والي أم البواقي يكشف: مساع للتكفل بالمستثمرين عبر 17 منطقة نشاط    طرحوا جملة من الانشغالات في لقاء بالتكنوبول: مديرية الضرائب تؤكد تقديم تسهيلات لأصحاب المؤسسات الناشئة    عنابة: استحداث لجنة لمتابعة تهيئة الواجهة البحرية    ميلة: بعثة من مجلس الأمة تعاين مرافق واستثمارات    مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة: تطوير شرائح حيوية تعتبر الأولى من نوعها في العالم    أكّدت أن أي عملية برية ستؤدي إلى شل العمل الإنساني    الوزير الاول يلتقي عضو المجلس الرئاسي الليبي: الكوني يدعو الرئيس تبون لمواصلة المساعي لتجنيب ليبيا التدخلات الخارجية    يُبرز التطور الذي عرفه قطاع البناء في الجزائر: 900 مشارك في الطبعة 26 لصالون باتيماتيك    وزير الداخلية إبراهيم مراد يشرف على تمرين مشترك ويؤكد: يجب تجسيد التعاون بين الحماية المدنية في الجزائر و تونس    دعا الدول الاسلامية إلى اتخاذ قرارات تعبر عن تطلعات شعوبها: الرئيس تبون يشدّد على محاسبة مرتكبي جرائم الحرب    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    مساع لتجهيز بشيري: الهلال يرفض الاستسلام    البطولة الإفريقية للسباحة والمياه المفتوحة: 25 ميدالية بينها 9 ذهبيات حصيلة المنتخب الوطني    رئيس الاتحادية للدراجات برباري يصرح: الطبعة 24 من طواف الجزائر ستكون الأنجح    مديرية الاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة المراسل الصحفي عبد الحليم عتيق    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    وزيرة الثقافة زارتها بعد إعلان مرضها    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    خارطة طريق لضمان التأطير الأمثل للحجاج    خبراء جزائريون يناقشون "الهندسة المدنية والتنمية المستدامة"    24 ألف مستثمرة فلاحية معنية بالإحصاء الفلاحيّ    3 شروط من أجل اتفاق شامل ومترابط المراحل    مضاعفة الجهود من أجل وقف العدوان الصهيوني على غزة    مهنيون في القطاع يطالبون بتوسيع المنشأة البحرية    توقُّع نجاح 60 ٪ من المترشحين ل"البيام" و"الباك"    على هامش أشغال مؤتمر القمة 15 لمنظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يجري محادثات مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي    الفلاحة.. طريق مفتوح نحو الاكتفاء الذاتي    بعد رواج عودته الى ليستر سيتي: إشاعات .. وكيل أعمال محرز يحسم مستقبله مع الأهلي السعودي    برنامج الجزائر الجديدة في حاجة إلى المؤمنين بالمشروع الوطني    موقع إلكتروني لجامع الجزائر    طريق السلام يمرّ عبر تطبيق الشرعية الدولية    إقبال واسع على معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط    غرق طفل بشاطئ النورس    انتشال جثة شاب من داخل بئر    خلاطة إسمنت تقتل عاملا    من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الأنترنت الدرك الوطني يحذّر..    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    نجوم جزائرية وعالمية تتلألأ في سماء عاصمة الهضاب    الدكتور جليد: التاريخ يحتاج لأسئلة معرفية جديدة    ثلاث ملاحم خالدة في الذّاكرة الوطنية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاءً    دراجون من أربع قارات حاضرون في "طواف الجزائر"    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    غيريرو يغيب عن إيّاب رابطة أبطال أوروبا    بموجب مرسوم تنفيذي : إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: 21 فيلما قصيرا يتنافس على جائزة "السنبلة الذهبية"    "معركة الجزائر" تشحذ همم الطلبة الأمريكيين للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة    التوعية بمخاطر الأنترنت تتطلب إدراك أبعادها    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حرب التحرير إلى معركة العصرنة والاحترافية
الجيش الوطني الشعبي حامي الوطن ووحدته الترابية
نشر في المساء يوم 01 - 11 - 2023


❊ الدفاع السيبراني ومراقبة أمن الأنظمة
❊ التكوين النوعي.. رهان استراتيجي
إن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، بطابعه الجمهوري، دائم الاستعداد للدفاع عن حدود الوطن وحماية وحدته الترابية، وفقا لمهامه الدستورية، مستمدا قوته من إرادة الشعب.
