والي أم البواقي يكشف: مساع للتكفل بالمستثمرين عبر 17 منطقة نشاط    طرحوا جملة من الانشغالات في لقاء بالتكنوبول: مديرية الضرائب تؤكد تقديم تسهيلات لأصحاب المؤسسات الناشئة    عنابة: استحداث لجنة لمتابعة تهيئة الواجهة البحرية    ميلة: بعثة من مجلس الأمة تعاين مرافق واستثمارات    مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة: تطوير شرائح حيوية تعتبر الأولى من نوعها في العالم    أكّدت أن أي عملية برية ستؤدي إلى شل العمل الإنساني    الوزير الاول يلتقي عضو المجلس الرئاسي الليبي: الكوني يدعو الرئيس تبون لمواصلة المساعي لتجنيب ليبيا التدخلات الخارجية    يُبرز التطور الذي عرفه قطاع البناء في الجزائر: 900 مشارك في الطبعة 26 لصالون باتيماتيك    وزير الداخلية إبراهيم مراد يشرف على تمرين مشترك ويؤكد: يجب تجسيد التعاون بين الحماية المدنية في الجزائر و تونس    دعا الدول الاسلامية إلى اتخاذ قرارات تعبر عن تطلعات شعوبها: الرئيس تبون يشدّد على محاسبة مرتكبي جرائم الحرب    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    مساع لتجهيز بشيري: الهلال يرفض الاستسلام    البطولة الإفريقية للسباحة والمياه المفتوحة: 25 ميدالية بينها 9 ذهبيات حصيلة المنتخب الوطني    رئيس الاتحادية للدراجات برباري يصرح: الطبعة 24 من طواف الجزائر ستكون الأنجح    مديرية الاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة المراسل الصحفي عبد الحليم عتيق    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    وزيرة الثقافة زارتها بعد إعلان مرضها    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    خارطة طريق لضمان التأطير الأمثل للحجاج    خبراء جزائريون يناقشون "الهندسة المدنية والتنمية المستدامة"    24 ألف مستثمرة فلاحية معنية بالإحصاء الفلاحيّ    3 شروط من أجل اتفاق شامل ومترابط المراحل    مضاعفة الجهود من أجل وقف العدوان الصهيوني على غزة    مهنيون في القطاع يطالبون بتوسيع المنشأة البحرية    توقُّع نجاح 60 ٪ من المترشحين ل"البيام" و"الباك"    على هامش أشغال مؤتمر القمة 15 لمنظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يجري محادثات مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي    الفلاحة.. طريق مفتوح نحو الاكتفاء الذاتي    بعد رواج عودته الى ليستر سيتي: إشاعات .. وكيل أعمال محرز يحسم مستقبله مع الأهلي السعودي    برنامج الجزائر الجديدة في حاجة إلى المؤمنين بالمشروع الوطني    موقع إلكتروني لجامع الجزائر    طريق السلام يمرّ عبر تطبيق الشرعية الدولية    إقبال واسع على معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط    غرق طفل بشاطئ النورس    انتشال جثة شاب من داخل بئر    خلاطة إسمنت تقتل عاملا    من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الأنترنت الدرك الوطني يحذّر..    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    نجوم جزائرية وعالمية تتلألأ في سماء عاصمة الهضاب    الدكتور جليد: التاريخ يحتاج لأسئلة معرفية جديدة    ثلاث ملاحم خالدة في الذّاكرة الوطنية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاءً    دراجون من أربع قارات حاضرون في "طواف الجزائر"    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    غيريرو يغيب عن إيّاب رابطة أبطال أوروبا    بموجب مرسوم تنفيذي : إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: 21 فيلما قصيرا يتنافس على جائزة "السنبلة الذهبية"    "معركة الجزائر" تشحذ همم الطلبة الأمريكيين للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة    التوعية بمخاطر الأنترنت تتطلب إدراك أبعادها    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنترنات العربي .. بين دعوات التنسيق وتأثيرات الثورات العربية .. الجزائر تراهن على تحقيق حصتها من الذخيرة في غضون سنتين
نشر في الأمة العربية يوم 30 - 12 - 2012

- هل المواطن العربي مجرد مستهلك للأنترنات يطلب الفرجة؟
.. كان منطلقه في ميدان اللسانيات الحاسوبية في السبعينات وبداية الثمانينات، عانق مشرق العالم العربي ومغربه، فأثار توحيد المحارف العربية، فكانت النواة لإنجاز برمجيات عربية قد تضاهي نظيراتها في اللغات الأجنبية، اندرجت فيما بعد في إطار مشروع شمولي وحضاري يدعى 'الذخيرة العربية' أو'الآنترنيت العربي' الذي كان حلما في سنة 1983، ليصبح حقيقة بعد أن أقرته جامعة الدول العربية في سنة 2010، وتلتحق بركبه 18 دولة عربية تسعى لإنجازه، من خلال إدخال الملايين من النصوص التراثية والعلمية والتقنية باللغة العربية عبر موقع إلكتروني سينافس ما يقدمه ''محرك بحث غوغل'' من حيث القيمة العلمية للمادة التي سيوفرها ولما سيحققه من إسهام فكري ومعرفي سيشكل مرجعا علميا وتقنيا وثقافيا.
