هذا جديد "عدل" و"السوسيال" والنقل والسيارات الكهربائية    إجلاء 11 مواطنا جزائريا عبر الأراضي الأردنية    رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزيرة الشؤون الخارجية والأوروبية لسلوفينيا    الشباب عماد بناء الوطن وترسيخ قيم المواطنة    هيئات بالمغرب تطالب بالإفراج عن معتقلي احتجاجات "جيل زد"    فرنسا : مشاورات "الفرصة الأخيرة" .. حكومة أو انتخابات مبكرة    عامان على "طوفان الأقصى"..المذبحة في غزة مستمرة ومفاوضات جديدة في شرم الشيخ    يمثلون جنسيات مختلفة..إسرائيل رحلت 131 من ناشطي أسطول غزة إلى الأردن    دعم بعض الخطوط بحافلات من الحجم الكبير ببومرداس    دعم قدرات الشباب لتأهيلهم في المشاركة السياسية    تخصيص 125 ألف هكتار لزراعة الحبوب    انطلاق حملة التلقيح ضد الانفلونزا في 21 أكتوبر    تلمسان.. استهداف حصد مساحة 300 هكتار من دوار الشمس    "الخضر" اليوم في وهران لترسيم رحلة العودة للمونديال    حضور مميز لأعضاء "الفاف" في لجان "الفيفا"    المنتخب المحلي يدخل تربصه بعنابة    ربات البيوت ينعشن التراث بعنابة    16 جريحا في حادثين مروريين    إطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الغاز والفيضانات    مولوجي تستقبل وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والاسرة الموريتانية..عرض التجربة الجزائرية في تعزيز التكفل الاجتماعي والتضامني    مجلس الأمن الأممي:الجزائر تؤكد التزامها بتعزيز حقوق المرأة وتوسيع مشاركتها الفعلية في اتخاذ القرار    8عروض في الدورة ال56    الإعلان عن "نجوم القراءة" و"الكتاب المسافر" مع تثمين للقوافل العابرة للولايات    مليانة العنقاء تحيا من جديد    الفريق أول السعيد شنقريحة يستقبل وزير الدفاع التونسي : "التحديات تفرض على البلدين تعزيز العمل المشترك"    الخبير الأمريكي جيوف بورتر: الجزائر "جزيرة استقرار" في شمال إفريقيا ووجهة واعدة للاستثمار الطاقوي    بوغالي: المجلس الشعبي الوطني ملتزم بتكييف المنظومة التشريعية مع الإصلاحات الوطنية    الجزائر تُبهر المشاركين في معرض نباك 2025 بمشاريعها المبتكرة لتحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية    الجيش الصهيوني يعترف بمقتل 1152 جندي    غزّة بعد سنتين من الحرب والإبادة    الرئيس تبّون يتلقّى رسالة من بن سلمان    بلمهدي: التعليم القرآني ركيزة أساسية    أمن البليدة يستقبل 11 ألف مكالمة    مدارس تمنع الهواتف النقاّلة عن التلاميذ    نائبان في إسطنبول    نظام داخلي جديد للبرلمان    المناقصات الأخيرة أكدت الجاذبية الكبيرة للجزائر    بداري يبرز أهمية الدور الاقتصادي للجامعة    تهنئة رئاسية لأبطال الجزائر    ممثلة البوليساريو بألمانيا تدعو إلى دعم الجهود الأممية    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى يبحث مع رئيس مهرجان لحويطات سبل تعزيز التعاون الديني والثقافي    مهرجان الجزائر الدولي للفيلم يفتح باب التسجيل للمشاركة في أول دورة من "سوق AIFF" المخصص للسينمائيين    الأدب ليس وسيلة للمتعة فحسب بل أداة للتربية والإصلاح    نعمل على توفير جميع الإمكانيات لهيئة التفتيش    سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق    فتاوى : إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي    دعما لفلسطين.. إيقاف مباراة في إسبانيا    الفاف تُحذّر    إبراز أهمية إدارة وثائق البنوك والمؤسسات المالية    قائمة المنتخب الوطني للاعبين المحليين : غياب مبولحي ومحيوص وعودة سعيود وبولبينة    تحسبا لمباراتي الصومال وأوغندا.. مفاجآت وأسماء جديدة في قائمة "الخضر"    عرض تجربة "كناص" في الابتكار بمنتدى كوالالمبور    هذه مخاطر داء الغيبة..    إلتزام الجزائر بترسيخ البعد الإفريقي في سياستها الصحية    ضبط نشاط شركات التنظيف في المستشفيات    أم البواقي : تنصيب أزيد من 100 مستخدم شبه طبي بالمؤسسات الصحية العمومية    الحكمة بين اللين والشدة    التعارف في سورة الحجرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليانة العنقاء تحيا من جديد