لقد شكلت مجازر 8 ماي 1945، التي أودت بحياة 45 ألف جزائري، نقطة التحول الجذري في أساليب النضال الوطني لدى الحركة الوطنية ولدى الرأي العام الذي أصبح يطالب بالعمل المسلح لطرد المحتل واستعادة السيادة.
وكان لمنطق القمع الوحشي الذي جابهت به فرنسا المظاهرات السلمية للجزائريين أثرا سلبيا عليها وعلى سياستها الداخلية، فبدلا من تحقيق هدفها المتمثل في إرهاب الرأي العام الجزائري، فإن ذلك زاد من تآزر مختلف فئات المجتمع، مما أدى إلى تحول نفسي وسياسي عميق ترجم في انتشار ديناميكية ثورية جعلت من العمل المسلح قناعة غير قابلة للتفاوض.
وقد جسد الطاقة الثورية الجديدة التيار الثوري في حزب الشعب الداعي للعمل المسلح من منطلق كون الظروف مواتية لإعلان الثورة بعد إنشاء منظمة عسكرية تضطلع بتكوين الإطارات العسكرية وتوفير الأسلحة والذخيرة، وبالفعل، استطاع هذا التيار فرض أولوية إنشاء المنظمة الخاصة المكلفة بالتحضير للعمل المسلح في مؤتمر فيفري 1947.وبالرغم من اكتشافها في سنة 1950، فقد استطاعت المنظمة وفي ظرف وجيز أن تهيء الأرضية للعمل المسلح من خلال التشكيلات العسكرية التي أنشأتها ومن خلال الوصول بفكرة العمل الثوري إلى نقطة اللارجوع.
الى جانب ذلك، فقد تمكنت سلطات الاحتلال من تفكيك المنظمة الخاصة، حيث ألقي بالكثير من أفرادها في السجون، ولجأ الكثيرون منهم إلى التخفي ومتابعة العمل السري، مع الإشارة إلى أن هياكل المنظمة بالأوراس لم تطلها عملية التفكيك، ورغم المضايقات والقمع الممارس من طرف الاحتلال على المناضلين، فإن ذلك لم يمنعهم من النشاط ومواصلة مشروع الكفاح المسلح الذي أُجهض في بدايته، وفي هذا المنظور ظهرت اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي حاولت لم شمل المناضلين وتوحيد صفوفهم ومواقفهم، ثم توسعت هذه اللجنة إلى لجنة 22 التاريخية التي قررت انطلاق الثورة في يوم الفاتح من نوفمبر 1954، تحت لواء جبهة التحرير الوطني وذراعها العسكري الذي أطلق عليه اسم جيش التحرير الوطني.
جيش التحرير الوطني في مواجهة المنظمة العسكرية السرية OAS الاجرامية
وبعد 19 مارس 1962، تاريخ وقف إطلاق النار، واصل جيش التحرير الوطني مهمته في مواجهة خطر المنظمة العسكرية السرية OAS الإجرامية، والتكفل بالوضع المأساوي الذي كانت تعيشه البلاد على مختلف الأصعدة: اجتماعيا واقتصاديا وإداريا وصحيا، بالإضافة إلى المهمة التقليدية المتمثلة في الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة البلاد.
كما رسم بيان أول نوفمبر 1954 أولى ملامح الدولة الجزائرية المستقلة، وحدد مشروع الدولة عقب استرجاع السيادة الوطنية، وبيّن الخيارات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وأن يواصل الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني مسيرة الدفاع عن الدولة بعد الاستقلال ويحافظ على السيادة الوطنية ومكتسبات الثورة ويساهم في تعبئة الجماهير لبناء الوطن.
انطلاق الهيكلة الجديد بعد فجر الاستقلال
وكان الجيش الوطني الشعبي في فجر الاستقلال أمام رهانات هامة، أولها عملية إعادة هيكلته وتنظيمه على غرار الجيوش الحديثة، حيث أنشئت النواحي العسكرية وتم استحداث بعض المديريات والمكاتب ضمن وزارة الدفاع الوطني، لتكون الهيكل الأساسي للجيش الوطني الشعبي الذي تعزز بإنشاء هياكل التكوين والتدريب وإرسال المتربصين إلى الخارج للتكوين في كبريات المدارس والمعاهد بالدول الشقيقة والصديقة، وفي مختلف تخصصات الأسلحة، مشكلين بذلك الطلائع الأولى التي ستؤطر الجيش الوطني الشعبي وتعمل على تطويره تنظيما وتسليحا.
