عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من وزير خارجية سلطنة عمان    محمد لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي في كافة وسائل الإعلام    سعيدة: تشجيع ومرافقة أصحاب المستثمرات الفلاحية للانخراط ضمن مسعى تربية المائيات    المغرب: المخزن يستمر في الاعتقالات السياسية في خرق سافر لحقوق الانسان    منتدى الدوحة: إشادة واسعة بجهود الجزائر لنصرة القضية الفلسطينية    إبراز جهود الدولة في تسجيل عناصر ثقافية في قائمة الموروث الثقافي غير المادي باليونسكو    عطاف يدعو لتوجيه الجهود المشتركة نحو نصرة القضية الفلسطينية    قوجيل: مواقف الجزائر تجاه فلسطين "ثابتة" ومقارباتها تجاه قضايا الاستعمار "قطعية وشاملة"    وزير الداخلية يستقبل المدير العام للديوان الوطني للحماية التونسية    بورصة الجزائر: النظام الإلكتروني للتداول دخل مرحلة التجارب    كريكو تؤكد أن المرأة العاملة أثبتت جدارتها في قطاع السكك الحديدية    تيسمسيلت: إلتزام بدعم وتشجيع كل مبادرة شبانية ورياضية تهدف "لتعزيز قيم المواطنة والتضامن"    اتصالات الجزائر تضمن استمرارية خدماتها غدا تزامنا واليوم العالمي للعمال    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: الجزائر تشارك بثلاثة مصارعين    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    حوادث المرور: وفاة 38 شخصا وإصابة 1690 آخرين خلال أسبوع    نجم المانيا السابق ماتيوس يؤكد أن بايرن ميونخ هو الأقرب للصعود إلى نهائي دوري الأبطال على حساب الريال    تندوف: شركات أجنبية تعاين موقع إنجاز محطة إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط    عقب شبهات بعدم احترام الأخلاق الرياضية :غلق ملف مباراة اتحاد الكرمة - مديوني وهران    تاقجوت يدعو إلى تأسيس جبهة عمالية قوية    نظام إلكتروني جديد لتشفير بيانات طلبات الاستيراد    نحو إنشاء بنك إسلامي عمومي في الجزائر    هل تُنصف المحكمة الرياضية ممثل الكرة الجزائرية؟    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل المستشار الدبلوماسي لرئيسة الوزراء الإيطالية المكلف بخطة ماتي    مشعل الشهيد تحيي ذكرى وفاة المجاهد رابح بطاط    رئيس الجمهورية يُبرز الدور الريادي للجزائر    الجزائر معرضة ل18 نوعا من الأخطار الطبيعية    درك بئر مراد رايس يفكّك شبكة إجرامية دولية    ملتقى وطني عن القضية الفلسطينية    أوسرد تحتضن تظاهرات تضامنية مع الشعب الصحراوي بحضور وفود أجنبية    منح 152 رخصة بحث أثري في الجزائر    المغرب: مركز حقوقي يطالب بوقف سياسية "تكميم الأفواه" و قمع الحريات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي/منافسة الأفلام القصيرة: أفكار الأفلام "جميلة وجديدة"    المجلس الأعلى للشباب/ يوم دراسي حول "ثقافة المناصرة" : الخروج بعدة توصيات لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب    حلف دول شمال إفريقيا..العمل يهزم الشعارات    منتجات البنوك في الجزائر تتطابق مع مبادئ الشريعة الإسلامية    سياسة الاحتلال الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة    بهدف القيام بحفريات معمقة لاستكشاف التراث الثقافي للجزائر: مولوجي:منحنا 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الاحتلال يفشل في تشويه "الأونروا"    "حماس" ترد على مقترح إسرائيل بوقف إطلاق النار 40 يوما    محرز يقود ثورة للإطاحة بمدربه في الأهلي السعودي    اتفاق على ضرورة تغيير طريقة سرد المقاومة    إبراز أهمية إعادة تنظيم المخازن بالمتاحف الوطنية    بلومي يُشعل الصراع بين أندية الدوري البرتغالي    شباب بلوزداد يستنكر أحداث مباراة مولودية وهران    الشرطة تواصل مكافحة الإجرام    لا أملك سرا للإبداع    مصادرة 100 قنطار من أغذية تسمين الدجاج    إخماد حريق شب في منزل    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    استئناف حجز التذاكر للحجاج عبر مطار بأدرار    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدرسة الجزائرية على وشك الانهيار
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 04 - 2015


اعتداءات...عنف وجرائم قتل عبر الصروح العلمية
* معلمون يتعرضون إلى ضرب مبرح من طرف التلاميذ
هاهي اليوم الجزائر تحتفل ككل سنة بيوم العلم الذي يصادف ال16 من شهر أفريل ليس فقط تخليدا لذكرى وفاة العلامة الكبير عبد الحميد ابن باديس، بل هي تظاهرة لعقد لقاءات فكرية وعلمية، الهدف منها تحسيس الجميع بأهمية العلم ودوره في النهوض بالمجتمعات وترسيخ ونشر رسالة العلم والتنوير في وسط الأجيال، خاصة الصاعدة منها، وكذلك زرع في نفوس الجيل الجديد صفة الوفاء للعلماء، وتجنيدهم للقضاء على الجهل والأمية.