استطلاع: دليلة قدور
ولعل تجارب كل من مركز التعريب بالرباط التابع للجامعة العربية ومجموعة "صخر" ومشروعي "الوراق" و"ماجد" الإماراتي وجمعية الجاحظية للأديب الجزائري الراحل الطاهر وطار، وغيرها من المشاريع الطموحة في دول عربية أخرى، قد استطاعت أن تفند ادعاءات البعض عن عدم قابلية لغتنا للمعالجة الآلية باستخدام الحاسوب، وأثبت قدرة باحثينا على مواكبة البحوث العلمية المستجدة والتمكن من النظريات اللسانية الحديثة وتوظيفها من أجل إرساء بنك معطيات نصية عربية محوسب يزاحم المعارف والأفكار المدونة بأكثر اللغات شيوعا على رأسها اللغة الإنجليزية.
- أين وصل مشروع إنجاز حوسبة اللغة العربية ؟
بات واضحا اليوم أن التطور في مجال تكنولوجيات الإعلام والإتصال لايمكن أن يكون رهينا للإكتفاء الذاتي، بل أصبح التعاون الدولي أكثر من ضرورة للاستفادة من توصيات القمة العالمية حول مجتمع المعلومات، لاسيما اذا تعلق الأمر بمشروع عظيم بحجم الذخيرة العربية من حيث أهميته في رفع المستوى الثقافي للشعوب العربية.
ومن هذا المنطلق سنحاول معرفة أين وصل إنجاز مشروع حوسبة اللغة العربية الرائد للمجمع الأعلى للغة العربية، وما حققه هذا الأخير من إنجازات على أرض الواقع خلال الموسم2011 و2012، وهل ظروف اللااستقرار التي تعيشها بعض البلاد العربية تؤثر على نسبة سير مشروع الذخيرة العربية، بصفة عامة؟
"من لا موقع له على الأنترنيت لا موقع له على الأرض"
مناقصة دولية لإنشاء محرك بحث للذخيرة .. وترقب للنتائج مطلع جانفي
تتواصل الإبتكارات في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال بوتيرة متسارعة، بفضل التقارب الرقمي، وقصد تقليص الفجوة الرقمية بين فئات السكان أوبين المناطق، أصبح من الضروري تطبيق وتفعيل المفهوم الجامع بين البحث والإنتاج عن طريق تطبيق كل الآليات والإجراءات المنصوص عليها في القانون الجزائري 98-11 المعدل والمتمم، لاسيما الجهود الرامية إلى إنجاز وتطوير البرمجيات باللغات الوطنية أواللهجات المحلية الخاصة، وتشجيع استخدام التكنولوجيات الجديدة لترقية التراث الثقافي والموروث التقليدي.
وفي هذا المجال، وقصد تطوير التطبيقات البرمجية والخدمات ذات القيمة المضافة التي تُقترح في إطار استراتيجية الجزائر الإلكترونية لسنة 2013، عقدت وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والإتصال اتفاقية إطار مع المجمع الجزائري للغة العربية في أفريل من السنة الماضية، ذكر رئيس قسم تسيير المشاريع بوزارة تكنولوجيات الإتصال 'حاتم حسيني'، أن من أهم ما ارتكزت عليه بنود الاتفاقية هواستفادة خلايا العمل المنصبة على مستوى الجامعات الجزائرية من تكوين خاص في الجوانب التقنية لنظام الشبكة، القيام بالمعاينة لاختيار المتعاملين، ومتابعة المشروع تقنيا من قبل المهندسين الذين يسهرون على تسيير الشبكة.
