ما أجمل أن نستعيد في الخامس من شهر جويلية من كل عام ذكرى أول يوم من الاستقلال، هذا اليوم الذي تحررنا فيه من ربقة المستعمر الغاشم وودع فيه جيل الثورة سنوات الجمر والاحزان، لتنعم بقية الأجيال بطعم الحريةوالعيش الكريم. وما أجمل أن تمكننا الذكرى من العودة بذاكرتنا نحن الذين عشنا تلك اللحظات ونحن صغار، لنسترجع تلك الرمزية وتلك الفرحة وكيف كنا ننظر إلى المجاهدين العائدين من الجبال وكأنهم ملائكة الرحمان، وكيف كان هؤلاء يتميزون بالبساطة والتواضع وحسن الخلق رغم ما كان يقال عنهم بأنهم دميون وأنهم يجيدون الذبح من الوريد الى الوريد وأنهم إرهابيون متعصبون كما تروي دعاية المستعمر، لنبني اليوم جزائر ما بعد الاستقلال جنبا إلى جنب بارادة لا تقهر. وما أجمل أن تمكننا الذكرى، من تنشيط الذاكرة لاستلهام دروس العظمة والكبرياء التي تحلى بها مفجرو الثورة وكيف كانوا على قلب رجل واحد وكلمة واحدة، لأن ذلك يعطينا القدرة على تحمل رسالة بناء مستقبل الجزائر وصيانة الامانة والوديعة المتمثلة في الحفاظ على الاستقلال والتحرر من التبعية التي ترهن استقلال الجزائر. وما أجمل أن نرى أجيال ما بعد الثورة تعيش الحدث والذكرى بشغف لا يوصف وبقلوب يشدها الحنين إلى كل ما هو جميل في ثورة الاباء والاجداد، ليجعلوا من هذه الذكرى الغالية، ملحمة للتواصل ما بين الاجيال، وكأن الذكرى تقول إنه لا فرق بين محرر ومتحرر ومن يجني ثمار التحرر والانعتاق. لقد جاءت خمسينية الاستقلال لتصهر كل الاجيال في بوتقة واحدة هي الجزائر، وتحث كل الاجيال على التفاني في حب الجزائر والاخلاص لها، بل والتضحية من أجلها، لأن العبر التي تركتها تضحيات اولئك الذين ضحوا بالغالي والنفيس وقدموا أنفسهم قربانا من أجل أن تحيا الجزائر يجب أن تترسخ في كل ممارساتنا حتى لا نتهم بالتقصير وإهمال الوديعة لنسأل أنفسنا في كل لحظة أين نحن من رسالة الشهداء وتضحيات المجاهدين الاحياء منهم والاموات؟