لكن اختار منبرنا اليوم هذا التاريخ المصادف ليوم العلم ليكون وقفة تهدف إلى دق ناقوس الخطر نظرا للحالة المزرية التي تعيشها المدرسة الجزائرية المنوطة بنشر وأداء رسالة العلم على أكمل وجه، حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في حالات العنف داخل محيط المدرسة، بمختلف أنواعه اللفظي والجسدي والعنف المادي، والغريب في الأمر أنه بات يميز علاقة التلميذ والأستاذ في حق بعضهما البعض، فالمعطيات المتوفرة حول تنامي وتيرة العنف وتغلغله في الوسط التعليمي هي صادمة، وأفرزت عجز أطرها وأجهزتها عن تحقيق الغاية من المنظومة التعليمية.
فكثيرة هي شهادات كلا الطرفين، وكثيرة هي الأشرطة المصورة، التي توثق بالصوت والصورة لتدهور علاقة هذا الثنائي وتأزمها بشكل يدعو إلى القلق، خصوصا وأن صفة الاحترام سقطت عن كل من المدرسة والفاعلين تحت سقفها، ولم يعد للأستاذ حق التبجيل والوقوف احتراما، ولم يعد المكلفون التربويون والحراس العامون والإدارة في مركز قوة تفرض على التلاميذ الانضباط وتوجه تصرفاتهم وتقومها، فالعلاقة التي كانت تربط بين مكونات المدرسة تحولت وفي ظرف وجيز، من مكان كان أشبه بدار للعبادة والتعبد، إلى حلبة صراع وملاكمة الغلبة فيها والبقاء للقوي.
مدارس تتحوّل إلى حلبات للصراع
(قف للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا) كلمات لا يخطئ العقل معناها ولا يقلل أحد قيمتها، غير أن واقع المؤسسات التعليمية اليوم بالجزائر يوقع المتتبع في حيرة حين يبحث عن الأسباب التي أدت إلى فقدان المعلم هذه المكانة وتحوله إلى عدو يتحين التلميذ الفرصة لتوجيه طعنة غادرة إليه.
ففي الشهور الأخيرة، تكررت حوادث الاعتداء على رجال التعليم وكانت واحدة من أكثر الحوادث خطورة التي وقعت أمام إحدى الثانويات أين تعرضت أستاذة إلى التهديد بالانتقام خارج قاعة الدرس والمؤسسة، بالإضافة إلى السب والشتم الذي سمعته داخل مؤسسة تربوية بسبب طردها لتلميذ من الصف الذي كان يصدر إيماءات وأصوات غريبة داخل القسم بغرض الاستهزاء منها لكنه نفذ تهديده وقام بتكسير الزجاج الأمامي للسيارة وهي بداخلها مما أدى إلى إصابتها على مستوى الوجه وهي تعاني من تشوهات إلى يومنا هذا نتيجة تصرف متهور وطائش من تلميذ.