وكان الرهان الثاني يتمثل في الاضطلاع بمهامه التي خولها له دستور 1963 في المادة 8 منه، وبموجب ذلك أدى دورا هاما في إعادة بعث الدولة الوطنية والمساهمة في مسار التشييد والبناء الوطني، واستكمال الاستقلال بإزالة مخلفات مرحلة طويلة من الاحتلال والحرمان والهيمنة والاستغلال، وما رافقه من تكسير للبنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كونه القوة الوحيدة المنظمة في تلك الفترة ويمتلك في صفوفه إطارات نخبوية.
وبالفعل فقد تكفل الجيش الوطني الشعبي أثناء السنوات الأولى من الاستقلال بتنظيم التموين والمساعدات الاستعجالية الموجهة للمواطنين، وتولى بالخصوص العمليات التي من شأنها تسهيل عودة اللاجئين الجزائريين إلى وطنهم، كما سد شغور المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية بعد مغادرة الإطارات الأجنبية لمناصبهم، وقام ببناء مرافق الخدمات وتقريبها من المواطنين لفك العزلة عنهم.
فضلا عن هذا كله، ساهم الجيش الوطني الشعبي في تجسيد المشاريع الكبرى وتحقيق الأهداف الرئيسية للدولة التي عملت على تعبئة كل الموارد البشرية المتوفرة وإشراكها في عمليتي الدفاع والبناء الوطنيين وتحقيق التنمية المنشودة.
الدستور المرجعية التي يستند عليها الجيش الوطني الشعبي
يعتبر الدستور القانون الأسمى للدولة، وهو يشكل المرجعية القانونية التي يستند عليها الجيش الوطني الشعبي ويلتزم بها نصا وروحا في تأدية مهامه، وقد بَرهن بذلك أنه جيش جمهوري ثابت العهد والوفاء لمبادئه، ودائم الإخلاص لهذا الوطن وشعبه.
وقد حدد دستور 8 سبتمبر 1963، أول دساتير الجمهورية الجزائرية، مهام الجيش الوطني الشعبي، حيث نصت المادة 08 منه: "الجيش الوطني جيش شعبي، وهو في خدمة الشعب وتحت تصرف الحكومة بحكم وفائه لتقاليد الكفاح من أجل التحرير الوطني، وهو يتولى الدفاع عن أراضي الجمهورية ويسهم في مناحي النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد في نطاق الحزب".
وقد كرس دستور 19 نوفمبر 1976 نفس المهام المخولة للجيش الوطني الشعبي في دستور 1963، حيث جاء في نصّ المادة 82 منه: "تتمثل المهمّة الدّائمة للجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التّحرير الوطني ودِرع الثورة، في المحافظة على استقلال الوطن وسيادته، والقيام بتأمين الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد وسلامتها، وحماية مجالها الجوي ومساحتها الترابية ومياهها الإقليمية وجرفها القارّي ومنطقتها الاقتصادية الخاصة بها، يساهم الجيش الوطني الشعبي، باعتباره أداة الثورة، في تنمية البلاد وتشييد الاشتراكية".
خلال تلك المرحلة، كان الجيش الوطني الشعبي وفيا لمهامه الدستورية وطابعه الجمهوري، حيث سجل حضوره في شتى المجالات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
الجيش الوطني الشعبي في مواجهة الإرهاب الدموي
شهدت الجزائر بداية التسعينات أعمال عنف دموية وتخريب من طرف جماعات إرهابية، وهو ما شكّل تهديدا صريحا على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها وسيادتها الوطنية، مما استدعى تدخل الجيش الوطني الشعبي طبقا للمهام التي خوّلها له دستور 1989 والتي أكدها دستور 28 نوفمبر 1996 في المادة 25 منه.
وظلّت الجزائر تكافح الإرهاب بمفردها، إلى غاية أحداث 11 سبتمبر 2001، التي أكدت صدق النظرة الاستشرافية للجزائر عن مدى خطورة هذه الظاهرة التي أصبحت محل اهتمام دولي، واستطاعت بذلك الجزائر أن تنتزع الاعتراف بشرعية مواقفها الصائبة في مكافحة الإرهاب، وغدت خبرتها ومشورتها مطلوبة دوليا، كما تبنّى المجتمع الدولي مذكرة اقتراح الجزائر بتجريم دفع الفدية والتفاوض مع الإرهابيين، خلال مؤتمر المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب على مستوى الخبراء، المنعقد بالجزائر يومي 18 و19 أفريل 2012.