وأضاف، صاحب مشاريع بوابة 'الطب عن بعد'،' المواطن 'وبوابة 'الكفاءة' 'حاتم'، أن طبيعة العلاقة بين وزراة البريد وتكنولوجيات الإتصال والإعلام مع المجمع الجزائري للغة العربية في الفترة الراهنة، ترتكز على مرحلة الدراسة التي استغرقت سنة بالكامل، وكانت من بين أهدافها اختيار خبراء وباحثين جزائريين للتباحث عن كيفية تجسيد المشروع على أرض الواقع، وهي الخطوة التي تمخض عنها مؤخرا إعداد دفتر شروط، تم الإعلان عنه في مناقصة دولية نشرت هذه السنة في كل من جريدة المجاهد في 15 أكتوبر ، الشروق في 16 أكتوبر، وفي النشرة الرسمية للمناقصات يوم 28 من ذات الشهر.
للإشارة، لقد ضمت المناقصة حصتين حسب ما أوضحه محدثنا، تمثلت الحصة الأولى كل ما يخص الأجهزة التقنية من ترقيم وتخزين وأجهزة للتواصل مع الخلايا وكافة المستخدمين عبر شبكة الأنترنيت، إضافة إلى أجهزة وقائية وأمنية تضمن استمرارية المشروع في كل مراحله.
في حين، فتحت الحصة الثانية من أجل إنشاء محرك بحث يوفر السرعة والدقة ومعالجة النص وبوابة أنترانيت ( بوصفها شبكة المؤسسة) والتي تضمن الإعلام والإتصال داخل المؤسسة الواحدة، وتسمح للخلايا العاملين في مشروع الذخيرة بتقسيم العمل والرقمنة والتصحيح لضمها لبنك المعطيات عبر نظام الخدمات.
هذا، ومن المرتقب أن تعلن النتائج النهائية للمناقصة الدولية مطلع شهر جانفي المقبل كما صرح بذلك 'حاتم'، أي بعد دراسة كل العروض التي أتت من طرف الشركات الجزائرية والفرنسية على وجه الخصوص، لتباشر في المرحلة الثانية عملية التنفيذ المتماشية مع أحدث أدوات حاسوبية بعد أخذ موافقة وزير تكنولوجيات الإتصال، وإنضمام الجزائر تيليكوم للمشروع، لتليها المرحلة الثالثة والمتمثلة في مرحلة الإستخدام والتقييم في نفس الوقت ، وبذا بعد مرور سنتين يكون المنطلق الأول من الجزائر لتعمم التجربة في بعض الدول العربية، والتي تعرف بعضها تكوين لمواقع إستراتيجية من نوعها باللغة العربية على الأنترنيت، ومن ضمنها مشروع الوراق.
من عالم الورق إلى أفق الضوء
"المجمع الجزائري" يقترب من خطى 'الوراق' في حوسبة التراث
يعتبر مشروع الوراق الذي يتبناه المجمع الثقافي بأبوظبي من أهم المشاريع الرائدة في عالمنا العربي الذي يهدف إلى إحياء التراث العربي، ولعل خطوته الجديدة المتمثلة في البحث عن ذخائر التراث العربي غير المنشور، وإعداد إصدارات جديدة للكتب التي لم تنل ما تستحقه من الرعاية والتحقيق، وكذا استعداده للاتفاق مع من يرغب من المتخصصين للمباشرة في تحقيق ما يرشحونه من المخطوطات التي تبلغ زهاء 13500 مخطوط موجود في سائر أبواب المعرفة. هي خطوات جادة تضاف لباقي المجهودات المبذولة هنا وهناك لصون التراث العربي من الإندثار وجعله محل اهتمام وتحقيق ودراسة من قبل المهتمين والمختصين.
وكبادرة مماثلة لما يقوم به مشروع الوراق، فلقد باشر الحاج صالح منذ سنوات وقبل تأسيس اللجنة الوطنية للذخيرة العربية، في تنصيب بعض الخلايا التي شرعت في حيازة بعض النصوص التراثية كون مسألة حقوق المؤلف لا تكاد تطرح في هذا المجال، بالموازاة مع ذلك كان يعيب هاته المساهمة الفردية افتقارها لإطار تنظيمي ما جعلها تسير بخطى متثاقلة ومتأخرة عن ركب ما ينجز في دول عربية أخرى، واستمر الوضع على حاله إلى غاية أن تم أن عقد الندوة التأسيسية للجنة الوطنية للذخيرة العربية في شهر سبتمبر من السنة الماضية بناء على النظام الأساسي للهيئة العليا للذخيرة العربية التي تشرف عليها الجامعة العربية، وتصبح بذلك العملية منطلقة مائة بالمائة.