من جهة أخرى تشهد المحاكم الجزائرية ارتفاعا متزايدا لقضايا الضرب والاعتداء التي راح ضحيتها عشرات الأطفال الذين اقتادوا أساتذتهم لقاعات المحاكمة، حيث مايزال والد التلميذة سمية يتذكر حين تلقى اتصالا هاتفيا من المدرسة حيث تدرس ابنته، تطالبه بالحضور فورا، ولما استفسر عن سبب الاستدعاء رفضوا إخباره بذلك على الهاتف، وحين حل بالمدرسة، كانت صدمته قوية، ففلذة كبده فاقدة للوعي، وعلامات العنف اللفظي والجسدي بادية على محياها، ولم تكلف المدرسة وإدارتها عناء استدعاء سيارة إسعاف لتنقل التلميذة لتلقي العلاجات الضرورية، بعد تخطيه المؤقت للصدمة، استدعى سيارة إسعاف أين عاين الطبيب علامات العنف الظاهرة على جسد طفلته، بالإضافة إلى شهادة ابنته عما تعرضت له كل هذا بسبب رفض التلميذة الانصياع لأمر أستاذتها فضربتها ضربا مبرحا حتى فقدت الوعي وأغمي عليها.
سمية ليست الوحيدة التي عنفت داخل مدرستها، فتلميذة أخرى أصغر سنا، وفي بداية مشوارها الدراسي كانت محط سخرية الأستاذ وعنفه اللفظي، حيث وثق الأستاذ للعنف الذي مارسه على تلميذته بالصوت والصورة حيث استهزأ منها لكونها لا تجيد كتابة الرقم 5، وتمادى في استهزائه بها وقام بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي.
جرائم قتل فيما بين التلاميذ
جانب آخر من العنف داخل المؤسسات التربوية تمثل في عنف بين التلاميذ في حد ذاتهم وصل حد القتل ولعل خير دليل على ذلك الحادث المروع الذي شهدته بلدية الكاليتوس أين اهتزت ابتدائية الشهيد بوعلام خليفي بحي مناصرية على وقع جريمة مروعة راح ضحيتها التلميذ فرار محمد في السنة الرابعة حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بالمؤسسة الصحية الجوارية القريبة من المدرسة إثر تلقيه ضربات على مستوى الصدر والرأس من طرف تلميذ آخر يدرس في السنة الخامسة، وتفاصيل الجريمة المرتكبة بحسب بعض شهود العيان أكدت أن شجار التلميذين الذي انتهى بجريمة قتل، حدث أثناء خروج التلاميذ للاستراحة في الساعة التاسعة والنصف صباحا، وبعد أن أطلق حارس المدرسة جرس عودة التلاميذ إلى الأقسام شاهد مجموعة من التلاميذ محيطين بالضحية ساقطا على الأرض، قبل أن يسارع حارس المؤسسة إلى حمل التلميذ الذي كان يحتضر.
لابد من إعادة القيم الأخلاقية للمدرسة الجزائرية
وبعد رصد هذه الحالات تحدثنا إلى أستاذ بالطور الثانوي للاستفسار حول ظاهرة العنف والذي أشار بدوره إلى أن مظاهر العنف وانعدام الاحترام أضحت قاعدة تطبع السلوك في العديد من المؤسسات التعليمية، وهذا مناف قطعيا لمطالب المرحلة بضرورة ترسيخ قيم المواطنة والتأسيس لثقافة الاحترام داخل الفضاء المدرسي، مؤكدا أن هذا المنعرج الخطير يشكل تهديدا صريحا للمنظومة التربوية التي نريدها منتجة للقيم الأخلاقية، ولبناء قدرات التمحيص والنقد والاختيار العقلي المسؤول لدى الناشئة، باعتبار أن هذه المبادئ هي نقطة الارتكاز للتأسيس لمجتمع حداثي ديمقراطي، متسائلا ماذا حدث حتى فقدنا زمام التحكم في سلوكيات بعض التلاميذ والمدرسين؟ هل لذلك علاقة بتراجع الوزن الاعتباري للمؤسسة التعليمية؟ أم أن مواكبتنا التطور الذي يفرضه العالم لم يكن بالكيفية والإمكانيات المطلوبة؟.
وأضاف المتحدث (تشكل مدرستنا اليوم محطة للإحساس بالإحباط، ووجب إجراء تشخيص دقيق للمنظومة التربوية للوقوف على الاختلالات في الخيارات التربوية، إذ لم تعد تضطلع بأدوارها كاملة في التربية وفي نقل قيم المواطنة لدى التلاميذ، مقترحا اعتماد آلية الوساطة من خلال الاستماع والحوار بين المكونات التربوية المتضررة والمتناثرة من أجل التخفيف من حدة التوتر والتقليل من حجم السلوكات العدوانية، (كما يجب على الوزارة الوصية التفكير في وضع ميثاق للمدرسة لتحديد حقوق وواجبات مختلف الفاعلين والمتدخلين في الحياة المدرسية، والعمل على تكريس السلوك المهني لدى المدرسين، وعقد شراكات مع الأمن الوطني والدرك للقضاء على العنف داخل المدارس والذي وصل إلى حد ارتكاب جرائم القتل.