لقد استطاع الجيش الوطني الشعبي من خلال استراتيجيته المعتمدة في مكافحة الإرهاب من إعادة استتباب الأمن والاستقرار للبلاد، والقضاء على جيوب الإرهاب بالداخل وتجفيف منابع تمويله، والتضييق عليه بالخارج بالتعاون مع الشركاء الأجانب، ولا يزال الجيش الوطني الشعبي يواصل مكافحة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود المتحالفة مع شبكات التهريب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية التي تسعى لضرب أمن واستقرار الدول.
احترام لإرادة الشعب الجزائري
وقد احترم الجيش الوطني الشعبي إرادة الشعب الجزائري المعبر عنها من خلال المطالب التي نادي بها في حراكه المبارك الأصيل الذي انطلق في 22 فيفري 2019، وأفضى إلى تنظيم انتخابات رئاسية اختار فيها الشعب رئيسه بكل نزاهة.
بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر 2019، تم إجراء تعديل دستوري استفتى عليه الشعب في الفاتح من نوفمبر 2020، والذي تضمّن في المادة 30 منه المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي والبحري، وكذا الدفاع عن مصالحها الحيوية والاستراتيجية، كما تضمن أيضا مهام جديدة أوكلت للجيش الوطني الشعبي، طبقا لأحكام المادتين 31 و91 منه، وهي إمكانية مشاركة وحدات منه في عمليات حفظ السلم خارج الوطن، في إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وذلك بعد موافقة البرلمان بأغلبية ثلثي (2/3) أعضاء كل غرفة من غرفتي البرلمان.
من حرب التحرير إلى معركة العصرنة والاحترافية
منذ فجر الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية وبالموازاة مع المشاركة في البناء الوطني، بادرت القيادة إلى تكوين جيش حديث، وفي لقيم ومبادئ جيش التحرير الوطني، قادر على الدفاع عن الوطن وحماية وحدته الترابية، خاصة بعد أن تكشّفت الأطماع التوسعية لبعض دول الجوار.
بعد تحوير جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي ابتداء من 4 أوت 1962، شرعت قيادته في بناء جيش كلاسيكي من حيث التنظيم والتسليح والتدريب والتجهيز، فباشر الجيش مسيرة العصرنة والاحترافية اللذين فرضهما السياق الجيوستراتيجي والتطور التكنولوجي في مجال الأسلحة والمعدات، معتمدا على استراتيجية شاملة وخطط متكاملة ومرحلية.
خلال العقدين الأخيرين من القرن الواحد والعشرين، ركزت القيادة جهودها على تسليح مختلف التشكيلات والوحدات البرية بالدبابات العصرية والآليات الحديثة للمشاة، وأحدث وسائل مدفعية الميدان والمدفعية المضادة للطيران، ومنظومات الأسلحة الفتاكة ذات الدقة العالية، والمعدات الحربية المزودة بالتكنولوجيات والتقنيات الجديدة، لتنفيذ برامج ومخططات التحضير القتالي للقوات والوحدات، بإشراك جميع القوات وكل مكونات الجيش الوطني الشعبي، كل في مجال اختصاصه، في المناورات المشتركة والتمارين التكتيكية بالذخيرة الحية التي تنفذ سنويا عبر كل النواحي العسكرية، بهدف بلوغ الاحترافية العالية لقوام المعركة وتحقيق الجاهزية العملياتية للوحدات والتشكيلات القتالية في مختلف الظروف الزمانية والمكانية، واختبار إمكانيات القوات والوحدات، وقدرات القادة في إدارة المعارك، وكذا مؤهلات الأفراد ومدى تحكّمهم في منظومات الأسلحة العصرية والتكنولوجيات الحديثة والوسائل والتّقنيات والتجهيزات الجديدة، وتحقيق التعاون بين مختلف التّشكيلات برية وبحرية وجوية.
ارساء أسس صناعة عسكرية متطورة
وغداة الاستقلال، عمدت القيادة العليا للجيش إلى الشروع في إرساء أسس صناعة عسكرية بمفاهيم تتناسب مع متطلبات تحديث الجيش ومواكبة التطورات التكنولوجية المستمرة، حيث تكفلت بذلك مديرية الصناعات العسكرية التي أنشئت سنة 1974، وأوكلت لها مهمة ترقية وتطوير قاعدة صناعية وتكنولوجية للدفاع، وتقديم الدعم المتعدد الأشكال والمتخصص للقوات المسلحة والأسلاك الأمنية المشتركة.
وباعتبارها قطبا صناعيا متقدما تتضمن العديد من البرامج والمشاريع التي تندرج في إعادة دفع القطاع الصناعي الوطني، أصبحت مديرية الصناعات العسكرية عنصرا فاعلا وشريكا متميزا في الجهد الوطني الرامي لاستيعاب وتحويل العلوم والتكنولوجيات المتقدمة والتحكم فيها. بالإضافة إلى إمداد الجيش الوطني الشعبي بتشكيلة واسعة من المنتوجات التي تسمح له بأداء المهام الموكلة له.
