نظم المتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، أول أمس، يوما دراسيا تحت شعار " التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي"، تم فيه التطرق لأهمية استخدام التكنولوجيا كأداة للحفظ، والتثمين. قدّم المحاضرةَ الأولى الأستاذ ناصر الدين العايب مدير مؤسسة "إسراء" ، الذي استعرض بعضا من تجاربه في مجال التراث، وتعاوُنه مع بعض المؤسسات؛ منها متحف قصر مصطفى باشا؛ حيث قام بتجسيد شخصية مصطفى باشا، لتستقبل الجمهور بتطبيق على الهاتف الذكي؛ لمرافقته افتراضيا خلال جولته بالمتحف. كما قدّم المحاضر تجربته مع شخصية الشهيد عمر ياسف، ببدلته الجميلة التي كان ينوي ارتداءها يوم الاستقلال، زيادة على مشروعه مع جامع الجزائر الأعظم؛ من خلال حوار بين عميد المسجد الشيخ مأمون القاسمي، ولافيجري، بعنوان "نحن أبناء محمد، أين أنت يا لافيجري؟ "، بتقنية المونوغرام. وعن هذه التقنيات قال إنها تخضع للتمويل المستمر بالمعلومات، وبالأصوات، وغيرها؛ كي تعطي، وتحاكي أكثر الشخصية؛ أي تزويدها بكل ما يتعلق بالشخصية التاريخية. وكل تلك المادة تؤخذ من المؤرخين. وبالمناسبة، أكد أن مؤسسته رائدة في هذا المجال، وهي في خدمة المتاحف. وقال إنّ تعاونه مع متحف المنمنمات نموذج ناجح في مختلف المجالات؛ منها، مثلا، تقديم محتوياته من اللوحات بالذكاء الاصطناعي؛ كتحريك اللوحات الفنية؛ فقد قدّم لوحة تمثل وسط الدار، بها نسوة جالسات يتسامرن، ويطوف عليهن طاووس. وفي لوحات أخرى عصرية، عمل الذكاء الاصطناعي على محاكاة أصحابها الفنانين، ليشرحوا مضمون لوحاتهم. وبالنسبة للمعالم الأثرية منها المواقع الرومانية، فيتم إضافة ما نقص وضاع منها من خلال المصادر التاريخية؛ لإعادة بنائها افتراضيا؛ تماما كما كانت منذ قرون خلت، ليخلص المتحدث إلى أن الذكاء الاصطناعي أحسن مرشد سياحي وتاريخي؛ إذ يُعد أمينا وموثوقا، مطالبا بدعم هذه المشاريع أكثر لتثمين التراث والسياحة، ولبناء بنك معلومات ثري (داتا)، يستند عليه الذكاء الاصطناعي باستمرار. وقدّمت الدكتورة لطيفة حمصي من جامعة المدية، محاضرة بعنوان "الأرشيف والذكاء الاصطناعي في المحافظة على الماضي برؤى مستقبلية". واستهلت تدخّلها بالإشارة إلى أن الموروث المكتوب يتعرض عبر الزمن، للتآكل؛ لذلك لا بد له من قاعدة بيانات، مستعرضة أرشيف المحاكم الشرعية قبل 1830. والكثير منه موجود بفرنسا. وقالت إن هناك 153 علبة، في كل واحدة 200 وثيقة تقريبا، منها ما تعلق ببيت المال والتركات وغيرها، زيادة على أرشيف المكتبة الوطنية الجزائرية المهم. وكل ذلك التراث يبين تحضُّر الجزائر قبل الاستعمار، وأنه كان لها منظومة قضائية، وإطارات تتخرج من مدارس جزائرية مهمة وعريقة، عكس ما تروّجه الدعاية الاستعمارية. واستعرضت المحاضرة تجربتها في البحث، من ذلك السعي إلى جمع المزيد من الوثائق والأختام والعقود، علما أن الكثير منها يحوي العديد من أشكال تراثنا؛ كاللباس والمهر والتصديرة مثلا، والخط العربي، وفك بعض رموزه بفضل الذكاء الاصطناعي، زيادة على تقنيات القراءة، منها اللفافات وغيرها. واختُتم اللقاء بمناقشة ثرية بين المختصين، خاصة في ما تعلق بمجال التعاون وتبادل الخبرات، لتوزَّع بعدها شهادات على المحاضرين.