إدانة 15 شخصا بتهم تتعلق بالإخلال بنزاهة الامتحانات بالأغواط    تكذب خبر إجراء رئيس الجمهورية لأي لقاء إعلامي مع صحف أجنبية    يستقبل سفير المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية    تتويجا للإصلاحات الهيكلية العميقة التي بادرت بها الدولة    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    فلسطين : 50 شهيدا في قصف صهيوني بخان يونس    العالم يحتفي باليوم الدولي لمناهضة خطاب الكراهية    يرتقي بالقطاع ويؤكد حق المواطن في التمتع المجاني بالشواطئ    بومرداس : توقيف سائق شاحنة قام بمناورات خطيرة    موجة حر وأمطار رعدية    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    الفلسفة تُبكي الأدبيين والعلوم ترفع معنويات العلميين    تنظيم دخول اجتماعي موحد وإعداد منصة لتسيير المؤسسات الشبانية    إيران تطالب بإدانة الكيان الصهيوني بشكل صريح وواضح    لا حلول لأزمة الشرق الأوسط إلا بالدبلوماسية والتزام حسن الجوار    الرابطة الاولى "موبيليس": شباب بلوزداد يفتك الوصافة من شبيبة القبائل, و الصراع متواصل على البقاء بين ترجي مستغانم و نجم مقرة    إنشاء وكالة لتسيير الأموال المصادرة في قضايا الفساد    الاستفادة من التظاهرة للترويج للمنتج الوطني    تسخير البحث العلمي لتحقيق الأمن الغذائي وترشيد النّفقات    خطّة عمل لإنجاح موسم الاصطياف 2025    خطّة ب3 محاور لتفعيل المجمّعات الصناعية العمومية الكبرى    نادي "سوسطارة" يعود إلى سكة الانتصارات    التعاون السعودي يسعى إلى التعاقد مع نور الدين زكري    دعوة لمرافقة الشباب نفسيا في زمن التحولات    حين تتحوّل المنمنمات إلى مرآة للروح القسنطينية    "فترة من الزمن"....عن الصمود والأمل    مدرب نادي ليل الفرنسي يصر على بقاء نبيل بن طالب    الجزائر تحتضن ملتقى دوليا حول تعارف الحضارات    تجديد وحدة حقن الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا    بدء موجة جديدة من الرد الايراني الصاروخي على العدوان الصهيوني    السيد سايحي يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة 2025 رجال: نادي سطاوالي يفوز على اتحاد الجزائر (59-46) و يتوج بكأسه الرابعة    حوادث المرور : وفاة 50 شخصا وإصابة 1836 آخرين خلال أسبوع    محروقات: نجاح المناقصة الدولية "ألجيريا بيد راوند 2024" يؤكد جاذبية مناخ الأعمال الجزائري    المنتخب الجزائري لألعاب القوى لذوي الهمم يحرز 11 ميدالية في الجائزة الكبرى الدولية بتونس    رحلة عبر التراث البحري الجزائري : شعار الصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية    تكريس ثقافة التكوين المستمر..نشاطات ثقافية تكوينية بالمكتبة الرئيسية للمطالعة بتندوف    الاحتلال يواصل مجازره في غزة..استشهاد 63 فلسطينيا بينهم 51 من منتظري المساعدات الإنسانية    معرض " ورثة النور" : بللو يثمّن إبداع فناني الزخرفة والمنمنمات    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي السبت المقبل    تخرج 7 دفعات جديدة من المدرسة العليا لسلاح المدرعات بباتنة    الجيش الإيراني: قصف مبنى التلفزيون هو إعلان حرب على التدفق الصحيح للمعلومات والتنوير    محصول 2025 سيكون أوفر من الموسم الماضي    نحو إطلاق برنامج للتكفل بتلأطفال المصابين بالتوحد    قانون للتعبئة العامة    مرتبة ثانية لسجاتي    الفاف تحدّد شروط الصعود والنزول    زروقي يعاين رفع الطاقة الإنتاجية    احياء التظاهرات المرتبطة بالثورة التحريرية المجيدة    الجزائر تطالب مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    بشارات ربانية عظيمة    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التبوّل في الشارع ظاهرة إيكولوجية لا توجد إلا في قسنطينة
نشر في الأمة العربية يوم 04 - 01 - 2012

تمكنت بعض ولايات الشرق من تغيير صورتها نحو الأحسن، ليس من باب المشاريع التنموية فقط، بل حتى في تغيير ذهنية سكانها وشبابها بالخصوص، وتكاد هذه الولايات تحتل المراتب الأولى في "التنظيم"، إلا عاصمة الشرق التي تغرق اليوم في الفوضى، وهذا بسبب لا مبالاة مسؤوليها لاسيما في قطاع البيئة وغياب جمعيات المختصة في حماية الطبيعة والبيعة التي حولت اهتمامها إلى السياسة ومغازلة المسؤولين ورشقهم بالورود في دورات المجلس الشعبي الولائي.