ومع تنامي موجة العنف التي عصفت بأبجديات علمية التربية والتعليم، وتبادلها من قبل كل طرف صار الأساتذة خائفين من تلامذتهم، وصار التلاميذ أيضا خائفين من أساتذتهم، وهو ما ينذر بتدهور هذه العلاقة لتتحول من الاحترام والتقدير المتبادل، إلى العنف والخوف المتبادل.
هنا نلاحظ أن ما لحق بالمؤسسة التعليمية على العموم من عنف سواء ضد المؤسسة كبناية أو ضد العاملين بها أو ضد المتعلمين سواء كان هذا العنف ماديا أو معنويا هو نتاج سياسة ممنهجة لتفريغ المؤسسة التعليمية من دورها الريادي كقاطرة للتنمية ومركز إشعاع وأداة لتغيير المجتمع نحو مجتمع ديمقراطي عادل.
حسيبة موزاوي
---------
لهثوا وراء التكنولوجيا وضيّعوا المطالعة
"تلاميذ الأيباد" لا يعرفون للكتب سبيلا
ونحن نحيي ذكرى يوم العلم وجب التذكير بما آل إليه طلب العلم في الجزائر، فهو في حالة لا تدعو أبدا للاطمئنان، ما يعكسه التسرب الدراسي ومغادرة مقاعد الدراسة مبكرا، ولعل أن هجران التلاميذ للكتب وتضييع هواية المطالعة من بين الأسباب التي أدت إلى تدهور مستواهم، بحيث أظهروا اهتمامهم البالغ بوسائل التكنولوجيا كالأيباد واللوحات الرقمية وأجهزة الكمبيوتر بكل أنواعها، ولم يعد لهم متسع من الوقت لأجل تخصيصه للمطالعة التي كانت تلعب دورا بارزا في تحسين المستوى اللغوي وكذا تنمية الذكاء والقدرات، حتى أن المكتبات المدرسية لم يعد لها وجودا وعرفت هجرة جماعية من طرف التلاميذ، وعششت العنكبوت بين رفوفها وللأسف، وحتى الناشطين في مجال بيع الكتب على مستوى بعض المكتبات الرئيسية أكدوا تدهور تجارتهم وركودها مما أدى بالكثير منهم إلى استبدال النشاط والاتجاه إلى نشاطات أكثر ربحا بسبب الإهمال الكلي للمطالعة والقراءة من طرف الصغار والكبار، فلو اهتم بها الكبار لاقتدوا بهم الصغار الذين فتحوا أعينهم على مختلف الأجهزة الرقمية ووسائل التكنولوجيا التي أعابت قدراتهم وغرست فيهم (الاتكالية) وقلة المجهود، ويكفيهم الضغط على زر واحد لتتهاطل عليهم مختلف المعلومات من دون بذل أي جهد وهذا هو رأس المشكل بالذات، الذي أدى إلى تدهور المستوى الدراسي في السنوات الأخيرة، فبالأمس كانت هواية المطالعة تجذب الكل وكان مستوى الجيل السابق لا بأس به،لكن ومع تعاقب السنوات ظهر هناك تلاش كلي لفكرة المطالعة بعد أن عوضت الآلة عقل الإنسان وطغى عليه الجمود والتحجر وللأسف.