التكوين النوعي.. رهان استراتيجي
يعد التكوين وتأهيل العنصر البشري حجر الزاوية لأي مسعى تطويري، لذا فإن اهتمام الجيش الوطني الشعبي بالتكوين ليس وليد اليوم، بل هو نهج أصيل متجذر، ورثه عن جيش التحرير الوطني الذي برغم قلة ومحدودية إمكاناته، اهتم بالتكوين إبان الثورة التحريرية، حيث تخرجت الدفعات الأولى من الطيارين والمهندسين حتى قبل استرجاع سيادتنا الوطنية.
في هذا السياق، تميزت المرحلة الممتدة من سنة 1962 إلى سنة 1975 بإنشاء الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة ومدارس تابعة لمختلف القوات ومراكز التدريب ومدارس أشبال الثورة، كما سمح تأسيس الخدمة الوطنية سنة 1968، بإعطاء ديناميكية جديدة للجيش الوطني الشعبي، من خلال تدعيمه بالكفاءات البشرية بغرض تنفيذ مهام الدفاع والمهام التي تكتسي مصلحة وطنية.
كما عرفت الفترة الممتدة من سنة 1991 إلى سنة 2005، وبالنظر للوضعية الأمنية للبلاد آنذاك، تم تكييف برامج التكوين بالمدارس ومراكز التدريب مع عمليات مكافحة الإرهاب، كما تميزت هذه المرحلة بلامركزية التكوين لفائدة قيادات القوات والدوائر والمديريات المركزية وإنشاء مدارس تطبيقية للأسلحة.
الدفاع السيبراني ومراقبة أمن الأنظمة
إدراكا منها للتحديات التي فرضها الواقع، وقصد الإلمام بكافة التهديدات التي يشكلها الفضاء السيبراني على الأمن وحتى سيادة الدول والحكومات، قامت قيادة الجيش العليا برسم استراتيجية دفاع سيبراني متكامل وفعال، يهدف إلى تأمين وحماية المنظومات والمنشآت الحيوية للمؤسسة العسكرية، فأسست مصلحة الدفاع السيبراني ومراقبة أمن الأنظمة، كهيئة استراتيجية تضطلع بمهمة الوضع والتطبيق الميداني للسياسة الشاملة للدفاع السيبراني داخل الجيش الوطني الشعبي، عن طريق تقييم، تعزيز مستوى أمن جميع أنظمة المعلومات، أنظمة الإتصالات وأنظمة الأسلحة قيد الإستغلال.
كما تتكفل المصلحة بالوقاية والتحسيس ضد محاولات التضليل، التلاعب واستهداف المستخدمين، وكذلك تحيين وتطبيق الإطار التنظيمي الخاص بمجال الدفاع السيبراني، الذي فرضته ثورة تكنولوجية غير مسبوقة. في هذا السياق، أولت القيادة أهمية خاصة لتطوير هذا المجال، انطلاقا من قناعتها بأن الدفاع السيبراني أصبح مكونا ضروريا للحرب الحديثة، من خلال دمج هذا البعد الإفتراضي في مسرح العمليات.
وفي إطار اليقظة المعلوماتية والاستعلام السيبراني، علاوة على تنفيذ مهمتها لجمع ومعالجة كل أنواع المعلومات المتعلقة بالدفاع السيبراني من أجل استباق وإفشال كل محاولة هجوم سيبراني يمكنه استهداف الأنظمة المستعملة على مستوى الجيش الوطني الشعبي، تشارك المصلحة أيضا وبالتنسيق مع الهيئات المعنية ذات الصلة، من أجل ضمان يقظة معلوماتية مستمرة وفعالة لرصد حملات التضليل التي تقوم بها أطراف معادية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تحسيس المستخدمين وتوجيههم إلى الاستعمال السليم لتكنولوجيات الإعلام والاتصال بهدف حمايتهم من كل الأخطار التي تمس بحياتهم المهنية والخاصة.
في إطار التعاون المشترك، تمثل المصلحة وزارة الدفاع الوطني لدى الهيئات الوطنية والدولية، من أجل إنشاء آليات تعاون وتبادل متينة ومفيدة للطرفين. وتساهم بفعالية في إعداد ووضع السياسة الوطنية في مجال الأمن السيبراني، خاصة في مجال الحماية والدفاع على المنشآت الرقمية الحيوية للوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.