ستضطر الجزائر إلى التوجه نحو استغلال مخزونها من الغاز الصخري، خلال العشر سنوات المقبلة، ليس لتأمين احتياجات الطاقة محليا المتزايدة سنويا فحسب، وإنما لتغطية مجمل النفقات العمومية ومصاريف التحويلات الاجتماعية وضمان الاستمرار في سياسة دعم أسعار المواد الأساسية التي تكلّف الخزينة 30 في المائة من الميزانية العامة. توقّع الخبير في الشؤون الاقتصادية، مصطفى مقيدش، أن تلجأ الحكومة إلى استغلال المخزون الوطني من الغاز الصخري في آفاق العشر سنوات المقبلة، وأشار إلى المعطيات الدولية التي كشفت عن بداية التوجه تدريجيا إلى الاعتماد على الأنواع غير التقليدية من هذه المواد، على غرار الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى الطاقات الأخرى، لاسيما الغاز الصخري وعودة العديد من القوى الاقتصادية في العالم إلى استغلال الطاقة المستمدة من الفحم، كما هو الشأن بالنسبة إلى الصين. وبرّر المتحدث، في اتصال أمس مع “الخبر”، هذا الخيار، بالالتزامات المفروضة على السلطات العمومية على المدى المتوسط في مجال تغطية الطلب المحلي المتزايد على جميع أنواع الطاقة، بحكم ارتفاع حجم الكثافة السكانية من ناحية، ومن الناحية المقابلة تزايد استعمالات مصادر الطاقة في القطاعات الاقتصادية والصناعية على وجه الخصوص، وهو التوجه الذي أشار إليه وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي في تصريحه الأخير، ليؤكد من خلاله على ضرورة الاستعداد لهذه المرحلة، خاصة من الناحية التقنية، وقال مقيدش إن الجزائر تحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث مخزون الغاز الصخري. وبالموازاة مع ذلك، أكد الخبير الاقتصادي بأن الجزائر تواجه أيضا تحدي المحافظة على استقرار مستوى صادراتها، الأمر الذي يفرض على الحكومة الاعتماد على طاقات بديلة، بالإضافة إلى المحروقات التقليدية المعرّضة للزوال، وضمان عدم انخفاض مستوى الصادرات الوطنية من المواد الطاقوية عن 60 مليار متر مكعب سنويا، من أجل تسديد النفقات على البرامج الاقتصادية المسطرة من طرف الحكومة وانجاز المنشآت القاعدية أو تغطية التحويلات الاجتماعية والأجور على السواء. وأوضح مصطفى مقيدش أن مخاوف استغلال الجزائر للغاز الصخري لا ترتبط بالمقام الأول بالتداعيات المرتبطة بالبيئة والمناخ، التي يمكن على حد قوله التحكم فيها وتفاديها، بقدر ما تتعلق هذه المخاوف بالتقنيات المستعملة والتكاليف المرتفعة في أعمال الحفر لإنتاج واستخراج هذا النوع من الطاقة، بينما استبعد المتحدث أن تشهد أسعار المواد الطاقوية انهيارا بسبب ارتفاع حجم العرض في السوق الدولية بدخول إنتاج الغاز الصخري، من منطلق أن ارتفاع تكاليف إنتاجه تفرض تسويقه بأسعار مرتفعة.