بعد تصنيفها وطنيا فعربيّاً
نشر في المساء يوم 08 - 10 - 2025

❊ الإدراج في جويلية 2025 بسجلّ "الألكسو" للتراث المعماري والعمراني
❊ ملحقة للوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة لا مناص منها
❊ إعادة تهيئة متحف مصنع الأسلحة للأمير عبد القادر
❊ تقديم ملف تصنيف ركب سيدي أحمد بن يوسف
بعد تصنيفها كقطاع محفوظ عام 2023، ارتدت مليانة هذه المرة ثوبا عربيا، من خلال إدراجها في جويلية المنصرم في سجل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" للتراث المعماري والعمراني في البلدان العربية، لتنبعث من جديد مثل طائر العنقاء، وهي التي عانت الكثير من الإهمال رغم أنّ عراقتها ضاربة في التاريخ، فقد كانت منطقة عبور بين الشرق والغرب الجزائريين ومدينة استراتيجية للعديد من الحضارات التي مرت عليها، فيا ترى "ما رأي أبنائها من المختصين في التراث في هذا التنصيف؟"، و«هل سيساهم في ترميم المزيد من معالم مليانة ومنحها بذلك وجها جديدا؟".
تواصلت "المساء" مع المدير الأسبق لمتحف الأمير عبد القادر والفنان وعالم الآثار، عباس الكبير بن يوسف، للحديث عن هذا التصنيف، فقال إنّ مليانة نظرا لأهميتها التاريخية وقيمة عمرانها، صُنّفت قطاعا محفوظا عام 2023، مشيرا إلى أنّه رغم تأخّر هذا التصنيف إذ جاءت مليانة في المرتبة 26 للقطاعات المحفوظة في الجزائر وبعد فقدانها الكثير من عمرانها الثقافي والمعماري، إلاّ أنّ هذه الخطوة حميدة فعلا؛ فقد أَوقفت، على الأقل، البناء العشوائي على أرض مليانة القديمة.
وقال المتحدّث إنّ وجود مكتب بمليانة تابع للوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة، لا مناص منه؛ حتى يراقب عن كثب، تطبيق النصوص التشريعية والقانونية لهذا المخطّط الدائم الذي لم يُفعَّل بعد، والذي سيتم من خلاله أيضا، تقديم مساعدات مالية، ومراقبة تقنية للمالكين الخواص الذين يريدون ترميم سكناتهم، علاوة على حفظ وترميم الممتلكات العمومية. أما عن تصنيف مليانة العربي فقد تم باعتبار أنّ هذه المدينة قديمة. وتعود أصولها إلى الفترة الرومانية.
وتحدّث بن يوسف عن الترميم الذي تشرف عليه مديرية الثقافة لولاية عين الدفلى، والذي يمسّ حاليا، متحف الأمير عبد القادر، وأسوار المدينة، والذي يشرف على الانتهاء، مشيرا الى أنّ هناك مكتب دراسات آخر سيشرف على إعادة تهيئة متحف مصنع الأسلحة للأمير عبد القادر الذي فتح أبوابه عام 2007. أما عن إمكانية تحويل منجم مليانة الذي كان زاخرا بالحديد والذي دفع بالأمير الى تشييد مصنع للأسلحة بالقرب منه، فهو مجرّد مشروع جمعوي لا قرار رسمي تجاهه.
تصنيف مليانة العربي.. حماية إضافية لها
من جهته، تحدّث المهتم بالتراث ونائب رئيس جمعية "أصدقاء مليانة" شمس الدين حاج علي، إلى "المساء" ، عن التصنيف العربي لمليانة الذي جرى من 28 إلى 30 جويلية الماضي في اجتماع "الألكسو" بلبنان، والذي عدَّه خطوة كبيرة للمدينة، وللجزائر عموما، وهو ما سيقدّم لها حماية إضافية بعد أن تم تصنيفها وطنيا منذ عامين فقط في نفس اليوم الذي صُنّفت فيه قلعة بني راشد (غليزان) التي وُلد بها سيدي أحمد بن يوسف، الولي الصالح لمليانة.