وإن كان الحديث عن الجانب الاقتصادي والتنموي للولاية مهم جدا في إحداث التغيير، فإن الحديث عن الجانب الاجتماعي ذو شجون، لاسيما وهذا الجانب يعتبر العمود الفقري لتطور المجتمع وترقيته أخلاقيا وفكريا، فعاصمة الشرق قسنطينة تشهد بعض الظواهر اللاأخلاقية لا توجد في الولايات التي تجاورها وتتبعها (سطيف، سكيكدة، ميلة، أم البواقي، باتنة، عنابة، خنشلة)... ولا نشير هنا إلى ظواهر السرقات وتعاطي الخمر أو المخدرات، لأنها ظواهر منتشرة في الداخل والخارج وتعود أسبابها إلى عوامل اقتصادية، سياسية واجتماعية كذلك، بل ظواهر لا أخلاقية أخرى لا توجد إلا في قسنطينة.
فالتبول في الشارع ظاهرة إيكولوجية انتشرت بكثرة في السنوات الأخيرة بعاصمة الشرق قسنطينة، وأصبحت عند البعض عادية جدا طالما المجتمع يعيش مظاهر التفتح عبر مواقع الإنترنت والبرابول، فلا تخلو زاوية من زوايا المدينة إلا وتلاحظ هذه الظواهر.. رجال يقضون حاجاتهم الطبيعية (يَتَبّولُونَ) تحت الجسور، وتحت الأشجار وبجانب الأعمدة الكهربائية، وعلى حافة الطريق وحتى على جانبي المحاصيل الزراعية في الطرقات السريعة، دون حياء أو خجل، ودون رادع قانوني أو أخلاقي، وهو يكشف "عورته" أمام العامّة. فما إن تلتفت يمينا أو شمالا وأنت راكب سيارة أو حافلة، حتى تقع عيناك وبطريقة تلقائية على عورة الآخرين، فيكاد يغمى عليك أو ينتابك شعور بالقيء، ولا أحد يحرك ساكنا، حتى أعوان الأمن، لأن مهامهم لا تتعدى المحافظة على تنظيم المرور.
ظاهرة أخرى؛ وهي انتشار الكلمات البذيئة بين الشباب، ليس أثناء وقوع الشجارات فقط، بل حتى بين الأصدقاء وهم يدردشون، يرددون عبارات أمام الملأ نزولا من موقع الحزام كما يقال يخجل الإنسان من سماعها وهو يَتَسَوَّقُ أو يعبر الطريق، دون أن ننسى ظاهرة البصاق على الأرض التي لوثت الهواء الذي نستنشقه والطرقات التي نمشي عليها، وأصبح المواطن القسنطيني لا يشم سوى رائحة "البول" أكرمكم الله وعند عودته يحمل في حذائه ميكروبات ينقلها إلى بيته، وقد تنتقل هذه الميكروبات للأطفال في المساكن التي لها رضيع يحبو على الأرض، كل هذه مخاطر تهدد سلامة العائلة من الناحية الصحية.