صرح رئيس اللجنة الوطنية للذخيرة العربية 'شريف مريبعي': أن عدد الكتب التراثية التي تمت حيازتها قد بلغت 200 كتاب تراثي ما بين علوم اللغة، الفلك، الرياضيات وأخرى، منوها إلى أن تنصيب الخلايا يتم بالتدريج تبعا لظروف المؤسسات الجامعية، فبعضها لا يتوفر على التجهيزات اللازمة أوالمقر الذي يحتضن الخلايا، والبعض الأخر يفتقر إلى مصححين أوعمال مدربين على الكمبيوتر.
وأمام هذه التحديات، تطمح اللجنة الوطنية للذخيرة العربية مستقبلا لإنشاء خلايا للترجمة على مستوى المؤسسات وشراء حقوق التأليف لكتب التراث الجديدة المحققة علميا والمتوفرة على وسائط رقمية، كما تعول اللجنة كثيرا على الهبات لدعم المشروع في مراحله الأولى، إلى جانب سعيها للتعامل مع أصحاب المواقع العربية كالمكتبة الشاملة ومدينة العلوم والوراق وأخرى، والتي رغم أهميتها تبقى حسب رئيس اللجنة 'مريبعي' تحتاج إلى الدقة في انتقاء الحصيلة الموثقة للتراث العربي الإسلامي، لمجانبة الأخطاء المطبعية والطبعات الرديئة.
المعهد العالي العربي للترجمة يتولى تكوين 2000 خبير متخصص
( الدكتور' الحاج صالح )
وكما هو معلوم، فمشروع الذخيرة العربية يحتاج إلى هيئة مترجمين معربين من ذوي الأهلية العليا من حيث اللغة ودراية في الاختصاصات العلمية الرئيسية وتأسيس قاعدة بيانات ببليوغرافية للمواد المترجمة، يأتي في هذا المقام دور المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر الذي يعد أحد المراكز الهامة في الوطن العربي التي تعنى بتكوين التراجمة والمترجمين في مرحلة الدراسات العليا، وفي مجالات مختلفة منها الترجمة الشفوية، التحريرية وتكنولوجيا الترجمة.
وتدعيما لهذا المسعى، قام رئيس المجمع الجزائري للغة العربية الدكتور' الحاج صالح'، في شهر مارس المنصرم بعقد اتفاقية تعاون مع مديرة المعهد العالي العربي للترجمة الدكتورة 'إنعام بيوض'، والتي تهدف إلى الإستفادة من الكفاءات الجامعية والعربية في مجال الترجمة والمساهمة في بناء معرفي وتعزيز تعليم اللغات والعلوم بصفة أدق.
وحسب ما ذكره 'الحاج صالح' فإن مشروع الذخيرة العربية يحتاج إلى أكثر من 2000 خبير متخصص في الترجمة لتقييم النصوص العلمية والمقالات المستجدة في دول أمريكا، بريطانيا، فرنسا والمراد ترجمتها من اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى اللغة العربية، وعلى هذا الأساس فالإتفاقية من شأنها تكوين العدد الكافي للمترجمين الأكفاء في دول عربية وإثراء الرصيد اللغوي والعلمي لكل العرب المثقفين العاجزين عن فهم لغات أخرى.
من جهتها، أعربت الدكتورة 'إنعام بيوض'عن سعادتها في مشاركة المعهد في مشروع الذخيرة العربية، مضيفة بأن الإتفاقية تعد إضافة معنوية وفرصة لاستغلال الخبرات الجامعية الجزائرية والعربية المزدوجة اللغة، والتي من شأنها ترقية وتكثيف تعلم واستعمال اللغة العربية على الطريقة الحاسوبية.