ونوّه حاج علي بتصنيف مليانة الوطني والعربي، وهو ما سيُمكّن من حماية التراث المادي وغير المادي للمنطقة، التي تضمّ معالم أثرية؛ مثل مقر تأسيس الكشافة الإسلامية، وبيوت خاصة تعود إلى الفترة العثمانية؛ مثل بيت عائلة والدته، الذي يضمّ نافورة بها زخرفة أندلسية مثل تلك الموجودة في قصر الحمراء، مطالبا في السياق نفسه، باستغلال كلّ هذه المعالم لاستقطاب الزوّار والسيّاح، وتحقيق الفاعلية الاقتصادية، ولم لا تعويض نفقات الدولة في الترميم.
وعاد محدّث "المساء" إلى بعض أهداف تأسيس جمعية "أصدقاء مليانة" ، ومن بينها تصنيف وترميم المدينة. وقال إنّ النشاطات التي تنظّمها الجمعية ساهمت في بناء جسور بين المثقفين المحليين ونظرائهم من العاصمة، ومن ثم وزارة الثقافة والفنون، وهذا في فترة تسيير القطاع من طرف الوزيرة مليكة بن دودة التي زارت مليانة عام 2021. وأعطت الأمر لمديرية الثقافة لعين الدفلى، بإعداد ملف بالتعاون مع المجتمع المدني، بالإضافة إلى تنظيم اجتماع بوزارة الثقافة والفنون عن هذا الموضوع، ليتكلّل كلّ هذا بتصنيف هذه المدينة العريقة.
وذكر حاج علي أنّ هذا التصنيف مسّ المدينة القديمة، في حين تم قبل 2023 تصنيف بعض معالم المنطقة؛ مثل متحف الأمير عبد القادر، وحتى بيت عائلة والدته، مشيرا في السياق، إلى أهمية تثمين كلّ ما تم تصنيفه والحفاظ عليه واستغلاله، مثل ما حدث سابقا بتصوير مسلسل تلفزيوني بمليانة تحت عنوان "حارة الشهداء"، ليدعو وزارة الثقافة إلى فتح مكتب بمتحف خلافة الأمير عبد القادر، أو في متحف مصنع الأسلحة، ليتابع عملية الترميم والحفظ عن كثب.
كما كشف عن تقديم جمعية "أصدقاء مليانة" ملف تصنيف ركب سيدي أحمد بن يوسف. وهو موكب ينطلق من مداشر مختلف القبائل التي تجاوز مليانة إلى الضريح. وهناك تقام الاحتفالات، وعمليات الصلح بين القبائل وغيرها من النشاطات، مضيفا أنّ هذا الركب تميّزه أيضا، رقصة فلكلورية كان يقوم بها المحاربون قديما من قبيلتي بن فرح وبن مناصر قبل الحرب وبعدها؛ لتخويف العدو، والاستعداد للحرب، علما أنّهما حاربتا الاحتلال الإسباني ضدّ وهران، والاحتلال الفرنسي.
الموقف الرسمي من الترميم
قال مدير الثقافة لولاية عيد الدفلى التي تتبعها إداريا مدينة مليانة، الأستاذ حكيم جامع ل«المساء" ، إنّ عين الدفلى شكلّت محطة من محطات تصنيف المعالم الأثرية للجزائر، ومن بينها مدينة مليانة العريقة، والمعروفة بتراثها ومتاحفها، والذي يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الثاني ميلادي، لتقوم المديرية بمعية وزارة الثقافة والفنون بإعداد ملف لتصنيف مليانة عربيا، وهو ما تم على مستوى مؤسّسة "الألكسو" الوازنة دوليا، مؤكّدا جدارة مليانة في التصنيف؛ نظرا لتراثها المادي وغير المادي العريق، والثري.
وقال المتحدّث إنّ هذه التصنيفات تساهم في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، وإبراز مختلف الحضارات التي مرّت على هذه المدينة، مشيرا إلى دور وزارة الثقافة والفنون في حماية المواقع الأثرية من خلال عمليات التصنيف والترميم، بعد أن تم تصنيف المدينة القديمة لمليانة وطنيا عام 2023.