وضاعت أهمية الكتاب وسط ذلك الزخم المتنوع من التكنولوجيا. وعلى الرغم من المجهودات المبذولة لإعادة إحياء المطالعة والتذكير بدورها في إطار المعارض الدولية للكتاب المقامة بالجزائر إلا أن آفة هجران المطالعة تتواصل رغم محاولة مداواة جراحها العميقة والمسؤولية هنا تشترك بين الأسرة والمدرسة في عدم غرس فكرة المطالعة والقراءة في الأبناء أمام عزوفهم عنها، بحيث تلهث الأسر في الآونة الأخيرة إلى توفير الأجهزة الرقمية والتكنولوجية بمختلف أنواعها ولا تدري أنها بذلك تساعد عقول الأبناء على التحجر والجمود وعدم بذل أي مجهود والوصول إلى الحلول في ثوان معدودة، دون أن ننسى إجراء البحوث الذي أضحى يتم عن طريق الأنترنت، وبالتالي لم يعد هناك حضور للكتاب والقراءة، حتى أن المدارس تناست دورها في التشجيع على المطالعة بتفعيل دور المكتبات المدرسية وانخراط التلاميذ فيها مثلما كان عليه الحال في السابق، والغريب في الأمر أننا نجد أن الكل يشكو من تراجع المستوى ومن التدهور اللغوي الذي طبع الأبناء دون الغوص في المسببات ويكون على رأسها عزوف أطفال اليوم عن القراءة ولهثم وراء وسائل التكنولوجيا التي غيبت قدراتهم الإدراكية وحجّرت عقولهم ولم يعد هناك حضور للكتاب مثلما كان عليه الحال بالأمس على الرغم من أنه أداة جيدة للعلم والتعلم وجب إحياؤها وبعثها من جديد بين التلاميذ بالنظر إلى أهميته القصوى في الدراسة وتحسين المستوى.
نسيمة خباجة
---------
العنف يأخذ منعرجا خطيرا في المدارس الجزائرية
تلاميذ يسبّبون أزمة قلبية لمدير ثانوية ببومرداس
لا يزال العنف في المدارس الجزائرية يشهد تصاعدا خطيرا على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من أجل محاربته، فالعنف لم يعد وسيطا بين التلاميذ فقط بل تعدى حدوده إلى الأساتذة، فحرمة الأستاذ لم تبق في نظر التلميذ كمربٍ ومرشد للأجيال وحافظ لرسالة وأمانة العلم وناصح لهم بل أصبح لافرق بينه وبين الأصدقاء مايجعل رفع اليد والضرب عملية سهلة لاثبات وضع مرير باتت تتخبط فيه المدرسة الجزائرية. أصيب في الأيام القليلة الماضية مدير الإكمالية الجديدة بتمزيت ولاية بومرداس بأزمة قلبية على إثر هجوم شنه التلاميذ على المؤسسة ماأدى إلى نقله على جناح السرعة إلى مصالح الاستعجالات لبلدية برج منايل بسبب حالته الخطيرة.
وحسب شهود عيان صرحوا لجريدة (أخبار اليوم) أن الأحداث بدأت على الساعة التاسعة صباحا قبل حضور الأساتذة ومدير المؤسسة والتحاقهم بمناصبهم، ماجعل التلاميذ يظنون أن الأساتذة غائبون، فتسببوا في إحداث فوضى عارمة داخل حرم المؤسسة وكانت الصدفة أن دخل المدير فجأة، لكن المثير هو أن التلاميذ رغم ذلك لم يكفوا عن شغبهم بل تجرأوا حتى على الاعتداء على المدير وتهجموا عليه فأبرحوه ضربا ونزعوا منه مفاتيح السيارة وانطلقوا بها حتى ارتطنوا بالحائط بالنظر إلى جهلم للقيادة وألحقوا بها خسائر وقاموا بأفعال شغب وتكسير طالت المؤسسة التربوية.
الغريب في الموضوع أنه لم يكن هناك أي تدخل من طرف السلطات، مع العلم أن مصالح الدرك الوطني لاتبعد كثيرا عن المؤسسة وكذا الحرس البلدي، وربما هذا ما شجع التلاميذ على الإقدام على مثل تلك التصرفات، وحسب ما تقصيناه فإن تلك المشاهد متكررة بذات الثانوية بالنظر لانعزال المكان نوعا ما، بحيث أضحى المعلمون في ذات الثانوية تتربص بهم المخاطر من كل جانب والويل لهم إ هم قاموا بأفعال ليست في صالح التلاميذ من باب التأديب لأجل الدراسة فإن مصيرهم سيكون الاعتداء بالضرب أمام باب الثانوية.
التلاميذ لم ينكروا الأفعال المنسوبة إليهم واعترفوا باعتدائهم على المدير كونه تعنت معهم محاولا إرجاعهم وتنظيمهم بالصفوف واعتدى على ءحد زملائهم ما اغتاظوا منه كثيرا وأدى بهم إلى ضرب المدير، فلو لم يضرٍب لم يضرَب على حد قولهم.
