الراحل عظيم الجزائر الذي دافع عن ارض الشهداء وكافح من أجلها ووعد أن ستصبح يابان افريقيا والذي أمر بمجانية التعليم والطب هذا الرجل الذي قال إن الحجارة تبني الجبال والصعوبات تبني الرجال... محمد بوخروبة أو هواري بومدين الذي قال "ينعل بو الزبدة الي ناكلها انا ومايكلهاش شعبي "الموسطاش تألم في صمت وبكى عندما رأى معاناة الشعب الجزائري،،، قال لإرنستو تشيغيفارا إنك أتيت لمهد الثوار وأرض الشهداء فمرحبا بك وقال له إن الشعب الجزائري طينته من ذهب وولد ثائرا هذه المقولة جعلت "تشيغيفارا " يبتسم.
الموسطاش ..المصلح بين المتخاصمين
لم يكن بومدين شخصا عاديا , أو قائدا عابرا في تاريخ الجزائر والعالم , أو رئيسا كباقي الرؤساء ,بل توقفت محطة التاريخ ليركب الهواري على متنها ويسجل اسمه بأحرف من ذهب بل كان زعيما بمعنى الكلمة, فقد تمتع الراحل الكبير بكاريزما " القائد والزعيم , هو الذي رعى الصلح بين العراق وإيران، بعد حرب طويلة بين البلدين الشقيقين ، والذي قال ذات يوم للراحل معمر القذافي حسب ما تناقلته شهادات، عندما هدّد هذا الأخير باجتياح جزء من التراب التونسي، في عهد الحبيب بورقيبة: إذا فعلتها فستجدني أنا بتونس لأحاربك وليس بورقيبة يا معمّر القذافي .
أول متحدث بالعربية بالأمم المتحدة
الزعيم بومدين الرجل الذي زلزل مبنى وعرش الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما تحدث بلغة الضاد مفتخرا بأصوله العربية وقال أن لسانه غير قادر على الكلام بلغة الأعداء وأكد أن الجزائر بلد الشهداء قوية بأبنائها ولن تضعف بالحركى الذين ينخرون جسد ارض الشهامة فأعلى كلمة الجزائر بين الأمم لم يقف عند هذا الحد بل بكى في احد المؤتمرات والسبب انه تذكر الشهداء الذين ضحوا من اجل الجزائر ومن أجل أن يعيش أبناء الوطن الواحد أسيادا في جزائر العزة والكرامة وأصبحت للدبلوماسية الجزائرية مكانة في القضايا العالمية فأصبح يحسب للدور الجزائري ألف حساب .
نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة
ولعل من بين المواقف المدوية التي أطلقها بوخروبة والتي تناقلتها الأجيال بعده نظرا لتأثيرها في النفوس وصدقها . ومما أثر عليه قولته التاريخية التي حفظها ولا يزال يحفظها أبناء فلسطين الحبيبة والتي عبرت عن موقف الجزائر الراسخ والأبدي من القضية الفلسطينية العادلة ، "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" والتي أرعبت الصهاينة فاعتبروه ألد الأعداء . والموسطاش في موقف رجولي أخر يبين طينة هذا الرجل الذي طار إلى روسيا وأبرم صفقة سلاح لفائدة أرض الكنانة مصر فقد وقع شيكا على بياض لتزويدها بالأسلحة وأرسل رسالة طارئة للسوفيات مفادها أن الأسلحة يجب أن تكون في الوقت الذي المحدد لأن مصر بأمس الحاجة إليها ،كما جند آلاف الجزائريين للذهاب إلى مصر للوقوف إلى جانبهم في محنتهم . بومدين الذي "قاطع" فرنسا إلى أن وافته المنية،، خاطب الجماهير بعد نكسة 1967، عقب إعلان جمال عبد الناصر عن انسحابه من الحكم، فقال "يا عرب إنّنا لم ننهزم، لأننا لم نستخدم كل قواتنا.. لقد خسرنا معركة ولم نخسر الحرب". ودعم بومدين موقف الشعب الصحراوي إيمانا منه بحق الشعوب في تقرير مصيرها. ونتج عن ذلك أن اعترفت 98 دولة بالجمهورية العربية الصحراوية. وغيرها من المواقف التي ستبقى شاهدة على حياة الرجل رغم وفاته وأن ماذكرناه ماهو إلى غيض من فيض وقليل من كثير .