وزارة التعليم العالي تنصب الخلايا في أربعين جامعة جزائرية
( صورة الدكتور شريف مريبعي )
بمقتضى ما تمليه أهمية المشروع في نظر الدولة الجزائرية، تم في شهر سبتمبر من السنة الماضية الإعلان الرسمي عن تأسيس حصة الجزائر كما ذكرنا أنفا في ''الهيئة العليا للذخيرة العربية''، وتشكيل اللجنة الوطنية التي ستعمل على تجسيد هذا المشروع الذي اقترحته الجزائر وحظيت باحتضان مقره الرسمي، وتضطلع اللجنة التي تتكون من 12 عضوا من خيرة الأساتذة للإشراف والمراقبة على مسألة حيازة النصوص وإعداد المواد التي تدخل في الذخيرة وحوسبة التراث وتوزيعه، وكذا تقديم تقرير دوري إلى الهيئة العليا للذخيرة العربية التي من بين مهامها تحديث الرصيد اللغوي العربي والعمل على استثمار الذخيرة لاحقا كقاعدة لإنجاز معجم للغة العربية ومعاجم فنية في مختلف العلوم بالتعاون مع إتحاد المجامع العربية.
ومن أجل تحقيق ذلك، وحسب تصريح لرئيس اللجنة الوطنية للذخيرة العربية 'شريف مريبعي' ، فلقد نصبت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، العديد من الخلايا على مستوى 40 مؤسسة جامعية ومركز بحث على مستوى القطر الوطني، بحيث تتكون كل خلية من مجموعة أعوان كتاب على الحاسوب يهتمون بحيازة النصوص، ومصصحان يقومان بعملية
مطابقة لما تمت حيازته بما هومكتوب في الكتاب أوالمجلة، إضافة إلى عون تقني مهندس أوتقني سامي في الإعلام الآلي يتولى مهمة الإشراف على الخلية على مستوى المؤسسة.
هذا، ويقوم كل عضومن أعضاء اللجنة الوطنية الإشراف على متابعة عمل الخلايا على مستوى عدد من الجامعات، فمثلا هناك عضو يشرف على الخلايا الموجودة في جيجل، ميلة، سكيكدة وسطيف، وعضوأخر يشرف على قسنطينة، أم البواقي، باتنة، بسكرة وهكذا.
المسح الضوئي للخط العربي وعدم فهم المشروع.. أهم العقبات المطروحة
ولأن لكل مشروع طموح قيود مادية، فنية، وزمنية، اعتبر 'الحاج صالح' أن المواقف السلبية لبعض الدول العربية تجاه الذخيرة العربية من أحد العقبات الرئيسية، متأسفا لتخلي اتحاد المجامع اللغوية العربية عن دوره العظيم المتمثل في التنسيق وتوحيد المصطلحات التي تخرج هنا وهناك، واكتفى بمشروعه الحاضر المسمى بالمعجم التاريخي للغة العربية الذي لن يتحقق إلا بإيجاد الذخيرة العربية لأنه في نظر رائد اللسانيات في الجزائر' الحاج صالح'، الأمر يتطلب الإعتماد على مدونة كبيرة يستطيع من خلالها تتبع تطور المعاني عبر العصور، وفي غيابها وغياب التنسيق بين مختلف الجهات يفقد المشروع المصداقية، ما يتحتم على أصحاب القرار اختيار المنهجية اللائقة لإحازة الوثائق والأدوات المعلوماتية التي سترافق المشروع.
إلى جانب ذلك، ومن خلال متابعاتنا لعمل اللجنة الوطنية للذخيرة العربية، يواجه الأعوان الذين يقومون بمعالجة النص رقميا عن طريق المسح الضوئي للوثائق، إشكالية عدم التعرف الآلي للنص المدون بخطوط عربية مختلفة. ما يستوجب -حسب البعض منهم- الإعتماد على إدخال النص يدويا، وهذا ربما يستغرق وقتا طويلا مع احتمال وجود العديد من الأخطاء المطبعية، أواللجوء للتعرف أليا على الكلام وتحويله إلى نص، وهذه الطريقة لم تعرف تطورا كبيرا لما يتعلق الأمر باللغة العربية. وهوالأمر الذي جعل القائمين على عملية الحصول على نص محوسب يعتمدون على الطرائق الثلاث إلى أن تتوفر برمجية تفك حروف اللغة العربية من خلال المسح الضوئي للوثائق وفهرستها أليا مع إمكانية الربط بين الوثائق وإجراء بحوث موضوعية.
ولأنه لا يمكن ضمان نجاح مثل هذا العمل الطموح والمضني إلا عن طريق فريق بحث مؤمن بهذا العمل ومتفرغ له، وجب توفير ظروف عمل مشجعة للخبراء وحتى العمال البسطاء، وأيضا إجراء تكوين خاص لمستخدمي هذه التكنولوجيا، وهوالمطلب الذي دعا الى توفيره رئيس قسم تسيير المشاريع بوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والإتصال'حاتم حسيني'، وكذا تحديث وصيانة التكنولوجيا الحديثة التي سيتم جلبها لاسيما مع تقدم أبحاث اللسانيات واعتماد قواعد أمنية تضمن استمرارية المشروع وتجانس وحداته.
