تجمع المحامون المنضوون تحت منظمة محامي ناحية الجزائر، أمس، في بهو مجلس قضاء الجزائر، للاحتجاج على قانون تنظيم مهنة المحاماة الذي كان المجلس الشعبي الوطني بصدد المصادقة عليه في نفس الوقت. وقال نقيب محامي العاصمة، عبد المجيد سليني، ل “الخبر”، إن “المحامين متمسكون بموقفهم الرافض لقانون المحاماة، ونحن لا نريد أن تضعنا السلطة أمام الأمر الواقع”. واستغرب سليني موقف النقيب الوطني للمحامين، مصطفى الأنور، الذي له رأي مخالف، ويرى أن القانون الجديد مثالي. وأوضح نقيب محامي العاصمة أن هناك خيارات تصعيدية سيلجأ إليها المحامون في حال تم تمرير القانون، بينها مقاطعة السنة القضائية المقبلة. وكان تجمع المحامين، أمس، في بهو مجلس قضاء الجزائر، صامتا، ولم ترفع خلاله أية شعارات أو لافتات أو هتافات يمكن أن تبرز حجم الاستياء من القانون الجديد، أو تعطي الانطباع برغبة أكيدة للمحامين في تصعيد الموقف في حال رفضت الحكومة التراجع عن المشروع، ويتحين المحامون فرصة تأجيل مناقشة المشروع في مجلس الأمة إلى الدورة الخريفية المقبلة التي تبدأ في سبتمبر المقبل، كون البرلمان بغرفتيه سيختتم دورته في السابع جويلية الجاري، للحصول على إمكانية تجميد القانون ومراجعة البنود محل خلاف بين المحامين والحكومة. لكن اللافت في الحركة الاحتجاجية التي تبنتها نقابات المحامين، منذ أن أحالت الحكومة مشروع قانون المحاماة على البرلمان، أنه يحدث للمرة الثانية، بعد المشروع الأول الذي تم إرجاؤه قبل سنتين، ويحدث حصرا عندما يتعلق الأمر بقانون المحاماة وقضايا مهنية تتصل بالمحامين، لكنه في المقابل لم تسجل لنقابات المحامين مواقف عندما يتصل الأمر بقضايا أخرى لها صلة بالشأن العام، تستدعي الحاجة فيها إلى التضامن والدعم بين فعاليات المجتمع المدني، إذ لا يعرف للاتحادات الجهوية أو النقابة الوطنية للمحامين تحرك ومواقف فيما يتصل بقضايا حقوق الإنسان والحريات المدنية والسياسية. ويؤاخذ عليها ضعف مشاركتها في النقاش السياسي المتصل بالحقوق والحريات المدنية والإعلام وحرية الصحافة والدستور وغيرها، مقارنة بإسهام نوعي ولافت لنظرائهم في نقابات المحامين في تونس ومصر ودول أخرى، والتي تأخذ على عاتقها الدفاع عن الحريات العامة وتبني قضايا حقوق الإنسان، والحضور الفاعل في كل ما يتصل بالحريات السياسية والمدنية وحرية التعبير. واللافت في هذا المشهد أيضا غياب التضامن مع نقابة المحامين من قبل نقابات وتنظيمات مدنية أخرى، خاصة تلك النشطة في قطاعات لها علاقة بالمحاماة، فيما يمكن أن تكون مطالب مشروعة للمحامين، إذا لم تبد أي من رابطات حقوق الإنسان العاملة في الجزائر دعمها لمطالب المحامين، أو تضامنها معهم، وربما كان هذا الواقع هو الأمر الذي سهل على السلطة التفاوض من موقع قوة والانفراد مع كل تنظيم نقابي على حدة، عندما يتعلق الأمر بمطالب مهنية، وتجاهل مطالب المجتمع المدني، عندما يتعلق الأمر بمطالبات عامة.