حذر ممثل مكتب حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في الجزائر، يوسف حمدان، أمس، من أن قطاع غزة يتعرض لمنخفض جوي شديد، ربما هو الأقسى منذ سنوات، في ظل واقع يعرفه الجميع يعيش فيه أكثر من 80 بالمئة من سكانه في الخيام، ومناطق النزوح غير مهيأة وفي غياب بنية تحتية حقيقية بعد أن دمر الاحتلال قرابة 80 بالمئة من مرافق القطاع. وقال حمدان في تصريح صحفي إن "شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ما زال يعاني تبعات عامين من العدوان وما خلفه من تدمير وقتل وتشريد"، محذرا من أنه "يراد لغزة أن تدفع الثمن مرتين، الأولى حين صمدت في مواجهة محاولات الإبادة والتهجير والثانية حين تترك لتحمل تداعيات عامين من العدوان، إضافة إلى ستين يومًا من مماطلة الاحتلال وتنصله من تنفيذ الاتفاق". ولفت إلى أن المعابر لم تفتح لإدخال المساعدات الإنسانية كما تم الاتفاق عليه ولم يسمح للمرضى بالخروج للعلاج خارج القطاع، كما لم تدخل البيوت الجاهزة التي نص عليها الاتفاق، موضحا في هذا السياق، بأن "بقاء السكان في الخيام لمدة ستين يوما كان وضعا مؤقتا ولا ينبغي أن يسمح للاحتلال بإبقاء أهل غزة في هذه الظروف القاسية.. فالأمطار الغزيرة تتساقط على القطاع وتتسرب إلى الخيام، فيما تستمر معاناة السكان في ظل تدمير البنى التحتية ورفض الاحتلال السماح بدخول المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وإعادة تأهيل المرافق الأساسية". ووجه حمدان نداء للجميع بأن تتحمّل كل الأطراف مسؤولياتها والضغط على الاحتلال وعلى الجهات ذات الصلة، لفتح المعابر فورا ودون قيد أو شرط لإدخال المساعدات والسماح بدخول البيوت الجاهة التي ستؤوي العائلات النازحة والمشردة إلى حين بدء إعادة الإعمار. وقال إنه "لا يجب أن تعاني غزة من التعتيم أو الغياب الإعلامي ولا يجوز أن يستثمر الاحتلال هذه الظروف لتخفيف الضغوط الدولية عنه، سواء السياسية أو الإنسانية"، داعيا الجميع إلى رفع الصوت عاليا تجاه ما يتعرض له سكان قطاع غزة وإعلان حالة تضامن واستنفار والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الصابر. ونفس التحذير اطلقته بلدية غزة، التي دقت ناقوس الخطر، من خطورة تأثير المنخفض الجوي القطبي على حياة النازحين والسكان في ظل الدمار الهائل الذي خلفته حرب الإبادة الصهيونية والتي أدت إلى انهيار شبه كامل في البنية التحتية. وقال المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، إنّ المنخفضات الجوية أصبحت تشكل تهديدا مباشرا لحياة مئات آلاف المدنيين، خاصة داخل مخيمات النزوح التي تفتقر لأي بنية حماية، وأوضح أن الاحتلال دمر أكثر من 85 بالمئة من معدات البلدية بما يعرقل قدرة الطواقم على الاستجابة للسيول وشفط المياه ومساندة السكان في المناطق المتضررة. وأضاف أن الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الساعات الماضية، أدت إلى غرق آلاف الخيام المنتشرة في مختلف مناطق القطاع في وقت يعيش فيه النازحون داخل خيام بدائية لا تقاوم البرد ولا الأمطار، محذرا من أن الوضع يتجه نحو "كارثة إنسانية مركبة". وأشار مهنا إلى وجود نقص حاد في المواد الملحة اللازمة للعمل البلدي، داعيا إلى ضغط دولي عاجل على الاحتلال للسماح بدخول معدات الطوارئ ومواد الإيواء والاحتياجات الإنسانية الأساسية. وبحسب معطيات صادرة سابقا عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يحتاج قطاع غزة إلى ما لا يقل عن 300 ألف خيمة ووحدة سكنية مسبقة الصنع لتأمين الحد الأدنى من المأوى للنازحين بعد عامين من التدمير الممنهج الذي طال مختلف المرافق والخدمات. في ظل مواصلة الاحتلال خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النّار رفض أممي قاطع لأي تغيير في حدود غزّة أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن المنظمة الأممية ترفض ب "شكل قاطع" أي محاولة لتغيير حدود قطاع غزّة الخاضع لاحتلال صهيوني الذي يفرض عليه حصارا خانقا لا يزال يحرم سكانه من أدنى متطلبات الحياة. وندّد المتحدث باسم الأمين العام الأممي، في تصريح صحفي مساء أول أمس، ب"اعتبار ما يعرف بالخط الأصفر حدا جديدا