الجامعات الجزائرية تحتل المرتبة الأولى مغاربيا وعربيا    في زيارة رسمية إلى كوريا الجنوبية    الحزب جعل من الصحة والتعليم موضوعا مركزيا في ندوته    الانجاز المرتقب واجهة اقتصادية وحضارية للجزائر الجديدة    الجزائر التزمت بتسريع عصرنة و رقمنة النظام المصرفي    يسهم في حل مشكلات اقتصادية وإنشاء مؤسسات رائدة    مجازر 17 أكتوبر 1961 أعنف قمع لمظاهرة سلمية في أوروبا    خنشلة : شرطة الولاية تحيي الذكرى ال 64    أكثر من 5ر2 مليون مغربي يعيشون في فقر مدقع    جيجل : حجز كمية من المخدرات والمؤثرات العقلية    أمطار رعدية في 43 ولاية    تسجيل خمس حالات إصابة مؤكدة بداء الدفتيريا بولاية سكيكدة    تنويه ب «الإنجازات " المحققة في مجال إنتاج الأدوية    ابراز ثراء الإبداع النسوي في الجزائر ..افتتاح المهرجان الثقافي الوطني لإبداعات المرأة    توقيع اتفاقيتي تعاون بين وزارتي الثقافة والمالية.. شراكة استراتيجية لحماية التراث وتثمين الإبداع    لبلورة الرأي السينمائي وإثراء النقاش..إطلاق جائزة نوادي السينما الجزائرية    تكثيف التواجد الأمني لضمان أمن المواطن    47 خرقا صهيونيا يخلف 38 شهيدا و143 مصاب    المخزن يخفي العدد الحقيقي للمعتقلين في صفوف المتظاهرين    مدرب الاتحاد السعودي يستبعد عوّار    مستقبل غامض لغويري بسبب الإصابة    "العميد" للعودة بنتيجة مطمئنة وانتصار مهم ل"الكناري"    انتصاران هامّان لأولمبيك آقبو وأولمبي الشلف    الوضع في فلسطين وليبيا في محادثات هاتفية بين عطاف ونظيره المصري    جمع 30 ألف قنطار من الحبوب    احتفاء بيوم النظافة الاستشفائية    مناورة افتراضية للوقاية من الفيضانات    مبادرة من أجل الوعي والأمان    هذا جديد "المصالحة الجبائية" والامتثال يعفي من العقوبة    التحوّل الرقمي يضمن خدمات اجتماعية أكثر نجاعة    الجزائر تتطلّع إلى معاملات بنكية غير نقدية    قتيل وجريحان في اصطدام دراجتين ناريتين    حين يتحوّل الجدار إلى ذاكرة ضوء    30 تشكيليا يلتقون بمعسكر    حركة عدم الانحياز تشيد بالرئيس تبّون    مقاربة استباقية لمواجهة تحوّلات سوق العمل    منظمة الصحّة العالمية تُثمّن التزام الجزائر    سايحي يشدد على تحسين الخدمات المقدمة للمتقاعدين    ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة إلى 68 ألفا و116 شهيدا..سفارة فلسطين بالقاهرة تعلن إعادة فتح معبر رفح غدا الاثنين    ورقلة..حركية تنموية دؤوبة ببلدية البرمة    تيارت.. مشاريع لإنجاز تسعة خزانات مائية    الجزائر تواصل صعودها في تصنيف الفيفا    منافسات الأندية للكاف (الدور التمهيدي الثاني ):الأندية الجزائرية على موعد مع لقاءات الذهاب    الكشف عن خطة "الكان" وموعد سفر "الخضر" إلى المغرب    البروفيسور مغدوري: الهجرة الجزائرية امتداد للمقاومة الوطنية و17 أكتوبر 1961 محطة مفصلية في الذاكرة النضالية    وزارة الصحة: تسجيل خمس إصابات مؤكدة بداء الدفتيريا بينها حالتا وفاة بولاية سكيكدة    الجيش الوطني يُفكّك خلية إرهابية    الرئيس يستقبل جميلة بوحيرد    17 أكتوبر شاهد على تاريخ اغتيلت فيه القيم الإنسانية    اتفاقية بين وزارة الثقافة والجمارك    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    مولوجي تبشّر الريفيات    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    تكريم رئاسي لأفضل الرياضيين    ضمان وفرة الأدوية والمستلزمات الطبية بصفة دائمة    المجتمع الرقمي له تأثيره وحضورُ الآباء ضروري    خديجة بنت خويلد رضي الله عنها    فتاوى : كيفية تقسيم الميراث المشتمل على عقار، وذهب، وغنم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستيف ماكوين.. المخرج الذي يعرّي العبودية
نشر في الخبر يوم 09 - 06 - 2020

كل الظروف كانت مهيأة أمام المخرج البريطاني ستيف ماكوين لافتكاك "السعفة الذهبية" وربما أكثر من جائزة خلال الدورة ال73 لمهرجان "كان"، لولا جائحة كورونا التي أدت إلى إلغاء الدورة التي كانت مقرّرة من 12 ماي إلى غاية 23 جوان، وما حالة الفخر التي ظلت تنتاب المدير الفني للمهرجان، تيري فريمون، إلا جزء بسيط من تلك الحقيقة.