وبذلك اعتدى التلاميذ على المدير على طريقة الأكشن وحوّلوا الثانوية من صرح علمي إلى حلبة للصراع ومع من مع مدير المدرسة، فلم يكف التلاميذ الاعتداء على الأساتذة ليحولوا اعتداءهم إلى المدراء مما يوجب دق ناقوس الخطر على الآفات التي تحيط بالمدارس الجزائرية كصروح لطلب العلم تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى أماكن للمشاحنات وممارسة كل أشكال العنف، وللأسف ووصل الأمر إلى حد المخاطرة بأرواح القائمين على تسييرها.
حين يهان "رسول" العلم!
أصبح وضع التربية والتعليم في بلادنا أكثر من السيء ومن يقول التعليم يعني (طلب العلم)، ووجب الإشارة إلى تدهور حال التعليم في الجزائر ونحن نحيي يوم العلم، كما وجب التذكير بواقع المدرسة الجزائرية الذي يزحف من السيء إلى الأسوأ بسبب المظاهر السلبية التي باتت تنخرها من كل جانب، فمن العنف المتبادل بين الأساتذة والتلاميذ إلى انتشار المخدرات والتدخين، وغيرها من الآفات التي باتت تتربص بالمدرسة، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة تحليل تلك الظواهر بغية إيجاد الحلول وإعادة الصورة الحقيقية للصروح العلمية وحتى لا يضيع مصير التلاميذ مع غيرهم ممن اختاروا وطء المدارس بغية إطلاق العنان لأفعال الشغب وإحداث الفوضى والتعدي على الأستاذ الذي أفقده بعض التلاميذ وللأسف هيبته ووقاره.
ع. فضيلة
---------
رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ خالد أحمد:
"لا لتسويد صورة المدرسة الجزائرية وأوضاعها في تحسن"
تحتفل الجزائر كل سنة بيوم العلم المصادف ل16 أفريل من كل سنة، وهو التاريخ المصادف لوفاة العلامة الجزائري عبد الحميد بن باديس الذي يعتبر مشعل العلم في الجزائر وحامي الهوية الوطنية، إلا أنه هناك بعض الأطراف التي رأت أن المدرسة الجزائرية في تراجع مستمر عاما بعد عام وذلك راجع لجملة من الأسباب والمسببات، من جهة أخرى هناك فئة رأت عكس ذلك تماما فبالنسبة لهم المدرسة الجزائرية تسير نحو الرقي والتطور، ولمعرفة رأي المختصين في الموضوع ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالسيد خالد أحمد، رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، الذي اعتبر بدوره أن المدرسة الجزائرية لا تسير من سيئ إلى أسوء كما يروج لها بل بالعكس تماما، فقد كانت له نظرة أخرى في الموضوع، فحسبه أن النتائج المدرسية تعرف كل عام تحسنا وذلك مقارنة بسنوات الثمانينيات والتسعينيات، وهذا التحسن ملحوظ خصوصا منذ سنة 2000م إلى يومنا هذا، ليضيف السيد خالد أحمد أنه أستاذ سابق في قطاع التعليم وأنه ولي أمر فهو يتابع خطوات التلميذ جيدا لذلك فهو يقيم البرامج والمناهج المتبعة على أنها ارتقت إلى الأحسن وأصبحت متطورة تواكب كافة تطورات العصر، من جهة أخرى أقر ذات المتحدث أنه توجد بعض الاختلالات في قطاع التربية الوطنية والوزارة غير مسؤولة عنها بل هناك أطراف من الخارج تشارك في ذلك، كما أنه ثمن جميع مجهودات وزيرة التربية على الإصلاحات التي تقوم بها في القطاع.
الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية عبد الكريم بوجناح:
"المدرسة الجزائرية تعرف تدهورا خطيرا"
من جهة أخرى ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالأستاذ عبد الكريم بوجناح، رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية من أجل رصد تقييمه للمدرسة الجزائرية عشية الاحتفال بيوم العلم، رأى بدوره أن المدرسة الجزائرية تنحط من سنة إلى أخرى، وهو تدهور خطير اعترف به أحد مفتشي وزارة التربية الوطنية، كما اعتبر السيد عبد الكريم بوجناح أن مستوى التلميذ الجزائري في تدهور مستمر يوما بعد يوم، وهذا كله راجع لإصلاحات المنظومة التربوية الفاشلة التي مست خصوصا الطور الابتدائي حيث أنه تقدم لتلاميذ هذا الطور دروس فوق قدرات استيعابه، كما اعتبر السيد بوجناح أن هذا الجيل لا ثقافة له مقارنة بالجيل السابق، رغم توفر كل وسائل التطور التكنولوجي لديه وذلك راجع لغياب ثقافة المطالعة لديه، لذلك طالب السيد بوجناح وزيرة القطاع بالنظر جديا في الوضعية المأساوية التي آل إليها القطاع وذلك من أجل إيجاد بعض الحلول.