وذكر جامع تصنيف الوزارة خمسة معالم لمدينة مليانة قبل 2023، وهي المركّب الديني سيدي أحمد بن يوسف المتوفى في مليانة، ومنارة مسجد البطحاء الذي بُني في القرن الرابع عشر ميلادي، ومتحف دار الخلافة الأمير عبد القادر الذي يقع في وسط المدينة، ومتحف مصنع الأسلحة للأمير، بالإضافة إلى سور مليانة الذي يعود إلى الحقبة الرومانية. وكشف جامع عن قرب الانتهاء من ترميم متحف دار الخلافة الذي انطلقت أشغاله منذ ستة أشهر، على أن تنتهي في حدود شهر.
أما عن ترميم سور المدينة فقد تم إنهاء العملية في انتظار إتمام ترميم الساحة المحاذية له. كما أشار إلى العمل على إعداد مشروع مخطّط دائم لاستصلاح القطاع المحفوظ بمدينة مليانة القديمة، التي تتربّع على مساحة 17 هكتارا، تضمّ منازل من الفترة العثمانية، وبعضا من الآثار الرومانية، وقد يتم تحضيره في غضون العام المقبل.
أما في ما يخصّ عملية تتبّع ومراقبة عمليات الحفظ والترميم بمليانة، فأشار جامع إلى وجود مصلحة خاصة بمديرية الثقافة لعين دفلى، خاصة بالتراث الثقافي، تقوم بالمهمة بمعية مصالح وزارة الثقافة والفنون، وتحديدا مديرية خاصة بالتصنيفات والمشاريع، علاوة على التعاون مع مراكز أخرى؛ مثل المركز الوطني للأبحاث الأثرية، ومؤسّسات خاصة بالآثار، ليؤكّد في السياق نفسه، استمرار عمليات الترميم ليس بمليانة فقط، بل في بلديات أخرى لولاية عين الدفلى مثل حمام ريغة. كما تم تنظيم حفريات عديدة في العام الماضي عددها ثمانٍ في مختلف البلديات؛ مثل العامرة. وبالمقابل، قال جامع إنّ عملية تصنيف منجم مليانة لا تخصّ قطاع الثقافة والفنون.
من جهته، صرح الأستاذ حميد بن سيف النوفلي مدير إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ل«المساء"، أنّ الألكسو أطلقت هذه السنة، النسخة الأولى للسجل العربي للتراث المعماري والعمراني الذي ضم 19 موقعا، من بينها موقع مليانة الأثرية، مضيفا أنّ الألكسو تعوّل كثيرا على حضور الجزائر في هذا المجال، وأنها إن اكتفت بموقع واحد في هذه النسخة، فإنّ الألكسو تدعوها إلى تقديم ترشيحات أكثر في النسخ القادمة من هذه المبادرة؛ لعلمها بما تتضمّنه الجزائر من كنوز ثقافية، تؤكّد عراقة تاريخها.
منجم .. قصة وتاريخ
بين منجم جبل زكار ومدينة مليانة رابط متين، وعلاقة وطيدة، وتاريخ عريق يعود إلى عام 1902، حينما بدأ المنجم في العمل الفعلي من طرف المحتل الفرنسي، بل يعود إلى أبعد من ذلك؛ فقد استغله الأمير عبد القادر لصنع الأسلحة في الفترة التي مكث فيها في مليانة (1839- 1840)، واستعمل الحديد الموجود فيه، بل حسب الباحث شمس الدين حاج علي، فإنّ هذا المنجم معروف منذ عهد الرومان. كما كان سكان مليانة يُعرفون بالحدّادين في العصور الوسطى؛ أي بعد الفتح الإسلامي، إلاّ أنّ هذا المنجم توقّف عن العمل بعد زيارة الرئيس الأسبق هواري بومدين له. وحسب المهتم بالتراث، فإنّ المنجم تم استغلاله نهاية 1870 لمدة معيّنة قبل أن يتوقّف عن العمل إلى غاية بداية القرن العشرين، ليتم تأميمه من طرف الرئيس الأسبق هواري بومدين، ويوقف استغلاله بفعل خطورته على صحة العاملين به، وكذا إمكانية انهياره.