مخرج أسمر البشرة لا يحمل معه إلا هموم السود في العالم وقضايا العنصرية، كان على موعد جديد مع التاريخ ليقف في منافسة تبدو محسومة أمام لجنة تحكيم يرأسها المخرج الأمريكي سبايك لي، ألا يوجد أكثر سوء من هذا الحظ؟ عندما تنجز فيلمين روائيين طويلين عالميين بموضوع العنصرية، بينما تنتفض أمريكا والعالم لإعادة الاعتبار لكرامة الإنسان الأسود، ويطالب الملايين بتحقيق العدالة لضحية العنصرية الجديد المواطن الأمريكي جورج فلويد؟
إشادة تيري فريمان في مناخ سياسي
من بين الخمسين فيلما التي قال تيري فريمان إنها ستحمل شعار المهرجان هذه السنة، توقّف كثيرا خلال الندوة الصحفية التي نشّطها عند تجربة ستيف ماكوين قائلا: "إنها العودة الكبيرة لماكوين، أتذكر عندما قمنا باكتشاف أول أفلامه "جوع" عام 2008، وهو لا يزال مخرجا كبيرا والفيلمين اللذين قمنا باختيارهما لهذه السنة كل واحد فيهما يختلف عن الآخر، أفلام تتكلم عن قضايا تخص أصحاب البشرة السوداء في بريطانيا، إنها نوع من تخيّل حالة السود في العالم بشكل عام وقوة الفيلمين، هو ما يحدث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، إنه لأمر قوي يعكس كيف أن السينما لها علاقة بحياتنا".
لقد دخل ستيف ماكوين بفيلمين إلى المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" هذه السنة، وتلك طفرة لم تحدث في تاريخ المهرجان، أو ربما حدثت مرة أو مرتين. فمن هو هذا المخرج الذي كان على بعد خطوة من "السعفة الذهبية"؟ قد يقول قائل إنه من الصعب الجزم بنتائج مادام لم ينظم، ولكن المتابعين للمشهد السينمائي العالمي يدركون جيّدا أنه من السهل إصدار هذا الحكم عن مهرجان كانت معظم تتويجاته سياسية، حتى "السعفة الذهبية" التي ظفرت بها الجزائر عام 1975 لم تكن بريئة من المغازلة السياسية، فهناك أمور كثيرة كانت تحرّك خيوط "كان" في الكواليس قد تؤثّر بشكل أو بآخر على قناعة لجنة التحكيم.
العملان لماكوين هما "مانغروف"و"لوفرز روك"، وهما جزء من سلسلة أنتجتها قناة "بي بي سي" تضم خمس قصص موسومة ب"الفأس الصغير"، تحكي الأفلام الخمسة قصصًا شخصية مختلفة عن الجالية الهندية الغربية في لندن في أواخر الستينيات وحتى منتصف الثمانينيات. العنوان مشتق من المثل الإفريقي الذي اشتهر به المغني بوب مارلي في "ذو ويلز الفأس الصغر" التي صدرت في ألبوم "احتراق" عام 1973. يقول ستيف ماكوين عن عمله: "أهدي هذه الأعمال لروح جورج فلويد وجميع السود الآخرين الذين قتلوا أو شوهدوا أو لم يروا، من هم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأي مكان آخر، إذا كانت الشجرة كبيرة فنحن الفأس الصغير".
ماكوين الملتزم برسالة جون فيغو
ستيف ماكوين ليس مخرجا بريطانيا عاديا، أفلامه هوليوودية ولكنها بنكهة المخرجين المستقلين الملتزمين الذين يحملون قضية واحدة، وهي الدفاع عن حقوق السود وسرد حكايتهم، ولتلك اللغة السينمائية التي يقدمها عبر أفلامه قصة من الطفولة، ساهم في رسم ملامحها مخرج فرنسي رحل صغيرا، وقد انعكست أفلامه اليوم في سر نجاح ستيف ماكوين، كما يقول هو عن نفسه في أحد اللقاءات لصحيفة "هوليوود ريبورتز" الأمريكية: "جان فيجو (1905 -1934) كان مخرجا استثنائيا، تأثرت به عندما كنت طفلا". بعملين فقط ساهم فيغو في تأسيس الواقعية الشعرية في السينما في ثلاثينيات القرن الماضي، وتحوّلت أعماله إلى موجة سينمائية جديدة، واستمر تأثره إلى يومنا هذا، ومنها أعمال ستيف ماكوين التي تحمل الكثير من رسائلها.
