بعيدا عن الأرقام التي قد يراها البعض في صالح كريستيان غوركيف، ولا يعير لها البعض الآخر أي اهتمام، فإن السنة الأولى التي قضاها أستاذ الرياضيات مع الأفناك مرت في هدوء وبدون عواصف، بعد مونديال رائع لعبه الخضر تحت قيادة "المشاكس" البوسني، وهي نقطة هامة مقارنة بما كان يعيشه المنتخب الوطني بعد كل مشاركة في العرس العالمي سواء في سنة 82 بإسبانيا أو في 86 بالمكسيك ثم في 2010 بجنوب إفريقيا، حيث كانت الفاف ومعها الوزارة يحدثان تغييرات استعراضية يضيع فيها منتخبنا في كل مرة استقراره وتوازنه لشهور حتى لا نقول لسنوات، عصفت بخالف ومخلوفي والشيخ رابح سعدان. صحيح أن ذهنية حاليلوزيتش وسوء تسييره لجوانب الاتصال جعلت الكثير من اللاعبين ومسيري المنتخب وحتى الإعلاميين يسعدون لرحيله، لكن من زاوية أخرى فإن مجيء غوركيف و"طيبة الفرنسي" الذي لا يؤمن باستخدام سيف الحجاج لفرض الانضباط وسط المجموعة ، جعل بعض الأمور الداخلية في المنتخب تتميع وتفقد بيت الخضر هيبته التي صنعها الكوتش وحيد بطريقته الخاصة. ولأن رئيس الاتحادية استثمر كثيرا في غوركيف التقني والشخص، فإن السنة الأولى مرت بسلام على المدرب التاريخي لنادي لوريون الفرنسي ، و مرحلة الصح ستنطلق في نوفمبر بتصفيات المونديال سيما وأن رهان روراوة ليس التتويج بكأس إفريقيا في الغابون 2017 ، بقدر ما هو تأهيل رفقاء براهيمي إلى العرس العالمي لثالث مرة على التوالي كي يدخل روراوة التاريخ الجزائري من أوسع الأبواب . هدف طموح سيرفع من دون شك حجم الضغط على التقني الهادئ ، الذي وإن كان يعي حجم المسؤولية، فإنه في حقيقة الأمر لا يزال في مرحلة التكيف الميداني مع الواقع الإفريقي ويسعى يوميا لكسب الخبرة مع المنتخبات وبالأخص في القارة السمراء، التي فيها عوامل كثيرة تتدخل في تحديد نتائج المباريات لا تدرس في الجامعات ولا في ندوات الفيفا والاتحاد الأوروبي . و سيحتاج غوركيف إلى شيء من صرامة حاليوزيتش لتسيير الخضر في الفترة القادمة وكثير من خبرة سعدان لبلورة منتخب قوي يصمد في أدغال إفريقيا، ويرتقي إلى مصاف عمالقة هذه القارة مثل غانا وساحل العاج والكاميرون وغيرهم، فالمادة الخام موجودة في محرز وفيغولي وبراهيمي والآخرون، والتكوين العلمي لغوركيف لا أحد يمكنه التشكيك فيه، غير أنه لن يكون كافيا ليظل الميدان هو الفيصل والحاكم في نهاية المطاف.