دكاترة يؤكدون:" الثورات العربية تعرقل سير الذخير"
( صورة انعام بيوض )
وعليه، ومن خلال هذه المتابعة الإعلامية يتبين لنا أنه يتعذر على المؤسسة الواحدة بل على البلد الواحد أن ينفرد بإنجاز مثل هذه الأعمال العظيمة لأن التجارب والمبادرات الحسنة التي قامت بها بعض الدول الأخرى تبقى فردية ولم تصل إلى مرحلة الشمولية والمهنية، الأمر الذي يتطلب مشاركة أكبر عدد من المؤسسات العربية العلمية.
ولعل ما يشهده عالمنا العربي من ثورات أوانشقاقات يجعلنا نطرح استفسارا يتعلق بمدى تأثير هذه الظروف العامة للوطن العربي على سير مشروع الذخيرة العربية، ومن أجل معرفة ذلك استطلعنا أراء بعض الدكاترة الجامعيين.
رئيسة المعهد العالي للترجمة 'إنعام بيوض':
" الظروف العربية ظروف مؤقتة، وحتى إن كان هناك تعطيل ما، فهذا لا يمنعنا من مواصلة البحث لأن الذخيرة أنشأت لتبقى، وبكل إخلاص أقولها ليس لأنني من المعاصرين ل' الحاج صالح'، المشروع من أكبر المشاريع الحضارية والمصيرية لنا ولأطفالنا".
الدكتور بشير محمودي من جامعة تيارت:
"في تقديري مشروع الذخيرة العربية سينجح بارادة القائمين عليه بغض النظر عن الأوضاع المحيطة ببعض البلاد العربية، لكن صراحة المجمع الجزائري للغة العربية لايمكن أن يرتقي بمشروعه إلا بتظافر جهود الدول العربية المشاركة''.
عميد كلية الأداب بجامعة ڤالمة' عبد العزيز بومهرة:
"ان مشروع الذخيرة العربية مشروع ضخم يحتاج إلى كثير من الإخلاص والدعم والتضحية، وبالأخص التنسيق بين مختلف الهيئات الوطنية والعربية، ومما لاشك فيه أن اللإستقرار الأمني الذي تشهده بعض الدول الشقيقة سيؤدي إلى توقف كل الجهود الثقافية بما فيها مشروع الذخيرة''.
رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الأمير عبد القادر 'عز الدين نابتي':
"من المؤكد أن المنطقة العربية تعرف تحولات سياسية كبيرة على كافة الأصعدة، من أبرزها تردي الوضع الأمني والإقتصادي وغيرها، الأمر الذي يؤثر سلبا على هاته الدول التي ستضع ميزانيتها في المشاريع الإقتصادية لامحال، وأدعومن هذا المنبر لضرورة تنسيق الجهود بين جل المؤسسات العربية التي باشرت في انجاز حصتها من الذخيرة ".
شراكة تلوح في الأفق مع وزارة التربية وقطاعات أخرى
( صورة وزير التربية أحمد بابا عمي أحمد )
ولأن الفوائد التي سيجنيها المواطن العربي بلجوئه إلى الذخيرة لن تتحقق إلا بحيازة الملايين من النصوص المحررة أوالمنطوقة في ذاكرة الحاسوب، من تراث عربي ومن أحدث المعلومات العلمية والتقنية وغيرها، ومن أي ميدان كان، وذلك في أي وقت شاء، وأينما كان، وبأقصر الطرق.
وعلى هذا الأساس، يطمح المجمع الجزائري للغة العربية بعقد اتفاقية تعاون بينه وبين وزارة التربية من خلال اعداد منهج تعليمي يوصل المعلومات بمهارة للطلبة والتلاميذ الذين سيستفيدون من الأنترنيت العربي في دراستهم.
إضافة إلى مؤسسات علمية أخرى ينتظر منها أن تشارك في انجاز حصة الجزائر، كقيام العديد من القطاعات الوزارية باعداد ترسانة قانونية تتماشى مع الممارسات الدولية ومتطلبات مجتمع المعلومات، وذلك في اطار مجهود عربي موحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.