وفي غياب قوانين ردعية، تبقى هذه الظواهر الإيكولوجية تهدد المحيط البيئي للمدينة وتشوه الصورة المثالية التي أخذها البعض عن عاصمة الشرق، مدينة الجسور المعلقة ومدينة العلم والثقافة، لأن الجمعيات المختصة في حماية الطبيعة والبيئة لم تقم بواجبها في التحسيس والتوعية، ولم تتطرق ولا مرة إلى هذه المواضيع، وبخاصة ظاهرة التبول في الشارع، واقتصر نشاطها سوى في رشق المسؤولين بالورود في كل دورة من الدورات العادية التي يعقدها المجلس الشعبي الولائي، أو تنظيم رحلات للتلاميذ أو تنظيم حملات غرس الأشجار، لدرجة أن ولاية قسنطينة تحوّلت إلى "غابة"، بل أصبحت الأشجار مراحيض عمومية غير مغطاة.
وأما عن المراحيض العمومية الأخرى المغطاة فحدث ولا حرج، خاصة المراحيض الخاصة بالنساء. وليت الأمر كذلك توقف عند حدود إبقاء مخلفاتهن الطبيعية أو بقايا عادتهن الشهرية (الحفاظات)، فالأمور تطورت بشكل مخيف للغاية، حيث تستغل الكثير من الفتايات اللاتي يدخلنّ هذه الفضاءات للترويح عن أنفسهن، وهن يحملن السيجارة بعيدا عن أعين الأسرة. والظاهرة الجديدة التي انتشرت داخل المراحيض العمومية الخاصة بالنساء؛ هو أن فتيات من خارج المدينة ينزعن حجابهن ويتبرجن للخروج في مواعيد غرامية، وفي المساء عند عودتهن إلى منازلهن يضعن الحجاب من جديد؟ ومن الصعب جدا على أصحاب هذه المراحيض التدخل أو كشف المستور، لأن مسيريها كلهم رجال، وهذا لأن المراحيض العمومية في ولاية قسنطينة ما تزال تفتقر إلى شيء من التنظيم (وجود امرأة داخل المراحيض الخاصة بالنساء)، مثلما هو معمول به في العاصمة.
البعض يرى في هذه الظواهر (التبول) عبارة عن "طابو" tabou، ومن المخجل، بل من العيب الخوض في هذه المسائل، وهو السؤال الذي ينبغي أن نطرحه، متى نُكَسِّرُ هذا "الطابو" ونكشف المستور؟ لنحسس على الأقل بالخطر الذي يهدد صحة المواطن وسلامته، وندعو المعنيين بالأمر من جمعيات وأئمة المساجد، وحتى المسؤولين في قطاع البيئة وكذلك المنتخبين على مستوى المجالس المنتخبة، ليتطرقوا إلى هذه القضايا، حتى لو كانت تدخل ضمن الطابوهات، لأن الحياء والخجل له مواطنه الخاصة.
أما الشجارات التي تقع دوما داخل الحافلات، فحدث ولا حرج كذلك، أصبح المواطن القسنطيني يتفادى ركوبها حتى لا يتورط في قضايا قد تنتهي به أمام العدالة، أو يتعرض للأذى من طرف الشواذ والمنحرفين قد تدخله كذلك إلى المسشتفى، دون الحديث عن بعض الظواهر اللاأخلاقية التي تحدث داخل الحافلات التي جعل سائقوها من المواطن عبارة عن سلعة ينقلها ويراه ورقة نقدية، والاعتداءات على الفتيات داخل الحافلات، وإن تفوهت واحدة منهن يردون عليها بالقول "بنات الفميلية ما يخرجوش، أو اركبي طاكسي وحدك". انتشار هذه الظواهر أفقدت الجانب الإنساني، بحيث أصبح من المستحيل أن تترك فتاة مكانها داخل الحافلة لعجوز مسنة أو امرأة حامل مهما كانت عواقبها، دون أن ننسى قضية "الصرف" التي أصبحت مصدر رزق لبعض القابضين الذين يعملون في حافلات النقل العمومي، من أجل ضمان مصروفهم اليومي ويحافظوا على راتبهم الشهري. وبعملية حسابية، لو قلنا إن متوسط ركاب الحافلة في الذهاب 50 شخصا، وكل شخص يحذف منه 02 دينار بحجة غياب الصرف، يكون القابض قد جمع 100 دة في الذهاب، و100 دينار أخرى في الإياب، نضربها في خمسة وهي عدد الرحلات (التراجي) التي يقوم بها سائق الحافلة، أي بمجموع 1000 دينار في اليوم، وهذا المبلغ يفوق راتب عامل يومي أجير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.