فاجعة الرحيل
كان الرئيس بومدين يتمتع بصحة جيدة في صيف 1978 وفجأة أصيب صاحب شعار "بناء دولة لا تزول بزوال الرجال والحكومات " بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه. في بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب بسرطان المثانة وذهب آخرون إلى أنه مصاب بداء الكلى فعرض الكثير منهم التبرع بكليته ، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الإدعّاء وذهب طبيب سويدي إلى القول إن هواري بومدين أصيب بمرض "والدن ستروم" وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض وجاء إلى الجزائر خصيصا لمعالجة بومدين، وتأكدّ أنّه ليس مصابا بهذا الداء بحيث لازال الشك يحوم حول وفاته وتضاربت بعدها الروايات والشهادات، وهناك من ذهب إلى حدّ الحديث عن وفاة الرئيس مسموما.وقد وافته المنية صباح الأربعاء 27 ديسمبر 1978 في الساعة الثالثة وثلاثين دقيقة فجراً ،فودعته الجماهير الغفيرة في يوم حزين نظرا لمكانة الرجل في قلوبهم وهب الشعب كله ينعي ابنه البار وشيعت جنازته يوم الجمعة 29 ديسمبر 1978 الى مقبرة العالية وتعتبر أكبر جنازة عرفها التاريخ والتي حضرها الملايين من جموع الشعب التي جاءت إلى العاصمة لتوديع ابنها الذي رفع اسم الجزائر عاليا في الداخل والخارج . فحزن العدو قبل الصديق لتمرّ سنوات في ضجيج وصمت، عن وفاة الراحل الرئيس "الموسطاش" هواري بومدين، أو محمد بوخروبة، الذي انتقل إلى جوار ربه ذات شتاء سنة لم تكن بردا وسلاما على الجزائر، ولأن الجيل القديم "اقتنع" وآمن ببومدين وبمواقفه الخالدة ومبادئه الثابتة، فإنه حمل شهاداته إلى الجيل الجديد، الذي أصبح يؤمن بالهواري دون أن يعيش مرحلته ودون أن يعرفه، وهذه واحدة من ميزات الفرسان والأبطال الذين يخلّدهم التاريخ من الطبيعي أن "لا يموت" بومدين، ويبقى حيّا وسط الجزائريين مخاطبا خصومه :" سيأتي اليوم الذي تبصقون فيه على قبري ولكنكم لا تستطيعون أن تبصقوا على انجازاتي "لتبقى آثار بومدين حية حاضرة رغم الغياب .
تأبينية بوتفليقة المؤثرة
وفي خطاب ألقاه وزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة والذي قال فيه : أيها الأخ الرئيس والشقيق الحبيب ابن الشعب المفدى بأرواحنا نفديك لو كنا نستطيع وها أنت تفارقنا بعجل ونحن ما زلنا في اشد الحاجة إليك، إلى روحك المتوقدة بروح الشباب وحكمة المحكمين ... فالأمة العربية باكية مفجعة عليك وقد فقدت فيك ابنها البار وقائدا من قادتها المخلصين وصوتا مدويا في المحاكم الراسخة وكرامتها الشامخة وحقوقها الثابته لأنها تبكيك بالأنات والحسرات يازعيم صمودها وصدى الأوراس في حيفا والجليل وكنت غصة جرجرة والونشريس في سيناء والجولان إن أصوات الملايين الباكين عليك ياملاذ المظطهدين لترتفع في أقصى المشارق والمغارب فملايين المعذبين فقدوا المحامي الصلب عن قضاياها والمناضل الشهم عن مطالبها كيف تغيب عن الأذهان ..." فكما قالها عبد العزيز بوتفليقة فإنك لن تغيب عن الأذهان ياهواري بومدين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.