وأما المختص في علم الآثار عباس كبير بن يوسف، فقد كشف ل"المساء" عن وجود الحديد، والرخام، والمونغاناز، والنحاس في جبل زكار، إلاّ أنّ هذه الثروات تضاءلت كثيرا مع مرور الزمن، مضيفا أنّ فرنسا المستعمرة كانت تصدّر الحديد إلى بلدان أخرى. بعدها استغلت شركة "سونارام" الجزائرية، هذا الحديد إلى غاية 1974، ليتم بعدها استغلال الرخام إلى غاية 1984. وطالب بن يوسف بتحويل هذا المنجم الذي استقطب اليد العاملة قبل وبعد الاستقلال، إلى متحف. وقد خصّص له حينما كان مديرا لمتحف مليانة، غرفة تضم بعض الأدوات المستعملة في مصنع الأسلحة للأمير عبد القادر.
المنجم.. سيرة مهنية وحياتية
لا يمكن الحديث عن منجم مليانة دون التواصل مع الأستاذ الخبير عبد القادر بلحاج ابن المدينة، الذي تحدّث إلى "المساء" عن مساره الطويل في المناجم، واكتشاف العديد منها، وكذا عن علاقته بمنجم مليانة. وقال بلحاج ل«المساء" إنّه من مواليد مليانة عام 1936. عاش طفولة فقيرة، لكن هذا لم يمنعه من الدراسة، ثم الالتحاق بمدرسة المناجم بمليانة، الوحيدة في قارة إفريقيا، والتي تخرّج منها مهندسا عام 1957، واختار تخصّص "جيولوجيا" . كما التحق بمكتب البحث المنجمي الفرنسي. وعمل في "الهقار" الذي قال إنّه حقل منجمي عالمي، ليرسَل بعدها إلى فرنسا لدراسة اليورانيوم. ثم عاد مجدّدا الى الجزائر، وعمل في مجال فوسفات. ثم انتقل إلى حاسي مسعود، وعمل مختصا في الجيولوجيا هناك.
بلحاج ذكر ل«المساء" التحاقه بالمجمع المنجمي الصناعي "سونارام" الذي أنشئ عام 1966، واختياره العمل في سكيكدة حيث تعاون مع الروس. وهنا قال: "ما يحزّ في نفسي هو عدم التواصل معي لجلب المعلومة الصحيحة. ففي زمني تم اكتشاف أكثر من منجم في منطقة الشرق؛ وكأنّ هذا الموضوع لم يتم تسجيله في الأرشيف، ليأتي أشخاص ويقولون إنّهم من اكتشفوا هذه المناجم المختلفة للحديد، والذهب، ومعادن أخرى". وأضاف الأستاذ الذي نشّط الرياضة النسوية بسكيكدة: "القانون تغيّر؛ فلم يعد ممكنا لمكتشف المنجم استغلاله إلا في حال توفره على المال الكثير. أيضا شركة سونارام كانت شبه وزارة، فكان يتم على مستواها البحث، والاستغلال، والإنتاج، والتكوين، والتسويق، وهو ما لا يحدث حاليا".
وذهب عبد القادر بلحاج إلى الجزائر العاصمة، وعمل مفتشا للمناجم. ثم اهتم بالتجهيزات؛ أي شراء معدات تخصّ المناجم من الخارج. ثم عاد إلى مليانة واشتغل مدير الإنجازات بالمنجم، فمديرها. ويقول: "أتأسف على إغلاق المناجم، وعدم الاهتمام بها! لم ينشأ جيل بعدنا يهتم ويحب العمل في المناجم، خاصة شبابنا الذين لا يعرفون من المناجم الكثير.
وأخص بالذكر الطلبة الذين يدرسون الجيولوجيا؛ لا يعرفون موقع المناجم، ولا حتى شكل الغرانيت مثلا؛ لهذا أطالب بفتح متحف لمنجم مليانة، التي كان يأتي إليها عمال من مناطق تبعد عنها بعشرات الكيلومترات". وتحدى بلحاج الذي اهتم بإحياء رياضة كرة السلة بمليانة، كل من يقول إنّ هناك مناجم خاصة بالحديد، وقال إنّ ما قام به رفقة أقرانه، كان خدمةً للوطن في زمن كان فيه العمل رمزا وواجبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.