❊ دعوة فواعل أمريكية لإنصاف الصحراويين تخلط أوراق النظام المغربي توالت الصفعات على المغرب الواحدة تلو الأخرى في وقت متزامن بخصوص قضية الصحراء الغربية، بعد أن كان يعتقد بأن هذا الملف المدرج ضمن قوانين الشرعية الدولية كآخر مستعمرة في إفريقيا، قد أفرغ من محتواه بمحاولاته المتعدّدة لشراء ذمم بعض الدول، التي داست على القانون الدولي مقابل إغراءات مغربية وهمية، فكان مآلها السقوط في مستنقع من الأكاذيب التي تعود المخزن على الترويج لها. لم يكن المخزن يتوقع أن يستفيق يوما على وقع صدمات أفقدته البوصلة، في وقت حاول استغلال الفوضى التي يشهدها العالم اليوم، حيث تطغى المصالح على المبادئ، من أجل إجهاض عدالة القضية الصحراوية، غير أن أصوات الحكمة التي تخرج بين الفينة والأخرى أخلطت أوراق النظام المغربي الذي يريد أن يعطي انطباعا حول حسمه للملف، من خلال فرض سيادته المزعومة على أرض الصحراويين. فالتقرير السنوي لمجلس الأمن المعتمد رسميا، أول أمس، ذكر بمعالم تسوية قضية الصحراء الغربية بما يضمن الحقّ في تقرير المصير، من خلال تأكيد أعضائه مجدّدا على هدف التوصّل إلى حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، وهما المغرب وجبهة البوليساريو، وبما يتيح خلق الظروف اللازمة لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية. وإذا كان موقف الأممالمتحدة المتجدّد إزاء هذه القضية بمثابة رسالة قوية للمغرب ولشركائه الذين ضربوا بلوائح الشرعية الدولية عرض الحائط، من خلال دعمهم للأطروحة المغربية، فإن خرجة المستشار السابق للأمن القومي، سفير الولاياتالمتحدة الأسبق لدى الأممالمتحدة جون بولتون، كمّمت أفواه الذين يحاولون المتاجرة بالملف لأغراض سياسوية وجعله ورقة ضغط ومساومة وابتزاز. فقد هزّ بولتون عرش المخزن الذي لم يكن ليتصوّر أنّ تخرج هذه الشخصية الملمة بالملف الصحراوي عن صمتها، بإعلان دعمه لحقّ تقرير مصير الشعب الصحراوي، محذّرا في هذا السياق من حملة تضليل تقودها جهات مؤيدة للمغرب تزعم أن جبهة البوليساريو تحت تأثير إيران، وهي رواية وصفها بأنها لا أساس لها من الصحة، وتهدف إلى تشويه صورة الصحراويين وتحويل الأنظار عن العراقيل المغربية. ولم يكتف بولتون عند هذا الحد، بل اتهم المغرب بأن لديه تطلّعات إقليمية، تشمل أيضا أجزاء من شمال موريتانيا وغرب الجزائر.. وليست هذه المرة التي يكشف فيها السفير الأسبق للولايات المتحدةالأمريكية عن الأطماع التوسعية للمخزن، حيث سبق له أن كشف عن فضيحة من العيار الثقيل، حول الملك المغربي محمد السادس وذلك في لقاء مع قناة "سي آن. آن " الأمريكية عام 2021 . وقال بولتون، حينها، إنّه تفاجأ خلال زيارة له قادته إلى المغرب نهاية التسعينيات رفقة وزير الخارجية آنذاك جيمس بيكر، بوجود خريطة على جدار مكتب الملك محمد السادس بمراكش تضم أجزاء من غرب الجزائر وأجزاء أخرى من موريتانيا إضافة إلى الصحراء الغربية، مؤكدا بالقول إنّ "مصدر التوتر في المنطقة ليس الجزائر وأعتقد أن من حقّ الصحراويين تقرير المصير حول إقامة دولتهم". ولسوء حظ المخزن فإن التصريحات الحديثة للمسؤول الأمريكي السابق، تزامنت مع صدمة أخرى أطلقتها رئيسة مؤسّسة "منتدى الدفاع الأمريكية" الحائزة على جائزة "سيول للسلام" سوزان شولت، التي دعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصحيح سياسة الولاياتالمتحدة وإنهاء الاحتلال المغربي غير الشرعي. وتعزّز تصريحات الشخصيات الأمريكية المرموقة، فضلا عن جلسة مجلس الأمن حول القضية الصحراوية التي جدّدت تصنيفها القضية ضمن قضايا تصفية الاستعمار، الطابع غير القانوني للمغرب الذي يتملص كل مرة من اللوائح الدولية، فضلا عن اختراقه لحقوق الإنسان والعمل على تأجيج الوضع عبر سياسة التعذيب التي تطال الصحراويين. وبناء على هذه المعطيات كان متوقعا استبعاد المغرب من جائزة "نيلسون مانديلا" لحقوق الإنسان لسنة 2025 بسبب سجّله الحقوقي الأسود، وهي صدمة أخرى له، رغم محاولته كسب ود بعض الأطراف عبر سياسته الالتوائية، لكن ترشيحه لممثلة عنه اصطدم باحتجاجات عارمة ورسائل وعرائض وبيانات تنديد واستنكار من منظمات صحراوية وحقوقيين مغاربة وحتى من منطقة الريف، تلقتها لجنة الاختيار، مجمّعة على أن هذا الترشيح "خيانة لإرث نيلسون مانديلا وقيمه النضالية". والمؤكد أن المغرب لم يكن ينتظر أن يجر سلسلة خيبات الأمل في ظرف يومين فقط، ليعود إلى نقطة الصفر، بعد أن عمل على قدم وساق من أجل فرض واقع مرفوض دوليا، ليسقط مرة أخرى في مستنقع بهتانه اللامتناهي أمام الحق المشروع للشعب الصحراوي في تقرير مصيره.