هل تؤدي المدرسة الجزائرية رسالة العلم ؟
آفات اجتماعية واضطرابات تهز قطاع التربية وتهدد مستقبل التلاميذ
يعتبر العلم أساس تطور المجتمعات فهو غذاء الروح، كما أنه ضرورة لا بد منها في جميع الديانات والكتب السماوية، كما أنه فرض على كل مسلم ومسلمة في الديانة الإسلامية والدليل على ذلك أن أول آية نزلت في القرآن الكريم على خير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه بدأت بكلمة (اقرأ)، وقد أوصل العلم البشرية إلى أعلى درجات الرقي والتطور الإنساني فقد أصبح في زماننا هذا بإمكان الإنسان أن يقضي جميع حاجاته وهو جالس في بيته وذلك بمجرد الضغط على أزرار صغيرة، إلا أن العلم اليوم أصبح يعرف أدنى درجات الانحطاط والركود في الجزائر وللأسف.
تصنف المدرسة الجزائرية وبمختلف أطوارها في أسفل سلم ترتيب مصاف المدارس في العالم وهو ما يعتبر وصمة عار في بلاد وأرض العلامة ابن باديس الذي اختار تاريخ وفاته المصادف ل16 أفريل من كل سنة كتاريخ للاحتفال بيوم العلم، كما يعود تراجع المدرسة الجزائرية للعديد من العوامل رغم كل التطورات التكنولوجية الحاصلة، وقد حاولت (أخبار اليوم) أن تقف على واقع المدرسة الجزائرية احتفالا بهذا اليوم.
المخدرات خير جليس لتلاميذ الإكماليات
تطلب منا إنجاز موضوعنا التنقل إلى بعض المؤسسات التربوية بالجزائر العاصمة، حتى نتمكن من الوقوف عن كثب عن واقع التعليم في بلادنا، كانت الساعة حينها تشير إلى حدود 7:45 صباحا عندما قصدنا إكمالية رابعة العداوية ببلدية بولوغين، وبقينا نراقب التلاميذ وهم يلتحقون بمدرستهم، النجباء دائما يهرولون للالتحاق بالقسم أما البقية فيتقاعسون عن ذلك، بعد دقائق أقفل الحارس باب المؤسسة ولكن بقيت مجموعة من أربعة تلاميذ لم يلتحقوا بأقسامهم بل فضلوا البقاء عند الباب، سلوكهم هذا أجج فضولنا لمعرفة الأسباب التي منعتهم من الدخول إلى المدرسة، تقربنا من حارس المؤسسة وسألناه هل هؤلاء التلاميذ ممنوعون من الدخول إلى المؤسسة لأنهم لم يدخلوا مع زملائهم إلى الأقسام فرد علينا ب(لا فهم من قرروا أن يطردوا أنفسهم)، إجابته هذه حيرتنا فحاولنا أن نستفسر مرة أخرى من الحارس ما قصد بكلامه، فطلبنا فقط الانتباه لما سيفعلونه لنفهم ما قصد بكلامه، وبقينا نراقب تصرفاتهم عن كثب إلى أن لمحناهم وهم ينزوون في سلالم بمحاذاة الإكمالية تلك السلالم تقود إلى أعلى الحي، وبعد لحظات غادر أحدهم ثم عاد بعد ربع ساعة تقريبا، ليخرج بعدها من جيبه سيجارة أشعلها دخن منها قليلا ثم سلمها لزميله ثم من الثاني إلى الثالث لتنتقل بعدها تلك السيجارة إلى آخر تلميذ في تلك المجموعة، ليلتفت بعدها الحارس إلينا وهو يقول:(أتعلمين ما يدخنه أولئك الشبان ويتداولون عليه إنها سيجارة محشوة بالمخدرات اقتنوها من عند باعة الحي)، ما شاهدناه جعلنا نصاب بالذهول، فطرحنا سؤالا آخر على الحارس هل إدارة المؤسسة على علم بما يفعله التلاميذ فرد علينا الحارس مبتسما: أتعلمين ما هؤلاء إلا عينة بسيطة عن الكثير من التلاميذ، أتذكر مرة من المرات أين داهمت إحدى المراقبات أحد التلاميذ حيث كان يدخن سيجارة مخدرات داخل مرحاض المؤسسة، وقد تم طرده، ولكن للأسف غيرهم كثيرون فلو يتم طرد جميع هؤلاء سنجد أنفسنا بنصف عدد التلاميذ).
