يقدّم صالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين، المقرّر تنظيمها من 29 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025، برنامجا ثقافيا آخر إلى جانب البرنامج الرئيس للتظاهرة، يعكس ثراء المشهد الأدبي الجزائري وحيويته، جامعا بين الندوات الفكرية، اللقاءات الأدبية، الفضاءات التربوية، وحفلات التكريم. تُعد ندوة "الناشرون الشباب وتفعيل حركية النشر"، المقرّرة يوم الخميس 6 نوفمبر بقاعة المحاضرات الكبرى، من بين أهم الندوات المنتظرة في الصالون، حيث يناقش ناشرون شباب آفاق النشر الجديد في الجزائر، والدور الذي يمكن أن تلعبه الأجيال الصاعدة في تجديد صناعة الكتاب وتوسيع دائرة القراءة. يأتي هذا النقاش في سياق بروز ظاهرة النشر الشبابي التي فرضت حضورها خلال السنوات الأخيرة، مستفيدة من المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لتجاوز القيود التقليدية. وتسعى الندوة إلى فهم التحوّلات التي أحدثها هذا النمط الجديد من النشر، والتحديات التي تواجهه مثل ضعف التوزيع وغياب النقد الجاد، يدير اللقاء ياسر أبو يحي مزيان، رئيس لجنة النشر بالمركز الوطني للكتاب، بمشاركة ناشرين من الجزائر وموريتانيا من بينهم رفيق طيبي، رفيق جلول، بوداود ماسينيسا، ياسين قعودة وخولة حواسنية. من بين المواضيع التي تلامس التحوّلات التقنية المعاصرة، يحتضن فضاء فلسطين "غسان كنفاني" يوم الاثنين 3 نوفمبر ندوة بعنوان "صناعة الكتاب في ظلّ الذكاء الاصطناعي"، تناقش أثر الثورة الرقمية على الإبداع الأدبي وحقوق الملكية الفكرية. يتناول المشاركون أسئلة جوهرية حول ما إذا كانت النصوص التي تنتجها الخوارزميات تُعدّ إبداعًا حقيقيًا، ومن يملك حقوقها الفكرية، إضافة إلى التأثيرات التي تمسّ عملية الكتابة والتحرير والتسويق. يشارك في الندوة عدد من الأكاديميين والناشرين من الجزائر ومصر وموريتانيا، من بينهم إبراهيم بوداود، فاطمة البودي، ريهام طعمة، منير بن مهيدي، أحمد داعي، وأحمد ماضي، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات وطنية تعنى بالنشر والتكنولوجيا، فيما يدير الجلسة محمد بوقاسم. ويُخصّص جناح "رضا حوحو" (الأهقار) لفضاء الأطفال، الذي يُعدّ من أبرز المحطات الدائمة في الصالون، حيث يقدّم برنامجا تربويا وثقافيا متنوّعا من ورشات الرسم والكتابة الإبداعية والعروض الحكواتية المستوحاة من التراث الشعبي، إلى جانب أنشطة رقمية تعليمية تشجّع على التعلّم الذاتي والابتكار. يشرف على هذا الفضاء مجموعة من المبدعين تحت إدارة سارة أيت عمران، بالتعاون مع شركة "تيكنو"، ويستقبل الأطفال من مختلف الفئات العمرية يوميًا، يهدف هذا الفضاء إلى غرس حبّ القراءة منذ الصغر، وتنمية الحس الجمالي والخيال والإبداع لدى الطفل الجزائري. ضمن تشجيع المواهب الجديدة، تنظّم محافظة الصالون للسنة الثانية على التوالي جائزة "كتابي الأول" برعاية وزارة الثقافة والفنون، تهدف الجائزة إلى تحفيز الكتّاب الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم ال35 عاما، وتشجيعهم على خوض غمار الكتابة في الرواية بمختلف اللغات الوطنية والأجنبية. كما تسعى المبادرة إلى إبراز الطاقات الإبداعية الشابة المنتشرة في ربوع الوطن وتكريم أعمالهم الأولى. يقام حفل توزيع الجوائز يوم السبت 8 نوفمبر بقاعة المحاضرات الكبرى. في اليوم نفسه، تُمنح جائزة "أحسن جناح" تكريماً للإبداع في تصميم وتنظيم الأجنحة المشاركة، حيث تُقيّم وفق معايير تشمل الجماليات، التنظيم، التفاعل مع الجمهور، والقيمة الثقافية لما يُعرض داخل الجناح. وتهدف الجائزة إلى ترسيخ ثقافة الجودة في صناعة المعارض وتحفيز دور النشر على تقديم محتوى مميز وتجارب تفاعلية للزوار. يواصل الصالون تقليده السنوي في تكريم رموز الأدب والفكر من خلال فقرة "عرفان" التي تكرّم شخصيات تركت بصمتها في الثقافة الجزائرية. من بين المكرّمين هذا العام الشاعرة نادية نواصر، الشاعر عبد الحميد شكيّل، الباحثة كريستيان شولي عاشور، الكاتب بشير خلف، المفكر مخلوف عامر، والكاتب محمد الصالح أونيسي. يجسّد هذا التكريم لحظة وفاء للأقلام التي أثرت الساحة الأدبية والفكرية بإنتاجها وإخلاصها للكتابة والوطن. كما يحتفي الصالون بالراحل الصحفي نور الدين عزوز، الذي كان أحد أبرز الوجوه الإعلامية والثقافية في الجزائر، من خلال جلسة استذكار خاصة تنظّم يوم السبت 8 نوفمبر من الساعة الثانية إلى الثالثة بعد الظهر، يشارك فيها عدد من أصدقائه وزملائه. تليها جلسة ثانية بعنوان "كتّاب وناشرون رحلوا هذا العام" تخليدا لذكرى مبدعين غيّبهم الموت وتركوا بصمة خالدة في الأدب الجزائري، من بينهم جوهر أمحيس، فضيلة مرابط، وحبيب أيوب. ويُثري البرنامج العام للصالون سلسلة من النشاطات الموازية التي تنظمها هيئات ومؤسسات ثقافية وطنية، من أبرزها ندوة "الذكاء الاصطناعي وحقوق المؤلف" التي يعقدها الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وندوة "التكامل المؤسّساتي بين البرلمان والسلطة التنفيذية" التي ينظمها مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، إضافة إلى جلسات متخصصة للمجلس الإسلامي الأعلى حول الصيرفة الإسلامية، وللمجلس الأعلى للغة العربية حول رقمنة المخطوطات، والمحافظة السامية للأمازيغية حول تعليم اللغة الأمازيغية. كما يشارك المجمع الجزائري للغة العربية في جلسات علمية حول الذكاء الاصطناعي في التعليم واللغة والتراث، إلى جانب نقابتي الناشرين الوطنيتين: نقابة الناشرين الجزائريين، ومنظمة الناشرين الجزائريين، للتين تنظمان ندوات حول تسويق الكتاب واستعادة الموروث الثقافي في إفريقيا. وتُختتم هذه الفعاليات بندوة حول "مدفع بابا مرزوق.. التاريخ والرمز" التي تشرف عليها اللجنة الوطنية لاسترجاع المدفع، تخليداً لذاكرة المقاومة الجزائرية.