إنه ذات المخرج الفرنسي الذي كتب عنه الناقد الأمريكي الراحل أندرو جونستون مقالا حزينا بطعم العزاء في صحيفة نيويورك تايمز عام 2000 قائلا: "المخرجون العظماء حياتهم قصيرة، إنهم مثل الشاعر البريطاني "بيرسي بيش شيلي"، قطع فنية شابة رحلت وقد تركت وراءها تحفا من الأعمال العظيمة منها أعمال جان فيجو، ذلك المخرج الفرنسي الذي توفي بمرض السل في سن 29 عام 1934 ".
إنها تلك اللمسة السريالية التي نجدها في أفلام ماكوين، تحديدا في عمله "12 عاما من العبودية" الذي حاز به على جائزة الأوسكار، حيث تتقاطع أوجاع بطل الفيلم "سولمون نورثوب" الذي جسد دوره الممثل البريطاني ذو الأصول النيجيرية شيواتال إيجيوفور، مع أوجاع جان فيجو.
الشاعرية جعلت من فيلم "12 عاما من العبودية" يحظى بإشادة كبيرة من طرف النقاد في العالم، ليحصد على جائزة "الغولدن غلوب" لأفضل فيلم و9 ترشيحات لجائزة الأوسكار، من ضمنها أفضل فيلم و‌أفضل مخرج لماكوين و‌أفضل ممثل لإيجيوفور و‌أفضل ممثل مساعد لفاسبندر و‌أفضل ممثلة مساعدة لنيونج، حاز منها على ثلاثة عام 2014.
بمسرح "دولبي" بلوس أنجلس، كان كل شيء أسمر اللون في تلك الأمسية، من مقدم الحفل الممثل ويل سميث والفائزين لحظة إعلان فوز ستيف ماكوين بالأوسكار، ليقول جملته: "كل واحد منا لا يستحق النجاة فقط بل الحياة أيضا، وهذا هو الإرث الأكثر أهمية لسولمون نورثوب، وأنا أهدي هذا لأولئك الذين عانوا من العبودية وللملايين الذين لا يزالون يتحملون العبودية اليوم، أهدي هذه الجائزة إلى 22 مليون شخص عبر العالم لا يزالون يعانون من العبودية إلى يومنا هذا".
بداية كهذه لمخرج لم يتجاوز الخمسين من العمر، من مواليد 9 أكتوبر 1966 بإنجلترا، بلا شك تشجعه أكثر للإيمان بتلك الأفكار التي تدافع عن المضطهدين عبر العالم، والبحث عن فكرة أكثر قوة تتحدى السياسيين كما قال في لقاء له مع "مؤسسة نقابة ممثلي الشاشة بالولايات المتحدة الأمريكية": "لدينا واجبات في الحياة، أن نقوم بتغيير وجهات نظر الناس، أن أضيف شيئا ما لهذا العالم عبر السينما، فغالبا ما يسعى قادة العالم والسياسيون جاهدين لتغيير آراء الناس والتأثير في العالم بشكل أو بآخر، نحن الفنانين لدينا التزامات كبيرة، لا يجب القول إن الأمر صعب، نستطيع أن نغيّر العالم، أن ندفع الناس لفهم أشياء مهمة نشاهدها كل يوم".
البداية من الجوع
بداية ماكوين في الإخراج كانت مع فيلم "جوع" عام 2008 والعنوان يكفي لجعلنا نفهم أن الموضوع مرتبط بالفقراء، وقد حظي العمل بتقدير المهرجانات العالمية، منها مهرجان "كان"، حيث شارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية وعلى جائزة "الكاميرا الذهبية"، ليكتشف العالم مخرجا شغوفا بالعدل ومدافعا عن البسطاء ومؤمنا بأن لون بشرته السمراء تستحق أن تكون جزءا من هذا العالم.
استمر ماكوين في طريقه، وفي عام 2018 أخرج فيلم "أرامل" الذي عرض لأول مرة في مهرجان "تورونتو" بكندا، وفي هذا الفيلم حاول الفيلم الدفاع عن فئة أخرى من المضطهدين، وهن الأرامل وهو عمل مقتبس من مسلسل بريطاني عرض عام 1983، وقد حاول ماكوين فك شفرة الصراعات القذرة في المجتمع والفساد السياسي والعنصرية بين السود والبيض. كل هذا النجاح الذي حققه ماكوين في أقل من عشر سنوات، إلا أنك عندما تستمع إليه يتحدث، تجد بداخله طفلا لا يزال يحب الحياة، وعندما تسأله بمقدمة "كيف أصبحت مخرجا كبيرا؟"، يجيبك قائلا: "أنا مخرج هاو، بدأت كذلك ومازلت أشعر بأنني هاو رغم حصولي على الأوسكار، بدايتي كانت بطرح الأسئلة والبحث عن الأمور التي لم أحققها. عندما أقف خلف الكاميرا لتصوير فيلم، أشعر أنها المرة الأولى التي أقف فيها، أبحث عن نفسي وهذا أمر مخيف دائما، لم تكن لديّ أي علاقة بعالم السينما، كنت أحب الذهاب إلى صالات العرض مع صديقتي، أستطيع القول إن أفضل شيء يفعله الإنسان في حياته هو أن يذهب مع صديقته إلى السينما".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.