تحتفي العائلات بمختلف مناطق الوطن بالعائدين من بيت الله الحرام، باستقبال أسطوري، ووليمة يتمّ فيها طهي أطباق خصيصا للحاج، مع ذبح ودعوة للضيوف، في المقابل يحرص الحاج على إحضار هدايا للمدعويين ويكون فيها ماء زمزم الهدية الأغلى التي يقدمها الحاج للأقرباء والأحباب. ننقل لكم الجو العام لاستقبال الحجاج، وما تتميز به العائلات الجزائرية عن غيرها. بدأت هذه الأيام وعودة الحجاج وهي مناسبة لا تفوتها الأسر، وبالرغم من التكاليف الباهظة هذه السنة للحج والتي بلغت عتبة ال 77 مليون سنتيم بالعملة المحلية، لم تتوان العديد من العائلات في التحضير لاستقبال حجاجهم بمجرد وصولهم إلى المطار، حيث تخصّص لنقلهم مواكب تعبيرا عن فرحة العودة إلى أحضان الأسرة والأهل بعد تأدية فريضة الحج، لدرجة أن أصحاب السيارات الفاخرة أصبحوا مطلوبين بكثرة في هذه المناسبة. وهو ما يحدث اكتظاظا كبيرا على مستوى المطارات، التي تعج بمواكب الحجيج من كل الولايات، ولعلّ السمة الابرز في مواكب استقبال الحجيج في الجزائر هي الاعلام الوطنية التي تزين أفخم السيارات. يقول عمار صاحب ال 40 عاما: "عاد والدي قبل يومين واستقبلناه بمطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة، كانت الاجواء رائعة، خصصنا أفخم سيارة في الموكب للوالد عزا وافتخارا بقيمة الحاج، بحيث خصصناه ببرنوس من صنع تقليدي وقمنا بوضع العلم الجزائري في مقدمة السيارة لتحسيس الحاج بأنه في بلده الذي استقبله". الوعدة وبالبارود في الاستقبال يغادر الموكب المطار وسط أبواق السيارات وتهاليل وتكبيرات المرافقين بسيارة الحاج، وفي البيت يتم استقبال الحاج بالأحضان وسط إطلاق للبارود فرحا بعودة الحاج، وتعد "الوعدة" أو الوليمة تقليدا لا نقاش فيه وذلك بنحر الأغنام، وتطبع تلك الأفراح جل العائلات بعد عودة الحجيج وتميزها طقوس خاصة تعبر عن ابتهاج الجميع بتأدية أحد الأفراد للركن الخامس من أركان الإسلام. وعادة ما تميزها الوعدات على شرف الحجاج، وتتمّ دعوة الأقارب إلى تلك الوعدات التي يزيد الحاج أو الحاجة ذلك اللباس الأبيض صفاء ونقاء، وفي هذا الإطار تقول جميلة ربة بيت أن الاستعداد لاستقبال الحاج يشغل بال العائلة بأكملها، لذا فهي تحضر على قدم وساق كل ما يتطلب ذلك، بداية بتحضير البيت وتنظيفه لاستقبال الزوار، كما أن يوم قدومهما يعرف استعدادات خاصة ستكون بالذهاب المبكر إلى المطار في موكب خاص بهما، لتستمر تلك الأجواء حتى بعد العودة بهما إلى المنزل، حيث سيجتمع الأقارب والأصدقاء والجيران للترحيب بهما وتقديم التهاني لهما على أداء مناسك الحج وزيارة. «طمينة"، التمر أو العسل أول ما يأكل الحاج تختلف عادات استقبال الحجاج في الجزائر بشساعة المساحة،ففي منطقة القبائل تركز العائلات بتحضير طبق "الطمينة"، بحيث ما إن يصل الحاج حتى يأكل ملعقة أو ملعقتين من هذا الطبق، وفي ولايات الوسط يكون الحليب والتمر أول ما يدخل فاه الحاج بعد عودته الى بيته، ويستحسن أن يكون صغار السن في المقدمة وفي غالب الاحيان يكون الابن أو الحفيد، في المناطق الصحراوية او الجنوبية يحضر طبق "الرفيس" بعجينة التمر ويسقى بالعسل قبل تقديمه للحاج، وتحرص العائلات أن يطهى الطبق بطريقة احترافية حتى تسعد هذا العائد العزيز، أما بالغرب فيتم تقديم كبد الشاة أو العجل الذي تمّ ذبحه على شرف عودة الحاج، ويستحسن أن تكون مشوية وتقم في صحن أو آنية من فضة أو نحاس، ويتم ذلك وسط مدائح وأناشيد دينية. «ريحة مكة".. بركة الحج مما لا شكّ فيه أن الهدايا التي يجلبها الحجاج معهم فيها من البركة الكثير، وهو الأمر الذي يجعل الكثيرين يعتبرون فيها الدواء الشافي لكل ما يعترض طريقهم من مشاكل في الحياة، وبغض النظر عن صحة تلك المعتقدات أو خطأها فهناك البعض منها الذي لا يحتاج على دليل كماء زمزم الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ". وفي ذات السياق تقول نجية، أنها لدى ذهابها إلى الحج طلب منها إحضار "شجرة مريم" ولباس الإحرام لإحدى السيدات اللواتي حرمن من الإنجاب، والتي نصحها الكثيرون بالاستحمام بماء زمزم والمسح بلباس الإحرام حتى تتخلص من أي سحر أو عين تحول دون تمكنها من الإنجاب. نفس الطقوس للبنات غير متزوجات، حيث يمكن للفتيات أن يستفدن من بركة الحج بالحنة وشرب ماء زمزم لتتحقق كل أمنياتهن في الزواج، هو ما جعل الفتيات يتهافتن على أي حاج أو حاجة من الأهل والأقارب للحصول على نصيبهن من بركة الحج، وعن الحنة تقول أمينة: "نصحوني أن أضع حنة الحج حتى أتزوج على أن تضعها لي امرأة غريبة من خارج عائلتي وخارج بيتنا"، ومن أبرز الهدايا التي يجلبها معه الحاج "السبحة"،"السواك"،"المسك" بحيث يتم توزيعها على جميع الضيوف تقريبا.