قدّم المسرح الجهوي “عبد القادر علولة” بوهران نهاية الأسبوع الماضي، العرض العام للمسرحية الجديدة “أرض الملائكة” لتعاونية “براكسيس”، من تأليف محمد حويذق وإخراج سيد احمد قارة حسن. وقد اختار مخرج هذا العمل الذي يدخل في إطار خمسينية الاستقلال والسيادة الوطنية، أن تكون الرؤية الإخراجية له مغايرة عما تعوّدنا مشاهدته ركحيا، من خلال تصوّر الأحداث الجارية في المدينة بعيدا عن الجبال التي كانت تتمّ بسرية تامة، من خلال قصة ثاني شهيد ينفَّذ فيه حكم الإعدام بالمقصلة بعد البطل أحمد زبانا، فشريط علي الشريف رجل من الرعيل الأوّل للمجاهدين، قدّم الكثير للوطن وافتداه بروحه بعزم وإرادة، وكان قراره الاستشهاد صارما، فصمد أمام المقصلة بقوة، وهو من قال للمستعمر أثناء تنفيذ حكم الإعدام: “لن توقفوا الثورة الجزائرية بهذه القطعة من حديد، بالعكس إنكم ستشجّعون آلاف الجزائريين أكثر، ستكون الجزائر حرّة، لقد دخلتم بالقوّة وستخرجون بالقوّة”، فتحدى بها قهر الاستعمار، ورغم البطولات التي قدّمها يُعدّ من المنسيين! وتنطلق أحداث المسرحية في ساعة وربع من الزمن، بمشهد لعائلة جزائرية بسيطة، يظهر عليها الخوف والهلع لدى سماعها لدق عنيف على الباب، في وقت كان المستعمر يرمي برصاصه وقذائفه على القرية دون رحمة، وهروبا من المستعمر ورغبة من والده قرر المجاهد علي شريف شريط السفر إلى ولاية وهران، للبحث عن العمل والاستقرار مع زوجته حورية. وبعد أن التقى علي شريف بمجموعة من مناضلي جبهة التحرير الوطني ضدّ المستعمر من أمثال أحمد زبانة، العربي دحو والعربي بن مهيدي، تولّدت لديه روح الوطنية والرغبة في الاستشهاد لتحرير البلاد من كيد المستعمر بأيّ ثمن، والذي لن يكون إلاّ بالقوّة، فكان بذلك شريط علي الشريف من بين المجاهدين المفجرّين للثورة التحريرية. وشاء القدر أن يسقط في أيادي الاستعمار الفرنسي بعد قتل سائق الطاكسي اليهودي أزولاي، الذي كشف شريط علي شريف ورفقاءه عندما كانوا بصدد السفر لتنفيذ عملية فدائية، وينفَّذ عليه حكم الإعدام بعد أن قام المستعمر باغتصاب زوجته. وقد برع الممثلون في تجسيد فصول المسرحية في مشاهدها المؤثرة، مما جعل الجمهور الحاضر يتجاوب مع أحداث العرض. وقد شارك في هذا العرض نخبة من الممثلين المحترفين؛ حيث جسّد دور الشهيد شريط علي شريف الممثل تخريست رضا، فيما عاد دور العربي بن مهيدي للممثل والمخرج المسرحي شفيق تيشوداد، وأدى دور أحمد زبانة الممثل خضراوي رؤوف، وفي دور العربي دحو الممثل بوكروش بن يوسف، وأدت دور حورية الممثلة وردة صايم، والممثل بوقروز شكري أدى دور اليهودي أزولاي. للإشارة، جالت مسرحية “أرض الملائكة” بالمسرح البلدي بمدينة مليانة، ثم تلمسان وعين تموشنت، ثم وهران، لتتنقل بعدها إلى كل من ولاية معسكر، ومن ثم إلى مسقط رأس الشهيد علي شريف شريط مدينة سيق، لتُختتم الجولة بعرض يحتضنه ركح المسرح الوطني “محيي الدين بشطارزي” بالجزائر العاصمة.