قال عز وجل كل نفس ذائقة الموت ، فالإنسان مهم عاش وطال عمره يأتي أجله يوما ما ولكن ورغم أن الموت حق على كل إنسان ولا مفر منها، إلا أنها تسبب الكثير من الحزن والأسى للعديد ممن فقدوا أعزاء عليهم خصوصا إذا ما تعلق الأمر بفقدان الأم، إلا أن الألم والأسى يزيدان إذا أراد الزوج الأرمل أن يجدد حياته و تزوج مرة أخرى، فزوجة الأب تصبح حينها هاجس الأبناء وباقي أفراد العائلة. الكثير من الجزائريين ينظرون إلى زوجة الأب نظرة ازدراء واحتقار لأنها حلت محل الأم وأخذت مكانها، الذي لا يمكن أن تأخذه امرأة أخرى مهما كانت، لذلك ولإنجاز الموضوع قمنا باستجواب بعض المواطنين وقد كانت أراؤهم مختلفة ومتضاربة حول الفكرة. يمقتها لأنها سبب في تعاسته أول من قابلناه وتحدثنا إليه كان يوسف البالغ من العمر 34 سنة الذي يشتغل كممرض بعيادة عبد الرحمن ميرة بباب الوادي، فقد يوسف أمه وهو في سن 12 حين توفيت بنفاس أخته الصغرى سهيلة التي تبلغ من العمر الآن 22 سنة، وتركت وراءها خمسة أبناء كان يوسف أكبرهم وهو الأمر الذي دفع والده للزواج مرة أخرى من امرأة تدعى حورية من ولاية المديةمسقط رأس والد يوسف، وقد كانت مطلقة لأنها عاقر ولا تنجب فوجدها الوالد الزوجة المناسبة له والأم المثالية للأبناء، إلا أن ظنونه هاته لم تكن في محلها بسبب الألم الذي سببته ليوسف وإخوته من أول يوم وطأت فيه أرضية المنزل، فقد اشترطت على والد يوسف في الأيام الأولى من زواجهما أن يظل أبناؤه مدة 15 يوما عند جدتهم، وبعد انقضاء المدة المتفق عليها أحضر الزوج الأبناء إلى المنزل وهو الأمر الذي جعل الزوجة تشتعل غضبا ولكنها لم تظهر ذلك لوالد يوسف، وبدأت تسيء معاملة الأبناء لا تهتم بالرضيعة ولا بأشقائها الأكبر منها، والأب في غفلة من أمره ومع مرور الوقت كبر الأبناء وأصبحوا لا يطيقون العيش مع زوجة أبيهم مما دفع بيوسف للخروج إلى العمل في سن مبكرة التي لم يتجاوز حينها 16 عاما، ظنا منه أنه يستطيع توفير سكن مستقل لأشقائه بعيدا عن زوجة الأب، لكنه لم يتمكن من تحقيق مراده، وما زاد الطين بلة أن زوجة الأب وحتى تتخلص من يوسف اتهمته بأنه يتحرش بها حتى توقع بينه وبين أبيه، وفعلا نالت مرادها فقد طرد الأب يوسف من المنزل الذي لم يجد الحل المناسب سوى اللجوء إلى بيت جديه اللذين قاما بتزويجه حتى يجد الاستقرار، كما قام بتزويج باقي الأبناء ولم تبق سوى سهيلة الأصغر سنا طالبة جامعية وهي الأخرى تعيش رفقة جديها وبقي والدهم يعيش بمفرده رفقة زوجته الملعونة على حد تعبير يوسف، الذي ختم حديثه إلينا قائلا زوجة أبي كانت السبب في كل التعاسة التي عشتها في صغري لن أغفر لها كل ما فعلته بي مدى الحياة . زوجة الأب عوضته حنان أمه المتوفاة
التقينا بمحمد الذي يبلغ من العمر 44 سنة توفيت والدته حين كان يبلغ من العمر 15 سنة، تاركة وراءها ثلاثة أبناء في سن صغيرة مابين 4 سنوات و15 عاما على إثر إصابتها بمرض عضال، وهو الأمر الذي دفع بوالده إلى الزواج مجددا من امرأة من ولاية بسكرة خطبتها له شقيقته، وكانت حجته في ذلك وكسابقه إحضار امرأة إلى البيت من أجل الاعتناء بالأبناء، إلا أن وجه الاختلاف بين قصة يوسف ومحمد أن زوجة أب محمد كانت امرأة رحيمة بربائبها فقد اتقت الله فيهم إلى أبعد الحدود حسب رواية محمد، فقد كانت هذه المرأة تسهر الليل من أجل ربائبها، من مرض تداويه وتسهر الليل من أجله ومن بكى تمسح دمعته ومن فرح تفرح لأجله كأنها هي من ولدت هؤلاء الأبناء، فقد اعتبرها محمد أحن عليه من والده، وقد رزقها الله عز وجل هي الأخرى بطفلين، ولم تفرق يوما بين أبنائها وبينهم بل أنها كانت أحن عليهم أكثر مما كانت حنونة على أبنائها، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن فقد توفي والد محمد، هو الأمر الذي دفعه إلى أن يعمل المستحيل حتى يتمكن من أن يرجع القليل من حسنات زوجة الأب التي اعتبرها الصدر الحنين والوحيد الذي بقي له في الدنيا بعد والديه، لذلك قام بتقديم هدية غالية إليها والمتمثلة في أخذها إلى الحج العام الماضي، كما أنه قطع وعدا على نفسه وهو أن يقوم بالاعتناء بها إلى أن يأخذ صاحب الأمانة أمانته عرفانا بجميلها.