ظاهرة التدخين تنتقل إلى الفتيات عبر الثانويات
خرجنا من إكمالية رابعة العداوية ونحن مذهولين من هول ما رأينا، المخدرات تغلغلت إلى قلب المدرسة الجزائرية وفي طورها المتوسط بعد أن اجتاحت الأقطاب الجامعية والأحياء السكنية، من هناك انتقلنا إلى ثانوية فرانس فانون للبنات الواقعة بباب الوادي، حتى نتمكن من الاضطلاع أكثر على واقع المدرسة الجزائرية وما آلت إليه، قصدنا الثانوية وكلنا أمل على أن نجد وضع المؤسسة أحسن من سابقتها حاولنا الدخول إلى هناك لكننا لم نستطع، فبقينا أمام الباب نراقب بعض الفتيات اللائي منعن من الدخول إلى الثانوية لأنهن وصلن متأخرات عن الوقت المحدد لبداية الدروس فبقينا أمام الباب ووجدناها فرصة سانحة لنا حتى نتحدث إليهنَ عن تحضيراتهن لشهادة البكالوريا التي يقترب موعدها يوما بعد يوم، وشيئا فشيئا بدأنا نسترسل معهنَ في الكلام، إلى أن وصلنا إلى المشاكل التي تعاني منها الثانوية لتتكلم إحدى التلميذات قائلة إن هناك بعض زميلاتها يدخن داخل المؤسسة، كلامها هذا شد انتباهنا كثيرا، فحاولنا أن نفهم لتخبرنا بعدها التلميذة أن هناك بعض زميلاتها من يستغلن وقت الراحة من أجل أن يدخن داخل مراحيض الثانوية حيث يقمن بغلق الباب ويضعن فتاة تحرس وبمجرد أن تتقدم أية مراقبة من المكان يقمن ببخ بعض العطور حتى لا ينكشفنَ، ما فتئت التلميذة تنهي كلامها وإذا بزميلتها تنطق من هناك قائلة إن ثمة فئة أخرى من التلميذات يدخن أثناء حصة الرياضة، ففئة الفتيات المعفيات من ممارسة الرياضة يبقينَ داخل غرف تبديل الملابس حتى يدخن هناك خلسة، وبمجرد قدوم الأستاذة يطلقنَ بعض العطور في الهواء حتى لا ينكشفنَ.
مؤطرون وأساتذة يلهثون وراء مصالحهم
الحكايات التي سمعناها على أفواه تلاميذ المؤسسات التربوية جعلتنا ندخل في دوامة كبيرة للبحث عن المسؤول عن ذلك الواقع المر، لكننا صدمنا بواقع آخر فقد أصبح أساتذة القطاع والعاملين به يغلبون مصالحهم الشخصية على مصلحة التلميذ، فهؤلاء شنوا سلسلة إضرابات متتالية زعزعت استقرار قطاع التربية والتعليم، فنقابات العمال مثلا قررت الدخول في إضراب أواخر شهر أفريل الحالي من الضغط على الوزارة الوصية أن تعدل القانون الأساسي وكذا رفع الأجور مع إعطاء منحة تقدرب40 بالمائة لعمال الجنوب، في حين فإن نقابات الأساتذة هي الأخرى شنت سلسلة من الإضرابات حتى تجبر الوزارة على تعديل القانون الأساسي مع رفع الأجور والمطالبة بالسكن الوظيفي خصوصا لأساتذة الجنوب، وهناك أيضا من طالب أن يحدد تقاعد الأساتذة بعد 25 سنة من الخدمة وذلك بعد العناء مع التلاميذ الذين يتغيرون سنة بعد سنة حسبهم، وعلى ما يبدو أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقط بل أنه تعدى حدود المعقول بعد أن أصبح التلاميذ أيضا يطالبون بالعتبة لتحديد الدروس في الامتحانات المصيرية والمقصود هنا شهادة البكالوريا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.