للقطاع"، مؤكدا أن "الأممالمتحدة عند حديثها عن غزة، تعتمد على الحدود القائمة بين غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة وليس الخط الأصفر". وكان من يسمى برئيس أركان الكيان الصهيوني قد اعتبر قبل أيام أن "الخط الأصفر" أصبح يمثل "حدا حدوديا جديدا" للكيان الصهيوني في غزة، في حين أنه تم رسمه في إطار المرحلة الأولى من اتفاق شرم الشيخ الذي أعلن وقف إطلاق النهار في غزة في العاشر أكتوبر الماضي، على أساس أن تنسحب قوات الاحتلال نهائيا من أراضي القطاع مع بدء تنفيذ المرحلة الثانية. ولكن الاحتلال وكعادته اتخذ هذا الخط ذريعة ليواصل انتهاكاته وخروقاته وقصفه للقطاع بحجج واهمية، مرة أنه لم يستلم جثث أسراه ومرة أنه تعرض لإطلاق النار من قبل عناصر المقاومة، وكلها ذرائع يختلقها هذا الاحتلال الجائر بهدف تقويض وإفشال اتفاق وقف إطلاق النّار، ومع استمرار الحصار الصهيوني على قطاع غزة، أعلنت المنظمة الأممية للطفولة "اليونسيف" أن آلاف الأطفال دخلوا مستشفيات لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد في غزة منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي. وأكدت أن 9300 طفل تلقوا العلاج من سوء التغذية الحاد في أكتوبر الماضي. وقالت المتحدثة باسم اليونيسف، تيس إنجرام، في مؤتمر صحفي في مدينة جنيف السويسرية، إنه على الرغم من تراجع العدد عن ذروته التي تجاوزت 14 ألف طفل في أوت الماضي، إلا أنه ما يزال أعلى بكثير من المستويات التي سجلت خلال وقف إطلاق النار القصير في فيفري ومارس الماضيين، بما يؤكد أن تدفقات المساعدات ما تزال غير كافية. وقالت إنجرام، إن "الوضع واضح.. النساء اللواتي يعانين من سوء تغذية أنجبن أطفالا خدجا أو منخفضي الوزن يموتون في غرف العناية الفائقة أو يعيشون ويعانون من سوء تغذية أو مضاعفات صحية". وأضافت أنه "في نوفمبر استقبلنا 8300 امرأة من الحوامل والمرضعات لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد، أي حوالي 270 يوميا في منطقة لم يسجل فيها قبل نوفمبر أي حالة سوء تغذية بين الحوامل". وهو ما جعلها تعرب عن أسفها "للعوائق التي تفرضها سلطات الاحتلال الصهيوني بمنع دخول بعض المستلزمات الطبية الأساسية إلى قطاع غزة"، داعية لفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية. استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال الصهيوني حمّلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أمس، حكومة الاحتلال وإدارة مصلحة السجون المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير عبد الرحمان سفيان محمد السباتين، في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات المروّعة بحق الأسرى الفلسطينيين. وقالت الحركة، في بيان صحفي إن استشهاد السباتين البالغ 21 عاما والمنحدر من بلدة حوسان بمحافظة بيت لحم، "دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها الاحتلال بحق الأسرى عبر التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي المتعمد"، مؤكدة أن هذه الجريمة تأتي ضمن "سلسلة من عمليات الإعدام الممنهج داخل السجون ومراكز التحقيق" في ظل غياب الرقابة الدولية وصمت المؤسسات الأممية والحقوقية. وأضاف البيان أن الاحتلال يواصل "التعذيب والإخفاء القسري بحق الأسرى، خاصة معتقلي قطاع غزة الذين ما زال مصير الكثير منهم مجهولا"، محذّرا من استمرار هذا النهج الذي وصفه ب"الإبادة البطيئة". وكانت "الهيئة العامة للشؤون المدنية" و"هيئة شؤون الأسرى" و"نادي الأسير الفلسطيني" قد أعلنوا صباح أمس، استشهاد المعتقل السباتين في مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلي بعد تدهور وضعه الصحي. وأوضحت المؤسسات أن السباتين اعتقل في 24 جوان الماضي، مشيرة إلى أن جلسة محاكمة عقدت له في 25 نوفمبر الماضي، لم تظهر أي مؤشرات على معاناة صحية خطيرة وفق ما أكدت عائلته. ولكن دخوله المستشفى يؤكد تعرضه للتعذيب والإهمال الطبي، ليرتفع بذلك عدد الشهداء الأسرى داخل معتقلات الاحتلال منذ بداية أكتوبر 2023 إلى 85 شهيدا. وأفادت مؤسسات الأسرى الفلسطينية بأن هذه المرحلة هي الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عام 1967، مؤكدة أن عشرات الشهداء من معتقلي قطاع غزّة مازالوا رهن الإخفاء القسري. في اليوم العالمي لحقوق الإنسان من يحمي الفلسطينيين من آلة التقتيل والدمار الصهيونية؟ يحتفل العالم بيوم حقوق الإنسان المصادف ل 10 ديسمبر من كل عام ضمن مناسبة من المفروض أنها تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في حماية مختلف الفئات الهشة والمستضعفة والشعوب التي لا تزال تنتهك وتغتصب حقوقها تحت نير الاحتلال، خاصة في ظل ما يشهد العالم من تراجع رهيب في هذا المجال وما عاشته وتعيشه غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة خير مثال على ذلك. بإلقاء نظرة خاطفة على الواقع المعاش ومختلف بؤر التوتر والصراعات التي تعصف بعدة مناطق في العالم، تتضح الهوة العميقة بين ما كانت تسعى إليه الأممالمتحدة عند اعتمادها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948 من أجل عالم مسالم وآمن وعادل، وبين الواقع المثقل بانتهاكات صارخة ومروعة لحقوق الإنسان ترتكبها حتى الأنظمة والدول التي تدعي الديمقراطية، وليس فقط مجرد عصابات هنا وهناك خارجة عن القانون. ورغم أن هذا الإعلان حدد المبادئ والقوانين والاتفاقيات التي من المفروض أنها تحمي الانسان خاصة أوقات الحرب والصراعات المسلحة، إلا أن ما عاشه قطاع غزة من حرب ابادة صهيونية مروعة أسقطت كل هذه المبادئ وكشفت عن حقيقة نظام دولي مبني على ازدواجية المعايير وعاجز، عن قصد أو غير قصد، عن تفعيل آلياته لحماية القوانين التي صاغها وأعدها. فعلى مدار عامين كاملين، لم يترك الاحتلال الصهيوني انتهاكا ولا جريمة إلا وارتكبها على المباشر في حق الفلسطينيين في قطاع غزة من قصف مكثف دمر منازلهم فوق رؤوسهم وإعدامات مباشرة واعتقالات تعسفية وتعذيب ممنهج للأسرى وحصار خانق حرم ولا زال يحرم السكان من أدنى متطلبات العيش من ماء ودواء وغذاء وتهجير قسري، حتى تخطت حصيلة الضحايا عتبة 70 ألف شهيد تؤكد كل التقارير الفلسطينية والدولية والأممية أن 70 بالمئة منهم أطفال ونساء. والمفارقة أن هذا الاحتلال الجائر الذي ضرب عرض الحائط بكل المبادئ والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الإنسان، لا يزال يواصل التصرف ك"دولة مارقة" فوق القانون ويقترف أبشع الممارسات في حق الشعب الفلسطيني ليس فقط في القطاع المنكوب بل في الضفة الغربيةالمحتلةوالقدس وفي معتقلاته، وكأن الإنسان الفلسطيني لا يستحق الحياة والعيش الكريم. ورغم أن كل هذه الانتهاكات، المصنفة في خانة جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، من المفروض متابعة ومعاقبة المسؤولين والمتورطين فيها قضائيا، إلا أنه لم تفعل حتى الأدوات التي تتوفر عليها المجموعة الدولية لإحلال السلم والامن ولم يمارس ضغط حقيقي أو على الأقل كافي يحمل هذا الكيان المحتل على وقف جرائمه ضد الأطفال والنساء الرضع والحوامل وكبار السن وغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني العزل. ولأن هذا اليوم مناسبة، تأتي لتذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته في هذا المجال، فقد أكد المجلس الوطني الفلسطيني بأن الشعب الفلسطيني يواجه حربا مفتوحة تشمل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري والتدمير الشامل لقطاع غزة، مؤكدا أن ما يحدث ليس انتهاكا عرضيا بل استهداف للوجود الإنساني ذاته، ولفت في بيان له أمس، إلى أن القيم والمبادئ التي تشكل جوهر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "تواجه اليوم اختبارا صعبا" أمام جرائم الاحتلال الصهيوني وانتهاكاته الممنهجة التي يتعرض لها الفلسطينيون. كما دعت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إلى توحيد الجهود الدولية تحت مظلة الأممالمتحدة والهيئات الأممية ذات العلاقة لوقف جرائم الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكدت أن الاعتداءات اليومية في القدسوالضفة الغربية المحتلتين، بما في ذلك هدم البيوت والاستيلاء على الأراضي والإغلاقات اليومية وتصاعد اعتداءات المستوطنين، تمثل تهديدا لحياة المدنيين وحقوق الشعب الفلسطيني.